جلست هيلاري كلينتون إلى جانب باراك أوباما كأنها كانت شريكة ندية في حكم ولايته الرئاسية الأولى، في معادلة ركّز فيها الرئيس الأميركي على التحديات الاقتصادية الداخلية، وهي تفرّغت إلى القضايا الخارجية، في محاولة لموازنة متطلبات قضايا الأمن القومي مع الموارد المالية المحدودة.

أظهر أوباما المشاعر الودية تجاه منافسته الانتخابية السابقة وشكرها على جهودها كوزيرة للخارجية، مؤكداً أن العلاقة المهنية التي جمعتهما تطورت إلى صداقة وأنه "سيشتاق إليها". كان لافتاً أن يطلب أوباما إجراء هذه المقابلة، وهي الأولى من نوعها لرئيس لا يظهر سوى مع زوجته ميشيل في مقابلات مشتركة. حتى تساءل البعض في واشنطن ما إذا كانت هذه الخطوة قد أزعجت نائب الرئيس جو بايدن الذي لم يحصل سابقاً على هذا الامتياز، وهو الذي لديه طموحاته الرئاسية للعام 2016.

وسأل مراسل شبكة "سي بي اس" الإخبارية ستيف كروفت الرئيس الأميركي "متى ينتهي مفعول هذا التأييد" لكلينتون، في إشارة إلى طموحاتها الرئاسية، فرد أوباما مازحا "انتم في الإعلام لا يمكن تصحيحكم. لقد حصل حفل التنصيب قبل أربعة أيام، وانتم تتحدثون عن الانتخابات بعد أربع سنوات من الآن".

وبالرغم من أن أوباما أمطرها بالإشادات، لم تبادل كلينتون المستوى ذاته من الإطراء. ورأت أن إجراء مقابلة مثل هذه كان "غير مرجح" قبل سنوات نتيجة "الانتخابات التمهيدية الصعبة والطويلة جدا"، مشيرة إلى أن "العمل معه (أوباما)، كشريك وصديق، كان فرصة استثنائية لنقوم بأفضل ما لدينا نيابة عن هذا البلد الذي نحبه. وهذا أمر سأشتاق إليه كثيرا". هنا تابع أوباما قائلا إنه "معجب كبير" بكلينتون حتى قبل الترشح إلى الرئاسة في العام 2008، مشيراً إلى "انضباطها وقوتها وعمق تفكيرها وقدرتها على إبراز وإيضاح القضايا المهمة بالنسبة إلى الشعب الأميركي".

وذكرت كلينتون أنها تخيلت بعد انتخاب أوباما أنها ستعود إلى مجلس الشيوخ، ولكنها تفاجأت عندما دعاها إلى شيكاغو نهاية العام 2008 وعرض عليها منصب وزيرة الخارجية، وأقرّت أنها ترددت قبل الموافقة. وكشفت تفاصيل العرض في شيكاغو حيث قال لها أوباما "لدينا أزمة اقتصادية رئيسية قد تدفعنا إلى الركود الاقتصادي"، مضيفاً "لن أكون قادراً على تلبية الكثير من التوقعات المبنية على دورنا حول العالم. لذلك سيكون عليك الخروج إلى هناك وتمثيلنا فعلياً، فيما أنا أتعامل مع الكارثة الاقتصادية التي ورثتها".

أما أوباما فتحدث عن "الشخصيات القوية" التي كانت موجودة حول طاولته في الولاية الأولى، مشيراً إلى أن كلينتون "وضعت معياراً من الكفاءة المهنية والعمل الجماعي". وبحسب تقدير أوباما فإن كلينتون لم تجعل العلاقة معه مثل العلاقة بين الرئيس الأسبق جيمي كارتر ومنافسه في الانتخابات التمهيدية تيد كينيدي، وأنها لم تتجاوز دورها في الولاية الأولى، بل احترمت موقع الرئاسة ودينامية فريق المستشارين.

ورداً على سؤال حول عدم رغبة واشنطن بالتورط في الأزمات الدولية، لفت أوباما إلى الدور الأميركي في ليبيا ومصر، وأشار إلى أنه في سوريا "نريد التأكد أن تورطنا لا يعزز فقط الأمن الأميركي بل يفعل الأمر الصحيح للشعب السوري وجيرانه مثل إسرائيل التي ستتأثر بعمق". وأضاف "هناك مراحل انتقالية وتحولات تحصل في كل أنحاء العالم. لن نكون قادرين على السيطرة على كل جانب" منها.

من جهتها، أكدت كلينتون "نحن إلى جانب القيم الأميركية. نحن إلى جانب الحرية. نحن إلى جانب تطلعات كل الشعوب لحياة أفضل... لكن ليس من السهل دائما إدراك ما يجب فعله من أجل التوصل إلى هذه النتيجة"، معربة عن امتنانها لتمهل أوباما في مقاربة هذه الأمور. ولكن يتعارض هذا التصريح قليلا مع ما قالته الأسبوع الماضي خلال جلسات الاستماع في الكونغرس، حيث اعتبرت انه "عندما تغيب أميركا، لا سيما من بيئات غير مستقرة، يكون هناك عواقب. التطرف يتجذر ومصالحنا تعاني وأمننا في الداخل يصبح مهددا".

طبعاً، تعتبر هذه المقابلة المشتركة شكرا إلى الرئيس الأسبق بيل كلينتون الذي ساهم عبر خطاباته الرئيسية في إعادة التوازن إلى حملة الرئيس الأميركي العام الماضي. فحين ترشح أوباما في الانتخابات التمهيدية كانت سلطة الحزب الديموقراطي في خانة آل كلينتون ولكنه تمكن من كسر هذه القيادة، وانعكست المقاييس الآن، وتغادر كلينتون منصبها في فترة سيطرة أوباما على الحزب. سيكون مثيراً للاهتمام متابعة تحركات كلينتون في المرحلة المقبلة، والى متى ستبقى بعيدة عن الأضواء بعد مغادرة مكتبها في "فوغي بوتوم" هذا الأسبوع.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-01-28
  • 13535
  • من الأرشيف

باراك أوباما ـ هيلاري كلينتون .. نهاية شراكة الحكم؟

جلست هيلاري كلينتون إلى جانب باراك أوباما كأنها كانت شريكة ندية في حكم ولايته الرئاسية الأولى، في معادلة ركّز فيها الرئيس الأميركي على التحديات الاقتصادية الداخلية، وهي تفرّغت إلى القضايا الخارجية، في محاولة لموازنة متطلبات قضايا الأمن القومي مع الموارد المالية المحدودة. أظهر أوباما المشاعر الودية تجاه منافسته الانتخابية السابقة وشكرها على جهودها كوزيرة للخارجية، مؤكداً أن العلاقة المهنية التي جمعتهما تطورت إلى صداقة وأنه "سيشتاق إليها". كان لافتاً أن يطلب أوباما إجراء هذه المقابلة، وهي الأولى من نوعها لرئيس لا يظهر سوى مع زوجته ميشيل في مقابلات مشتركة. حتى تساءل البعض في واشنطن ما إذا كانت هذه الخطوة قد أزعجت نائب الرئيس جو بايدن الذي لم يحصل سابقاً على هذا الامتياز، وهو الذي لديه طموحاته الرئاسية للعام 2016. وسأل مراسل شبكة "سي بي اس" الإخبارية ستيف كروفت الرئيس الأميركي "متى ينتهي مفعول هذا التأييد" لكلينتون، في إشارة إلى طموحاتها الرئاسية، فرد أوباما مازحا "انتم في الإعلام لا يمكن تصحيحكم. لقد حصل حفل التنصيب قبل أربعة أيام، وانتم تتحدثون عن الانتخابات بعد أربع سنوات من الآن". وبالرغم من أن أوباما أمطرها بالإشادات، لم تبادل كلينتون المستوى ذاته من الإطراء. ورأت أن إجراء مقابلة مثل هذه كان "غير مرجح" قبل سنوات نتيجة "الانتخابات التمهيدية الصعبة والطويلة جدا"، مشيرة إلى أن "العمل معه (أوباما)، كشريك وصديق، كان فرصة استثنائية لنقوم بأفضل ما لدينا نيابة عن هذا البلد الذي نحبه. وهذا أمر سأشتاق إليه كثيرا". هنا تابع أوباما قائلا إنه "معجب كبير" بكلينتون حتى قبل الترشح إلى الرئاسة في العام 2008، مشيراً إلى "انضباطها وقوتها وعمق تفكيرها وقدرتها على إبراز وإيضاح القضايا المهمة بالنسبة إلى الشعب الأميركي". وذكرت كلينتون أنها تخيلت بعد انتخاب أوباما أنها ستعود إلى مجلس الشيوخ، ولكنها تفاجأت عندما دعاها إلى شيكاغو نهاية العام 2008 وعرض عليها منصب وزيرة الخارجية، وأقرّت أنها ترددت قبل الموافقة. وكشفت تفاصيل العرض في شيكاغو حيث قال لها أوباما "لدينا أزمة اقتصادية رئيسية قد تدفعنا إلى الركود الاقتصادي"، مضيفاً "لن أكون قادراً على تلبية الكثير من التوقعات المبنية على دورنا حول العالم. لذلك سيكون عليك الخروج إلى هناك وتمثيلنا فعلياً، فيما أنا أتعامل مع الكارثة الاقتصادية التي ورثتها". أما أوباما فتحدث عن "الشخصيات القوية" التي كانت موجودة حول طاولته في الولاية الأولى، مشيراً إلى أن كلينتون "وضعت معياراً من الكفاءة المهنية والعمل الجماعي". وبحسب تقدير أوباما فإن كلينتون لم تجعل العلاقة معه مثل العلاقة بين الرئيس الأسبق جيمي كارتر ومنافسه في الانتخابات التمهيدية تيد كينيدي، وأنها لم تتجاوز دورها في الولاية الأولى، بل احترمت موقع الرئاسة ودينامية فريق المستشارين. ورداً على سؤال حول عدم رغبة واشنطن بالتورط في الأزمات الدولية، لفت أوباما إلى الدور الأميركي في ليبيا ومصر، وأشار إلى أنه في سوريا "نريد التأكد أن تورطنا لا يعزز فقط الأمن الأميركي بل يفعل الأمر الصحيح للشعب السوري وجيرانه مثل إسرائيل التي ستتأثر بعمق". وأضاف "هناك مراحل انتقالية وتحولات تحصل في كل أنحاء العالم. لن نكون قادرين على السيطرة على كل جانب" منها. من جهتها، أكدت كلينتون "نحن إلى جانب القيم الأميركية. نحن إلى جانب الحرية. نحن إلى جانب تطلعات كل الشعوب لحياة أفضل... لكن ليس من السهل دائما إدراك ما يجب فعله من أجل التوصل إلى هذه النتيجة"، معربة عن امتنانها لتمهل أوباما في مقاربة هذه الأمور. ولكن يتعارض هذا التصريح قليلا مع ما قالته الأسبوع الماضي خلال جلسات الاستماع في الكونغرس، حيث اعتبرت انه "عندما تغيب أميركا، لا سيما من بيئات غير مستقرة، يكون هناك عواقب. التطرف يتجذر ومصالحنا تعاني وأمننا في الداخل يصبح مهددا". طبعاً، تعتبر هذه المقابلة المشتركة شكرا إلى الرئيس الأسبق بيل كلينتون الذي ساهم عبر خطاباته الرئيسية في إعادة التوازن إلى حملة الرئيس الأميركي العام الماضي. فحين ترشح أوباما في الانتخابات التمهيدية كانت سلطة الحزب الديموقراطي في خانة آل كلينتون ولكنه تمكن من كسر هذه القيادة، وانعكست المقاييس الآن، وتغادر كلينتون منصبها في فترة سيطرة أوباما على الحزب. سيكون مثيراً للاهتمام متابعة تحركات كلينتون في المرحلة المقبلة، والى متى ستبقى بعيدة عن الأضواء بعد مغادرة مكتبها في "فوغي بوتوم" هذا الأسبوع.  

المصدر : جو معكرون


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة