تباينت وجهات النظر بين حركة المقاومة الإسلامية «حماس» و«حزب الله» تجاه ما يجري في سوريا. الطرفان عملا على إيجاد حل للأزمة السورية، وتوسطا بين المعارضة والنظام السوري. جهود «حماس» باءت بالفشل، فانسحبت الحركة من العاصمة السورية. انسحاب الحركة وتّر علاقتها مع «حزب الله»، لكن التوتر لم يبلغ حد القطيعة. حالياً، عادت الاتصالات واللقاءات بين الطرفين، لكن بحميمية أكثر، فما يجمعهما أكثر مما يفرقهما

تعرف «حزب الله» إلى «حماس» للمرة الأولى مباشرة عام 1993 في منطقة مرج الزهور. حينها، تواصل الحزب يومياً مع قيادات الصف الأول للحركة المبعدين إلى الأراضي اللبنانية، وحينها تعرف إلى «تفكيرنا وعقائدنا مباشرة على الأرض»، كما يقول مسؤول بارز في «حماس». الحركة الإسلامية الفلسطينية، بدورها، وطدت علاقتها بالحزب اللبناني المقاوم، و«اجتمعنا على فكرتين: مقاومة العدو الإسرائيلي وتوجهنا الإسلامي المشترك»، يقول المسؤول «الحمساوي». لكن «الأخوّة» بين الطرفين لم تكن تمنع التباين في وجهات النظر في بعض المسائل، ما كان يوتّر العلاقات. آخرها كان موقف «حماس» مما يجري في سوريا.

خروج «حماس» من سوريا، الذي بات مسلّماً به رغم نفي القيادات، ومواقفها تجاه ما يجري هناك، وتّرا علاقة الحركة مع «حزب الله» وقواعده في لبنان، وخصوصاً بعد خطاب رئيس وزراء الحكومة المقالة إسماعيل هنية في جامع الأزهر في القاهرة، حيث ردد المصلون شعار «لا إيران، ولا حزب الله، سوريا سوريا إسلامية». يبرر الحمساويون هذه الحادثة بالقول: «لا علاقة لنا بالشعارات التي رددت، وهذه الشعارات لم تردد داخل الجامع، بل خارجه، والجمهور الموجود لم يكن جمهورنا»، بحسب مسؤول بارز في الحركة. ويضيف أن «الشعارات التي رددت صدمت هنية، ويمكن ملاحظة ذلك على تعابير وجهه عندما كان على المنبر، وعند سماع أبو العبد هذه العبارات وجه التحية إلى الشعب السوري لإيقاف هذه الشعارات، وبدّل سياق خطابه ليركز على الأقصى والقدس؛ لأنهما ما يجمع عليه العرب». يؤكد القيادي الحمساوي أن «هنية لم يقبل بهذه الشعارات، وهي سببت الإحراج لنا أمام حلفائنا». أبناء الحركة الإسلامية رأوا أن ما رُدِّد في الأزهر كان رسالة شخصية مباشرة موجهة إلى «أبو العبد، وخصوصاً أنه كان قد عاد لتوه من إيران بعد زيارة ناجحة مليئة بالعواطف».

كوادر الحركة يستطيعون تبرير أي شيء، لكن قبل الشعارات التي رُدِّدت في الأزهر، كانت الشرطة الفلسطينية في غزة قد قامت بملاحقة وضرب بعض المنتمين إلى المذهب الشيعي الموجودين في القطاع لإحيائهم ذكرى أربعين الإمام الحسين. حينها، أصدرت وزارة الداخلية في غزة بياناً قالت فيه إنها «تحترم كل المذاهب، بما في ذلك المذهب الشيعي في أماكن وجوده بالعالم». وأكدت أن ما جرى هو «ملاحقة قامت بها الشرطة الفلسطينية لمجموعة مشبوهة خارجة عن القانون وصاحبة تاريخ فكري منحرف كانت تخطط لأعمال إجرامية».

كل هذه الأحداث كانت عين «حزب الله» تراقبها بحذر. مسؤولون في الحركة أكدوا أن المقاومة اللبنانية لم تسألهم عما جرى مع هذه المجموعة، بل «نحن بادرنا وشرحنا لهم ذلك، حفاظاً على خصوصية كلٍّ منّا». يضيف المسؤول في الحركة: «قلنا لهم إن ما تداولته وسائل الإعلام مضخم ولم تضرب المجموعة في المستشفى، بل كل ما جرى أنها أخذت إفادتهم هناك». ويضيف: «الداخلية الفلسطينية كانت قد تلقت بلاغاً بأصوات مرتفعة تصدر من أحد البيوت، فتوجهت الشرطة لقمع هذه المخالفة».

لكن المشكلة الأساسية لدى «حماس» هي مع أنصار المقاومة اللبنانية، الذين أبدوا استياءهم من الموقف الذي اتخذته الحركة من النظام السوري. إلا أن ذلك لم يقطع حبل الودّ مع قيادة حزب الله؛ فمقعد ممثل حركة «حماس» في لبنان، علي بركة، لا يزال محفوظاً في الصفوف الأمامية لاحتفالات الحزب. ووجه بركة لا يزال يجذب الكاميرات كلما ذكرت عبارة «المقاومة الفلسطينية» في خطابات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. ففي الاحتفال الأخير لحزب الله لمناسبة «إحياء ذكرى الشهداء القادة»، تندر الحمساويون كيف أن «وجه الأخ علي ظهر على الشاشة أكثر من وجه السيد حسن». الحمساويون عدّوا ذلك رسالة موجهة من حزب الله إلى الرأي العام وإلى قاعدته لإظهار أن «حركات المقاومة مهما فرقتها السياسة إلا أن البندقية توحدها»، يقول أحد المسؤولين البارزين في «حماس».

هكذا، يمكن القول إن حرارة العلاقة بين حركة حماس وحزب الله تبدلت من «فاترة» في الفترة الأخيرة إلى «ساخنة»، بحسب تعبير أحد مسؤولي الحركة. بالطبع، كلا الطرفين نفيا وجود أي برودة بينهما في الفترة الماضية، مشددين على «الأخوّة» واستمرار الاتصالات والاجتماعات التنسيقية بينهما. ويقول مسؤول بارز في الحركة ممازحاً: «حتى إننا لا نزال مربوطين بالشبكة الداخلية لاتصالات الحزب، ومكاتبنا لا تزال مفتوحة في الضاحية». ويضيف: «التنسيق في ما بيننا هو على مستوى أعلى من ذلك، ولا يمكننا ذكره في الإعلام»، في إشارة إلى التنسيق العسكري بين المقاومتين.

من جهته، يقول أحد المواظبين على متابعة لقاءات الطرفين إنه توجد تباينات في قراءة بعض الأحداث والنظرة إلى بعض الثورات العربية، لكن على «قاعدة احترام الاختلاف في وجهات النظر ضمن ما يسمى آداب الاختلاف». يضيف الرجل: «أي إننا نعمل معاً على ما نتفق عليه، ويعذر بعضنا بعضاً في ما نختلف عليه». فبالنسبة إلى حماس، ما يجري في سوريا له بعدان: «بعد داخلي متجسد بمطالب شعبية محقة أقرّ بها النظام، وهناك الاستغلال الخارجي للمطالب ولسوء إدارة النظام في معالجة الأزمة السورية الداخلية». يقول الرجل إن «حزب الله يختلف معنا من خلال تغليبه المؤامرة الخارجية على البعد الداخلي، ويرى أن ما يجري في سوريا مؤامرة».

حالياً الأولوية بالنسبة إلى حماس هي لتحصين الجبهة الداخلية السورية ومعالجة الأزمة حتى يقف النظام والشعب ضد المؤامرة الخارجية. ابن الحركة الفلسطينية يستفيض بشرح موقف حماس مما يجري في سوريا، وذلك لأن «قواعد حزب الله فهمت موقفنا غلط». فـ«نحن لا نتدخل في الشأن السوري الداخلي، ولا نعلن مواقف مع هذا الفريق ضد ذاك الفريق، أو مع الشعب ضد النظام». والموقف الرسمي بالنسبة إلى الحركة هو «الحل السياسي للأزمة السورية بما يحقق مطالب الشعب السوري من حرية وعدالة وإصلاح، وبما يحفظ وحدة سوريا وأمنها واستقرارها، وأن تبقى سوريا دولة مقاومة وممانعة».

يؤكد الرجل أنّ بإمكان «الجميع أن يلاحظوا أننا لم نهاجم النظام السوري ورئيسه يوماً ما، فنحن أوفياء لمن وقف معنا عندما تخلى العالم عنا، وقلنا إننا مع مطالب الشعب السوري ولا أحد يمكنه أن يكون ضد الشعب». يضيف أن «حماس لا يمكنها أن تكون صورة طبق الأصل عن حلفائها؛ فالحركة تعتقد أن هناك مطالب محقة أقر بها النظام ينبغي أن تعالج وتعطى لها الأولوية وأن يقف نزف الدم السوري الذي يراق. لذلك نحن نميز بين المطالب المحقة والمؤامرة الخارجية على سوريا بسبب مواقفها السياسية الداعمة للمقاومة في فلسطين ولبنان».

يتفهم القيادي «الحمساوي» خسارة حركته شعبيتها نسبياً لدى جماهير حزب الله بسبب موقفها، ويقول إن «حزب الله أيضاً خسر جزءاً من شعبيته في أوساطنا بسبب ما يجري في سوريا، لكننا نقوم بإجراءات تنظيمية داخلية للشرح لقواعدنا طبيعة علاقتنا مع الإخوة في حزب الله». من جهتها، تقول أوساط في حزب الله إن حماس «تمر في ظروف استثنائية وحساسة تستدعي تفهم موقف الحركة وحساباتها». يضيف: «هناك مناخ من التساؤلات والقلق والاستغراب لسياسة حماس داخل القاعدة لدينا، ونحن نعالجها بإجراءات داخلية». يؤكد الرجل حرص حزب الله على عدم «وجود أو إيجاد أي مناخ سلبي تجاه حماس لدى حزب الله».

هكذا، مهما اختلف «الإخوة» في السياسة، تبقى القواسم المشتركة أكبر من أن تفرقهما. فالعين حالياً تتجه جنوباً، وتحديداً إلى جنوب الجنوب، أي إلى قطاع غزة وإلى كتائب القسام. ويقول أحد أبناء الحركة الإسلامية: «انظر إلى ما يجري في غزة وإلى طريقة إطلاق المقاومة لصواريخها، وستعرف طبيعة علاقتنا وعلاقة المقاومة هناك بحزب الله».

تنسيق «يوم الأرض»

بعيداً عن السياسة وخلافاتها، تنسّق حركة حماس مع حزب الله على الأرض على أعلى المستويات في ما يتعلق بفاعليات «مسيرة القدس العالمية»، المقررة في 30 الشهر الجاري لمناسبة يوم الأرض. ويقول أحد أعضاء اللجنة المركزية للمسيرة إن «أكبر هذه التحركات سيكون في الأردن، وستشارك جميع دول الطوق فيها إلا سوريا خوفاً من الأحداث الأمنية هناك». أما عن المكان النهائي للتحرك في لبنان، فيقول إنه «لم يحدد بعد». لكنه يؤكد أنّ «من المستحيل أن يصل التحرك إلى الحدود اللبنانية الفلسطينية، وذلك خوفاً من المواجهات التي قد تحصل». ففي العام الماضي، جرى إحياء ذكرى النكبة من خلال مسيرة العودة في لبنان وسقط ستة شهداء. يضيف: «لا يمكن أحداً أن يتحمل الدم الذي قد يسقط الآن».

  • فريق ماسة
  • 2012-03-20
  • 11711
  • من الأرشيف

حماس ومحور المقـاومة: هجرة ام انفصال؟ حماس وحزب الله: «العشق الممنوع»

تباينت وجهات النظر بين حركة المقاومة الإسلامية «حماس» و«حزب الله» تجاه ما يجري في سوريا. الطرفان عملا على إيجاد حل للأزمة السورية، وتوسطا بين المعارضة والنظام السوري. جهود «حماس» باءت بالفشل، فانسحبت الحركة من العاصمة السورية. انسحاب الحركة وتّر علاقتها مع «حزب الله»، لكن التوتر لم يبلغ حد القطيعة. حالياً، عادت الاتصالات واللقاءات بين الطرفين، لكن بحميمية أكثر، فما يجمعهما أكثر مما يفرقهما تعرف «حزب الله» إلى «حماس» للمرة الأولى مباشرة عام 1993 في منطقة مرج الزهور. حينها، تواصل الحزب يومياً مع قيادات الصف الأول للحركة المبعدين إلى الأراضي اللبنانية، وحينها تعرف إلى «تفكيرنا وعقائدنا مباشرة على الأرض»، كما يقول مسؤول بارز في «حماس». الحركة الإسلامية الفلسطينية، بدورها، وطدت علاقتها بالحزب اللبناني المقاوم، و«اجتمعنا على فكرتين: مقاومة العدو الإسرائيلي وتوجهنا الإسلامي المشترك»، يقول المسؤول «الحمساوي». لكن «الأخوّة» بين الطرفين لم تكن تمنع التباين في وجهات النظر في بعض المسائل، ما كان يوتّر العلاقات. آخرها كان موقف «حماس» مما يجري في سوريا. خروج «حماس» من سوريا، الذي بات مسلّماً به رغم نفي القيادات، ومواقفها تجاه ما يجري هناك، وتّرا علاقة الحركة مع «حزب الله» وقواعده في لبنان، وخصوصاً بعد خطاب رئيس وزراء الحكومة المقالة إسماعيل هنية في جامع الأزهر في القاهرة، حيث ردد المصلون شعار «لا إيران، ولا حزب الله، سوريا سوريا إسلامية». يبرر الحمساويون هذه الحادثة بالقول: «لا علاقة لنا بالشعارات التي رددت، وهذه الشعارات لم تردد داخل الجامع، بل خارجه، والجمهور الموجود لم يكن جمهورنا»، بحسب مسؤول بارز في الحركة. ويضيف أن «الشعارات التي رددت صدمت هنية، ويمكن ملاحظة ذلك على تعابير وجهه عندما كان على المنبر، وعند سماع أبو العبد هذه العبارات وجه التحية إلى الشعب السوري لإيقاف هذه الشعارات، وبدّل سياق خطابه ليركز على الأقصى والقدس؛ لأنهما ما يجمع عليه العرب». يؤكد القيادي الحمساوي أن «هنية لم يقبل بهذه الشعارات، وهي سببت الإحراج لنا أمام حلفائنا». أبناء الحركة الإسلامية رأوا أن ما رُدِّد في الأزهر كان رسالة شخصية مباشرة موجهة إلى «أبو العبد، وخصوصاً أنه كان قد عاد لتوه من إيران بعد زيارة ناجحة مليئة بالعواطف». كوادر الحركة يستطيعون تبرير أي شيء، لكن قبل الشعارات التي رُدِّدت في الأزهر، كانت الشرطة الفلسطينية في غزة قد قامت بملاحقة وضرب بعض المنتمين إلى المذهب الشيعي الموجودين في القطاع لإحيائهم ذكرى أربعين الإمام الحسين. حينها، أصدرت وزارة الداخلية في غزة بياناً قالت فيه إنها «تحترم كل المذاهب، بما في ذلك المذهب الشيعي في أماكن وجوده بالعالم». وأكدت أن ما جرى هو «ملاحقة قامت بها الشرطة الفلسطينية لمجموعة مشبوهة خارجة عن القانون وصاحبة تاريخ فكري منحرف كانت تخطط لأعمال إجرامية». كل هذه الأحداث كانت عين «حزب الله» تراقبها بحذر. مسؤولون في الحركة أكدوا أن المقاومة اللبنانية لم تسألهم عما جرى مع هذه المجموعة، بل «نحن بادرنا وشرحنا لهم ذلك، حفاظاً على خصوصية كلٍّ منّا». يضيف المسؤول في الحركة: «قلنا لهم إن ما تداولته وسائل الإعلام مضخم ولم تضرب المجموعة في المستشفى، بل كل ما جرى أنها أخذت إفادتهم هناك». ويضيف: «الداخلية الفلسطينية كانت قد تلقت بلاغاً بأصوات مرتفعة تصدر من أحد البيوت، فتوجهت الشرطة لقمع هذه المخالفة». لكن المشكلة الأساسية لدى «حماس» هي مع أنصار المقاومة اللبنانية، الذين أبدوا استياءهم من الموقف الذي اتخذته الحركة من النظام السوري. إلا أن ذلك لم يقطع حبل الودّ مع قيادة حزب الله؛ فمقعد ممثل حركة «حماس» في لبنان، علي بركة، لا يزال محفوظاً في الصفوف الأمامية لاحتفالات الحزب. ووجه بركة لا يزال يجذب الكاميرات كلما ذكرت عبارة «المقاومة الفلسطينية» في خطابات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. ففي الاحتفال الأخير لحزب الله لمناسبة «إحياء ذكرى الشهداء القادة»، تندر الحمساويون كيف أن «وجه الأخ علي ظهر على الشاشة أكثر من وجه السيد حسن». الحمساويون عدّوا ذلك رسالة موجهة من حزب الله إلى الرأي العام وإلى قاعدته لإظهار أن «حركات المقاومة مهما فرقتها السياسة إلا أن البندقية توحدها»، يقول أحد المسؤولين البارزين في «حماس». هكذا، يمكن القول إن حرارة العلاقة بين حركة حماس وحزب الله تبدلت من «فاترة» في الفترة الأخيرة إلى «ساخنة»، بحسب تعبير أحد مسؤولي الحركة. بالطبع، كلا الطرفين نفيا وجود أي برودة بينهما في الفترة الماضية، مشددين على «الأخوّة» واستمرار الاتصالات والاجتماعات التنسيقية بينهما. ويقول مسؤول بارز في الحركة ممازحاً: «حتى إننا لا نزال مربوطين بالشبكة الداخلية لاتصالات الحزب، ومكاتبنا لا تزال مفتوحة في الضاحية». ويضيف: «التنسيق في ما بيننا هو على مستوى أعلى من ذلك، ولا يمكننا ذكره في الإعلام»، في إشارة إلى التنسيق العسكري بين المقاومتين. من جهته، يقول أحد المواظبين على متابعة لقاءات الطرفين إنه توجد تباينات في قراءة بعض الأحداث والنظرة إلى بعض الثورات العربية، لكن على «قاعدة احترام الاختلاف في وجهات النظر ضمن ما يسمى آداب الاختلاف». يضيف الرجل: «أي إننا نعمل معاً على ما نتفق عليه، ويعذر بعضنا بعضاً في ما نختلف عليه». فبالنسبة إلى حماس، ما يجري في سوريا له بعدان: «بعد داخلي متجسد بمطالب شعبية محقة أقرّ بها النظام، وهناك الاستغلال الخارجي للمطالب ولسوء إدارة النظام في معالجة الأزمة السورية الداخلية». يقول الرجل إن «حزب الله يختلف معنا من خلال تغليبه المؤامرة الخارجية على البعد الداخلي، ويرى أن ما يجري في سوريا مؤامرة». حالياً الأولوية بالنسبة إلى حماس هي لتحصين الجبهة الداخلية السورية ومعالجة الأزمة حتى يقف النظام والشعب ضد المؤامرة الخارجية. ابن الحركة الفلسطينية يستفيض بشرح موقف حماس مما يجري في سوريا، وذلك لأن «قواعد حزب الله فهمت موقفنا غلط». فـ«نحن لا نتدخل في الشأن السوري الداخلي، ولا نعلن مواقف مع هذا الفريق ضد ذاك الفريق، أو مع الشعب ضد النظام». والموقف الرسمي بالنسبة إلى الحركة هو «الحل السياسي للأزمة السورية بما يحقق مطالب الشعب السوري من حرية وعدالة وإصلاح، وبما يحفظ وحدة سوريا وأمنها واستقرارها، وأن تبقى سوريا دولة مقاومة وممانعة». يؤكد الرجل أنّ بإمكان «الجميع أن يلاحظوا أننا لم نهاجم النظام السوري ورئيسه يوماً ما، فنحن أوفياء لمن وقف معنا عندما تخلى العالم عنا، وقلنا إننا مع مطالب الشعب السوري ولا أحد يمكنه أن يكون ضد الشعب». يضيف أن «حماس لا يمكنها أن تكون صورة طبق الأصل عن حلفائها؛ فالحركة تعتقد أن هناك مطالب محقة أقر بها النظام ينبغي أن تعالج وتعطى لها الأولوية وأن يقف نزف الدم السوري الذي يراق. لذلك نحن نميز بين المطالب المحقة والمؤامرة الخارجية على سوريا بسبب مواقفها السياسية الداعمة للمقاومة في فلسطين ولبنان». يتفهم القيادي «الحمساوي» خسارة حركته شعبيتها نسبياً لدى جماهير حزب الله بسبب موقفها، ويقول إن «حزب الله أيضاً خسر جزءاً من شعبيته في أوساطنا بسبب ما يجري في سوريا، لكننا نقوم بإجراءات تنظيمية داخلية للشرح لقواعدنا طبيعة علاقتنا مع الإخوة في حزب الله». من جهتها، تقول أوساط في حزب الله إن حماس «تمر في ظروف استثنائية وحساسة تستدعي تفهم موقف الحركة وحساباتها». يضيف: «هناك مناخ من التساؤلات والقلق والاستغراب لسياسة حماس داخل القاعدة لدينا، ونحن نعالجها بإجراءات داخلية». يؤكد الرجل حرص حزب الله على عدم «وجود أو إيجاد أي مناخ سلبي تجاه حماس لدى حزب الله». هكذا، مهما اختلف «الإخوة» في السياسة، تبقى القواسم المشتركة أكبر من أن تفرقهما. فالعين حالياً تتجه جنوباً، وتحديداً إلى جنوب الجنوب، أي إلى قطاع غزة وإلى كتائب القسام. ويقول أحد أبناء الحركة الإسلامية: «انظر إلى ما يجري في غزة وإلى طريقة إطلاق المقاومة لصواريخها، وستعرف طبيعة علاقتنا وعلاقة المقاومة هناك بحزب الله». تنسيق «يوم الأرض» بعيداً عن السياسة وخلافاتها، تنسّق حركة حماس مع حزب الله على الأرض على أعلى المستويات في ما يتعلق بفاعليات «مسيرة القدس العالمية»، المقررة في 30 الشهر الجاري لمناسبة يوم الأرض. ويقول أحد أعضاء اللجنة المركزية للمسيرة إن «أكبر هذه التحركات سيكون في الأردن، وستشارك جميع دول الطوق فيها إلا سوريا خوفاً من الأحداث الأمنية هناك». أما عن المكان النهائي للتحرك في لبنان، فيقول إنه «لم يحدد بعد». لكنه يؤكد أنّ «من المستحيل أن يصل التحرك إلى الحدود اللبنانية الفلسطينية، وذلك خوفاً من المواجهات التي قد تحصل». ففي العام الماضي، جرى إحياء ذكرى النكبة من خلال مسيرة العودة في لبنان وسقط ستة شهداء. يضيف: «لا يمكن أحداً أن يتحمل الدم الذي قد يسقط الآن».

المصدر : الاخبار /قاسم س. قاسم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة