دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لطالما أخافت الكلمة الحرّة الأنظمة، فحاولت خنقها أو التضييق عليها بشتى السبل. وفي المملكة العربية السعودية الحال ليس أفضل من ذلك، فهناك المئات في السجون السعودية فقط لرفعهم الصوت عبر خطبة دينية أو خطبة سياسية أو في تظاهرة سلمية أو عبر مقال كتبوه هنا أو صورة التقطوها هناك. وخير دليل على ذلك، رجل الدين نمر النمر الذي يقبع وراء القضبان منذ أكثر من سبعة أشهر من دون توجيه تهم له، فيما وصفته وزارة الداخلية السعودية بـ«مثير الفتن».
ليس الشيخ نمر هو الوحيد المعتقل على خلفية تعبيره عن الرأي أو معارضته للسلطات في السعودية، بل هناك الكثيرون ومنهم الشاعر والمصور الفوتوغرافي حبيب المعاتيق الذي اعتقل منذ ما يقارب العام من مقر عمله، لإدارته موقعاً إلكترونياً يُعنى بالشؤون الثقافية والفنية، حسب ناشطين.
هاني علي المعاتيق، الأخ الأكبر لحبيب، تحدث إلى «السفير» عن ظروف الاعتقال. يروي قائلاً «تمّ اقتياده من محل عمله إلى جهة غير معلومة، ولم يكن لدينا شك بأنه محتجز لدى سجن المباحث في الدمام، ولكننا حتى اليوم، وبعد مضي ما يقارب العام على غيابه نجهل السبب الرئيسي لاحتجاز حبيب».
ويضيف «حبيب فنان، مصور فوتوغرافي وأيضا شاعر، ولديه تجربة فريدة جمع فيها بين الشعر والفن الفوتوغرافي في ديوان، حصد الكثير من الجوائز، والكثير من المراكز المتقدمة في العديد من المسابقات، وشرّف الوطن في الكثير من المحافل، وأخذت معه عدة لقاءات صحافية وتلفزيونية»، معلّقاً «كان من الأجدر أن يُحتفى بهكذا شخصية داخل الوطن، لا أن يقبع وراء القضبان لأسباب غير معلومة، خصوصاً وأن ليس لحبيب أي نشاط سياسي، ممكن أن يكون سببا لاعتقاله، وإذا كان لدى الجهات الرسمية أية ملاحظات على أعماله أو تصرفاته كان بالإمكان استدعاؤه وإبقاؤه عدة ساعات والاكتفاء باستجوابه، ويعود لأهله وأطفاله، وألا يكون مغيّباً بهذه الطريقة التي تقلق أهله وعائلته وأبناءه ومجتمعه».
حبيب المعاتيق، الذي اختص بالشعر الحسيني الموالي لآل بيت الرسول، أبعد نفسه عن السياسة كما أن لديه الكثير من العلاقات في الوسط الثقافي والفني، ويصفه المقربون بأنه إنسان طموح. ويقول شقيقه «إنهم يبذلون كل جهدهم بالتقدم بخطابات إلى كل الجهات التي من شأنها أن تبادر وتساهم في الإفراج عنه سريعاً، كما أن هناك تحركات حثيثة من قبل الأهالي للتوجه للجهات الرسمية للمطالبة بالإفراج عن حبيب وآخرين من أبناء المنطقة».
أما رباب، شقيقة حبيب، فتصف خبر اعتقال حبيب قائلة «اللحظة التي قالوا لي فيها إن حبيب اعتقلوه، كانت تشبه استلامي خبر وفاته، فلم نتوقع أبدا أن يعتقل حبيب لأنه إنسان مسالم لأقصى الحدود»، مشيرة إلى أن والدته التسعينية متعبة من جراء اعتقال ابنها الذي عرفت عنه الهدوء والرومانسية دائما.
وفي الوقت الذي تعيش فيه زوجة حبيب، نبيلة، مع بنتيها الاثنتين (14 وعشر سنوات)، وابنها (4 سنوات) مع والدته في المنزل ذاته، وتصف حال الفتاتين بأنهما ترفضان تصديق الخبر وترفضان الحديث في الموضوع، إلا أنهما تزورانه كلما كان هناك وقت للزيارة، أما الابن الأصغر فيؤكد دائما أن أباه لا يزال في العمل، فهو لا يفهم معنى الاعتقال.
كل من عبّر عن رأيه بطريقة أو بأخرى، كان له نصيب من العقاب، قد يكون العقاب قتلاً أو اعتقالاً أو تعذيباً أو فصلا من العمل، فكل هذه الأساليب واردة في التعامل مع المتظاهرين والمعارضين. من هؤلاء شاب كان يعمل في إحدى الشركات الكبرى في المملكة (27 عاما)، ورفض الإشارة إلى اسمه خلال اللقاء مع «السفير» خوفا على سلامته الشخصية. يتحدث عن تجربته في الفصل من العمل «اعتُقلت في نيسان من العام 2011 على خلفية مشاركتي في تظاهرات في صفوة، ثم أُفرج عني بعد 55 يوما. بعد خروجي من المعتقل، راجعت الإمارة بشأن عودتي للعمل ومنذ ذلك الوقت وأنا أخاطب مختلف الجهات المختصة واليوم وبعد مرور عام و7 أشهر، لا يزال ما يقارب الـ120 فردا من موظفي القطاع الخاص لم يعودوا إلى أعمالهم، فيما عاد موظفو الحكومة بعد ما يقارب الخمسة أشهر».
شكّل الشاب لجنة للمفصولين، مكونة من 30 شخصاً من أصل 120 مفصولاً، ولكنه لم يستطع الوصول للجميع، حسب تعبيره. و«قد قابلت اللجنة أمير المنطقة ونائبة ومستشاري النائب، وتقدموا بخطابات فردية وجماعية، وكل مرّة كان يتم تحويلهم من جهة لأخرى من دون جدوى، وعند مراجعتهم رئيس الشؤون الأمنية في الإمارة استطاعوا الحصول على خطابات تفيد بأنه ليس عليهم ملاحظات لأربعة أشخاص فقط، ولكن حتى هؤلاء لم يعودوا لأعمالهم»، حسب ما يقول. ويضيف «تهـــمة التغيب من دون سبب باطـــلة، حيث أن الـــشرطة أرسلت خطابات عند اعتقالنا للشركات والمؤسسات التي نعمل بها تفيدهم باعتقـــالنا، كما أنه ليس علينا أية أحكام أو تهم تستدعي عدم عودتنا للعمل».
ويختم حديثه «الحالة النفسية للمفصولين سيئة لسوء حالتهم المادية، كما أن على غالبيتنا منع السفر لخارج البلاد، ولم يتم رفعه، رغم إطلاق سراحنا وبراءتنا من أي تهم، وهو أمر يمنع مغادرتنا البلاد للعمل في الخارج، رغم أن هناك فرص عمل كثيرة».
ويشير عضو «مركز العدالة لحقوق الانسان» وليد سليس إلى أن اعتقال أكثر من 800 شخص، والذين بقي منهم حتى اليوم 180 معتقلا منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية في المنطقة الشرقية في السعودية منذ ما يقارب العامين، يأتي على خلفية مشاركتهم في مسيرات سلمية أو على خلفية حرية الرأي والتعبير، وخصوصا في ما يتعلق بالكتابة على شبكات التواصل الاجتماعية كالـ«فايسبوك» و«تويتر».
ويوضح «تم اعتقال مجموعة من الصحافيين والمثقفين كحبيب المعاتيق المتهم بأنه صاحب موقع تحريضي، بينما هو صاحب موقع يعنى بالأمور الثقافية فقط. ونحن في مركز العدالة نقوم برصد هذه الحالات ونرفع تقارير للمطالبة بإطلاق سراح كل من لم تثبت عليه تهم مخالفة للقانون في السعودية، بدلاً من بقائهم في السجن من دون تهم أو محاكمة».
المصدر :
الماسة السورية/ السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة