هو أهمّ مؤتمر أميركي للوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأميركية، يُعقد سنوياً بمشاركة رؤساء وشخصيات إسرائيلية وأميركية رفيعة... لكن هذا لم يمنع «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط»، الذي يموّله بهاء الحريري، من المشاركة فيه جنباً الى جنب مع جنرالات الحرب الإسرائيليين

قبل نحو ٦ أشهر، وفي عزّ غليان الشارع العربي، قرر بهاء الحريري ألّا يبقى مجرد متفرّج على الأحداث، التزاماً بمبدأ «لولا شباط ما في ربيع» الذي ظهر لاحقاً في حملة 14 شباط الإعلانية. فأطلق مركز دراسات باسم والده الرئيس رفيق الحريري تحت جناح أحد أبرز مراكز الأبحاث الأمنية والاستراتيجية الأميركية ــ الأطلسية.

شعر بهاء بالرضى، فهو أثبت، مرّة جديدة، أنه مختلف عن إخوانه. فهو ليس سعد، الذي انزلق في متاهات السياسة اللبنانية وفشل فيها... وهو ليس رجل أعمال ووريث أموال فحسب، بل أيضاً باستطاعته أن يدخل عالم المراكز السياسية ــ الاستراتيجية، ويشارك في نشر التحليلات وتعزيز المعرفة السياسية على نطاق دولي ــ أطلسي.

لكن يبدو أن من فضّل إلقاء الخطابات في نيويورك لا في الطريق الجديدة. «كبَّر الفشخة» هذه المرّة، ووصل في طموحاته الى أكبر لوبي إسرائيلي ــ أميركي في الولايات المتحدة. كيف؟

يوم ٢١ أيلول ٢٠١١ أعلن بهاء الحريري، خلال حفل عشاء في نيويورك، إطلاق وتمويل «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط»، التابع لمركز الأبحاث والسياسة العامة الأميركي، «ذي أتلانتيك كاونسل» The Atlantic Council.

وفي كلمته الرسمية، بلغة إنكليزية مكسّرة، تحدّث بهاء عن «الفخر والسرور اللذين كانا ليعتريا رفيق الحريري لو تمكّن من مشاهدة الثورات العربية التي انطلقت من تونس ومصر»، متوقفاً في حديثه عند «الكرامة» التي «أرادها رفيق الحريري للبنانيين وللشعوب العربية»، ومؤكداً أن «استعادة القيادة الأميركية والأوروبية أساسية لنجاح عملية الانتقال في الدول العربية».

في ٥ آذار ٢٠١٢، أي بعد أقلّ من ٦ أشهر على إطلاقه، شارك «مركز رفيق الحريري» في مؤتمر «لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية» AIPAC، وهو أبرز مؤتمر سنوي أميركي داعم لإسرائيل ولسياساتها وسياسييها. اسم رفيق الحريري، ممثَّلاً بمركزه، حضر إذاً منذ أسبوعين، كـ «زميل» مشارك لبنيامين نتنياهو، وشيمون بيريز في مؤتمرهما. ومديرة المركز ميشيل ديون، اختارت أن تتقاسم جلسة حوارها مع جنرال الحرب الإسرائيلي ميخائيل هيرزوغ، ليناقشا وضع مصر ومستقبل المنطقة. وديون لم تحضر المؤتمر بصفتها الشخصية، بل كمديرة لـ «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط»، بحسب ما هو مذكور في برنامج المؤتمر على موقعه الإلكتروني.

ما هو «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط» إذاً؟ ومن يمثّل؟ وما دوره؟

في المبدأ، هو جزء من البرامج العشرة التي تنضوي تحت مركز أمّ اسمه «ذي أتلانتيك كاونسل». والأخير هو، كما يعرّف عن نفسه، «معهد هدفه تعزيز التعاون الأطلسي والأمن الدولي». المعهد الذي يحتفل هذا العام بالسنة الخمسين على تأسيسه، يجدد اهتمامه بـ «مستقبل حلف شمال الأطلسي، والاستقرار المالي وأمن الطاقة ومكافحة التطرف والعنف». «مركز رفيق الحريري» هو الممثل لمنطقة الشرق الأوسط في المعهد الأمّ الى جانب مراكز تمثل أفريقيا وآسيا (التي لا يحمل أيّ منها اسم شخص أو رئيس).

وبينما ينظم «ذي أتلانتيك كاونسل» مؤتمرات حول «الدبلوماسية الأميركية في إيران» و«الاستراتيجيات الدفاعية العالمية» و«التحديات الجديدة لحلف شمال الأطلسي» و«مشاكل الطاقة والأسواق المالية العالمية»، يتخصص «مركز رفيق الحريري» في قضايا الدول العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تشهد فترات انتقالية مثل اليمن، وليبيا، والبحرين، ومصر وتونس. وبعد الاطلاع على مضامين معظم تلك الجلسات، يتبيّن أن الجامع بينها هو تحقيق المصالح الأميركية والأطلسية المالية والأمنية والسياسية في تلك الدول... فمثلا آخر طاولات الحوار التي نظّمها مركز الحريري كانت بعنوان «الأوضاع الاقتصادية في الدول الانتقالية والمبادرات الأميركية في التجارة والاستثمار»، وأخرى بحثت «الدعم العسكري والتعاون الأطلسي في ليبيا وتونس ومصر»، وأخرى بعنوان «يد إيران في المشرق»... ومعظم تلك الجلسات تضمّ مسؤولين في الحكومة الأميركية واقتصاديين وخبراء في التنمية أو الأمن أو العسكر، كما يوضح الموقع.

فمن يدير «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط»؟

اسمها ميشال ديون، عملت في «مكتب الاستخبارات والأبحاث» التابع لوزارة الخارجية الأميركية، وفي البيت الأبيض كمتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، كما شاركت في «مهمات خاصة» تابعة لـ «مجلس الأمن القومي»، وعملت في السفارة الأميركية في القاهرة، وفي القنصلية العامة في القدس المحتلة. وقبل الانتقال الى مركز رفيق الحريري، كانت تشغل منصب كبيرة باحثي مركز «كارنغي» للسلام الدولي.

هكذا، تسلّمت ديون، بعد مسيرة طويلة وخبرة مصقولة في المجال الاستخباري والأمني، إدارة مركز رفيق الحريري، الممول من ابنه بهاء. وها هي ديون، بصفتها الجديدة، تحمل المركز الى مؤتمر «أيباك» من دون أيّ تردد أو اعتراض من عائلة الحريري.

من هي «أيباك»؟

يمكننا الاكتفاء بالتعريف الذي تنشره هي عن نفسها على موقعها الإلكتروني: «نحن حركة من الناشطين الملتزمين بأمن إسرائيل وحماية المصالح الأميركية في الشرق الأوسط وحول العالم. أولويتنا السعي لتبقى الولايات المتحدة وإسرائيل قويتين تتعاونان معاً عن قرب».

مقاتل في حرب تموز

الجلسة التي شارك فيها «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط» في مؤتمر «أيباك» ضمّت ٣ أشخاص، بينهم جنرال حرب إسرائيلي يدعى ميخائيل هيرتزوغ. وهيرتزوغ هو أحد كبار الجنرالات في الجيش الإسرائيلي خلال حرب تموز ٢٠٠٦، وشغل رئيس طاقم عمل وزير الدفاع الإسرائيلي حتى عام ٢٠٠٩. وقد أدّى هيرتزوغ دور صلة الوصل بين وزارة الدفاع والجيش والاستخبارات، قبل أن يتقاعد أخيراً.

  • فريق ماسة
  • 2012-03-21
  • 11971
  • من الأرشيف

مركز «رفيق الحريري» في اللوبي الإسرائيلي

هو أهمّ مؤتمر أميركي للوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأميركية، يُعقد سنوياً بمشاركة رؤساء وشخصيات إسرائيلية وأميركية رفيعة... لكن هذا لم يمنع «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط»، الذي يموّله بهاء الحريري، من المشاركة فيه جنباً الى جنب مع جنرالات الحرب الإسرائيليين قبل نحو ٦ أشهر، وفي عزّ غليان الشارع العربي، قرر بهاء الحريري ألّا يبقى مجرد متفرّج على الأحداث، التزاماً بمبدأ «لولا شباط ما في ربيع» الذي ظهر لاحقاً في حملة 14 شباط الإعلانية. فأطلق مركز دراسات باسم والده الرئيس رفيق الحريري تحت جناح أحد أبرز مراكز الأبحاث الأمنية والاستراتيجية الأميركية ــ الأطلسية. شعر بهاء بالرضى، فهو أثبت، مرّة جديدة، أنه مختلف عن إخوانه. فهو ليس سعد، الذي انزلق في متاهات السياسة اللبنانية وفشل فيها... وهو ليس رجل أعمال ووريث أموال فحسب، بل أيضاً باستطاعته أن يدخل عالم المراكز السياسية ــ الاستراتيجية، ويشارك في نشر التحليلات وتعزيز المعرفة السياسية على نطاق دولي ــ أطلسي. لكن يبدو أن من فضّل إلقاء الخطابات في نيويورك لا في الطريق الجديدة. «كبَّر الفشخة» هذه المرّة، ووصل في طموحاته الى أكبر لوبي إسرائيلي ــ أميركي في الولايات المتحدة. كيف؟ يوم ٢١ أيلول ٢٠١١ أعلن بهاء الحريري، خلال حفل عشاء في نيويورك، إطلاق وتمويل «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط»، التابع لمركز الأبحاث والسياسة العامة الأميركي، «ذي أتلانتيك كاونسل» The Atlantic Council. وفي كلمته الرسمية، بلغة إنكليزية مكسّرة، تحدّث بهاء عن «الفخر والسرور اللذين كانا ليعتريا رفيق الحريري لو تمكّن من مشاهدة الثورات العربية التي انطلقت من تونس ومصر»، متوقفاً في حديثه عند «الكرامة» التي «أرادها رفيق الحريري للبنانيين وللشعوب العربية»، ومؤكداً أن «استعادة القيادة الأميركية والأوروبية أساسية لنجاح عملية الانتقال في الدول العربية». في ٥ آذار ٢٠١٢، أي بعد أقلّ من ٦ أشهر على إطلاقه، شارك «مركز رفيق الحريري» في مؤتمر «لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية» AIPAC، وهو أبرز مؤتمر سنوي أميركي داعم لإسرائيل ولسياساتها وسياسييها. اسم رفيق الحريري، ممثَّلاً بمركزه، حضر إذاً منذ أسبوعين، كـ «زميل» مشارك لبنيامين نتنياهو، وشيمون بيريز في مؤتمرهما. ومديرة المركز ميشيل ديون، اختارت أن تتقاسم جلسة حوارها مع جنرال الحرب الإسرائيلي ميخائيل هيرزوغ، ليناقشا وضع مصر ومستقبل المنطقة. وديون لم تحضر المؤتمر بصفتها الشخصية، بل كمديرة لـ «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط»، بحسب ما هو مذكور في برنامج المؤتمر على موقعه الإلكتروني. ما هو «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط» إذاً؟ ومن يمثّل؟ وما دوره؟ في المبدأ، هو جزء من البرامج العشرة التي تنضوي تحت مركز أمّ اسمه «ذي أتلانتيك كاونسل». والأخير هو، كما يعرّف عن نفسه، «معهد هدفه تعزيز التعاون الأطلسي والأمن الدولي». المعهد الذي يحتفل هذا العام بالسنة الخمسين على تأسيسه، يجدد اهتمامه بـ «مستقبل حلف شمال الأطلسي، والاستقرار المالي وأمن الطاقة ومكافحة التطرف والعنف». «مركز رفيق الحريري» هو الممثل لمنطقة الشرق الأوسط في المعهد الأمّ الى جانب مراكز تمثل أفريقيا وآسيا (التي لا يحمل أيّ منها اسم شخص أو رئيس). وبينما ينظم «ذي أتلانتيك كاونسل» مؤتمرات حول «الدبلوماسية الأميركية في إيران» و«الاستراتيجيات الدفاعية العالمية» و«التحديات الجديدة لحلف شمال الأطلسي» و«مشاكل الطاقة والأسواق المالية العالمية»، يتخصص «مركز رفيق الحريري» في قضايا الدول العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تشهد فترات انتقالية مثل اليمن، وليبيا، والبحرين، ومصر وتونس. وبعد الاطلاع على مضامين معظم تلك الجلسات، يتبيّن أن الجامع بينها هو تحقيق المصالح الأميركية والأطلسية المالية والأمنية والسياسية في تلك الدول... فمثلا آخر طاولات الحوار التي نظّمها مركز الحريري كانت بعنوان «الأوضاع الاقتصادية في الدول الانتقالية والمبادرات الأميركية في التجارة والاستثمار»، وأخرى بحثت «الدعم العسكري والتعاون الأطلسي في ليبيا وتونس ومصر»، وأخرى بعنوان «يد إيران في المشرق»... ومعظم تلك الجلسات تضمّ مسؤولين في الحكومة الأميركية واقتصاديين وخبراء في التنمية أو الأمن أو العسكر، كما يوضح الموقع. فمن يدير «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط»؟ اسمها ميشال ديون، عملت في «مكتب الاستخبارات والأبحاث» التابع لوزارة الخارجية الأميركية، وفي البيت الأبيض كمتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، كما شاركت في «مهمات خاصة» تابعة لـ «مجلس الأمن القومي»، وعملت في السفارة الأميركية في القاهرة، وفي القنصلية العامة في القدس المحتلة. وقبل الانتقال الى مركز رفيق الحريري، كانت تشغل منصب كبيرة باحثي مركز «كارنغي» للسلام الدولي. هكذا، تسلّمت ديون، بعد مسيرة طويلة وخبرة مصقولة في المجال الاستخباري والأمني، إدارة مركز رفيق الحريري، الممول من ابنه بهاء. وها هي ديون، بصفتها الجديدة، تحمل المركز الى مؤتمر «أيباك» من دون أيّ تردد أو اعتراض من عائلة الحريري. من هي «أيباك»؟ يمكننا الاكتفاء بالتعريف الذي تنشره هي عن نفسها على موقعها الإلكتروني: «نحن حركة من الناشطين الملتزمين بأمن إسرائيل وحماية المصالح الأميركية في الشرق الأوسط وحول العالم. أولويتنا السعي لتبقى الولايات المتحدة وإسرائيل قويتين تتعاونان معاً عن قرب». مقاتل في حرب تموز الجلسة التي شارك فيها «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط» في مؤتمر «أيباك» ضمّت ٣ أشخاص، بينهم جنرال حرب إسرائيلي يدعى ميخائيل هيرتزوغ. وهيرتزوغ هو أحد كبار الجنرالات في الجيش الإسرائيلي خلال حرب تموز ٢٠٠٦، وشغل رئيس طاقم عمل وزير الدفاع الإسرائيلي حتى عام ٢٠٠٩. وقد أدّى هيرتزوغ دور صلة الوصل بين وزارة الدفاع والجيش والاستخبارات، قبل أن يتقاعد أخيراً.

المصدر : الاخبار /صباح أيوب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة