هناك من يهمس في العاصمة السعودية، بأن التعامل مع الأميركيين «على الطريقة الايرانية» مربح جدا. لذلك، فليأخذ الخلاف الاميركي ـ السعودي مداه

يطرح هذا الخلاف أسئلة حول امكان تخلي كلا الطرفين عن هذا التحالف، وهل تستطيع المملكة أن تذهب «الى النهاية» وماذا اذا قرر الأميركيون تدفيعها ثمن «بعض الخيارات الخاطئة».

في هذا السياق، يتحدث تقرير ديبلوماسي مصدره واشنطن، عن أسباب غير معلنة للخلاف بين القيادتين السعودية والأميركية، «صحيح أن السعوديين غاضبون لقرار ادارة أوباما الانفتاح على الايرانيين وقبلها بسبب عدم مضيها في خيار الضربة العسكرية للنظام السوري، لكن التوتر السعودي غير المسبوق من سياسة واشنطن، يبدو أنه متصل باعتبارات داخلية سعودية.

يشير التقرير الى أن ما دفع السعوديين الى هذا المستوى من التوتر، «هو القرار الاميركي بإحداث تغيير هادئ في هيكلية النظام السعودي، مخافة أن يؤدي أي تطور مستقبلي الى اندلاع الصراع بين الأجنحة المتربصة ببعضها البعض».

من الواضح أنه بعدما ابعد الأميركيون امير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، ورئيس وزرائه حمد بن جاسم عن الحكم، «طلبوا من السعوديين اجراء تغيير في هيكلية الحكم مقدمة لوضع دستور جديد في السعودية (لا دستور لها حتى الآن)، وطلبوا البدء بتحديث نظامهم، وإطلاق الحريات العامة وخاصة للنساء والافراج عن المعتقلين السياسيين، غير أنهم لم يلقوا آذانا صاغية، خاصة في ظل تزامن ذلك مع تعديل واشنطن طريقة تعاملها مع الملفين الايراني والسوري».

ووفق التقرير نفسه، فإن السعوديين اعتقدوا ان اتخاذ مواقف تصعيدية مثل عدم القاء كلمة السعودية في اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ورفض العضوية غير الدائمة في مجلس الامن الدولي والتبني المفاجئ للقضية الفلسطينية ورفض انعقاد مؤتمر «جنيف 2» وعدم تحديد موعد لاستقبال الأخضر الابراهيمي يمكن ان يحرج الولايات المتحدة.

ويشير التقرير الى ان القرار الاميركي المتخذ تجاه السعودية بدأت بوادره تتضح في افغانستان، عندما قدّمت السعودية مؤخرا مبلغ خمسمئة مليون دولار للحكومة الافغانية لإعادة بناء المدارس والجسم التربوي، فقام الاميركيون بالضغط على حكومة الرئيس الافغاني حامد كرزاي فحولت المبلغ لمصلحة تطوير البنى التحتية، الامر الذي رفضته السعودية كونها الجهة المتبرعة، فاصرّ الاميركيون على تحويل المبلغ الى البنى التحتية، وسأل السعوديون عن السبب، فكان الرد الاميركي الصاعق بأن «المناهج التي تدرسونها هي التي تخرّج الارهابيين في كل المنطقة».

هل يعني ذلك تحولا جذريا في السياسة الخارجية الاميركية؟

يقول مسؤول لبناني عاد من واشنطن مؤخرا، ان عضو مجلس الشيوخ الأميركي السابق السيناتور جورج جون ميتشل قال في احد الاجتماعات المتخصصة ان «الادارة الاميركية ابلغت الاوروبيين والعديد من حلفائها في الشرق الأوسط ومناطق أخرى انها تعيد النظر في سياساتها وتحالفاتها الخارجية، ربطا بمعطيات سياسية واقتصادية متحركة، أبرزها اكتشاف النفط الصخري الذي سيجعل الولايات المتحدة تتحكم بالسوق العالمي في العقود المقبلة».

ويضيف ميتشل في معرض تقييم سياسة بلاده: لقد اخطأنا بقرار احتلال أفغانستان والعراق ودعم «الاخوان المسلمين» للوصول الى الحكم في العالم العربي، وشكّل التدخل في سوريا ذروة هذا الخطأ، ومن الآن وحتى العام 2050، ثمة خطر محدق بالعالم ككل وهو خطر الاصوليات المتطرّفة، ولكي نستطيع ابعاد هذا الخطر ومواجهته لا بد من جهد عالمي لا تستثنى منه روسيا والصين».

ويستنتج زوار واشنطن أن السعوديين يبحثون عن كل ساحة يستطيعون من خلالها ممارسة لعبة تحسين أوراقهم في المنطقة ولذلك لن يهادنوا في لبنان، بل يمكن أن يزدادوا شراسة بدليل الغاء الرحلة الرئاسية اللبنانية ورفضهم أية صيغة من نوع حكومة الـ9+9+6 واصرارهم على مقاطعة الحوار ورفضهم اعادة فتح أبواب مجلس النواب وصولا الى اعادة التصويب على سلاح «حزب الله» من بوابة مشاركته في معركة القلمون، لذلك، لن يكون مستغربا أن يتهم الحزب بأنه وراء تجدد المعارك في طرابلس... وبأنه المسؤول عن اعادة توتير أجواء صيدا وعين الحلوة والبقاع»!

وتشير مصادر لبنانية الى أن الاهتمام الاستثنائي الذي أظهرته وسائل الاعلام التابعة لتيار «المستقبل» بمواقف رئيس جهاز المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل التي لوح فيها باندلاع الحرب الأهلية في لبنان «هو مؤشر خطير وغير مسبوق وغير مألوف بالنسبة الى هذه المؤسسات والقيمين عليها في الداخل والخارج» .

  • فريق ماسة
  • 2013-10-26
  • 10775
  • من الأرشيف

هل يعمّم الأميركيون "التغيير القطري" في الخليج؟ ....

هناك من يهمس في العاصمة السعودية، بأن التعامل مع الأميركيين «على الطريقة الايرانية» مربح جدا. لذلك، فليأخذ الخلاف الاميركي ـ السعودي مداه يطرح هذا الخلاف أسئلة حول امكان تخلي كلا الطرفين عن هذا التحالف، وهل تستطيع المملكة أن تذهب «الى النهاية» وماذا اذا قرر الأميركيون تدفيعها ثمن «بعض الخيارات الخاطئة». في هذا السياق، يتحدث تقرير ديبلوماسي مصدره واشنطن، عن أسباب غير معلنة للخلاف بين القيادتين السعودية والأميركية، «صحيح أن السعوديين غاضبون لقرار ادارة أوباما الانفتاح على الايرانيين وقبلها بسبب عدم مضيها في خيار الضربة العسكرية للنظام السوري، لكن التوتر السعودي غير المسبوق من سياسة واشنطن، يبدو أنه متصل باعتبارات داخلية سعودية. يشير التقرير الى أن ما دفع السعوديين الى هذا المستوى من التوتر، «هو القرار الاميركي بإحداث تغيير هادئ في هيكلية النظام السعودي، مخافة أن يؤدي أي تطور مستقبلي الى اندلاع الصراع بين الأجنحة المتربصة ببعضها البعض». من الواضح أنه بعدما ابعد الأميركيون امير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، ورئيس وزرائه حمد بن جاسم عن الحكم، «طلبوا من السعوديين اجراء تغيير في هيكلية الحكم مقدمة لوضع دستور جديد في السعودية (لا دستور لها حتى الآن)، وطلبوا البدء بتحديث نظامهم، وإطلاق الحريات العامة وخاصة للنساء والافراج عن المعتقلين السياسيين، غير أنهم لم يلقوا آذانا صاغية، خاصة في ظل تزامن ذلك مع تعديل واشنطن طريقة تعاملها مع الملفين الايراني والسوري». ووفق التقرير نفسه، فإن السعوديين اعتقدوا ان اتخاذ مواقف تصعيدية مثل عدم القاء كلمة السعودية في اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ورفض العضوية غير الدائمة في مجلس الامن الدولي والتبني المفاجئ للقضية الفلسطينية ورفض انعقاد مؤتمر «جنيف 2» وعدم تحديد موعد لاستقبال الأخضر الابراهيمي يمكن ان يحرج الولايات المتحدة. ويشير التقرير الى ان القرار الاميركي المتخذ تجاه السعودية بدأت بوادره تتضح في افغانستان، عندما قدّمت السعودية مؤخرا مبلغ خمسمئة مليون دولار للحكومة الافغانية لإعادة بناء المدارس والجسم التربوي، فقام الاميركيون بالضغط على حكومة الرئيس الافغاني حامد كرزاي فحولت المبلغ لمصلحة تطوير البنى التحتية، الامر الذي رفضته السعودية كونها الجهة المتبرعة، فاصرّ الاميركيون على تحويل المبلغ الى البنى التحتية، وسأل السعوديون عن السبب، فكان الرد الاميركي الصاعق بأن «المناهج التي تدرسونها هي التي تخرّج الارهابيين في كل المنطقة». هل يعني ذلك تحولا جذريا في السياسة الخارجية الاميركية؟ يقول مسؤول لبناني عاد من واشنطن مؤخرا، ان عضو مجلس الشيوخ الأميركي السابق السيناتور جورج جون ميتشل قال في احد الاجتماعات المتخصصة ان «الادارة الاميركية ابلغت الاوروبيين والعديد من حلفائها في الشرق الأوسط ومناطق أخرى انها تعيد النظر في سياساتها وتحالفاتها الخارجية، ربطا بمعطيات سياسية واقتصادية متحركة، أبرزها اكتشاف النفط الصخري الذي سيجعل الولايات المتحدة تتحكم بالسوق العالمي في العقود المقبلة». ويضيف ميتشل في معرض تقييم سياسة بلاده: لقد اخطأنا بقرار احتلال أفغانستان والعراق ودعم «الاخوان المسلمين» للوصول الى الحكم في العالم العربي، وشكّل التدخل في سوريا ذروة هذا الخطأ، ومن الآن وحتى العام 2050، ثمة خطر محدق بالعالم ككل وهو خطر الاصوليات المتطرّفة، ولكي نستطيع ابعاد هذا الخطر ومواجهته لا بد من جهد عالمي لا تستثنى منه روسيا والصين». ويستنتج زوار واشنطن أن السعوديين يبحثون عن كل ساحة يستطيعون من خلالها ممارسة لعبة تحسين أوراقهم في المنطقة ولذلك لن يهادنوا في لبنان، بل يمكن أن يزدادوا شراسة بدليل الغاء الرحلة الرئاسية اللبنانية ورفضهم أية صيغة من نوع حكومة الـ9+9+6 واصرارهم على مقاطعة الحوار ورفضهم اعادة فتح أبواب مجلس النواب وصولا الى اعادة التصويب على سلاح «حزب الله» من بوابة مشاركته في معركة القلمون، لذلك، لن يكون مستغربا أن يتهم الحزب بأنه وراء تجدد المعارك في طرابلس... وبأنه المسؤول عن اعادة توتير أجواء صيدا وعين الحلوة والبقاع»! وتشير مصادر لبنانية الى أن الاهتمام الاستثنائي الذي أظهرته وسائل الاعلام التابعة لتيار «المستقبل» بمواقف رئيس جهاز المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل التي لوح فيها باندلاع الحرب الأهلية في لبنان «هو مؤشر خطير وغير مسبوق وغير مألوف بالنسبة الى هذه المؤسسات والقيمين عليها في الداخل والخارج» .

المصدر : الماسة السورية/ داوود رمال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة