دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بكل أدب وحب نقول للشيخ القرضاوي، أننا تعلمنا منه فقه التسامح والتعايش حتى مع الكفّار والمشركين، وبكل أدب نذكّره بأن ما تنطق به شفتاه (للأسف الشديد) يكاد يكون وحيا يوحى عند العوام، وإذا كنا لانخشى على الناس من فقه وعلم وإخلاص الشيخ القرضاوي، فإننا نعتقد أن السياسة الدولية مجال آخر له رجاله وفرسانه، يتفقون ويختلفون ولا خوف على عقائد الناس مما يقولون.
تابعت خطبة الشيخ القرضاوي الأخيرة، وهو يثني على أمير قطر ويشكره على مساعدته لسكان غزة خلال القصف، ثم أثنى على الرئيس المصري محمد مرسي، وشكره على ما بذله لوقف إطلاق النار، وأثنى الشيخ على تركيا وشكر أردوغان على جهوده لصالح فلسطين، وانتهت هنا قائمة الشيخ التي تضم المساهمين والشركاء في انتصار غزة..
وكم أحسست بمرارة في الحلق والشيخ يغفل الدور الإيراني في دعم فلسطين وفك الحصار عن غزة..
إذا كان مرسي هو من حقّق الهدنة وقطر هي من أرسلت المساعدات وتركيا من تكفّل بالجرحى والمعدات الطبية، فإن إيران هي التي صنعت تلك الصواريخ التي أرعبت الكيان الصهيوني وهربتها إلى قطاع غزة، وأجبرت الرعب على تغيير موقعه من القطاع إلى تل أبيب.
إيران هي التي كان لها الفضل في تركيب كل المعدات العسكرية التي حصلت عليها المقاومة بطريقة أو أخرى عبر الأنفاق..
إيران هي المستهدف الرئيسي من قصف إسرائيل لمصنع اليرموك بالسودان، الذي يشتغل فيه خبراء إيرانيون، وحتى الذين يزايدون على إيران في دعم المقاومة، يفهمون هذا الدعم على أنه استعراض إعلامي كالذي قام به أمير قطر في غزة ونقلته كاميرات العالم كله حتى كاميرات إسرائيل!
ثم أيام فقط بعد ذلك هدمت صواريخ العدو ضعف أضعاف ما قدمه الأمير من مساعدات.
أما إيران فدعمها للمقاومة لا يمكن أن يكون على طريقة "جوّع الكلب يتبعك" التي تعمل بها بعض الدول لإذلال رجال المقاومة وابتزازهم وثنيهم عن مشروع التحرير الذي لا يمر سوى على قوافل الشهداء.
كنا نتمنى من الشيخ القرضاوي أن يفرّق بين الدولة الفقهية الشيعية في إيران، والدور السياسي الذي يلعبه الإيرانيون في الدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية، وفي مقدمتهاالقضية الفلسطينية.
صحيح أن البعض ينظر إلى دعم إيران لبشار الأسد، على أنه ينسخ كل مواقف الدعم الإيراني للمقاومة، وحتى في هذه من حق إيران علينا أن نتأمل في مخاطر التحدي الإقليمي لسقوط نظام الأسد (على جرائمه)، خاصة وأن المجلس الانتقالي تشكله بالدرجة الأولى تجاذبات محاور الدول الكبرى قبل كل شيء، وتحدده الأموال القطرية والنفوذ الأمريكي، قبل أن يحدده الشعب السوري المغبون في الداخل..
علينا الاعتراف أن السلاح الإيراني هو الذي يصنع الفارق و يرفع هاماتنا إلى السماء مع كل عدوان على غزة، وهذه الحقيقة قالتها كتائب المقاومة التي شكرت إيران قبل أن تشكر مرسي وأمير قطر وأردوغان!
كتائب المقاومة وحدها من يدرك قيمة إيران في الصراع مع إسرائيل، وإطلالة حسن نصر الله، أيام العدوان كانت أشد إيلاما للصهاينة من المال القطري الذي يصرف على عائلات الشهداء ويصرف أيضا على الجنود الأمريكان في قاعدة العيديد الجوية ومعسكر السيلية وربما حتى على عائلاتهم!!
علينا إذن التفريق بين خلافاتنا المذهبية مع إيران، والاعتراف لها أنها الشرف الإسلامي الوحيد الذي يمكن أن يرعب الصهاينة، ويجعلهم يتدافعون مثل الجرذان نحو أقبية العمارات، بينما الكثير من قادة الدول التي تمول ما يسمى بالربيع العربي، يقضون عطلتهم الصيفية في أحضان حسناء الاستخبارات الإسرائيلية، التي مرّغت أنوف شخصيات كبيرة كنّا نظن أنها من كبار المفاوضين من أجل القضية الفلسطينية فوجدناهم أكثر الذين خانوا قضيتهم.
المصدر :
محمد يعقوب\موقع الشروق اون لاين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة