دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
نشرت صحيفة الديار اللبنانية السيرة الذاتية للعماد آصف شوكت في ذكرى ميلاده مروراً بتفاصيل ما كانت لتطرح على الإعلام لو كان العماد موجود وذلك لتواضعه و حبه للعمل بصمت...
في 14 شباط سنة 1950، وُلد آصف شوكت من والد فلاح ووالدة فلاحة في قرية مدحلة التي تبعد 500 متر عن الحدود اللبنانية.
نشأ آصف شوكت مراهقاً ثم شاباً مميزاً عن رفاقه، وكان رفاقه يلمّون بقايا السجائر عن الارض، اما هو فلم يدخّن طيلة حياته.
ما ان اصبح عمره 18 سنة، حتى دخل الكلية العسكرية، ونال وسام المظــليــين، وفي ذات الوقت نال وسام المغاوير والقوى الضاربة. وهذا غير قلـيـل ان يحصل لضابط عمـره 20 سـنة.
اصبح ملازماً اول في عمر 20 سنة، وبينما كان الرئيس حافظ الاسد يجول على الثكنات للتحضير لحرب 1973، استوقفه هذا الضابط وقال له تعال كن معي.
وأثناء ذلك قام الفلسطينيون باحتلال فندق سميراميس، واحتجزوا رهائن في الداخل وطالبوا بالافراج عن فلسطينيين، طلب الملازم اول آصف شوكت وتوسّل الرئيس حافظ الاسد ان يسمح له بتنفيذ المهمة، فأعطاه الرئيس حافظ الاسد الاذن، وقال له ستنتحرون جميعاً. لكن آصف شوكت جاء بطوافة فيها 20 عنصراً، ونزل على السطح، ومن السطح رمى حبالا هو وعناصره ودخل الى الغرف وبدأ باطلاق النار. اصيب بطلق في كتفه لكنه استمر في المعركة حتى نهايتها، وحتى استسلام الفلسطينيين وقتلهم.
ذهب الى المستشفى وقالوا له تحتاج الى شهري نقاهة، لكنه بعد 3 ايام كان قد ربط كتفه بمشدّ قوي وعاد الى جانب الرئيس حافظ الاسد.
كان ظلّه وكان كل الوقت ينتبه الى اي شخص يقترب من الرئيس حافظ الاسد، الى ان قام الاخوان المسلمون بالقاء قنبلة يدوية على الرئيس حافظ الاسد، فقام الرئيس حافظ الاسد برفس القنبلة برجله وارسلها بعيدا. لكن آصف شوكت «انبطح» على الرئيس حافظ الاسد ليحميه، فوقف الرئيس حافظ الاسد وضحك وقال «المهمة هي رفس القنبلة وليس تغطيتي».
تابع آصف شوكت مهامه قرب الرئيس حافظ الاسد وذهبا الى مؤتمر قمة في الرباط، وهناك دخل الرئيس صدام حسين ومعه مسدس، ودخل ضابطان عراقيان ومعهما مسدس، عندها شعر آصف شوكت ان أمراً خطيراً يحصل، وانه في اي لحظة قد يطلق الضابطان النار على الرئيس حافظ الاسد، وهو بطول مترين، وذو أكتاف عريضة ورياضي من الطراز الاول. تابع دورات الصاعقة، ودورات المظليين ودورات المغاوير ودورات القوة الضاربة، فاقترب من الضابط العراقي وفجأة أخذ منه المسدس. احتار الضابط العراقي ماذا يفعل، فاقترب آصف شوكت من مكان بين الرئيس صدام حسين والرئيس حافظ الاسد، ووقف في النصف والمسدس في يده، وقد خرطشه وتحضّر لاطلاق النار. كانت الخطة تقضي بقتل الرئيس حافظ الاسد من قبل ضباط الرئيس صدام حسين، وكان يعرف الرئيس صدام حسين ان السلطات المغربية لن تستطيع اعتقاله. جمدَ الرئيس صدام حسين، ووقف وتوجه نحو الضابط، فما ان اقترب متراً، حتى وضع آصف شوكت المسدس في رأس الرئيس صدام حسين، وقال له إن تقترب سنتمتراً واحداً ستموت. قال له: انا صدام حسين، وأجابه شوكت: انا من مدرسة الرئيس حافظ الاسد. فخرج الرئيس صدام حسين من القاعة، وخرج الضابط الاخر ولحق به. وفي الخارج اجتمع حوالى 25 ضابطاً وعسكرياً عراقياً من الوفد الذي جاء مع الرئيس صدام حسين ويضم 75 ضابطاً وعسكرياً ومرافقاً، ومعروف انهم جاؤوا لاغتيال الرئيس حافظ الاسد.
منع آصف شوكت الرئيس حافظ الاسد من الخروج، واصر الرئيس حافظ الاسد على الخروج، ورفض آصف شوكت، وقال له: اقتلني سيدي فلن اتركك تخرج.
ثم دار على القاعة ووجد مخرجاً ثانياً، فخرج مع الرئيس حافظ الاسد، لكن الرئيس حافظ الاسد رفض ذلك، وقال انا لن اخرج الا من المدخل الذي دخلت منه. فقال آصف شوكت معك حق سيدي الرئيس لكنني سمعت انا من المستشارين. على كل حال، سأخرج انا وارتب الامور. خرج آصف شوكت من القاعة، واطلق رصاصتين في الارض في وجه المجموعة العراقية، فانبطحوا وبدأوا باطلاق النار. ومن اجل البلاط الملكي المغربي ومن اجل حفظ سمعة العرب تم تعمية الموضوع وعدم تصويره وعدم بثه، وعلى كل حال لم يكن لا فضائيات ولا تلفزيونات الا الرسمية.
شق آصف شوكت طريقه بين العراقيين وكان كلما ضرب واحدا على رأسه بالمسدس رماه ارضاً، ودارت بينه وبينهم معركة، فكان مثل الحصان الذي لا يروّض، فما ان ضرب بالمسدس على رأس واحد حتى سقط في الارض. ثم استدار فوجد رشاشا ثقيلا، فأخذ الرشاش الثقيل وعندها ارتاح، ووضع المشط الكبير وبدأ باطلاق النار، الى ان اعطاه الرئيس الاسد امرا بعدم القيام بأي عمل. وخرج الرئيس حافظ الاسد بسيارته وذهب الى الفندق.
في الليل كانت هنالك خطة للهجوم على منزل وقصر الرئيس حافظ الاسد، فتم تكليف آصف شوكت بمهمة ايجاد مكان سري آخر يكون فيه الرئيس حافظ الاسد، وبعد منتصف الليل حضرت عناصر القوة العراقية الى القصر فلم يجدوا الرئيس حافظ الاسد. الا ان آصف شوكت كان قد وضع رشاشاً ثقيلاً على ظهر القصر، وما ان اقتربوا حتى بدأ بحصادهم بالنار، معتبرا وقائلا لهم ان الرئيس حافظ الاسد هنا، وان اليد التي يطلق بها النار هي يد الرئيس حافظ الاسد، فيما كان الرئيس حافظ الاسد ينام في مكان سري لان الوضع اصبح صعباً في الرباط.
تم اغلاق المؤتمر وذهب كل رئيس الى دولته، من يومها قرر الرئيس صدام حسين قتل آصف شوكت، وابلغ انه يدفع 10 ملايين دولار لمن يقتل آصف شوكت. كما كلف مجموعة مخابرات وغيرها. وكان في كل مرة آصف شوكت يقفز من الشرفة ويأتي من الجهة الخلفية ويطلق النار على المهاجمين على منزله.
في 5 تشرين استدعاه الرئيس حافظ الاسد، وقال له يا آصف سأعطيك سراً لا يعرفه أحد. بل يعرفون اننا استنفرنا، غداً 6 تشرين سنقوم بحرب ضد اسرائيل، واريدك ان تنزل على قمة جبل الشيخ بالطوافات هناك. فقال له آصف شوكت أمرك سيدي. وما ان دقت الساعة الواحدة والنصف ظهراً، حتى انطلقت الطوافات باتجاه جبل الشيخ، وكان مع آصف شوكت حوالى 20 عنصراً، فنزلوا بالحبال على جبل الشيخ، وكان من بين الضباط الأوائل الذين يحتلون المواقع السورية المحتلة من اسرائيل.
اثر ذلك بدأ القصف الاسرائيلي بشكل عنيف، فاضطرت القوات السورية للعودة، لكن قتال آصف شوكت ابقاه في المرتفع 1874 وكان الثلج حوله وكان معه 5 شهداء و6 جرحى، ولدى عودته الى موقعه كتب كل ضابط ما يراه مناسباً. اما آصف شوكت فكتب اننا بعد القصف بالطيران اضطررنا للعودة الى الوراء. فلم يعجب هذا الامر رئيسه للملازم اول آصف شوكت، وقال له هل تريد ان تأخذ تهاني وترفيعاً، ام تريد ان تعيدنا الى الوراء، فقال له انا كتبت الحقيقة، فقال له خذ تقريرك واكتب غير ذلك، فرفض، واصر على تقريره، وعندما ارتفع صوت رئيسه ارتفع صوته هو ايضا ووصل الامر الى الرئيس الاسد، وعندما علم بالقصة ان آصف شوكت يرفض الترفيع والترقية على كتابة تقرير كاذب، احترمه اكثر وقال له اريدك بجانبي.
وقام الرئيس حافظ الاسد بمراجعة كل بيانات الضباط، وعاقب قائد القوات الذي حاول كتابة التقارير الكاذبة، واعطى تهنئة للملازم اول آصف شوكت.
آصف شوكت رجل ليس ككل الرجال، وآصف شوكت لو جلت على كل جيوش العالم لكان بين صفوة الجيوش، ذكي، لا يكثر من الكلام، لا يقول الا الكلمة اللازمة، شاعر، ويحب الشعر، في المراجل والرجولة ليس مثله اثنان او ربما يوجد كي لا نحرم الاخرين.
لم يحنِ رأسه امام احد وبقي رأسه مرفوعاً طوال الزمن، لم ينكسر امام احد، وجلس في منزله سنة واكثر ولم ينكسر، وكان يفلح حديقته ويزرعها ويقرأ الكتب وهو في المنزل ولا يخرج. في فترة تم ابعاده عن الجيش، لكن المؤامرة عليه تبينت واكتشفها الرئيس حافظ الاسد. عاد آصف شوكت الى الجيش، ومرّ بالمخابرات الجوية، ومرّ بالمخابرات العسكرية، وأينما مرّ ترك بصمات لا تُمحى.
آصف شوكت كان وعداً للعالم العربي، برجولته وانضباطه وبحبه للجيش وكان وعداً على أنه الضابط الذي سيشترك في الحرب ضد اسرائيل ويجعلها تخسر، لانني في اليوم الاول من 12 تموز يوم بدأت الحرب، سألته ماذا سيحصل قال لي سنربح، وفي المرة الاخيرة سألته عن الحرب القادمة، فقال سنربح. وهو لا يكثر الكلام، ولا يقول اكثر من كلمة سنربح لأنه مؤمن بالقضية ولأنه يخطط باتقان بالغ، ولأنه يعرف كل التفاصيل، لكنه لا يقولها.
آصف شوكت جاء غادر ضدك ووضع جسماً غريباً امامك تماماً، من اشخاص كنتَ تأتمن أنهم لا يفعلون ذلك، لكنهم فعلوا وخانوا وقتلوك واستشهدت.
آصف شوكت انت في ضمير العرب، انت في ضمير الاسلام، انت في ضمير كل حرّ يريد ان يعيش حياته كلها ولا يطأطىء رأسه امام احد.
آصف شوكت لك الخلود ولك المجد يكفيك انك من سنة 1950 حتى استشهادك لم تنكسر يوماً، فأنت من النوع الذي يكسر ولا ينكسر. وهكذا عشت حياتك، واذا كان من جبناء وضعوا مزهرية امامك لتنفجر وتقتلك، ثم ازاحها احدهم وبالتحديد العماد آصف شوكت، لكن جاء احدهم ووضع المزهرية قربك التي فيها المتفجرات، وكنت حذراً فطلبت رفعها، وفي اللحظة التي لفظت كلمة رفعها، وجاؤوا لإزاحتها كبسوا على الزر وانفجرت.
هذا قدرك يا بطل، هذا قدرك يا شهيد، فالنسور لا تموت في اعشاشها، النسور تموت على قمم الجبال، تستشهد، النسور ليست مثل صنف البشر، وليست مثل صنف الطيور، وليست من بقية الاصناف، انها من اصناف تحلّق بجوانحها الى ان تستشهد، وعندما تستشهد تقرر هي الاستشهاد، وعندما يشعر النسر ان جناحيه قد ضعفا، يقرر الهبوط بسرعة الصاروخ موجّها رأسه الى الصخر، فيضرب رأسه بالصخر، وينفجر رأسه ويستشهد، وهكذا انت استشهدت بيد الغدر.
فما ذنبك يا شريف وبطل وشهيد.
المصدر :
الماسة السورية/ الديار
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة