المطلب هو ملكية دستورية على غرار الممالك الدستورية العريقة، تعمل ضمن القانون، فلا أحد يطرح مسألة إسقاط النظام بل إصلاحه، وهو بالفعل نظام يحتاج إلى عملية إصلاح واسعة تتماشى مع المتغيرات على الأرض. هكذا عبر الأمين العام لـ«جمعية المنبر الديموقراطي التقدمي» اليسارية المعارضة عبد النبي سلمان عن رؤية جمعيته للوضع البحريني، في حديث إلى «السفير».

وبعدما شاركت المعارضة في جلسة الحوار الوطني التمهيدية يوم الأحد الماضي بانتظار أن تتم الموافقة على كل شروطها لاستمرار مشاركتها، اعتبر سلمان أن «الحوار الجاد والحقيقي هو المخرج الحقيقي للوطن من أزمته المستفحلة»، مؤكدا أن الشعب لا يقبل أن يستمر في واقع الاستبداد الذي يعيشه منذ قرون، فقط لأنه يتخوف مما هو قادم.

وقال: إن الاستعداد لاستقبال الذكرى الثانية لانطلاق الاحتجاجات في شوارع البحرين في 14 شباط المقبل، يتجلى في القدرة على خلق مطلب جماهيري موحد لكل شعب البحرين، يكون «عابراً للطوائف والفئات والعوائل والقبلية البشعة». فالحراك البحريني وبعد مرور عامين على انطلاقته، يتسم للأسف، بحسب قوله، بانسداد أفق، وبعجز مريع لدى النظام تحديداً عن أن يقدم بدائل أو مشروعاً للحل، وهذا ما يزيد «قتامة» المشهد الذي لا يجد أمامه إلا موجات العنف والتأزيم.

وشدد سلمان على أنه لا يأمل أن تكون هناك خطوات تصعيدية من أي طرف، بل العكس، أي أن تدخل البحرين في «حوار وطني جاد ينتشل الشعب من معاناته ويضعه على سكة الحل العادل والمنشود».

واعتبر سلمان أن «الذكرى الثانية لانطلاق الحراك الشعبي دليل على إصرار الشعب على مطالبه التي لم تضعفها القبضة الأمنية والممارسات القمعية»، مضيفاً: «نعمل مع القوى المعارضة بشكل عام وقوى التيار الديموقراطي حيث نحاول جاهدين أن يبلور جهوده في عمل متميز باتجاه أن يكون هذا التيار رقماً صعباً حقيقياً في الحراك الدائر». وأكد أن «المنبر» مستمر في التنسيق مع قوى المعارضة ويتطلع بعد هذه الفترة الزمنية المنقضية الى أن تتعلم جميع القوى الداخلة في هذا الصراع أن المصير كشعب ووطن مرهون بانجاز الوحدة الوطنية وإبعادها عن ما يراد لها من تقسيم وإضعاف.

وقال: «نثق أن مطالبنا، الكرامة والحرية والعدالة والديموقراطية واحترام حقوق الإنسان، هي مطالب إنسانية عادلة»، مضيفاً: «ونثق تماماً أن المخرج الوحيد أمامنا كشعب هو الجلوس على طاولة حوار تكون أجندتها واضحة المعالم وأدواتها قادرة على التفعيل، ولا تقبل التسويف والمماطلة أو الهروب من الاستحقاقات».

الحوار الوطني والمعارضة

دعا ملك البحرين مؤخراً إلى حوار مع قوى المعارضة والقوى السياسية الأخرى في البلاد، ومن بينها «المنبر الديموقراطي»، وفي ما يتعلق بذلك قال سلمان: «تعودنا في البحرين كثيراً على دعوات إلى الحوار والتهدئة، لكننا لا نجد فيها بكل أسف أدنى جدية، مشيراً إلى أنه «بالرغم من عدم جديتها ووضوحها إلا أننا في المعارضة نتفاعل إيجاباً معها ونشجعها وندخل طرفاً فيها».

ولفت إلى أن المعارضة تتفهم مسؤولياتها وتنظر بايجابية لوعي المجتمع الدولي لما يحصل، كما تتفهم وتعي حجم الكلفة المجتمعية لتأخير الحوار.

وعن النظام الحاكم، اعتبر سلمان أنه «تسبب في حالة انعدام الثقة عبر ممارساته التي امتدت لعقود، وهي ما زالت قائمة، إذ ينتهج تهميش المعارضة بعيداً عن لغة الشراكة التي توافقنا عليها مع النظام منذ التصديق على ميثاق العمل الوطني في العام 2001»، ليعود ويؤكد انه «لدينا قناعات راسخة من انه لا يوجد مخرج حقيقي للوطن من أزمته المستفحلة إلا عبر حوار جاد وحقيقي، تطرح فيه المعارضة مشروعها للحل السياسي، كما تطرح فيه السلطة مشروعا سياسيا جادا ومقنعا تصحبه آليات وخطوات جادة وجدول زمني للتنفيذ».

«المعارضة من جهة لديها مشروعها ومشتركاتها المعلنة للحل، والنظام من جهة أخرى كطرف عليه تحمل مسؤولية الالتزام بالحوار والتخلي عن القبضة الأمنية»، هكذا يلخص سلمان الحوار الجاد الذي «يفضي إلى حلول توافقية دائمة وتفاوض بناء يحقق الاستقرار ويحمي مصالح الشعوب ويكون البديل عن الحل الأمني».

ومتوجهاً إلى الأنظمة العربية، قال سلمان: «عليها أن تعي أن استمرار ممارسات الاستبداد والقمع أضحى عنوانا للتخلف، وهي لذلك لم ولن تحقق الاستقرار أو حتى التنمية».

البحرين ودول «الربيع العربي»

وفي مقارنة بين البحرين ودول «الربيع العربي» التي نجحت ثوراتها في إزالة رأس الدولة على الأقل، واستأثر الإسلاميون في السلطة، نقل سلمان وجهة نظر «المنبر الديموقراطي»، فقال إن «المعارضة البحرينية فيها من التنوع الكثير، ومشروعها النضالي واضح ومعلن يلتقي ويتقاطع في الكثير من المشتركات، ويطرح مطالب لا يزال الدستور وميثاق العمل سقفها، وهي تطالب بملكية دستورية على غرار الممالك الدستورية العريقة، ولا تطرح إسقاط النظام».

وأوضح أن «عملية الإصلاح التي يطالب بها (المنبر) تتماشى مع المتغيرات على الأرض وتستجيب للطموحات المشروعة للشعب في تحقيق دولة مدنية ديموقراطية عصرية تحترم فيها الحقوق، وتلغى فيها كل مظاهر التمييز والفساد... وتحل فيها العدالة الاجتماعية كضمانة لحياة سياسية مستقرة».

وبالنسبة لتجارب دول «الربيع العربي» التي أوصلت أنظمة أثارت المخاوف، اعتبر سلمان ان «هذا الأمر يستحق المتابعة والرصد والتحسب له بكل تأكيد، لكننا يجب أن نقبله في إطار ما نؤمن به من ديموقراطية عبر تدرج تستطيع من خلاله الشعوب أن تقول كلمتها للوصول إلى نظم حكم ينتهي معها الاستبداد السياسي والديني والقبلي والعشائري والعائلي الذي يهيمن على المشهد الآن»، مضيفاً: «لكننا حتما لا نقبل أن نستمر أيضا في واقع الاستبداد الذي نعيشه منذ قرون لأننا نتخوف مما هو قادم». وتابع ان «أحزاب وقوى الاستبداد التي تتقافز اليوم إلى مواقع القرار لن تستطيع أن تقنع الناس باستمراريتها طالما هي لا تملك مشروعا حقيقيا للتغيير، وبوادر العجز التي تعيشها هذه القوى هي نتائج سرعان ما توضحت للعلن ولم تستطع أن تصمد أمام الواقع المعيشي والمطلبي الذي سيفرض على تلك القوى الصاعدة إما أن تتغير أو ستُغير».

موقف «المنبر» من المعارضة

في البحرين، هناك خمس جمعيات سياسية معارضة متحالفة تدعو لفعاليات مشتركة وتخرج ببيانات مشتركة، كما يتفق عدد من الحركات غير المرخصة كحركة «خلاص» و«الوفاء» و«حق» و«أحرار البحرين» على مطلب الجمهورية، فلماذا نأى «المنبر الديموقراطي التقدمي» بنفسه عن كل هذه التكتلات؟

يجيب سلمان: «نحن في (المنبر)، وكامتداد لتاريخ نضالي وفكري لجبهة التحرير الوطني البحريني، لم ننأ بأنفسنا يوماً عن مطالب شعبنا، ونحن حزب يعي مسؤولياته وموقعه الهام والحيوي في الحركة السياسية في البحرين والمنطقة، ونمتلك من وضوح الرؤية ما يؤهلنا للعمل مع مختلف القوى على قاعدة من الاستقلالية».

ويوضح «على هذا الأساس، تجمعنا مع شركاء العمل السياسي الوطني الكثير من المشتركات والرؤى، ونحن مستمرون في تنسيق جاد مع قوى المعارضة، ولكننا نمتلك لغة ورؤية وفعلا تسمح لنا بالتفاعل الايجابي مع الجميع حتى من نختلف أو نتباين معهم في الطرح والتوجه. وفي المحصلة نحن نصيغ توجهاتنا وتكتيكاتنا السياسية بناء على برنامج سياسي وفكري واضح غير ملتبس ولا يقبل التطرف أو الغلو، لكنه يستند على مبدئية».

الاعتراف بالأخطاء

الكثيرون اتهموا المعارضة في البحرين بارتكاب الأخطاء خلال العامين الماضيين، مثل عدم الاستجابة لدعوة ولي عهد البلاد للحوار وغيرها، برر سلمان ذلك بأن «القوى السياسية المعارضة في البحرين تعمل في بيئة وأجواء غاية في التعقيد والتشويه، وطبيعي أن تكون هناك أخطاء، وحدهم الذين لا يعملون هم من لا يخطئون!».

ولكنه في المقابل شدد على أن «الكذبة الكبرى التي سوق لها الإعلام الرسمي كنوع من الهروب للأمام وتزوير التاريخ والحقائق هي اننا لم نجلس مع ولي العهد، فهذا كلام عار من الصحة»، شارحاً أن «قوى المعارضة تجاوبت مع مبادرة ولي العهد ذات النقاط السبع التي طرحت مطلع آذار العام 2011 خلال أقل من 48 ساعة... وكان وسطاء من قبل ولي العهد على تواصل مستمر ودائم مع المعارضة، وتوصلنا معهم وعبرهم إلى نتائج جيدة كانت ستنقذ البحرين. لكن من انقلب على المبادرة وعجل بدخول قوات درع الجزيرة لتفرض بعدها القبضة الأمنية وتدخل بعدها البلاد في دورة عنف لم تتوقف حتى اللحظة، هو من لا يريد خيرا بالبحرين».

الوضع الإقليمي

يعول الكثيرون على التغيرات الإقليمية لإحداث تغيير في البحرين، إلا أن سلمان يرى أن الوضع الإقليمي وتعقيداته وتداخله، وما يجري في سوريا تحديداً وربما إلى حد ما في العراق أيضاً، أضحى يلقي بظلاله على مجمل الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في ظل وجود أطراف إقليمية ودولية لها مصالح مباشرة وغير مباشرة في ما يجري في هذين البلدين.

وأضاف إلى ذلك «تعقيدات الوضع الطائفي المستفحل في المنطقة»، بحسب قوله، وبالتالي «تأخر الحل في البحرين سيستدعي المزيد من التدخل والتداخل في الوضع الإقليمي، الذي نجد أن من مصلحة المجتمع الدولي أن يتنبه لتبعاته المقبلة، والتي إن سمح لها بالتمدد فإنها ستشعل المنطقة الملتهبة أصلاً».

ووفقاً لسلمان فإن «هناك حاجة إلى جهد إقليمي ودولي، ولا أقول عربي لخلق حالة مواتية من الاستقرار السياسي تدفع باتجاه حلول دائمة باستطاعة المجتمع الدولي أن يفرضها، على ألا تغفل تطلعات شعوب المنطقة نحو الحرية والكرامة والديموقراطية، وإلا فإنها تصبح تكريساً لواقع الحال المؤلم الذي نعيشه».

  • فريق ماسة
  • 2013-02-11
  • 5162
  • من الأرشيف

الأمين العام لـ«المنبر الديموقراطي» : لا مخرج للبحرين إلا الحوار الجاد والملكية الدستورية

المطلب هو ملكية دستورية على غرار الممالك الدستورية العريقة، تعمل ضمن القانون، فلا أحد يطرح مسألة إسقاط النظام بل إصلاحه، وهو بالفعل نظام يحتاج إلى عملية إصلاح واسعة تتماشى مع المتغيرات على الأرض. هكذا عبر الأمين العام لـ«جمعية المنبر الديموقراطي التقدمي» اليسارية المعارضة عبد النبي سلمان عن رؤية جمعيته للوضع البحريني، في حديث إلى «السفير». وبعدما شاركت المعارضة في جلسة الحوار الوطني التمهيدية يوم الأحد الماضي بانتظار أن تتم الموافقة على كل شروطها لاستمرار مشاركتها، اعتبر سلمان أن «الحوار الجاد والحقيقي هو المخرج الحقيقي للوطن من أزمته المستفحلة»، مؤكدا أن الشعب لا يقبل أن يستمر في واقع الاستبداد الذي يعيشه منذ قرون، فقط لأنه يتخوف مما هو قادم. وقال: إن الاستعداد لاستقبال الذكرى الثانية لانطلاق الاحتجاجات في شوارع البحرين في 14 شباط المقبل، يتجلى في القدرة على خلق مطلب جماهيري موحد لكل شعب البحرين، يكون «عابراً للطوائف والفئات والعوائل والقبلية البشعة». فالحراك البحريني وبعد مرور عامين على انطلاقته، يتسم للأسف، بحسب قوله، بانسداد أفق، وبعجز مريع لدى النظام تحديداً عن أن يقدم بدائل أو مشروعاً للحل، وهذا ما يزيد «قتامة» المشهد الذي لا يجد أمامه إلا موجات العنف والتأزيم. وشدد سلمان على أنه لا يأمل أن تكون هناك خطوات تصعيدية من أي طرف، بل العكس، أي أن تدخل البحرين في «حوار وطني جاد ينتشل الشعب من معاناته ويضعه على سكة الحل العادل والمنشود». واعتبر سلمان أن «الذكرى الثانية لانطلاق الحراك الشعبي دليل على إصرار الشعب على مطالبه التي لم تضعفها القبضة الأمنية والممارسات القمعية»، مضيفاً: «نعمل مع القوى المعارضة بشكل عام وقوى التيار الديموقراطي حيث نحاول جاهدين أن يبلور جهوده في عمل متميز باتجاه أن يكون هذا التيار رقماً صعباً حقيقياً في الحراك الدائر». وأكد أن «المنبر» مستمر في التنسيق مع قوى المعارضة ويتطلع بعد هذه الفترة الزمنية المنقضية الى أن تتعلم جميع القوى الداخلة في هذا الصراع أن المصير كشعب ووطن مرهون بانجاز الوحدة الوطنية وإبعادها عن ما يراد لها من تقسيم وإضعاف. وقال: «نثق أن مطالبنا، الكرامة والحرية والعدالة والديموقراطية واحترام حقوق الإنسان، هي مطالب إنسانية عادلة»، مضيفاً: «ونثق تماماً أن المخرج الوحيد أمامنا كشعب هو الجلوس على طاولة حوار تكون أجندتها واضحة المعالم وأدواتها قادرة على التفعيل، ولا تقبل التسويف والمماطلة أو الهروب من الاستحقاقات». الحوار الوطني والمعارضة دعا ملك البحرين مؤخراً إلى حوار مع قوى المعارضة والقوى السياسية الأخرى في البلاد، ومن بينها «المنبر الديموقراطي»، وفي ما يتعلق بذلك قال سلمان: «تعودنا في البحرين كثيراً على دعوات إلى الحوار والتهدئة، لكننا لا نجد فيها بكل أسف أدنى جدية، مشيراً إلى أنه «بالرغم من عدم جديتها ووضوحها إلا أننا في المعارضة نتفاعل إيجاباً معها ونشجعها وندخل طرفاً فيها». ولفت إلى أن المعارضة تتفهم مسؤولياتها وتنظر بايجابية لوعي المجتمع الدولي لما يحصل، كما تتفهم وتعي حجم الكلفة المجتمعية لتأخير الحوار. وعن النظام الحاكم، اعتبر سلمان أنه «تسبب في حالة انعدام الثقة عبر ممارساته التي امتدت لعقود، وهي ما زالت قائمة، إذ ينتهج تهميش المعارضة بعيداً عن لغة الشراكة التي توافقنا عليها مع النظام منذ التصديق على ميثاق العمل الوطني في العام 2001»، ليعود ويؤكد انه «لدينا قناعات راسخة من انه لا يوجد مخرج حقيقي للوطن من أزمته المستفحلة إلا عبر حوار جاد وحقيقي، تطرح فيه المعارضة مشروعها للحل السياسي، كما تطرح فيه السلطة مشروعا سياسيا جادا ومقنعا تصحبه آليات وخطوات جادة وجدول زمني للتنفيذ». «المعارضة من جهة لديها مشروعها ومشتركاتها المعلنة للحل، والنظام من جهة أخرى كطرف عليه تحمل مسؤولية الالتزام بالحوار والتخلي عن القبضة الأمنية»، هكذا يلخص سلمان الحوار الجاد الذي «يفضي إلى حلول توافقية دائمة وتفاوض بناء يحقق الاستقرار ويحمي مصالح الشعوب ويكون البديل عن الحل الأمني». ومتوجهاً إلى الأنظمة العربية، قال سلمان: «عليها أن تعي أن استمرار ممارسات الاستبداد والقمع أضحى عنوانا للتخلف، وهي لذلك لم ولن تحقق الاستقرار أو حتى التنمية». البحرين ودول «الربيع العربي» وفي مقارنة بين البحرين ودول «الربيع العربي» التي نجحت ثوراتها في إزالة رأس الدولة على الأقل، واستأثر الإسلاميون في السلطة، نقل سلمان وجهة نظر «المنبر الديموقراطي»، فقال إن «المعارضة البحرينية فيها من التنوع الكثير، ومشروعها النضالي واضح ومعلن يلتقي ويتقاطع في الكثير من المشتركات، ويطرح مطالب لا يزال الدستور وميثاق العمل سقفها، وهي تطالب بملكية دستورية على غرار الممالك الدستورية العريقة، ولا تطرح إسقاط النظام». وأوضح أن «عملية الإصلاح التي يطالب بها (المنبر) تتماشى مع المتغيرات على الأرض وتستجيب للطموحات المشروعة للشعب في تحقيق دولة مدنية ديموقراطية عصرية تحترم فيها الحقوق، وتلغى فيها كل مظاهر التمييز والفساد... وتحل فيها العدالة الاجتماعية كضمانة لحياة سياسية مستقرة». وبالنسبة لتجارب دول «الربيع العربي» التي أوصلت أنظمة أثارت المخاوف، اعتبر سلمان ان «هذا الأمر يستحق المتابعة والرصد والتحسب له بكل تأكيد، لكننا يجب أن نقبله في إطار ما نؤمن به من ديموقراطية عبر تدرج تستطيع من خلاله الشعوب أن تقول كلمتها للوصول إلى نظم حكم ينتهي معها الاستبداد السياسي والديني والقبلي والعشائري والعائلي الذي يهيمن على المشهد الآن»، مضيفاً: «لكننا حتما لا نقبل أن نستمر أيضا في واقع الاستبداد الذي نعيشه منذ قرون لأننا نتخوف مما هو قادم». وتابع ان «أحزاب وقوى الاستبداد التي تتقافز اليوم إلى مواقع القرار لن تستطيع أن تقنع الناس باستمراريتها طالما هي لا تملك مشروعا حقيقيا للتغيير، وبوادر العجز التي تعيشها هذه القوى هي نتائج سرعان ما توضحت للعلن ولم تستطع أن تصمد أمام الواقع المعيشي والمطلبي الذي سيفرض على تلك القوى الصاعدة إما أن تتغير أو ستُغير». موقف «المنبر» من المعارضة في البحرين، هناك خمس جمعيات سياسية معارضة متحالفة تدعو لفعاليات مشتركة وتخرج ببيانات مشتركة، كما يتفق عدد من الحركات غير المرخصة كحركة «خلاص» و«الوفاء» و«حق» و«أحرار البحرين» على مطلب الجمهورية، فلماذا نأى «المنبر الديموقراطي التقدمي» بنفسه عن كل هذه التكتلات؟ يجيب سلمان: «نحن في (المنبر)، وكامتداد لتاريخ نضالي وفكري لجبهة التحرير الوطني البحريني، لم ننأ بأنفسنا يوماً عن مطالب شعبنا، ونحن حزب يعي مسؤولياته وموقعه الهام والحيوي في الحركة السياسية في البحرين والمنطقة، ونمتلك من وضوح الرؤية ما يؤهلنا للعمل مع مختلف القوى على قاعدة من الاستقلالية». ويوضح «على هذا الأساس، تجمعنا مع شركاء العمل السياسي الوطني الكثير من المشتركات والرؤى، ونحن مستمرون في تنسيق جاد مع قوى المعارضة، ولكننا نمتلك لغة ورؤية وفعلا تسمح لنا بالتفاعل الايجابي مع الجميع حتى من نختلف أو نتباين معهم في الطرح والتوجه. وفي المحصلة نحن نصيغ توجهاتنا وتكتيكاتنا السياسية بناء على برنامج سياسي وفكري واضح غير ملتبس ولا يقبل التطرف أو الغلو، لكنه يستند على مبدئية». الاعتراف بالأخطاء الكثيرون اتهموا المعارضة في البحرين بارتكاب الأخطاء خلال العامين الماضيين، مثل عدم الاستجابة لدعوة ولي عهد البلاد للحوار وغيرها، برر سلمان ذلك بأن «القوى السياسية المعارضة في البحرين تعمل في بيئة وأجواء غاية في التعقيد والتشويه، وطبيعي أن تكون هناك أخطاء، وحدهم الذين لا يعملون هم من لا يخطئون!». ولكنه في المقابل شدد على أن «الكذبة الكبرى التي سوق لها الإعلام الرسمي كنوع من الهروب للأمام وتزوير التاريخ والحقائق هي اننا لم نجلس مع ولي العهد، فهذا كلام عار من الصحة»، شارحاً أن «قوى المعارضة تجاوبت مع مبادرة ولي العهد ذات النقاط السبع التي طرحت مطلع آذار العام 2011 خلال أقل من 48 ساعة... وكان وسطاء من قبل ولي العهد على تواصل مستمر ودائم مع المعارضة، وتوصلنا معهم وعبرهم إلى نتائج جيدة كانت ستنقذ البحرين. لكن من انقلب على المبادرة وعجل بدخول قوات درع الجزيرة لتفرض بعدها القبضة الأمنية وتدخل بعدها البلاد في دورة عنف لم تتوقف حتى اللحظة، هو من لا يريد خيرا بالبحرين». الوضع الإقليمي يعول الكثيرون على التغيرات الإقليمية لإحداث تغيير في البحرين، إلا أن سلمان يرى أن الوضع الإقليمي وتعقيداته وتداخله، وما يجري في سوريا تحديداً وربما إلى حد ما في العراق أيضاً، أضحى يلقي بظلاله على مجمل الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في ظل وجود أطراف إقليمية ودولية لها مصالح مباشرة وغير مباشرة في ما يجري في هذين البلدين. وأضاف إلى ذلك «تعقيدات الوضع الطائفي المستفحل في المنطقة»، بحسب قوله، وبالتالي «تأخر الحل في البحرين سيستدعي المزيد من التدخل والتداخل في الوضع الإقليمي، الذي نجد أن من مصلحة المجتمع الدولي أن يتنبه لتبعاته المقبلة، والتي إن سمح لها بالتمدد فإنها ستشعل المنطقة الملتهبة أصلاً». ووفقاً لسلمان فإن «هناك حاجة إلى جهد إقليمي ودولي، ولا أقول عربي لخلق حالة مواتية من الاستقرار السياسي تدفع باتجاه حلول دائمة باستطاعة المجتمع الدولي أن يفرضها، على ألا تغفل تطلعات شعوب المنطقة نحو الحرية والكرامة والديموقراطية، وإلا فإنها تصبح تكريساً لواقع الحال المؤلم الذي نعيشه».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة