هو الناشط الحقوقي الذي يرأس "مركز البحرين لحقوق الإنسان"، المنحل منذ العام 2004، لكنه المستمرّ في عمله إيمانا بالقضية ورغم القمع الذي تعرّض له ونشطاء المركز. نبيل رجب، الذي يبدو كأنه يعكس نبض الشارع البحريني، لا سيّما الشباب منه، بات رمزاَ من رموز الثورة المنسية المطالبة بالعدالة والرافضة لأشكال التسلط والتمييز والانتهاكات الإنسانية. ماذا يقول نبيل رجب لـ"السفير" في حوار معه في بيروت.

كيف تقيّم حراك الشارع في البحرين بعد عام على اندلاع "ثورة اللؤلؤ"؟

لم تكن الأمور كما توقع الشعب، فالعالم الدولي لم يقف معنا. قدّم شعب البحرين ضريبة كبيرة وعددا كبيرا من الشهداء... هناك ما يقارب 70 شهيداً حتى اليوم، غالبيتهم استشهدوا جراء استعمال القنابل المسيّلة للدموع. وعلى الرغم من كل ذلك، يستقطب الشارع اليوم الناس أكثر من السابق، كما أن القمع وارتفاع عدد الشهداء قد دفعا الناس نحو الاستمرار في الاحتجاج. نحن نملك النفس الطويل للاستمرار، لن نتنازل لهذا النظام ولا يمكن أن نتنازل. لدى الشعب نفس طويل على الرغم من التعذيب والسجن. النظام على تشدّده والشعب على إصراره. الجميع رأى التظاهرة الكبرى التي شارك فيها الآلاف منذ أسابيع وكانت الأكبر. الانتفاضة مستمّرة، والشعب لم ولن يتعب.

هناك تقارير تتحدّث عن اعتقال عدد كبير من المتظاهرين وتعرّض المعتقلين للتعذيب، هل هناك رقماً دقيقاً لعدد المعتقلين، وما هي الانتهاكات التي يتعرّضون لها؟

هناك أكثر من 500 شخص قد اعتقلوا منذ اندلاع الانتفاضة، وهذا الأمر ليس مستغرباً، لاسيّما أن البحرين قد صنّفت من بين أسوأ عشرة بلدان استبدادية في العالم بحسب تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش". أما عن عدد الشهداء، فهم ما يقارب 70 شهيدا حتى الآن. وهناك انتهاكات عدّة يقوم بها النظام، حيث تعرض معظم المعتقلين لتحرش جنسي بمن فيهم الرموز السياسية. واليوم تحديدا تعرّض الشاب علي السنكيس (16 عاماً) للمرة الثالثة للتحرّش الجنسي والضرب من خلال مسلّحين مدنيين، وقد وجد مرمياً على الطريق. وعلي هو أحد الناشطين في منطقة السنابس.

كيف ترى الدور السعودي في الأزمة البحرينية؟

أدت السعودية دوراً سلبيا في كل التغيرات والديموقراطيات الوليدة، وهو دور ينتابه الكثير من الشكوك ومخيف في الوقت ذاته، حيث أن السعودية تلعب على خطين متوازيين: محاربة الثورات واستيعاب نتائج هذه الانتفاضات. فهي دعمت الثورة في كل من ليبيا وسورية مثلاً، وليس حباً بالديموقراطية (مع عدم الجدل بحق الشعب السوري في مطالبته بالتغيير). أنا أشكّك في الدعم الخليجي لهذه الثورات، وهو دعم غير موثوق وغير نزيه، كما أننا نخشى نتائجه. دخلت السعودية إلى البحرين لتدعم النظام الظالم، وهي تعتبر أن الديموقراطية في بلدنا خطر عليها، على اعتبار أنها ستخفّف من نفوذها في الخليج. ودورهم إحباط الحراك في البحرين، وكذلك الأمر بالنسبة لقطر، والدليل على ذلك، قناة "الجزيرة" التي غطّت كل ما حصل ويحصل في الدول العربية ما عدا البحرين. وأريد أن أشير هنا إلى أن الخوف ليس من الشيعة، فهم أقلية في العام العربي، بل الخوف هو من الديموقراطية والعدالة، هم فقط يتلاعبون بالورقة الشيعية.

وماذا عن اتّهام النظام لطهران بالتدخل في الشأن البحريني وأن المعارضة على تواصل وتنسيق مع إيران؟

هذه ورقة قديمة، فلطالما استخدمها النظام واستغلّها من خلال ربط شيعة البحرين بشيعة إيران. وهذا ليس صحيحاً. لا أرى إيران نموذجا ديموقراطياً لتطبيقه في البحرين.

هل هناك من اتصالات جرت بين المعارضة في البحرين والولايات المتحدة؟

نحن نسمع الولايات المتحدّة تردد وتطالب بالديموقراطية، ولكن في الواقع هي تخاف منها. وحول وجود أي اتصالات بين المعارضة والأميركيين، فانه تاريخياً، الاتصالات بين المعارضة والأميركيين ليست جديدة. وأميركا تطالب النظام بالقليل من الإصلاحات لكن لا تستطيع فرض أكثر من ذلك لأنها تخاف على علاقتها مع السعودية، والثورة في البحرين ستؤثّر على علاقتها مع الرياض. ولم يعط الأوروبيون ولا الأميركيون أي اهتمام لثورة البحرين كما يعطون أهمية اليوم للتغيرات التي تحصل في سورية. نحن ضحايا تناقضات ومصالح بين الغرب ودول الخليج والسعودية. والدليل على ذلك التعتيم الإعلامي الذي تشهده الثورة.

إلى أي مدى ترى المعارضة متماسكة في ما بينها، وما هي الخطوات المستقبلية التي ستتبعها؟

هناك المعارضة التي تتألّف من الجمعيات السياسية الخمس (الوفاق، وعد، القومي، الوحدوي والإخاء) والمعارضة الموجودة في السجن والتي تطالب بإسقاط النظام. أرى المعارضة متماسكة وموحّدة أكثر من أي وقت مضى، ولا أعتقد بأن هناك خلافات ستنشأ داخل المعارضة، لان هناك نفساً جديداً لدى الجميع. لكنّني من جهة أخرى، لا أرى أي نوايا لدى النظام لإنهاء الأزمة المتواصلة.

كيف يوّصل الناشط رجب معاناة الشعب البحريني في ظل التعتيم الحاصل؟

نحن كحقوقيين نملك المصداقية التي يفتقدها النظام، وقد كسبنا العالم لان قصّتنا واضحة ولا تحتاج إلى التفسير، حيث أن المحافل الدولية مفتوحة لنا لنتكّلم، وهناك الكثير من المستائين وهم يدعموننا معنوياً ونتلقى دائما دعوات لزيارة دول عدّة حتى يسمعوننا ونبيّن الحقيقة.

ما هو دور شبكات التواصل الاجتماعية؟

ساعدت كثيرا، وكان لها الدور الأكبر خصوصا في ظل القمع. ويعدّ كل من "تويتر" و"فيسبوك" أداتان رئيسيتان عند نشطاء حقوق الانسان في البحرين. لكنني أتخوّف من قدرة الأنظمة الحاكمة في السيطرة على هذين المنفذين الرئيسيين في المستقبل. وختاماً، أنا كناشط حقوقي يهمّني كما سائر النشطاء الالتزام بالمعايير الحقوقية وإجراء توزيع عادل للدوائر الانتخابية، وإيقاف التمييز الطائفي والسياسي والتهميش في البحرين.

  • فريق ماسة
  • 2012-03-22
  • 10875
  • من الأرشيف

رئيس "مركز البحرين لحقوق الانسان" المحظور

هو الناشط الحقوقي الذي يرأس "مركز البحرين لحقوق الإنسان"، المنحل منذ العام 2004، لكنه المستمرّ في عمله إيمانا بالقضية ورغم القمع الذي تعرّض له ونشطاء المركز. نبيل رجب، الذي يبدو كأنه يعكس نبض الشارع البحريني، لا سيّما الشباب منه، بات رمزاَ من رموز الثورة المنسية المطالبة بالعدالة والرافضة لأشكال التسلط والتمييز والانتهاكات الإنسانية. ماذا يقول نبيل رجب لـ"السفير" في حوار معه في بيروت. كيف تقيّم حراك الشارع في البحرين بعد عام على اندلاع "ثورة اللؤلؤ"؟ لم تكن الأمور كما توقع الشعب، فالعالم الدولي لم يقف معنا. قدّم شعب البحرين ضريبة كبيرة وعددا كبيرا من الشهداء... هناك ما يقارب 70 شهيداً حتى اليوم، غالبيتهم استشهدوا جراء استعمال القنابل المسيّلة للدموع. وعلى الرغم من كل ذلك، يستقطب الشارع اليوم الناس أكثر من السابق، كما أن القمع وارتفاع عدد الشهداء قد دفعا الناس نحو الاستمرار في الاحتجاج. نحن نملك النفس الطويل للاستمرار، لن نتنازل لهذا النظام ولا يمكن أن نتنازل. لدى الشعب نفس طويل على الرغم من التعذيب والسجن. النظام على تشدّده والشعب على إصراره. الجميع رأى التظاهرة الكبرى التي شارك فيها الآلاف منذ أسابيع وكانت الأكبر. الانتفاضة مستمّرة، والشعب لم ولن يتعب. هناك تقارير تتحدّث عن اعتقال عدد كبير من المتظاهرين وتعرّض المعتقلين للتعذيب، هل هناك رقماً دقيقاً لعدد المعتقلين، وما هي الانتهاكات التي يتعرّضون لها؟ هناك أكثر من 500 شخص قد اعتقلوا منذ اندلاع الانتفاضة، وهذا الأمر ليس مستغرباً، لاسيّما أن البحرين قد صنّفت من بين أسوأ عشرة بلدان استبدادية في العالم بحسب تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش". أما عن عدد الشهداء، فهم ما يقارب 70 شهيدا حتى الآن. وهناك انتهاكات عدّة يقوم بها النظام، حيث تعرض معظم المعتقلين لتحرش جنسي بمن فيهم الرموز السياسية. واليوم تحديدا تعرّض الشاب علي السنكيس (16 عاماً) للمرة الثالثة للتحرّش الجنسي والضرب من خلال مسلّحين مدنيين، وقد وجد مرمياً على الطريق. وعلي هو أحد الناشطين في منطقة السنابس. كيف ترى الدور السعودي في الأزمة البحرينية؟ أدت السعودية دوراً سلبيا في كل التغيرات والديموقراطيات الوليدة، وهو دور ينتابه الكثير من الشكوك ومخيف في الوقت ذاته، حيث أن السعودية تلعب على خطين متوازيين: محاربة الثورات واستيعاب نتائج هذه الانتفاضات. فهي دعمت الثورة في كل من ليبيا وسورية مثلاً، وليس حباً بالديموقراطية (مع عدم الجدل بحق الشعب السوري في مطالبته بالتغيير). أنا أشكّك في الدعم الخليجي لهذه الثورات، وهو دعم غير موثوق وغير نزيه، كما أننا نخشى نتائجه. دخلت السعودية إلى البحرين لتدعم النظام الظالم، وهي تعتبر أن الديموقراطية في بلدنا خطر عليها، على اعتبار أنها ستخفّف من نفوذها في الخليج. ودورهم إحباط الحراك في البحرين، وكذلك الأمر بالنسبة لقطر، والدليل على ذلك، قناة "الجزيرة" التي غطّت كل ما حصل ويحصل في الدول العربية ما عدا البحرين. وأريد أن أشير هنا إلى أن الخوف ليس من الشيعة، فهم أقلية في العام العربي، بل الخوف هو من الديموقراطية والعدالة، هم فقط يتلاعبون بالورقة الشيعية. وماذا عن اتّهام النظام لطهران بالتدخل في الشأن البحريني وأن المعارضة على تواصل وتنسيق مع إيران؟ هذه ورقة قديمة، فلطالما استخدمها النظام واستغلّها من خلال ربط شيعة البحرين بشيعة إيران. وهذا ليس صحيحاً. لا أرى إيران نموذجا ديموقراطياً لتطبيقه في البحرين. هل هناك من اتصالات جرت بين المعارضة في البحرين والولايات المتحدة؟ نحن نسمع الولايات المتحدّة تردد وتطالب بالديموقراطية، ولكن في الواقع هي تخاف منها. وحول وجود أي اتصالات بين المعارضة والأميركيين، فانه تاريخياً، الاتصالات بين المعارضة والأميركيين ليست جديدة. وأميركا تطالب النظام بالقليل من الإصلاحات لكن لا تستطيع فرض أكثر من ذلك لأنها تخاف على علاقتها مع السعودية، والثورة في البحرين ستؤثّر على علاقتها مع الرياض. ولم يعط الأوروبيون ولا الأميركيون أي اهتمام لثورة البحرين كما يعطون أهمية اليوم للتغيرات التي تحصل في سورية. نحن ضحايا تناقضات ومصالح بين الغرب ودول الخليج والسعودية. والدليل على ذلك التعتيم الإعلامي الذي تشهده الثورة. إلى أي مدى ترى المعارضة متماسكة في ما بينها، وما هي الخطوات المستقبلية التي ستتبعها؟ هناك المعارضة التي تتألّف من الجمعيات السياسية الخمس (الوفاق، وعد، القومي، الوحدوي والإخاء) والمعارضة الموجودة في السجن والتي تطالب بإسقاط النظام. أرى المعارضة متماسكة وموحّدة أكثر من أي وقت مضى، ولا أعتقد بأن هناك خلافات ستنشأ داخل المعارضة، لان هناك نفساً جديداً لدى الجميع. لكنّني من جهة أخرى، لا أرى أي نوايا لدى النظام لإنهاء الأزمة المتواصلة. كيف يوّصل الناشط رجب معاناة الشعب البحريني في ظل التعتيم الحاصل؟ نحن كحقوقيين نملك المصداقية التي يفتقدها النظام، وقد كسبنا العالم لان قصّتنا واضحة ولا تحتاج إلى التفسير، حيث أن المحافل الدولية مفتوحة لنا لنتكّلم، وهناك الكثير من المستائين وهم يدعموننا معنوياً ونتلقى دائما دعوات لزيارة دول عدّة حتى يسمعوننا ونبيّن الحقيقة. ما هو دور شبكات التواصل الاجتماعية؟ ساعدت كثيرا، وكان لها الدور الأكبر خصوصا في ظل القمع. ويعدّ كل من "تويتر" و"فيسبوك" أداتان رئيسيتان عند نشطاء حقوق الانسان في البحرين. لكنني أتخوّف من قدرة الأنظمة الحاكمة في السيطرة على هذين المنفذين الرئيسيين في المستقبل. وختاماً، أنا كناشط حقوقي يهمّني كما سائر النشطاء الالتزام بالمعايير الحقوقية وإجراء توزيع عادل للدوائر الانتخابية، وإيقاف التمييز الطائفي والسياسي والتهميش في البحرين.

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة