اعتبر الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، أمس، أن مصر في مأزق فظيع مثير للقلق، ولكنه لا يدعو إلى اليأس، مشيراً إلى أن أوروبا مرت بهذه المرحلة بعد الحرب العالمية الثانية.

وقال هيكل، في مقابلة مع الإعلامية لميس الحديدي ضمن برنامج «هنا العاصمة» على قناة «سي بي سي»، إن «الدستور ليس قانوناً، ويجب مشاركة كل أطياف المجتمع، ولا يجب ان تضعه الغالبية أو الأقلية، فهو تنظيم مشترك لحياة كل الطوائف معاً، فإذا غابت الكنيسة والمثقفون والمفكرون فهنا يجب أن نستشعر الخطر»، مشدداً على أن «السرعة ليست مطلوبة في إقرار الدساتير لأنه سيكون بناء بدون أساس كافٍ».

وأضاف «لقد قرأت الدستور، وصدمت من أول مادة فيه، وذلك لطبيعة التاريخ والجغرافيا». وتابع «التصويت على الدستور وإقراره في جلسة واحدة أفزعني، وذلك لأن هذا هو الدستور الذي وضع للمستقبل ليكون دائما للأجيال القادمة»، موضحاً أنه ليس لديه اعتراض على التصويت على الدستور في جلسة واحدة، ولكن تحفظه هو عن الطريقة والأسلوب والمناخ الذي أجري فيه التصويت.

ورأى هيكل أن الشباب بدوا أكثر وضوحا وأكثر إصراراً في رفع مطالبهم، في حين أن الرئيس لم تكن الرؤية واضحة أمامه.

وأعرب هيكل عن أمله أن يقرأ الرئيس محمد مرسي الرسالة التي حملها الشباب عند قصر الاتحادية، لكنه شدد على أنه ضد الهتاف بإسقاط الشرعية، «لأن الشرعية تسقط بالجرائم، ولا تسقط بالأخطاء».

واعتبر هيكل أن مرسي يملك الشرعية، ولا بد أن ينهي مدته الرئاسية. وأضاف «قلنا ارحل كثيرا ويسقط كثيرا»، ولكن العقل يتطلب أن تكون لدينا خطوات أخرى وحلول أخرى غير كلمة «ارحل».

وقال هيكل إن هروب الرئيس من الباب الخلفي رضوخاً لرأي الحرس الجمهوري «مؤشر خطير».

وأضاف هيكل أن المشهد الذي شاهده عند المحكمة الدستورية استدعى أمامه مشهد حرق البرلمان الألماني، مشيرا إلى أن هتلر وصف حرق البرلمان الألماني بأنه أعظم ما حدث، ذلك لأن الحزب النازي لم يحصل على الغالبية المريحة.

وأوضح هيكل، في المقابل، أن «الإخوان» ليسوا النازيين، ولا مرسي هو هتلر، لكن الأزمة أكثر خطورة، لأن بعض الناس يقعون في أخطاء جسيمة مثلما حدث أمام الدستورية، وهو إلغاء لدولة القانون.

واعتبر هيكل أن الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي «ما هو إلا قفزة في الظلام».

ورأى هيكل أن الحوار هو الحل الأول لحالة الاستقطاب الموجودة الآن ولوقف حالة التوتر والحمى في البلاد، مقترحاً تأجيل موعد الاستفتاء على الدستور والرضوخ عن التشبث في القرار.

وأضاف أن «أحداً لا يطلب من الرئيس أن يتراجع عن قراراته، لأن هيبة الرئاسة تمنعه من التراجع، ولكنه مطالب بإيجاد مخارج أكثر، ومنها أن ينقل الشهرين اللذين منحهما للجمعية التأسيسية لإكمال عملها، ليكونا من نصيب الناس لقراءة الدستور، أي منح الشعب مهلة 60 يوما لقراءة الدستور الجديد».

وأشار هيكل إلى أن هناك ضغوطا دولية فاعلة على الأرض لصالح التيار الإسلامي، مشيرا إلى أن رؤية الولايات المتحدة منذ الخمسينيات تدور حول فكرة أن لا حل لهذه الدول سوى الدين، لأن الدين هو القاعدة التي يقوم عليه كل شيء.

وأضاف «جون فوستر دالاس (وزير الخارجية الأميركي الأسبق) قال لي إن المبادئ التي تعيش عليها (هذه الدول) هي الموروث الديني وليس الديموقراطية، وأن مصر أكثر الدول في الشرق الأوسط اعتمادا على الموروث الديني، مستشهداً في ذلك بوجود الأزهر».

ورأى هيكل أن ما يهم الولايات المتحدة في المنطقة هي الأقليات وقضية أمن إسرائيل، مشددا على أن واشنطن لا تعبأ بأفكار الحريات وغيرها. وشدد هيكل على أن نهج الولايات المتحدة هو ألا تصنع بمصر شيئا، وإنما تكتفي بأن توحي إليك بتحريض كل الأطراف ضد بعضها البعض، لتفعل بنفسك أنت أكثر مما يتطلعون إليه.

  • فريق ماسة
  • 2012-12-06
  • 5690
  • من الأرشيف

هيكل: صُدمت عند قراءة أول مادة من الدستور

اعتبر الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، أمس، أن مصر في مأزق فظيع مثير للقلق، ولكنه لا يدعو إلى اليأس، مشيراً إلى أن أوروبا مرت بهذه المرحلة بعد الحرب العالمية الثانية. وقال هيكل، في مقابلة مع الإعلامية لميس الحديدي ضمن برنامج «هنا العاصمة» على قناة «سي بي سي»، إن «الدستور ليس قانوناً، ويجب مشاركة كل أطياف المجتمع، ولا يجب ان تضعه الغالبية أو الأقلية، فهو تنظيم مشترك لحياة كل الطوائف معاً، فإذا غابت الكنيسة والمثقفون والمفكرون فهنا يجب أن نستشعر الخطر»، مشدداً على أن «السرعة ليست مطلوبة في إقرار الدساتير لأنه سيكون بناء بدون أساس كافٍ». وأضاف «لقد قرأت الدستور، وصدمت من أول مادة فيه، وذلك لطبيعة التاريخ والجغرافيا». وتابع «التصويت على الدستور وإقراره في جلسة واحدة أفزعني، وذلك لأن هذا هو الدستور الذي وضع للمستقبل ليكون دائما للأجيال القادمة»، موضحاً أنه ليس لديه اعتراض على التصويت على الدستور في جلسة واحدة، ولكن تحفظه هو عن الطريقة والأسلوب والمناخ الذي أجري فيه التصويت. ورأى هيكل أن الشباب بدوا أكثر وضوحا وأكثر إصراراً في رفع مطالبهم، في حين أن الرئيس لم تكن الرؤية واضحة أمامه. وأعرب هيكل عن أمله أن يقرأ الرئيس محمد مرسي الرسالة التي حملها الشباب عند قصر الاتحادية، لكنه شدد على أنه ضد الهتاف بإسقاط الشرعية، «لأن الشرعية تسقط بالجرائم، ولا تسقط بالأخطاء». واعتبر هيكل أن مرسي يملك الشرعية، ولا بد أن ينهي مدته الرئاسية. وأضاف «قلنا ارحل كثيرا ويسقط كثيرا»، ولكن العقل يتطلب أن تكون لدينا خطوات أخرى وحلول أخرى غير كلمة «ارحل». وقال هيكل إن هروب الرئيس من الباب الخلفي رضوخاً لرأي الحرس الجمهوري «مؤشر خطير». وأضاف هيكل أن المشهد الذي شاهده عند المحكمة الدستورية استدعى أمامه مشهد حرق البرلمان الألماني، مشيرا إلى أن هتلر وصف حرق البرلمان الألماني بأنه أعظم ما حدث، ذلك لأن الحزب النازي لم يحصل على الغالبية المريحة. وأوضح هيكل، في المقابل، أن «الإخوان» ليسوا النازيين، ولا مرسي هو هتلر، لكن الأزمة أكثر خطورة، لأن بعض الناس يقعون في أخطاء جسيمة مثلما حدث أمام الدستورية، وهو إلغاء لدولة القانون. واعتبر هيكل أن الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي «ما هو إلا قفزة في الظلام». ورأى هيكل أن الحوار هو الحل الأول لحالة الاستقطاب الموجودة الآن ولوقف حالة التوتر والحمى في البلاد، مقترحاً تأجيل موعد الاستفتاء على الدستور والرضوخ عن التشبث في القرار. وأضاف أن «أحداً لا يطلب من الرئيس أن يتراجع عن قراراته، لأن هيبة الرئاسة تمنعه من التراجع، ولكنه مطالب بإيجاد مخارج أكثر، ومنها أن ينقل الشهرين اللذين منحهما للجمعية التأسيسية لإكمال عملها، ليكونا من نصيب الناس لقراءة الدستور، أي منح الشعب مهلة 60 يوما لقراءة الدستور الجديد». وأشار هيكل إلى أن هناك ضغوطا دولية فاعلة على الأرض لصالح التيار الإسلامي، مشيرا إلى أن رؤية الولايات المتحدة منذ الخمسينيات تدور حول فكرة أن لا حل لهذه الدول سوى الدين، لأن الدين هو القاعدة التي يقوم عليه كل شيء. وأضاف «جون فوستر دالاس (وزير الخارجية الأميركي الأسبق) قال لي إن المبادئ التي تعيش عليها (هذه الدول) هي الموروث الديني وليس الديموقراطية، وأن مصر أكثر الدول في الشرق الأوسط اعتمادا على الموروث الديني، مستشهداً في ذلك بوجود الأزهر». ورأى هيكل أن ما يهم الولايات المتحدة في المنطقة هي الأقليات وقضية أمن إسرائيل، مشددا على أن واشنطن لا تعبأ بأفكار الحريات وغيرها. وشدد هيكل على أن نهج الولايات المتحدة هو ألا تصنع بمصر شيئا، وإنما تكتفي بأن توحي إليك بتحريض كل الأطراف ضد بعضها البعض، لتفعل بنفسك أنت أكثر مما يتطلعون إليه.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة