دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لا شيء في جعبة المبعوث الدولي والعربي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي إلى دمشق غدا. المبعوث العائد صفر اليدين من جولة عربية ودولية، لا يملك حتى ما ينفذ به ما بات خطته الوحيدة: هدنة في عيد الأضحى.
وكان الإبراهيمي صريحا في عمان في التعبير عن انعدام أي آلية لتنفيذ الهدنة، وان على السوريين أن يوقفوا القتال، وان يراقبوا الهدنة بأنفسهم و«انه في حال تم وقف القتال وتنفيذ هذه الهدنة اعتقد أننا سنستطيع أن نبني عليها هدنة حقيقية لوقف إطلاق النار، ولعملية سياسية تساعد السوريين على حل مشاكلهم وإعادة بناء سوريا الجديدة التي يتطلع إليها شعبها».
لكن مصادر ديبلوماسية غربية قالت لـ«السفير» إن الدائرة السياسية في الأمم المتحدة بدأت جولة اتصالات لإنشاء قوة مراقبة لوقف إطلاق النار في سورية. اتصالات قام بها في الأيام الأخيرة الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان.
وبالرغم من نفي الإبراهيمي قبل أيام وجود خطة لإرسال قوة فصل دولية إلى سورية، إلا أن الاتصالات التي قام بها فيلتمان، وبحسب المصادر الديبلوماسية الغربية، تهدف إلى جس نبض بعض البلدان ومعرفة مدى استعدادها للمشاركة في قوة مشابهة لقوة الطوارئ الدولية التي تمركزت في الجنوب اللبناني حتى تموز العام 2006، وترسل إلى سورية، من دون أن تتحدد تماما طبيعة المهمة حتى الآن، ولا عدد الجنود الذين يمكن الاستعانة بهم لتنفيذ هذه المهمة، علما أن الأرقام تحدثت عن ثلاثة آلاف جندي.
وقال المصدر الديبلوماسي إن المساعي تجري مع بلدان محايدة من خارج تجمعات «أصدقاء سوريا» أو البلدان التي تدعم المعارضة المسلحة بشكل خاص، ومن بلدان يمكن أن توافق دمشق، وبرعاية روسية، على انتشارهم فوق أراضيها. وقال الديبلوماسي الغربي إن 3 سيناريوهات تجري دراستها لإرسال قوة تشرف على وقف لإطلاق النار في سورية، لكنها جميعا تتقاطع عند نقطة واحدة: عدم إرسالها تحت الفصل السابع، لأن الطرف الروسي لن يوافق عليها بأي حال.
ويتضمن السيناريو الأول الذي تجري دراسته إعادة إحياء قوة مراقبي وقف إطلاق نار غير مسلحة كتلك التي قادها الجنرال النروجي روبرت مود، قبل أن تتوقف عن عملها في تموز الماضي، فيما يتضمن السيناريو الثاني إنشاء قوة شبيهة بقوة الطوارئ الدولية في جنوب لبنان محدودة السلاح مع صلاحيات للدفاع عن النفس. أما السيناريو الثالث فيتضمن إرسال قوات أفضل تسليحا قادرة على التدخل. والأرجح أن يصطدم الإبراهيمي في رغبته بتنظيم الحوار والعملية السياسية بخلافات قطرية وسعودية على استضافة أي مؤتمر سوري للحوار. وقال الديبلوماسي إن أي حوار لن يجري في سورية، وان الإبراهيمي قد سأل المسؤولين السعوديين عن إمكانية استقبال مؤتمر مشابه لمؤتمر الطائف.
وفي زيارته الدمشقية، تستند مشاورات الإبراهيمي غدا السبت إلى خريطة سياسية قامت البعثة التي أنزلها العاصمة السورية، بجمع معطياتها خلال شهر من الاتصالات، شملت المعارضات الداخلية والخارجية، السياسية والمسلحة، بالإضافة إلى ما تبقى من قوى المجتمع المدني السوري، وبطبيعة الحال النظام السوري وأركانه.
وأفضى مصدر ديبلوماسي عربي في دمشق بحصيلة جولاته ولقاءاته التي حاول عبرها فهم الصراع في سورية. وقال إن الانطباع الأول عن اللقاءات مع السوريين وناشطين ومواطنين هو انتشار حالة من التعب الواسع بين المواطنين، بسبب تردي الأحوال المعيشية والاقتصادية والأمنية قبل كل شيء، ولكن التعب والإرهاق لا يشملان النظام ولا المعارضة المسلحة، اللذان يفيضان حيوية وتصميما، كما يبدو للديبلوماسي العربي، لمواصلة القتال: في الحكومة هناك من يقول هؤلاء إرهابيون ينبغي القضاء عليهم، والبعض الآخر يقول مع ذلك إنهم سوريون. أما في صفوف المعارضة المسلحة فلا شيء يمكن التحدث حوله مع الحكومة.
ويستضيف المشهد السوري «قاعدة» من نوع مختلف عما خبره الديبلوماسي العربي في أماكن أخرى كالعراق أو أفغانستان، حيث الطقس السائد أن يعقب خطف الرهينة قتلها. «القاعدة» السورية استحدثت الخطف وطلب الفدى، وهذا يعود بشكل خاص إلى غلبة العناصر المحلية الجهادية على القادمين من الجهاد العراقي والأفغاني، مع خصوصيات نشوء اقتصاد الحرب المحلية، مع «تقديري أن الاستخبارات السورية تعرف الكثير عن عناصر القاعدة وجبهة النصرة وتخترق صفوفها. وأكثر ما يخيفني هنا في سوريا، ويعقد مهمتنا ليس وجود جبهة النصرة في بلاد الشام فحسب، وإنما تكاثر المقاتلين في تنظيم قريب منها جدا هو كتائب أحرار الشام. وهؤلاء سلفيون سوريون. ومن اليسير على القاعدة أن تجند الكثير منهم، وهي المياه الأولى التي يصيدون فيها. رغم أني سمعت عن تردد زعمائهم في الالتحاق بالقاعدة. إلى أي حد ستغري جبهة النصرة مقاتلي كتائب أحرار الشام؟، بأي مبالغ وبأي تمويل ستعمل القاعدة في سوريا؟، أسئلة كثيرة لا تزال من دون إجابات».
وأضاف الديبلوماسي «المتطوعون الجهاديون في سورية مقتنعون أن أكثرية السوريين تقف إلى جانبهم، لذا يرفض الجهاديون الانضواء في صفوف مايسمى" الجيش الحر" ويؤمنون أنهم يمثلون الأكثرية الإيديولوجية في سوريا. الأطراف جميعها في سورية مقتنعة أن أكثرية الشعب السوري من النظام والمعارضة على السواء، معها، والكل يتحدث إلينا باسم الشعب السوري. إن مستوى التحليل السياسي لدى المعارضة، متواضع بشكل عام وتغلب عليهم انفعالاتهم. لا احد من معارضي الخارج يحظى باحترام حقيقي لدى من نلتقي بهم من السوريين باستثناء هيثم مناع. المجلس الوطني السوري؟ كل الذين التقيت بهم أجمعوا على القول إنها عصابة».
الأخوان المسلمون؟ «الإخوان السوريون بخلاف أقرانهم المصريين يحتفظون بعلاقات جيدة مع السعودية التي لجأ كثر منهم إليها بعد محنتهم الكبرى في الثمانينات». ويتابع «في ليبيا مثلا مول القطريون الإخوان المسلمين، ومولت السعودية الجماعات السلفية. الوضع كما لمسناه في سورية مختلف. السعودية تمول الإخوان المسلمين، ولكنها تقوم بتمويل الجماعات السلفية بشكل خاص، ويبدو لي أن هدفها الأول هو إضعاف إيران. لا يدفع السعوديون لأي جماعة علمانية. كل العمليات المسلحة التي يمولونها تحمل أسماء دينية، باستثناء كتائب أحرار الشام، ويمولون صقور الشام، وكتائب الفاروق وغيرها».
الديبلوماسي العربي التقى مسؤولين من "الإخوان المسلمين"، موضحا «التقيت في حلب بمسؤول من جماعة الإخوان المسلمين، اعترف لي بأن في صفوف المقاتلين في حلب من هو قريب من القاعدة. وهناك لصوص ينتهزون انتشار الفوضى للنهب. سألته بكم تقدر عدد القاعديين؟ قلة قد لا تتجاوز الـ300 مقاتل من أصل 16000 ينتشرون في حلب وريفها. لكنه رقم كبير. والمسؤول سلفي درس في المدينة المنورة، قال إنه يعمل مع ضباط منشقين في حلب. وسألت نفسي بعد المقابلة ما إذا كان هؤلاء سينقلبون إلى جماعات تسيطر عليها القاعدة كليا كما حدث في العراق؟. في العراق ما أن تجذرت القاعدة حتى اقامت مجلس شورى المجاهدين، وأقامت جماعتين، واحدة للعراقيين وأخرى للقاعدة في بلاد الرافدين ووضعت جميع العمليات تحت إمرتها، بعد أن وحدت مصادر التمويل».
«قيل إن 75 في المئة من قوات الجيش السوري لم تدخل ساحة المعارك، وأنها احتياط لمعارك أخرى. . ولم يحدث حتى الآن أن انشقت وحدة عسكرية بأكملها ».
ويوضح الديبلوماسي إن الخريطة السياسية التي سيكون على الإبراهيمي التعامل معها معقدة جدا، ويقول «هناك تداخل وتنافر بين المحلي والإقليمي والدولي، بين السعودي والقطري والغربي والإيراني والإسرائيلي، ومعارضة الخارج والداخل. كيف يمكن التعامل معها ورسم خريطة واضحة للأزمة؟ والمهمة التي نتولاها لن تتقدم إلا إذا حصلنا على دعم جماعي، أما انحياز الأفراد إلينا فليس فعالا. أكثر ما استغربته في التعاطي مع الأزمة السورية هو سيطرة الانفعالات على المسؤولين الذين التقيتهم في نيويورك والأمم المتحدة، في مقاربتهم لما يجري في سورية. قراراتهم اكثرها رد فعل انفعالي، وليس في حالة فعل».
وحول ما إذا كان يوجد توافق عربي ـ غربي على إنجاح مهمة الإبراهيمي، يوضح «في اللقاءات مع رئيس الوزراء القطري، في القاهرة بشكل خاص، قدم حمد بن جاسم أمام الأخضر الإبراهيمي خطابا مشككا يمكن تلخيصه: ينبغي منح الإبراهيمي بضعة أسابيع، وأنا على قناعة أنه لن ينجح. الأوروبيون سيدعمون عندها خطة لإقامة منطقة حظر جوي ومنطقة آمنة، لا اعرف من أين أتى بهذا التحليل».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة