دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
قال دبلوماسي أوروبي إن مهاجمة راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الحاكمة للإعلاميين والسياسيين وانتقاده لما أسماه الحملة الممنهجة ضد قطر هي "رسالة طمأنة موجهة للمسؤولين القطريين قبل التونسيين مفادها "أن تونس لن تقترب أكثر من شركائها الغربيين" من جهة وهي "رسالة ولاء للدوحة علها تخفف من ضغوطاتها بشأن تسليم السفارة السورية إلى الائتلاف المعارض" من جهة أخرى.
ولاحظ الدبلوماسي الذي فضل عدم الكشف عن هويته أن ما تناقلته وسائل الإعلام من أن قطر تمارس ضغوطات كبيرة على تونس من أجل تسليم السفارة هو خبر صحيح أحرج الحكومة التونسية رغم أنها شرعت بعد في دراسة الموضوع.
وكانت وسائل الإعلام المحلية والعربية قالت إن قطر تمارس منذ فترة ضغوطات على الحكومة التونسية من أجل دفعها لتسليم السفارة السورية بتونس العاصمة إلى الائتلاف المعارض.
وقال الدبلوماسي الأوروبي إن توقيت البيان الذي أصدرته النهضة الخميس وحرص راشد الغنوشي على إمضائه بنفسه إضافة إلى حدة اللهجة الموجهة ظاهريا للإعلاميين والسياسيين التونسيين كلها مؤشرات تؤكد أن الحركة الحاكمة أرادت أن تطمئن الدوحة على ولائها لها.
وكان راشد الغنوشي قال في بيان وقّعه بنفسه الخميس "تتعرض الشقيقة قطر ورموزها إلى حملة إعلامية ممنهجة انخرطت فيها أطراف سياسية وجهات إعلامية تجاوزت كل أخلاقيات النقد لبلد شقيق لم يتردد في مساعدة تونس ثورة وشعبا قبل الثورة وبعدها".
وشدد على أن "هذه الحملة تسيء إلى قطر" عراب ثورات الربيع العربي" مثلما تسيء إلى تونس، وتستهدف قطع الثورة التونسية عن احد اكبر مؤيديها وداعميها، بما يعتبر أحيانا لحظة تجفيف المنابع الدينية سيئة الذكر" مشيرا إلى أن العلاقة بين الشقيقتين تونس وقطر اكبر من ان تتأثر بمثل هذه الحملات وان الثورة التونسية ماضية نحو تحقيق أهدافها بمساندة دائمة من كل أصدقائها" حسب تعبيره.ولقي بيان الغنوشي استهجان الفاعلين السياسيين والاجتماعيين ونشطاء المجتمع المدني وكذلك غالبية الشارع التونسي الذي تظاهر أكثر من مرة رافضا تدخل الدولة الخليجية في الشأن الوطني متهما حركة النهضة باقتلاع البلاد من جذورها الحضارية والجغراسياسية ورهن سيادة قرارها الوطني مقابل ما أسموه بـ"المال البترودولار".
ولاحظ الدبلوماسي الأوروبي أن المسؤولين القطريين الذين يراهنون على حركات الإسلام السياسي يخشون أن تتعزز علاقات تونس بالدول الغربية وخاصة بلدان الإتحاد الأوربي التي توافد كبار مسؤوليها على تونس وأعربوا عن مساندتهم ودعمهم للانتقال الديمقراطي".
وأضاف "إن الاستعدادات التي عبرت عنها البلدان الغربية وكذلك المؤسسات المالية الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مثلت بالنسبة لقطر مصدر قلق حقيقي من أن تفشل في مشروعها وتقترب تونس أكثر من شركائها التقليديين خاصة وأن السوق الأوروبية تمثل أكثر من 70 في المائة من مبادلات تونس التجارية، وهذا وحده يزعج القطريين الذين يسعون إلى زرع مجتمع خليجي في شمال إفريقيا".
ويتهم خصوم النهضة خاصة، الأحزاب اللبيرالية والعلمانية، بتنفيذ مشروع يهدف إلى "خلجنة المجتمع التونسي" من خلال دعم الجماعات السلفية ونشر مظاهر التدين الوهابي مكان التدين المالكي المعتدل.
ولم يستبعد الدبلوماسي الغربي أن تستجيب الحكومة التونسية لضغوطات الدوحة فتسلم السفارة السورية للائتلاف المعارض لتكون البلد الثاني الذي يتخذ خطوة سياسية ملموسة تدعم الدور القطري في المنطقة.
غير أنه كشف أن البلدان الغربية تراقب عن كثب مدى التزام تونس بالأعراف الدبلوماسية ومدى تجاوبها مع الضغوطات القطرية التي تتخذ أشكالا سياسية واستثمارية ودعما ماليا إما مباشرا أو في شكل هبات لجمعيات تنشط كجمعيات خيرية لكنها ذات أهداف سياسية.
ولم يتردد الدبلوماسي في التشديد على أن شركاء تونس الغربيين "سيتخذون ما يرونه صالحا من المواقف" في حال تمادي حركة النهضة في الاستجابة لضغوطات القطريين وقد تشمل تلك المواقف مراجعة الدعم السياسي والمالي للحكومة التونسية.
وأعرب الدبلوماسي الأوروبي عن "أسفه من خلفيات وأبعاد التقارب التونسي القطري" قائلا:"إنه لمن الخسارة لتونس التي راكمت على امتداد سنوات من تاريخها العريق تجربة حداثة نموذجية على المستوى العربي أن ترتهن لدولة خليجية تدعم لا فقط الإسلام السياسي بل أيضا الجماعات المتشددة سواء في المغرب العربي أو في مالي".
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة