بعد خمس سنوات في مسيرته الانتخابية وحملتين رئاسيتين، قبل المرشح الرئاسي ميت رومني رسمياً أمس ترشيح الحزب الجمهوري، باعتباره أول أميركي من طائفة «المورمون» يلامس طموحات البيت الأبيض، في خطاب روى فيه سيرته الذاتية للأميركيين وانتقد سياسات منافسه الرئيس باراك اوباما مستعيداً لغة «الحرب الباردة» مع روسيا.

شرح رومني في خطاب دام 45 دقيقة قضيتين مثيرتين للجدل في حياته هما انتماؤه الى طائفة «المورمون» ومسيرته المهنية في تأسيس شركة «باين كابيتال» للاستثمار التي ساهمت في صناعة ثروته التي تعادل ضعف كل ثروات الرؤساء الاميركيين منذ ريتشارد نيكسون. لم يتطرق بشكل مباشر الى افغانستان او العراق او «الربيع العربي»، بل ركز على انتقاد منافسه الديموقراطي، معتبراً أن بعد شعار «الأمل والتغيير...الرئيس خيّب أمل أميركا لأنه لم يقد أميركا في الاتجاه الصحيح»، وأنه تولى هذا المنصب بدون «مؤهلات أساسية» ولم يكن لديه «اي خبرة في العمل بالتجارة. الوظائف بالنسبة له تتعلق بالحكومة». وأضاف «اميركا قد صبرت. الأميركيون دعموا الرئيس بنية طيبة. لكن اليوم الوقت حان لطي الصفحة».

وبعد التنويه بقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، انتقد رومني إدارة اوباما على قرارها التحاور مع إيران وتساهلها في التعامل مع موسكو قائلاً «في ظل إدارتي، سيرى أصدقاؤنا المزيد من الوفاء، والسيد (فلاديمير) بوتين سيرى مرونة أقل والمزيد من العزيمة». وختم رومني قائلاً «إذا تم انتخابي رئيساً للولايات المتحدة، سأعمل بكل طاقتي وروحي لاستعادة اميركا، لنرفع عيوننا نحو مستقبل أفضل».

وردت موسكو على لسان المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ديمتري بيسكوف الذي قال إن «موسكو وواشنطن شددتا مراراً وعلى مستويات شتى... على أنه من غير المقبول ان تصبح العلاقات الثنائية ضحية ورهينة للمعارك الانتخابية». وأضاف «نحن مقتنعون ان هذا الأمر ليس جيداً. نحن نعرف وجهة النظر الرسمية لواشنطن». وتابع قائلاً «كما سبق له أن قال في مناسبات عدة، إن رئيس الدولة سعى وسيسعى في المستقبل الى تطوير العلاقات الروسية ـ الأميركية».

مدير حملة اوباما جيم ميسينا رد أيضاً على خطاب رومني معتبراً انه كان مليئاً «بالكثير من الهجمات الشخصية والابتذال الرقيق، لكن بدون أفكار ملموسة حول المضي بالبلد قدماً»، وختم قائلاً «بدون خطط جديدة وتهرب من الخطط الحقيقية، لا يغادر ميت رومني المؤتمر أقوى مما أتى إليه».

كان هناك ايضاً في اليوم الأخير لمؤتمر الجمهوريين في مدينة تامبا في ولاية فلوريدا خطابات بارزة لنجوم جدد في الحزب، مثل السيناتور من أصل كوبي ماركو روبيو الذي قال «مشكلتنا مع الرئيس اوباما ليس لأنه شخص سيئ. مشكلتنا انه رئيس سيئ». كما تجرأ أحد القيادات الجمهورية في الدفاع عن الرئيس الأسبق جورج بوش، وكان شقيقه حاكم فلوريدا الأسبق جيب بوش الذي قال في بداية كلمته «إنه رجل نزاهة وشجاعة وشرف. وخلال اوقات صعبة بشكل لا يصدق، حافظ على أمننا. لذلك سيدي الرئيس، حان وقت وقف لوم سلفك على سياساتك الاقتصادية الفاشلة. لقد أعطيت وضعاً صعباً لكن سياساتك لم تنجح».

اللحظة المأساوية في اليوم الأخير كانت كلمة الممثل الاميركي المخضرم كلينت إيستوود التي كانت مرتجلة بحيث تلاسن على المسرح مع كرسي فارغ على افتراض أن اوباما يجلس الى جانبه، وقال عن نائب الرئيس جو بايدن «نعلم جميعاً أن بايدن هو المفكر في الحزب الديموقراطي. إنه مجرد ابتسامة مع جسد وراءها». وكان هذا المشهد اول ما رآه الاميركيون في بداية لحظة الذروة في تغطية الاعلام الاميركي بدلاً من شريط فيديو عن عائلة رومني.

اوباما رد على مشهد إيستوود والكرسي الفارغ عبر «تويتر» بصورة وهو يجلس في البيت الابيض كتب تحتها «المقعد محجوز». وكان واضحاً ارتباك حملة رومني في التعامل مع تداعيات الأداء الغريب لضيف المفاجأة، الذي خطف الأضواء قليلاً من خطاب رومني وكان خطأ إضافياً لمنظمي المؤتمر.

الاستراتيجية الجمهورية كانت في تجنب الهجوم الشخصي على اوباما بل ترك هذا الأمر للإعلانات الدعائية التي تبثها اللجان السياسية الداعمة لحملة رومني، وذلك ليخاطب المرشح الجمهوري الناخبين المستقلين بأسلوب إيجابي عبر وصف اوباما بأنه رجل جيد لكن ليس لديه خبرة ولم ينجح في ولايته الاولى في التعامل مع الاقتصاد.

عادة يحصل المرشح الرئاسي على زخم في استطلاعات الرأي بعد قبوله ترشيح الحزب رسمياً، وحتى الآن ليس مؤكداً بعد حجم هذا التقدم في حال حصوله، لا سيما أن خطاب رومني لم يكن نقطة تحول في المسار الانتخابي لكنه حقق ابعد مما كان متوقعاً منه نظراً لشخصيته الباردة بطبيعتها، بحيث أعطى الاميركيين نافذة صغيرة عن حياته الشخصية التي يبقيها عادة بعيداً عن الإعلام. هذا الزخم قد لا يدوم طويلاً لأن الأسبوع المقبل، ستتحول الأنظار الى مدينة شارلوت في كارولينا الشمالية حيث سيعقد الديموقراطيون مؤتمرهم على وقع الوضع الاقتصادي المتردي.

في هذا السياق حاول أمس رئيس «الاحتياط الفدرالي» بين برنانكي تطمين الأسواق الأميركية، خلال خطاب في وايومينغ، أكد فيه ان النمو الاقتصادي «ليس مرضياً الى حد بعيد» وأن «الاحتياط الفدرالي» سيكون «قوياً في دعم الانتعاش المستدام».

وقال بيرنانكي «يجب علينا ان لا نغفل عن التحديات الاقتصادية الصعبة التي تواجه أمتنا»، مشيراً الى ان «ركود سوق العمل على وجه الخصوص مصدر قلق بالغ». ومع تعرض «الاحتياط الفدرالي» لانتقادات من الجمهوريين نتيجة سعيه لدور اكبر في الاقتصاد مقابل دعوات من الديموقراطيين للمساعدة على تقليص البطالة، لمح برنانكي ان هناك حدوداً لما يمكن للمصرف المركزي القيام به وأن على المسؤولين في واشنطن تحمل عبء دعم الاقتصاد قائلاً «على صناع السياسات الحرص على تجنب انكماش مالي على المدى القريب يمكنه تعريض الانتعاش للخطر».
  • فريق ماسة
  • 2012-08-31
  • 10066
  • من الأرشيف

رومني يستعيد «الحرب الباردة»...وموسكو تردّ

بعد خمس سنوات في مسيرته الانتخابية وحملتين رئاسيتين، قبل المرشح الرئاسي ميت رومني رسمياً أمس ترشيح الحزب الجمهوري، باعتباره أول أميركي من طائفة «المورمون» يلامس طموحات البيت الأبيض، في خطاب روى فيه سيرته الذاتية للأميركيين وانتقد سياسات منافسه الرئيس باراك اوباما مستعيداً لغة «الحرب الباردة» مع روسيا. شرح رومني في خطاب دام 45 دقيقة قضيتين مثيرتين للجدل في حياته هما انتماؤه الى طائفة «المورمون» ومسيرته المهنية في تأسيس شركة «باين كابيتال» للاستثمار التي ساهمت في صناعة ثروته التي تعادل ضعف كل ثروات الرؤساء الاميركيين منذ ريتشارد نيكسون. لم يتطرق بشكل مباشر الى افغانستان او العراق او «الربيع العربي»، بل ركز على انتقاد منافسه الديموقراطي، معتبراً أن بعد شعار «الأمل والتغيير...الرئيس خيّب أمل أميركا لأنه لم يقد أميركا في الاتجاه الصحيح»، وأنه تولى هذا المنصب بدون «مؤهلات أساسية» ولم يكن لديه «اي خبرة في العمل بالتجارة. الوظائف بالنسبة له تتعلق بالحكومة». وأضاف «اميركا قد صبرت. الأميركيون دعموا الرئيس بنية طيبة. لكن اليوم الوقت حان لطي الصفحة». وبعد التنويه بقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، انتقد رومني إدارة اوباما على قرارها التحاور مع إيران وتساهلها في التعامل مع موسكو قائلاً «في ظل إدارتي، سيرى أصدقاؤنا المزيد من الوفاء، والسيد (فلاديمير) بوتين سيرى مرونة أقل والمزيد من العزيمة». وختم رومني قائلاً «إذا تم انتخابي رئيساً للولايات المتحدة، سأعمل بكل طاقتي وروحي لاستعادة اميركا، لنرفع عيوننا نحو مستقبل أفضل». وردت موسكو على لسان المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ديمتري بيسكوف الذي قال إن «موسكو وواشنطن شددتا مراراً وعلى مستويات شتى... على أنه من غير المقبول ان تصبح العلاقات الثنائية ضحية ورهينة للمعارك الانتخابية». وأضاف «نحن مقتنعون ان هذا الأمر ليس جيداً. نحن نعرف وجهة النظر الرسمية لواشنطن». وتابع قائلاً «كما سبق له أن قال في مناسبات عدة، إن رئيس الدولة سعى وسيسعى في المستقبل الى تطوير العلاقات الروسية ـ الأميركية». مدير حملة اوباما جيم ميسينا رد أيضاً على خطاب رومني معتبراً انه كان مليئاً «بالكثير من الهجمات الشخصية والابتذال الرقيق، لكن بدون أفكار ملموسة حول المضي بالبلد قدماً»، وختم قائلاً «بدون خطط جديدة وتهرب من الخطط الحقيقية، لا يغادر ميت رومني المؤتمر أقوى مما أتى إليه». كان هناك ايضاً في اليوم الأخير لمؤتمر الجمهوريين في مدينة تامبا في ولاية فلوريدا خطابات بارزة لنجوم جدد في الحزب، مثل السيناتور من أصل كوبي ماركو روبيو الذي قال «مشكلتنا مع الرئيس اوباما ليس لأنه شخص سيئ. مشكلتنا انه رئيس سيئ». كما تجرأ أحد القيادات الجمهورية في الدفاع عن الرئيس الأسبق جورج بوش، وكان شقيقه حاكم فلوريدا الأسبق جيب بوش الذي قال في بداية كلمته «إنه رجل نزاهة وشجاعة وشرف. وخلال اوقات صعبة بشكل لا يصدق، حافظ على أمننا. لذلك سيدي الرئيس، حان وقت وقف لوم سلفك على سياساتك الاقتصادية الفاشلة. لقد أعطيت وضعاً صعباً لكن سياساتك لم تنجح». اللحظة المأساوية في اليوم الأخير كانت كلمة الممثل الاميركي المخضرم كلينت إيستوود التي كانت مرتجلة بحيث تلاسن على المسرح مع كرسي فارغ على افتراض أن اوباما يجلس الى جانبه، وقال عن نائب الرئيس جو بايدن «نعلم جميعاً أن بايدن هو المفكر في الحزب الديموقراطي. إنه مجرد ابتسامة مع جسد وراءها». وكان هذا المشهد اول ما رآه الاميركيون في بداية لحظة الذروة في تغطية الاعلام الاميركي بدلاً من شريط فيديو عن عائلة رومني. اوباما رد على مشهد إيستوود والكرسي الفارغ عبر «تويتر» بصورة وهو يجلس في البيت الابيض كتب تحتها «المقعد محجوز». وكان واضحاً ارتباك حملة رومني في التعامل مع تداعيات الأداء الغريب لضيف المفاجأة، الذي خطف الأضواء قليلاً من خطاب رومني وكان خطأ إضافياً لمنظمي المؤتمر. الاستراتيجية الجمهورية كانت في تجنب الهجوم الشخصي على اوباما بل ترك هذا الأمر للإعلانات الدعائية التي تبثها اللجان السياسية الداعمة لحملة رومني، وذلك ليخاطب المرشح الجمهوري الناخبين المستقلين بأسلوب إيجابي عبر وصف اوباما بأنه رجل جيد لكن ليس لديه خبرة ولم ينجح في ولايته الاولى في التعامل مع الاقتصاد. عادة يحصل المرشح الرئاسي على زخم في استطلاعات الرأي بعد قبوله ترشيح الحزب رسمياً، وحتى الآن ليس مؤكداً بعد حجم هذا التقدم في حال حصوله، لا سيما أن خطاب رومني لم يكن نقطة تحول في المسار الانتخابي لكنه حقق ابعد مما كان متوقعاً منه نظراً لشخصيته الباردة بطبيعتها، بحيث أعطى الاميركيين نافذة صغيرة عن حياته الشخصية التي يبقيها عادة بعيداً عن الإعلام. هذا الزخم قد لا يدوم طويلاً لأن الأسبوع المقبل، ستتحول الأنظار الى مدينة شارلوت في كارولينا الشمالية حيث سيعقد الديموقراطيون مؤتمرهم على وقع الوضع الاقتصادي المتردي. في هذا السياق حاول أمس رئيس «الاحتياط الفدرالي» بين برنانكي تطمين الأسواق الأميركية، خلال خطاب في وايومينغ، أكد فيه ان النمو الاقتصادي «ليس مرضياً الى حد بعيد» وأن «الاحتياط الفدرالي» سيكون «قوياً في دعم الانتعاش المستدام». وقال بيرنانكي «يجب علينا ان لا نغفل عن التحديات الاقتصادية الصعبة التي تواجه أمتنا»، مشيراً الى ان «ركود سوق العمل على وجه الخصوص مصدر قلق بالغ». ومع تعرض «الاحتياط الفدرالي» لانتقادات من الجمهوريين نتيجة سعيه لدور اكبر في الاقتصاد مقابل دعوات من الديموقراطيين للمساعدة على تقليص البطالة، لمح برنانكي ان هناك حدوداً لما يمكن للمصرف المركزي القيام به وأن على المسؤولين في واشنطن تحمل عبء دعم الاقتصاد قائلاً «على صناع السياسات الحرص على تجنب انكماش مالي على المدى القريب يمكنه تعريض الانتعاش للخطر».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة