أشعل حصول الاتحاد الأوروبي على جائزة نوبل للسلام موجة من الانتقادات في الأوساط الأوروبية وصلت في بعض الاحيان إلى حد السخرية والاستغراب الشديد من توقيت هذه الجائزة والجهة التي حصلت عليها فلم يعد يخفى على احد ما تمر به القارة العجوز من اضطرابات اجتماعية واقتصادية عميقة وخطرة تتفاقم لحظة بلحظة وسط تخبط السياسيين والمسؤولين الأوروبيين ومحاولاتهم الفاشلة في حفظ ماء وجه التكتل الاوروبي دون جدوى.

ولم تقتصر الانتقادات التي اثارتها هذه الجائزة على معارضي الاتحاد الأوروبي والسياسيين المشككين بنهجه فقد وجدت الصحف الأوروبية والبريطانية على وجه الخصوص هذه الجائزة فرصة لا تفوت للسخرية من الاتحاد وتوجيه انتقادات لاذعة للجنة النرويجية التي منحت هذه الجائزة في أحلك الأوقات التي تمر بها أوروبا.

وغصت الصحف البريطانية عقب الاعلان عن فوز الاتحاد الأوروبي بجائزة نوبل للسلام بعناوين ساخرة منها ما أوردته صحيفة ديلي ميل البريطانية تحت عنوان "هذه الجائزة اهانة للديمقراطية" تساءلت فيه عن سبب تقديم هذه الجائزة وتوقيتها في الوقت الذي تعاني فيه معظم دول الاتحاد الأوروبي من اضطرابات بالغة الخطورة من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية ففي اليونان واجهت الشرطة حشود المحتجين على سياسات التقشف المالية وزيارة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل للبلاد التي يحملونها مسؤولية انهيار حياتهم بقنابل صوتية وغازات مسيلة للدموع.

وسخرت الصحيفة من تتويج الاتحاد الأوروبي بجائزة نوبل للسلام الذي جاء في وقت ارتفعت فيه معدلات البطالة في اليونان إلى نسبة قياسية بلغت 25 بالمئة مع تقلص الاقتصاد للسنة الثالثة على التوالي في حين تعاني اسبانيا التي تقف بدورها على حافة السقوط في دوامة القروض المالية من مشكلات لا تعرف لها حلا وتقترب من الدخول في تجربة يونانية اخرى لكنها ستكون مترافقة بمخاطر انقسام البلاد مع ما يصدره اقليم كاتالونيا باعلان انفصاله عن اسبانيا في محاولة لتخليص نفسه والنجاة من الركود الاقتصادي القاتل.

وقالت الصحيفة إن الفكرة القائلة بان الاتحاد الأوروبي ساعد في الحفاظ على السلام ليست صحيحة الا فيما يتعلق بالحفاظ على المصالح الألمانية اما الحقيقة القاسية والتي يرفض المسؤولون والطبقات الحاكمة الاعتراف بها او قبولها هي ان الهوس الأوروبي بالحفاظ على عملة اليورو المليئة بالعيوب وهذا ما يغذي نزعة التطرف في أوروبا ويخلق تهديدا حقيقيا للسلام.

وأضافت الصحيفة ان فوز الاتحاد الاوروبي بهذه الجائزة يثير القشعريرة والاسوأ من ذلك هو ان تنظر قيادة الاتحاد إلى هذه الجائزة على انها تشجيع للمضي قدما ومتابعة السياسات ذاتها المعادية للديمقراطية التي تجلب البؤس الحقيقي.

من جهتها اعتبرت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية قرار اللجنة المسؤولة عن منح جائزة نوبل للسلام ابعد ما يكون عن المجال الدبلوماسي بل رأت انه أقرب إلى الكوميديا.

وقالت الصحيفة إن اللجنة وضعت اصبعها وعن طريق الخطأ على الخلل والعيب الأكبر الذي يعاني منه الاتحاد الأوروبي ويهدد جميع انجازاته ففكرة الاتحاد او المشروع الأوروبي بشكل عام ليست مسألة مطروحة للنقاش بل هي فكرة مقدسة وأي رأي او فكرة تشجع على تقريب دول الاتحاد من بعضها توصف بانها فكرة حكيمة وسديدة حتى لو لم تكن تحمل في طياتها سوى الأذى والضرر في حين ان الانتقادات لا تواجه الرفض فحسب بل توصف بالخبيثة والظالمة.

وأضافت الصحيفة ان اللجنة رأت ان أوروبا تحولت على مدى نصف القرن الماضي من قارة حرب الى قارة سلام لكن الامر المثير للسخرية هو ان الازدهار الذي نعمت به القارة العجوز بفضل الروابط التجارية الوثيقة بين دول الاتحاد الأوروبي كان السبب ذاته في اثارة اعمال الشغب في اسبانيا والاحتجاجات في ايطاليا وصعود حركات اليمين المتطرف في اليونان.

ورأت الصحيفة ان المشروع الأوروبي نفسه يرهق خزائن القارة من اجل دعم اتحاد العملة المتداعية.

 

وفي هذا السياق قالت صحيفة الغارديان البريطانية ان توقيت جائزة نوبل للسلام التي فاز بها الاتحاد الأوروبي مثير للاستغراب اذ ان طرح عملة اليورو حول الاتحاد الأوروبي من مؤسسة تستخدم التكامل الاقتصادي من اجل تعزيز السلام إلى مؤسسة تضحي بهذا السلام في سبيل اقتصادات السوق الحرة.

وأضافت الصحيفة ان مكافأة الاتحاد الأوروبي عن انجازاته السابقة تأتي في اللحظة التي تدفع بها سياسات هذا التكتل إلى نشوب نزاعات مدنية.

وتابعت الصحيفة ان المشروع الأوروبي لم يكن مثاليا ابدا فكان الدور الذي لعبته دول الاتحاد الأوروبي كل بمفردها في العالم بعيدا كل البعد عن الدور السلمي وقد الحقت نزعة الحماية في أوروبا أضرارا كبيرة بمصالح العالم النامي.

وقالت الصحيفة.. إن الاتحاد الأوروبي لن يحصل على جائزة للديمقراطية الداخلية فمنذ عام 2008 حولت عملة اليورو الكارثية الاتحاد الأوروبي إلى مصدر للنزاع والعنف.

ولم تسلم اللجنة النرويجية المعنية بجائزة السلام لعام 2012 من انتقادات الساسة الأوروبيين والنرويجيين حتى الذين اعترضوا على منح الاتحاد الأوروبي هذه الجائزة بالنظر إلى سياساته التي فاقمت تداعيات الأزمة المالية واخرجت آلاف المحتجين إلى الشوارع.

وقد وصفت كريستي ستورويستن المتحدثة باسم منظمة لا للاتحاد الأوروبي جائزة هذا العام بانها سخف مطلق مؤكدة انه ليس للاتحاد الأوروبي انجاز كبير فى مجال السلام.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2012-10-13
  • 11960
  • من الأرشيف

صحف بريطانية وأوروبية تسخر من حصول الاتحاد الأوروبي على جائزة نوبل للسلام

أشعل حصول الاتحاد الأوروبي على جائزة نوبل للسلام موجة من الانتقادات في الأوساط الأوروبية وصلت في بعض الاحيان إلى حد السخرية والاستغراب الشديد من توقيت هذه الجائزة والجهة التي حصلت عليها فلم يعد يخفى على احد ما تمر به القارة العجوز من اضطرابات اجتماعية واقتصادية عميقة وخطرة تتفاقم لحظة بلحظة وسط تخبط السياسيين والمسؤولين الأوروبيين ومحاولاتهم الفاشلة في حفظ ماء وجه التكتل الاوروبي دون جدوى. ولم تقتصر الانتقادات التي اثارتها هذه الجائزة على معارضي الاتحاد الأوروبي والسياسيين المشككين بنهجه فقد وجدت الصحف الأوروبية والبريطانية على وجه الخصوص هذه الجائزة فرصة لا تفوت للسخرية من الاتحاد وتوجيه انتقادات لاذعة للجنة النرويجية التي منحت هذه الجائزة في أحلك الأوقات التي تمر بها أوروبا. وغصت الصحف البريطانية عقب الاعلان عن فوز الاتحاد الأوروبي بجائزة نوبل للسلام بعناوين ساخرة منها ما أوردته صحيفة ديلي ميل البريطانية تحت عنوان "هذه الجائزة اهانة للديمقراطية" تساءلت فيه عن سبب تقديم هذه الجائزة وتوقيتها في الوقت الذي تعاني فيه معظم دول الاتحاد الأوروبي من اضطرابات بالغة الخطورة من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية ففي اليونان واجهت الشرطة حشود المحتجين على سياسات التقشف المالية وزيارة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل للبلاد التي يحملونها مسؤولية انهيار حياتهم بقنابل صوتية وغازات مسيلة للدموع. وسخرت الصحيفة من تتويج الاتحاد الأوروبي بجائزة نوبل للسلام الذي جاء في وقت ارتفعت فيه معدلات البطالة في اليونان إلى نسبة قياسية بلغت 25 بالمئة مع تقلص الاقتصاد للسنة الثالثة على التوالي في حين تعاني اسبانيا التي تقف بدورها على حافة السقوط في دوامة القروض المالية من مشكلات لا تعرف لها حلا وتقترب من الدخول في تجربة يونانية اخرى لكنها ستكون مترافقة بمخاطر انقسام البلاد مع ما يصدره اقليم كاتالونيا باعلان انفصاله عن اسبانيا في محاولة لتخليص نفسه والنجاة من الركود الاقتصادي القاتل. وقالت الصحيفة إن الفكرة القائلة بان الاتحاد الأوروبي ساعد في الحفاظ على السلام ليست صحيحة الا فيما يتعلق بالحفاظ على المصالح الألمانية اما الحقيقة القاسية والتي يرفض المسؤولون والطبقات الحاكمة الاعتراف بها او قبولها هي ان الهوس الأوروبي بالحفاظ على عملة اليورو المليئة بالعيوب وهذا ما يغذي نزعة التطرف في أوروبا ويخلق تهديدا حقيقيا للسلام. وأضافت الصحيفة ان فوز الاتحاد الاوروبي بهذه الجائزة يثير القشعريرة والاسوأ من ذلك هو ان تنظر قيادة الاتحاد إلى هذه الجائزة على انها تشجيع للمضي قدما ومتابعة السياسات ذاتها المعادية للديمقراطية التي تجلب البؤس الحقيقي. من جهتها اعتبرت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية قرار اللجنة المسؤولة عن منح جائزة نوبل للسلام ابعد ما يكون عن المجال الدبلوماسي بل رأت انه أقرب إلى الكوميديا. وقالت الصحيفة إن اللجنة وضعت اصبعها وعن طريق الخطأ على الخلل والعيب الأكبر الذي يعاني منه الاتحاد الأوروبي ويهدد جميع انجازاته ففكرة الاتحاد او المشروع الأوروبي بشكل عام ليست مسألة مطروحة للنقاش بل هي فكرة مقدسة وأي رأي او فكرة تشجع على تقريب دول الاتحاد من بعضها توصف بانها فكرة حكيمة وسديدة حتى لو لم تكن تحمل في طياتها سوى الأذى والضرر في حين ان الانتقادات لا تواجه الرفض فحسب بل توصف بالخبيثة والظالمة. وأضافت الصحيفة ان اللجنة رأت ان أوروبا تحولت على مدى نصف القرن الماضي من قارة حرب الى قارة سلام لكن الامر المثير للسخرية هو ان الازدهار الذي نعمت به القارة العجوز بفضل الروابط التجارية الوثيقة بين دول الاتحاد الأوروبي كان السبب ذاته في اثارة اعمال الشغب في اسبانيا والاحتجاجات في ايطاليا وصعود حركات اليمين المتطرف في اليونان. ورأت الصحيفة ان المشروع الأوروبي نفسه يرهق خزائن القارة من اجل دعم اتحاد العملة المتداعية.   وفي هذا السياق قالت صحيفة الغارديان البريطانية ان توقيت جائزة نوبل للسلام التي فاز بها الاتحاد الأوروبي مثير للاستغراب اذ ان طرح عملة اليورو حول الاتحاد الأوروبي من مؤسسة تستخدم التكامل الاقتصادي من اجل تعزيز السلام إلى مؤسسة تضحي بهذا السلام في سبيل اقتصادات السوق الحرة. وأضافت الصحيفة ان مكافأة الاتحاد الأوروبي عن انجازاته السابقة تأتي في اللحظة التي تدفع بها سياسات هذا التكتل إلى نشوب نزاعات مدنية. وتابعت الصحيفة ان المشروع الأوروبي لم يكن مثاليا ابدا فكان الدور الذي لعبته دول الاتحاد الأوروبي كل بمفردها في العالم بعيدا كل البعد عن الدور السلمي وقد الحقت نزعة الحماية في أوروبا أضرارا كبيرة بمصالح العالم النامي. وقالت الصحيفة.. إن الاتحاد الأوروبي لن يحصل على جائزة للديمقراطية الداخلية فمنذ عام 2008 حولت عملة اليورو الكارثية الاتحاد الأوروبي إلى مصدر للنزاع والعنف. ولم تسلم اللجنة النرويجية المعنية بجائزة السلام لعام 2012 من انتقادات الساسة الأوروبيين والنرويجيين حتى الذين اعترضوا على منح الاتحاد الأوروبي هذه الجائزة بالنظر إلى سياساته التي فاقمت تداعيات الأزمة المالية واخرجت آلاف المحتجين إلى الشوارع. وقد وصفت كريستي ستورويستن المتحدثة باسم منظمة لا للاتحاد الأوروبي جائزة هذا العام بانها سخف مطلق مؤكدة انه ليس للاتحاد الأوروبي انجاز كبير فى مجال السلام.    

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة