دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
خلال اسابيع قليلة، يبدأ تدفق الجنود الاميركيين الى «ميخائيل كوغالنيتشانو»، او الى «ماناس» ايضا. وقد يتزامن ذلك مع انعقاد مؤتمر «جنيف 2» السوري، او بعده مباشرة عندما تبدأ لقاءات المتابعة، أو الحوار المفترض أن ينبثق عن المؤتمر السويسري، في مرحلة سخونة الانعقاد، اذا ما نجح اللاعبان الروسي والاميركي في ترجمة تفاهماتهما الكيميائية الى علاج فعلي للعقد السورية والاقليمية الشائكة.
وغالب الظن، فان الجنود المنسحبين، لا يحملون فكرة عن سورية وما يجري في هذه البقعة من العالم البعيدة عنهم جغرافيا برغم المخاطر الكبيرة لامتداد نيرانها. كما انهم لا يرون الخيط الرابط ما بين كابول والمعاهدة الامنية بين الافغان والاميركيين، وبين ما يجري في جنيف السوري، والاهم ما يجري قبل انعقاد هذا المؤتمر من اجل اخماد البركان السوري.
يتقدم الرئيس الاميركي باراك اوباما بهدوء نحو تطبيق تعهده الانتخابي الرئيسي الثاني، أي سحب عشرات الآلاف من الجنود الاميركيين من افغانستان في العام 2014، بعد الالتزام بتعهده الانتخابي الاول على صعيد السياسة الخارجية، والمتمثل بطي صفحة الخروج الاميركي من العراق.
وفي الحالتين، كانت ايران هناك. بشكل او بآخر. كان لها دورها، تماما مثلما كان دورها في تعكير صفو محاولة اطالة التمركز الاميركي على حدودها الشرقية والغربية، ودفعه الى المغادرة، اقرارا بعجز عن الاستمرار.
الآن، يتلمس الاميركيون ما توفر من دور للايرانيين، ليكون الخروج الافغاني، سلسا. وسواء كان الى «ميخائيل كوغالنيتشانو»، القاعدة الجوية الرومانية، او «ماناس»، القاعدة القيرغيزية، فان اكثر من خمسين الف عسكري اميركي، سيخرجون… وغالب الظن، لن يكون «الحرس الثوري» الايراني، على مقاعد المتفرجين في حديقة نفوذه الخلفية.
كما انه من المستبعد ان تنأى الديبلوماسية الايرانية بنفسها عن المشهد الافغاني المستجد. ولا يتوقع الاميركيون منها ان تفعل ذلك. التوجس المتبادل قائم، ولم يتلاش. لكن مصدرا ايرانيا مقربا من دائرة صنع القرار في طهران يقول لـ«السفير»، ان الحالة المستجدة «ليست عاطفية من جانب واشنطن…. الاميركيون يدركون ان بامكانهم التفاهم مع طهران، والاستفادة من اوراقها».
يتابع المصدر الايراني بثقة ان الاميركيين تحديدا، والغرب عموما، وصلوا الى اقتناع بحاجتهم الى ايران في الحلول الاقليمية، بما فيها الانسحاب من افغانستان، والحل السوري، وتشكيل الحكومة اللبنانية وغيرها.
وانفتحت الأبواب أمام المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي في طهران، ليحدد الممكن من الدور الايراني المحجوب منذ ما قبل «جنيف الاول» وما قبل استطالة طريق الآلام السوري.
وبحسب مصادر عربية في القاهرة، تحدثت لـ«السفير»، فان من بين ما سيحاول الابراهيمي طرحه في طهران التي يصلها اليوم استغلال العلاقة الوثيقة للايرانيين بدمشق، لاقناعها بوقف شامل لإطلاق النار خلال انعقاد «جنيف 2»، او هدنة جزئية في بعض مناطق القتال الحساسة، كتعبير عن حسن النية.
وتجمع مصادر ديبلوماسية في نيويورك واخرى ايرانية، على ان الابراهيمي يريد استيضاح طبيعة «الدور الايجابي» الذي سيكون بامكان الايرانيين القيام به، وتحديدا «التنازلات الممكنة» من جانب السوريين، على قاعدة الظن بأن اطمئنان دمشق الى طهران قد يعادل او يتجاوز ثقتها بموسكو، الحليف الابرز. والى جانب فكرة الهدنة الشاملة او الجزئية، سيحاول الابراهيمي تحديد المفهوم السوري لفكرة «الهيئة الانتقالية وصلاحيتها» والتي وردت في وثيقة «جنيف الاول» في حزيران 2012.
يتفق المصدر الإيراني المطلع في تصريحاته لـ«السفير» مع اولوية هاتين النقطتين في مهمة الابراهيمي في طهران. ويقول ان البحث يتناول الآن هاتين المسألتين، أي وقف اطلاق النار والمرحلة الانتقالية، ووصفهما بانهما الاكثر صعوبة، وان هناك اقتناعا بان طهران بإمكانها أن تلعب دورا ما هنا، وتحديدا في شياطين تفاصيلهما.
إلا أن مصدرا سوريا مطلعا على اجواء المسار الاقليمي التفاوضي السوري يقول لـ«السفير» ان ايران تعتبر ان حضورها او غيابها عن «جنيف 2»، سيان، فهي لن تتوسل الحضور، ولن تقبل بطرح شروط مسبقة على مشاركتها، ولا تتوقع مشاركة من دون دعوة صريحة ولائقة من الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون. لسان حال الايرانيين يقول «اذا غبنا عن جنيف، فحن ما زلنا في موقع اقوى». لكن ذلك لن يمنع الايرانيين من فرش السجاد امام مهمة الابراهيمي، وابداء الاستعداد للتشاور المتبادل في الشأن السوري في الطريق الى جنيف.
وفي سياق مواز، يقول المحلل الايراني للشؤون الاستراتيجية أمير الموسوي ان طهران تراقب جولة الابراهيمي الاقليمية وتعتبر ان المحاور الثلاثة التي ترتكز عليها هي محطاته في ايران وسوريا بالاضافة الى السعودية (التي يبدو انها لن تتم)، وانه بخلاف ذلك فان الجولة بروتوكولية وشكلية نوعا ما.
يرى الموسوي في تصريحات لـ«السفير» ان العديد من النقاط وضعت على الحروف في اللقاءات والاتصالات الايرانية التي جرت في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة سواء لروحاني او وزير الخارجية محمد جواد ظريف، مع مسؤولين غربيين، وان القناعة الغربية بثقل الدور الايراني باتت واضحة، بعد تهميش دور طهران السوري لأكثر من عامين لأسباب سياسية وعدائية.
يلفت الموسوي إلى ثلاث مسائل: أولا ان زيارة الإبراهيمي إلى طهران هي الاهم في جولته الإقليمية، وثانيا أن إيران على تنسيق قوي مع دمشق، وبالتالي ضامنة لمصالحها ومطالبها، وثالثا ان النقاط والتفاهمات التي يجري العمل عليها قبل التئام «جنيف 2» اهم بكثير من تلك التي ستقال بعد شهر خلال المؤتمر نفسه، حتى لو كان للسعوديين وجهة نظر مغايرة والتي ابلغوها صراحة للأميركيين.
يتبنى الموسوي قضيتي «الهدنة» و«المرحلة الانتقالية» كأساس محتمل لمهمة الابراهيمي، لكنه يعتبر ان النقطة الثانية هي الاكثر اهمية باعتقاده، لانها ستساهم في خلق اجواء تقدم مريحة سياسيا تتيح فتح ملفات الحكومة ومصير الانتخابات وتشكيل الاحزاب وصياغة الدستور وغيرها، ما سيعزز سلاسة الاجواء الانتقالية. واوضح الباحث الايراني البارز ان لدى طهران القدرة على تقديم «ضمانات» بتحقيق هاتين النقطتين من خلال علاقاتها مع الاطراف الداخلية والخارجية. وعندما سئل عن طبيعة الضمانات التي يتحدث عنها، قال الموسوي «أمنية وسياسية وديبلوماسية».
وبينما يقول الموسوي ان ميزة طهران ان لديها رؤية مغايرة ربما تخالف اجندة الآخرين، يذكر المصدر السوري المطلع ان ايران تتمتع بالاضافة الى متانة ارتباطاتها بالقيادة السورية، بعلاقات جيدة وان متفاوتة القوة بمختلف الاطراف السورية، من معارضة واحزاب وعشائر… ومع العراق الذي اظهرت الاحداث خلال الشهور الماضية حساسية وضعه وقدرته ايضا على ان يكون لاعبا فعالا داعما للحل السياسي السوري.
لكن الموسوي يذكر بان ذلك كله مرهون بتعاون الاطراف الاخرى الداعمة للارهابيين، اذ لا جدوى من الانكباب على العمل السياسي بينما التفجير والذبح والتهجير تفعل فعلها في السوريين.
وعما اذا كان التحول في الموقف الدولي من دور ايران الممكن جاء بعد الانتكاسات العسكرية التي منيت بها كتائب المعارضة المسلحة في مواقع المواجهات الميدانية، او بسبب المبادرات «الانفتاحية» للرئيس الشيخ حسن روحاني، وديبلوماسيته الهادئة، قال الموسوي «السببان ممكنان… الرهان على دور ايران، تعزز بعد انفتاحها… صار هناك اقرار ضمني بثقلها… ايران تمكنت من التحول الى ند، وهو ند قادر على ان يساهم في الحلول… كما في سوريا.. الغرب لا يعرف ان يجامل هنا، ولا يتملق.. مصلحته تقتضي الاقتناع بدور طهران… وايران بدورها مستعدة للتعاون والتسهيل، وانما ليست واهمة».
يختصر الموسوي المشهد قائلا «هناك وجهتان للحوار… يتعلق جانب بالمواقف والالتزامات والمبادئ وهو مؤجل في الوقت الراهن… اما الجانب الثاني فيتعلق بالمصالح المشتركة والممكنة حاليا، وهي التي يدور الحوار حولها الآن. وبهذا المعنى، فان الولايات المتحدة لن تتخلى عن اسرائيل وامنها، وايران لن تتخلى عن نفوذها في المنطقة ودعم محور المقاومة في المنطقة بما في ذلك حزب الله في لبنان… هذه خطوط التفاهمات الممكنة الآن».
لكن الاسئلة الابرز الآن هي: الى أي مدى ستذهب «الديبلوماسية البدوية» السعودية بشأن سورية وما هي حدود اندفاعتها؟ كيف ستكون طبيعة مقاربة الابراهيمي في كل من دمشق وطهران؟ هل يعقد «جنيف 2» اساسا؟ وهل سيتمخض فعلا عن معجزات سورية؟ وهل سيكون بامكان القيادة السورية الخروج من هذه اللحظة الديبلوماسية الشائكة متباهية بأن حلفها التاريخي طوال 30 عاما مع طهران، كان خيارا صائبا لكلا البلدين، وصونا لهما، ولكل المنطقة؟
في ذروة الهجمة الاميركية على المنطقة وغزو العراق، كان الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الابن، يردد لازمة في خطاباته: «من بيروت الى بغداد وكابول، اميركا ستنتصر وحريتها ستسود». وكان ذلك يفسر بأن محور المقاومة، ساقط. ودارت الايام، واميركا لم تنتصر. سقطت هجمتها الامبراطورية في الوقت الراهن، من كابول الى بغداد ودمشق وبيروت، وتبحث مع «المحور» عن تسويات.
خلال اسابيع قليلة، يبدأ تدفق الجنود الاميركيين الى «ميخائيل كوغالنيتشانو»، او الى «ماناس» ايضا. وقد يتزامن ذلك مع انعقاد مؤتمر «جنيف 2» السوري، او بعده مباشرة عندما تبدأ لقاءات المتابعة، أو الحوار المفترض أن ينبثق عن المؤتمر السويسري، في مرحلة سخونة الانعقاد، اذا ما نجح اللاعبان الروسي والاميركي في ترجمة تفاهماتهما الكيميائية الى علاج فعلي للعقد السورية والاقليمية الشائكة.
وغالب الظن، فان الجنود المنسحبين، لا يحملون فكرة عن سورية وما يجري في هذه البقعة من العالم البعيدة عنهم جغرافيا برغم المخاطر الكبيرة لامتداد نيرانها. كما انهم لا يرون الخيط الرابط ما بين كابول والمعاهدة الامنية بين الافغان والاميركيين، وبين ما يجري في جنيف السوري، والاهم ما يجري قبل انعقاد هذا المؤتمر من اجل اخماد البركان السوري.
يتقدم الرئيس الاميركي باراك اوباما بهدوء نحو تطبيق تعهده الانتخابي الرئيسي الثاني، أي سحب عشرات الآلاف من الجنود الاميركيين من افغانستان في العام 2014، بعد الالتزام بتعهده الانتخابي الاول على صعيد السياسة الخارجية، والمتمثل بطي صفحة الخروج الاميركي من العراق.
وفي الحالتين، كانت ايران هناك. بشكل او بآخر. كان لها دورها، تماما مثلما كان دورها في تعكير صفو محاولة اطالة التمركز الاميركي على حدودها الشرقية والغربية، ودفعه الى المغادرة، اقرارا بعجز عن الاستمرار.
الآن، يتلمس الاميركيون ما توفر من دور للايرانيين، ليكون الخروج الافغاني، سلسا. وسواء كان الى «ميخائيل كوغالنيتشانو»، القاعدة الجوية الرومانية، او «ماناس»، القاعدة القيرغيزية، فان اكثر من خمسين الف عسكري اميركي، سيخرجون… وغالب الظن، لن يكون «الحرس الثوري» الايراني، على مقاعد المتفرجين في حديقة نفوذه الخلفية.
كما انه من المستبعد ان تنأى الديبلوماسية الايرانية بنفسها عن المشهد الافغاني المستجد. ولا يتوقع الاميركيون منها ان تفعل ذلك. التوجس المتبادل قائم، ولم يتلاش. لكن مصدرا ايرانيا مقربا من دائرة صنع القرار في طهران يقول لـ«السفير»، ان الحالة المستجدة «ليست عاطفية من جانب واشنطن…. الاميركيون يدركون ان بامكانهم التفاهم مع طهران، والاستفادة من اوراقها».
يتابع المصدر الايراني بثقة ان الاميركيين تحديدا، والغرب عموما، وصلوا الى اقتناع بحاجتهم الى ايران في الحلول الاقليمية، بما فيها الانسحاب من افغانستان، والحل السوري، وتشكيل الحكومة اللبنانية وغيرها.
وانفتحت الأبواب أمام المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي في طهران، ليحدد الممكن من الدور الايراني المحجوب منذ ما قبل «جنيف الاول» وما قبل استطالة طريق الآلام السوري.
وبحسب مصادر عربية في القاهرة، تحدثت لـ«السفير»، فان من بين ما سيحاول الابراهيمي طرحه في طهران التي يصلها اليوم استغلال العلاقة الوثيقة للايرانيين بدمشق، لاقناعها بوقف شامل لإطلاق النار خلال انعقاد «جنيف 2»، او هدنة جزئية في بعض مناطق القتال الحساسة، كتعبير عن حسن النية.
وتجمع مصادر ديبلوماسية في نيويورك واخرى ايرانية، على ان الابراهيمي يريد استيضاح طبيعة «الدور الايجابي» الذي سيكون بامكان الايرانيين القيام به، وتحديدا «التنازلات الممكنة» من جانب السوريين، على قاعدة الظن بأن اطمئنان دمشق الى طهران قد يعادل او يتجاوز ثقتها بموسكو، الحليف الابرز. والى جانب فكرة الهدنة الشاملة او الجزئية، سيحاول الابراهيمي تحديد المفهوم السوري لفكرة «الهيئة الانتقالية وصلاحيتها» والتي وردت في وثيقة «جنيف الاول» في حزيران 2012.
يتفق المصدر الإيراني المطلع في تصريحاته لـ«السفير» مع اولوية هاتين النقطتين في مهمة الابراهيمي في طهران. ويقول ان البحث يتناول الآن هاتين المسألتين، أي وقف اطلاق النار والمرحلة الانتقالية، ووصفهما بانهما الاكثر صعوبة، وان هناك اقتناعا بان طهران بإمكانها أن تلعب دورا ما هنا، وتحديدا في شياطين تفاصيلهما.
إلا أن مصدرا سوريا مطلعا على اجواء المسار الاقليمي التفاوضي السوري يقول لـ«السفير» ان ايران تعتبر ان حضورها او غيابها عن «جنيف 2»، سيان، فهي لن تتوسل الحضور، ولن تقبل بطرح شروط مسبقة على مشاركتها، ولا تتوقع مشاركة من دون دعوة صريحة ولائقة من الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون. لسان حال الايرانيين يقول «اذا غبنا عن جنيف، فحن ما زلنا في موقع اقوى». لكن ذلك لن يمنع الايرانيين من فرش السجاد امام مهمة الابراهيمي، وابداء الاستعداد للتشاور المتبادل في الشأن السوري في الطريق الى جنيف.
وفي سياق مواز، يقول المحلل الايراني للشؤون الاستراتيجية أمير الموسوي ان طهران تراقب جولة الابراهيمي الاقليمية وتعتبر ان المحاور الثلاثة التي ترتكز عليها هي محطاته في ايران وسوريا بالاضافة الى السعودية (التي يبدو انها لن تتم)، وانه بخلاف ذلك فان الجولة بروتوكولية وشكلية نوعا ما.
يرى الموسوي في تصريحات لـ«السفير» ان العديد من النقاط وضعت على الحروف في اللقاءات والاتصالات الايرانية التي جرت في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة سواء لروحاني او وزير الخارجية محمد جواد ظريف، مع مسؤولين غربيين، وان القناعة الغربية بثقل الدور الايراني باتت واضحة، بعد تهميش دور طهران السوري لأكثر من عامين لأسباب سياسية وعدائية.
يلفت الموسوي إلى ثلاث مسائل: أولا ان زيارة الإبراهيمي إلى طهران هي الاهم في جولته الإقليمية، وثانيا أن إيران على تنسيق قوي مع دمشق، وبالتالي ضامنة لمصالحها ومطالبها، وثالثا ان النقاط والتفاهمات التي يجري العمل عليها قبل التئام «جنيف 2» اهم بكثير من تلك التي ستقال بعد شهر خلال المؤتمر نفسه، حتى لو كان للسعوديين وجهة نظر مغايرة والتي ابلغوها صراحة للأميركيين.
يتبنى الموسوي قضيتي «الهدنة» و«المرحلة الانتقالية» كأساس محتمل لمهمة الابراهيمي، لكنه يعتبر ان النقطة الثانية هي الاكثر اهمية باعتقاده، لانها ستساهم في خلق اجواء تقدم مريحة سياسيا تتيح فتح ملفات الحكومة ومصير الانتخابات وتشكيل الاحزاب وصياغة الدستور وغيرها، ما سيعزز سلاسة الاجواء الانتقالية. واوضح الباحث الايراني البارز ان لدى طهران القدرة على تقديم «ضمانات» بتحقيق هاتين النقطتين من خلال علاقاتها مع الاطراف الداخلية والخارجية. وعندما سئل عن طبيعة الضمانات التي يتحدث عنها، قال الموسوي «أمنية وسياسية وديبلوماسية».
وبينما يقول الموسوي ان ميزة طهران ان لديها رؤية مغايرة ربما تخالف اجندة الآخرين، يذكر المصدر السوري المطلع ان ايران تتمتع بالاضافة الى متانة ارتباطاتها بالقيادة السورية، بعلاقات جيدة وان متفاوتة القوة بمختلف الاطراف السورية، من معارضة واحزاب وعشائر… ومع العراق الذي اظهرت الاحداث خلال الشهور الماضية حساسية وضعه وقدرته ايضا على ان يكون لاعبا فعالا داعما للحل السياسي السوري.
لكن الموسوي يذكر بان ذلك كله مرهون بتعاون الاطراف الاخرى الداعمة للارهابيين، اذ لا جدوى من الانكباب على العمل السياسي بينما التفجير والذبح والتهجير تفعل فعلها في السوريين.
وعما اذا كان التحول في الموقف الدولي من دور ايران الممكن جاء بعد الانتكاسات العسكرية التي منيت بها كتائب المعارضة المسلحة في مواقع المواجهات الميدانية، او بسبب المبادرات «الانفتاحية» للرئيس الشيخ حسن روحاني، وديبلوماسيته الهادئة، قال الموسوي «السببان ممكنان… الرهان على دور ايران، تعزز بعد انفتاحها… صار هناك اقرار ضمني بثقلها… ايران تمكنت من التحول الى ند، وهو ند قادر على ان يساهم في الحلول… كما في سوريا.. الغرب لا يعرف ان يجامل هنا، ولا يتملق.. مصلحته تقتضي الاقتناع بدور طهران… وايران بدورها مستعدة للتعاون والتسهيل، وانما ليست واهمة».
يختصر الموسوي المشهد قائلا «هناك وجهتان للحوار… يتعلق جانب بالمواقف والالتزامات والمبادئ وهو مؤجل في الوقت الراهن… اما الجانب الثاني فيتعلق بالمصالح المشتركة والممكنة حاليا، وهي التي يدور الحوار حولها الآن. وبهذا المعنى، فان الولايات المتحدة لن تتخلى عن اسرائيل وامنها، وايران لن تتخلى عن نفوذها في المنطقة ودعم محور المقاومة في المنطقة بما في ذلك حزب الله في لبنان… هذه خطوط التفاهمات الممكنة الآن».
لكن الاسئلة الابرز الآن هي: الى أي مدى ستذهب «الديبلوماسية البدوية» السعودية بشأن سورية وما هي حدود اندفاعتها؟ كيف ستكون طبيعة مقاربة الابراهيمي في كل من دمشق وطهران؟ هل يعقد «جنيف 2» اساسا؟ وهل سيتمخض فعلا عن معجزات سورية؟ وهل سيكون بامكان القيادة السورية الخروج من هذه اللحظة الديبلوماسية الشائكة متباهية بأن حلفها التاريخي طوال 30 عاما مع طهران، كان خيارا صائبا لكلا البلدين، وصونا لهما، ولكل المنطقة؟
في ذروة الهجمة الاميركية على المنطقة وغزو العراق، كان الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الابن، يردد لازمة في خطاباته: «من بيروت الى بغداد وكابول، اميركا ستنتصر وحريتها ستسود». وكان ذلك يفسر بأن محور المقاومة، ساقط. ودارت الايام، واميركا لم تنتصر. سقطت هجمتها الامبراطورية في الوقت الراهن، من كابول الى بغداد ودمشق وبيروت، وتبحث مع «المحور» عن تسويات.
المصدر :
السفير/ خليل حرب
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة