دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
رد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو شخصياً على التصريحات التي نسبت للرئيس الأميركي باراك أوباما واتهمته بأنه يقود إسرائيل إلى الهاوية، وقال إن «الجميع يفهم أن مواطني إسرائيل فقط هم من يقرر من يمثل بإخلاص المصالح الحيوية لدولة إسرائيل».
وجاء هذا الرد بعدما احتل كلام أوباما العناوين الرئيسية للصحف الإسرائيلية، وأثار ردود فعل حادة في أوساط المعارضة التي حذرت من المستقبل المظلم لإسرائيل في ظل استمرار حكم نتنياهو. أما صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من نتنياهو فردت على الحملة بعنوان يعتبر أن أوباما بات «في خدمة اليسار».
وفي جولة عسكرية قام بها نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك أمس إلى مستوطنات غلاف غزة، سُئل رئيس الحكومة عما إذا كان يرى في تصريحات أوباما تدخلاً في الانتخابات الإسرائيلية، فأجاب أنه «في السنوات الأربع الأخيرة نجحنا في مواجهة الضغوط الشديدة»، موضحاً «لقد طلبوا منا كبح ضغوطنا على إيران، وأن ننسحب إلى خطوط العام 1967، وأن نقسم القدس، وأن لا نبني فيها. وتصدينا لكل الضغوط. سأواصل الإصرار على المصالح الحيوية لشعب إسرائيل». وأضاف إن «الجميع يفهم أن مواطني إسرائيل فقط هم من يقرر من يمثل بإخلاص المصالح الحيوية لدولة إسرائيل».
وجاء رد نتنياهو الشخصي بعدما أكد المقربون منه أن تصريحات أوباما هي «تدخل في الانتخابات الداخلية في إسرائيل»، وأن الغاية منها «تشويه صورة نتنياهو». وشدد هؤلاء، في نوع من التحدي، على أنه على أوباما «أن يدرك أن رئيس الوزراء المقبل هو نتنياهو وأنه سيتعين عليه مواصلة العمل معه». وذهبت النائبة الليكودية المتطرفة تسيبي حوتبولي إلى حد القول إن «سياسة نتنياهو حظيت بإسناد كامل من جانب الأميركيين، مع كل الاحترام لأوباما». أما زميلها في الكتلة، المتطرف داني دانون، فقال إن «كل محاولة تدخل خارجية تضيف لنا المقاعد فقط. الرئيس اوباما أيضاً يفهم بأنه يتعين عليه أن يعمل مع نتنياهو».
وأكثرت الصحف الإسرائيلية في تعليقاتها من الإشارة إلى أن تصريحات أوباما تأتي في إطار الانتقام الشخصي من نتنياهو لدوره في التدخل في الانتخابات الأميركية لمصلحة المرشح الجمهوري ميت رومني. ومع ذلك، وفي إطار التفاعل الإعلامي مع كلام أوباما، الذي نشره المعلق اليهودي الأميركي جيفري غولدبرغ، كشفت «هآرتس» في افتتاحيتها، تحت عنوان «إصغوا لأوباما»، فشل الخط الدعائي لنتنياهو الذي عرض نفسه للجمهور الإسرائيلي «كسياسي مقبول في العالم، وفي مركزه واشنطن».
وكتبت «هآرتس» أن «أوباما كسر صمته وكشف للجمهور الإسرائيلي عن رأيه بأنه خائب الأمل حتى الآن. لكن مقربيه، مثل رئيس بلدية شيكاغو رام عمانويل، وصف نتنياهو بحدة بأنه خسر الرهان على رومني، وعبر عن المزاج الذي يعكس أغلب الظن مزاج الرئيس». وأضافت «أمس اتخذ محيط اوباما خطوة اخرى، في الاقتباسات التي نشرت في مقالة غولدبرغ. وما نشر في هذا المقال يفيد بأن اوباما يئس من نتنياهو، الذي يمارس سياسة تدمير للذات، وبرأيه يفرض رئيس الليكود والحكومة على إسرائيل عزلة دولية».
أما مراسلة «يديعوت أحرونوت» في واشنطن، أورلي أزولاي فأشارت في مقال بعنوان «عندما يُصفي الرئيس الحساب» إلى أن «الكلام الذي قاله اوباما عن نتنياهو ليس جديداً برغم أن النغمة والتوقيت مختلفين: فالرئيس يلقي بلائمة عدم وجود تسوية بين اسرائيل والفلسطينيين على نتنياهو مباشرة»، مضيفة «وقد علم رؤساء وزراء في الماضي أن العلاقات الدافئة مع رئيس الولايات المتحدة ليست مسألة أدب فقط بل هي عنصر مركزي في قدرة اسرائيل على الردع. وقد كان خطأ نتنياهو الأكبر حين لم ينشئ قناة دافئة مع البيت الابيض وحرص على الحديث بلغة جمهورية بدل اللغة الأميركية المطلوبة».
ورأت أزولاي أن أوباما برسالته عبر غولدبرغ وجه رسالة بأن نتنياهو يقود إسرائيل إلى الضياع، وأنه لا يكره نتنياهو لكنه لم يعد يبالي به. وأضافت أن «اوباما يزعم منذ زمن بعيد، أمام المقربين منه، انه لا يستطيع ان يصدق كلمة واحدة تخرج من فم نتنياهو»، موضحة أنه «الآن، كما يقول غولدبرغ، يضع اوباما المرآة أمام وجه اسرائيل المتجهة الى صناديق الاقتراع، ويُبين ان نتنياهو هو الشخص الذي لن يهتم بمصلحة اسرائيل، وسينظر إليها كدولة منبوذة، مع إشارات واضحة إلى التمييز العنصري». أما أمنون لورد في «معاريف» فاعتبر أن مخاوف أوباما وتنبؤاته السوداء لا تعبر عن واقع بقدر ما تعبر عن هواجس رئيس يحتقر دولة إسرائيل. وأشار إلى أن الجمهور الإسرائيلي لا يدرك أن «هناك في النخبة الأميركية خط متواصل منذ عشرات السنين من الشكوك حول مستقبل دولة إسرائيل».
وأضاف لورد أنه «في كتاب عن هنري كيسنجر (كيسنجر، 1973 عام الحسم) يكتب المؤرخ البريطاني أليستر هورن أن وزير الخارجية الأسطوري لا يؤمن أن إسرائيل ستبقى حتى منتصف القرن الحالي»، لافتاً إلى أن «عشية الانتخابات الأخيرة نُشر أن كيسنجر يخشى من أن تحالف القوى الإسلامية مع رئاسة جديدة لأوباما سيقصر عمر الدولة اليهودية. وهناك اعتقاد بأن الرئيس جورج بوش الأب لم ينفعل من احتمال زوال إسرائيل».
وشدد داني مرغليت في «إسرائيل اليوم» على أن توقيت نشر كلام أوباما ليس عرضياً، وأن الخبراء لم يستطيعوا تقدير مدى «تأثير كلام اوباما في الناخب العادي في خط التماس بين الليكود وأحزاب الوسط – اليسار الثلاثة». وتابع إنه لذلك «كان منهم من عبر عن يقين بأن التدخل الأميركي سيغضب الرأي العام ويزيد التوجه من الوسط الى اليمين؛ وكان منهم من قال بنفس اللغة الاستعلائية عكس ذلك، وهو أن الناس المعتدلين سيتأثرون ويُذعرون من الكلام المنسوب الى اوباما ويتسربون من الليكود الى شيلي يحيموفيتش (عمل) وتسيبي ليفني ويئير لبيد».
المصدر :
السفير /حلمي موسى
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة