منذ أشهر، لم تعد الساحة اللبنانية بعيدة عن الأحداث السورية على الإطلاق، بعكس ما يحاول بعض المسؤولين إيهام المواطنين به، انطلاقاً ممّا سمّي بسياسة النأي بالنفس،

بل إنّ لبنان دخل إلى قلب هذه الأحداث من الباب الواسع وباتت أبوابُه مشرّعة للتداعيات، خصوصًا في ضوء المعلومات التي تتحدّث عن نشاط مجموعاتٍ سلفية "جهادية" في أكثر من منطقة.

وفي هذا الإطار، يتمّ الحديث عن عودة بعض مايسمون بـ "المجاهدين" من الأراضي السورية إلى لبنان بطريقة سرية، وهناك كلام عن دخول بعض كوادر التنظيمات الأصولية إلى لبنان، فما هي أسباب هذه العودة؟ وهل هناك من مخطط خطير لتفجير الأوضاع؟

المعلومات عن العودة أكيدة

المعلومات عن عودة بعض "المجاهدين" من سورية ليست مجرّد "شائعات"، بل إنّ دقتها تستند إلى معطياتٍ واقعية كان آخرها ما حصل في الأيام الأخيرة في منطقة حوش الحريمة في البقاع الغربي، والعناصر التي دخلت على خط المواجهات بين جبل محسن وباب التبانة في اليومين الأخيرين.

وفي هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة عن رصد عدد من هؤلاء في منطقة البقاع، مشيرة إلى أنّ بعضهم عاد بطريقة سرية فيما استخدم البعض الآخر الطريقة الشرعية العلنية، لا سيما بعد بدء الحديث بشكل قوي عن اقتراب موعد معركة سلسلة جبال القلمون السورية.

وتشير المصادر إلى أن بعض أبناء هذه القرى لم يكن يعلم بعودة هؤلاء، وتلفت إلى المجموعة التي اشتبكت مع عناصر الجيش اللبناني في البقاع حيث شكل تواجد بعض عناصرها في المنطقة صدمة للكثيرين، وترى أنه تحت غطاء النازحين لا يمكن معرفة من هم هؤلاء، وما الهدف من تواجدهم في المنطقة.

وفي سياق متصل، تتحدّث مصادر أخرى عن دخول مجموعات تصفها بـ"الغريبة" إلى المواجهات التي اندلعت بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة، موضحة أنها ليست ممّن كانوا يقاتلون بشكل دائم على هذه المحاور، إلا أنها دخلت على الخط بشكل قوي. وفيما تعتبر المصادر أنّ لهذا الأمر دلالات كبيرة، تشدّد على أنّ "الموضوع أصبح أكبر من سعد المصري وزياد علوكي وغيرهما من قادة المحاور المعروفين".

ما هي أسباب هذه العودة؟

في الوقت الذي يضع فيه المراقبون هذه العودة في سياق الهروب من المواجهة، بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها مجموعات المعارضة السورية في الفترة الأخيرة، لدى بعض الأوساط المتابعة وجهة نظر مختلفة كلياً لهذا الأمر، حيث تتحدث عن مخطط خطير يُعدّ للساحة اللبنانية.

وفي هذا الإطار، تكشف هذه الأوساط عن ضبط الأجهزة الأمنية لكمياتٍ ليست بقليلة من المتفجّرات والأسلحة بحوزة العائدين ممّن تمّ إلقاء القبض عليهم، ما يعني أنّ هؤلاء لا يسعون للهروب من المعارك بل لتنفيذ أعمال مطلوبة منهم، وربّما نقل المعركة إلى الداخل اللبناني.

وتتحدّث الأوساط نفسها عن معطياتٍ تفيد بسعي بعض الجماعات الأصولية إلى خلق بيئة مساعدة لها في المناطق الحدودية اللبنانية من أجل إستغلالها في اللحظة المناسبة، وهذا الأمر من وجهة نظرها لا يقتصر على الكلام عن تأمين بيئة حاضنة، بل يمتد إلى إيجاد بيئة أمنية وسياسية رديفة لتلك الموجودة في سوريا.

وعلى هذا الصعيد، تكشف المصادر عن اجتماعٍ عقد في لبنان، قبل نحو 40 يوماً، ضمّ قياداتٍ من أحد التنظيمات الأصولية التي تعمل بين لبنان سوريا والعراق، بينهم سعودي وليبي وسوريان، لبحث الأوضاع العامة في أكثر من دولة.

وتخلص الأوساط إلى أنّ هناك أمرًا خطيرًا يُحضَّر من وراء ذلك، وترفض النظرية القائلة بأنّ "حزب الله" هو "العدوّ" الذي يحتلّ سلّم الأولويات في الوقت الراهن بالنسبة لهؤلاء، منبّهة إلى أنّ الجيش اللبناني قد يكون هدفها نظرًا لما يمثله من مؤسسة تكتسب احتضانًا شعبيًا وبالتالي قدرة على مواجهتهم في أي وقت، كما تستبعد أن يكون هدفها خلق حالة عسكرية في المرحلة الراهنة، مرجّحة أن يكون عملها مقتصرًا على بعض العمليات الأمنية "المحدودة".

في المحصّلة، الواضح أنّ ظاهرة عودة "المجاهدين" ليست عفوية ولا بريئة، خصوصًا في ضوء السيناريوهات التي بدأت تُطرح حولها، والتي باتت الأجهزة الأمنية في صورتها، والمطلوب توفير الغطاء السياسي والشعبي اللازم من أجل مواجهتها بالشكل المطلوب.

  • فريق ماسة
  • 2013-10-26
  • 12904
  • من الأرشيف

بعد الخسارات المتلاحقة ..ما هي أسباب عودة بعض "المجاهدين" من سورية إلى لبنان؟

منذ أشهر، لم تعد الساحة اللبنانية بعيدة عن الأحداث السورية على الإطلاق، بعكس ما يحاول بعض المسؤولين إيهام المواطنين به، انطلاقاً ممّا سمّي بسياسة النأي بالنفس، بل إنّ لبنان دخل إلى قلب هذه الأحداث من الباب الواسع وباتت أبوابُه مشرّعة للتداعيات، خصوصًا في ضوء المعلومات التي تتحدّث عن نشاط مجموعاتٍ سلفية "جهادية" في أكثر من منطقة. وفي هذا الإطار، يتمّ الحديث عن عودة بعض مايسمون بـ "المجاهدين" من الأراضي السورية إلى لبنان بطريقة سرية، وهناك كلام عن دخول بعض كوادر التنظيمات الأصولية إلى لبنان، فما هي أسباب هذه العودة؟ وهل هناك من مخطط خطير لتفجير الأوضاع؟ المعلومات عن العودة أكيدة المعلومات عن عودة بعض "المجاهدين" من سورية ليست مجرّد "شائعات"، بل إنّ دقتها تستند إلى معطياتٍ واقعية كان آخرها ما حصل في الأيام الأخيرة في منطقة حوش الحريمة في البقاع الغربي، والعناصر التي دخلت على خط المواجهات بين جبل محسن وباب التبانة في اليومين الأخيرين. وفي هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة عن رصد عدد من هؤلاء في منطقة البقاع، مشيرة إلى أنّ بعضهم عاد بطريقة سرية فيما استخدم البعض الآخر الطريقة الشرعية العلنية، لا سيما بعد بدء الحديث بشكل قوي عن اقتراب موعد معركة سلسلة جبال القلمون السورية. وتشير المصادر إلى أن بعض أبناء هذه القرى لم يكن يعلم بعودة هؤلاء، وتلفت إلى المجموعة التي اشتبكت مع عناصر الجيش اللبناني في البقاع حيث شكل تواجد بعض عناصرها في المنطقة صدمة للكثيرين، وترى أنه تحت غطاء النازحين لا يمكن معرفة من هم هؤلاء، وما الهدف من تواجدهم في المنطقة. وفي سياق متصل، تتحدّث مصادر أخرى عن دخول مجموعات تصفها بـ"الغريبة" إلى المواجهات التي اندلعت بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة، موضحة أنها ليست ممّن كانوا يقاتلون بشكل دائم على هذه المحاور، إلا أنها دخلت على الخط بشكل قوي. وفيما تعتبر المصادر أنّ لهذا الأمر دلالات كبيرة، تشدّد على أنّ "الموضوع أصبح أكبر من سعد المصري وزياد علوكي وغيرهما من قادة المحاور المعروفين". ما هي أسباب هذه العودة؟ في الوقت الذي يضع فيه المراقبون هذه العودة في سياق الهروب من المواجهة، بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها مجموعات المعارضة السورية في الفترة الأخيرة، لدى بعض الأوساط المتابعة وجهة نظر مختلفة كلياً لهذا الأمر، حيث تتحدث عن مخطط خطير يُعدّ للساحة اللبنانية. وفي هذا الإطار، تكشف هذه الأوساط عن ضبط الأجهزة الأمنية لكمياتٍ ليست بقليلة من المتفجّرات والأسلحة بحوزة العائدين ممّن تمّ إلقاء القبض عليهم، ما يعني أنّ هؤلاء لا يسعون للهروب من المعارك بل لتنفيذ أعمال مطلوبة منهم، وربّما نقل المعركة إلى الداخل اللبناني. وتتحدّث الأوساط نفسها عن معطياتٍ تفيد بسعي بعض الجماعات الأصولية إلى خلق بيئة مساعدة لها في المناطق الحدودية اللبنانية من أجل إستغلالها في اللحظة المناسبة، وهذا الأمر من وجهة نظرها لا يقتصر على الكلام عن تأمين بيئة حاضنة، بل يمتد إلى إيجاد بيئة أمنية وسياسية رديفة لتلك الموجودة في سوريا. وعلى هذا الصعيد، تكشف المصادر عن اجتماعٍ عقد في لبنان، قبل نحو 40 يوماً، ضمّ قياداتٍ من أحد التنظيمات الأصولية التي تعمل بين لبنان سوريا والعراق، بينهم سعودي وليبي وسوريان، لبحث الأوضاع العامة في أكثر من دولة. وتخلص الأوساط إلى أنّ هناك أمرًا خطيرًا يُحضَّر من وراء ذلك، وترفض النظرية القائلة بأنّ "حزب الله" هو "العدوّ" الذي يحتلّ سلّم الأولويات في الوقت الراهن بالنسبة لهؤلاء، منبّهة إلى أنّ الجيش اللبناني قد يكون هدفها نظرًا لما يمثله من مؤسسة تكتسب احتضانًا شعبيًا وبالتالي قدرة على مواجهتهم في أي وقت، كما تستبعد أن يكون هدفها خلق حالة عسكرية في المرحلة الراهنة، مرجّحة أن يكون عملها مقتصرًا على بعض العمليات الأمنية "المحدودة". في المحصّلة، الواضح أنّ ظاهرة عودة "المجاهدين" ليست عفوية ولا بريئة، خصوصًا في ضوء السيناريوهات التي بدأت تُطرح حولها، والتي باتت الأجهزة الأمنية في صورتها، والمطلوب توفير الغطاء السياسي والشعبي اللازم من أجل مواجهتها بالشكل المطلوب.

المصدر : النشرة/ ماهر الخطيب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة