أكد رئيس الوزراء الروسي المرشح الرئاسي فلاديمير بوتين تمسك روسيا بموقفها الرافض لاي تدخل خارجي في سورية أو محاولة تنفيذ السيناريو الليبي في سورية مشددا على أنه يجب على المجتمع الدولي ان يبذل جهوده في سبيل تحقيق المصالحة بين السوريين.

 

وقال بوتين في مقال له نشرته صحيفة موسكوفسكييه نوفوستي في عددها الصادر أمس تحت عنوان روسيا والعالم المتغير انه من الضروري وقف العنف في سورية مهما كانت مصادره في أسرع وقت واطلاق الحوار الوطني الشامل بين السوريين دون شروط مسبقة ودون التدخل الاجنبي مع احترام سيادة الدولة مشيرا إلى أن هذا سيمهد لتنفيذ ما أعلنته القيادة السورية من اجراءات لاشاعة الديمقراطية والاكثر أهمية منع نشوب حرب أهلية كاملة حيث عملت الدبلوماسية الروسية وستظل تعمل في هذا الاتجاه.‏

 

وأوضح بوتين أنه واتعاظا بالتجربة المريرة نعارض أن يصدر مجلس الامن الدولي قرارات من الممكن تفسيرها على أنها تعطي اشارة البدء في التدخل العسكري في التطورات الجارية داخل سورية لافتا إلى أنه وانطلاقا من هذا الموقف المبدئي لم تسمح روسيا والصين في بداية شهر شباط الجاري باصدار قرار يقبل التأويل ويحث أحد طرفي النزاع الداخلي على العنف.‏

 

وحذر بوتين الدول الغربية من مغبة تكرار ما فعلوه في وقت سابق وهو تشكيل تكتل أو تحالف من الدول المعنية لتنفيذ عملية لم يوافق عليها مجلس الامن الدولي لان مثل هذا التصرف لا يمكن أن يؤدي إلى النتيجة المرجوة اذ ينطوي على مخاطر كبيرة ولا يساعد في أي حال على تسوية الوضع داخل البلد الذي يشهد نزاعا بل يؤدي إلى تفاقم الخلل في نظام الامن الدولي ويزري بهيبة الامم المتحدة ويقوض دورها المركزي مذكرا بأن حق الفيتو ليس بمثابة التصرف حسب الهوى بل هو جزء لا يتجزأ من النظام العالمي المنصوص عليه في ميثاق الامم المتحدة وتم تضمينه في الميثاق بناء على طلب الولايات المتحدة نفسها ومعناه أن القرار الذي يعارضه عضو دائم في مجلس الامن الدولي لا يمكن أن يكون فعالا.‏

 

وأعرب بوتين عن أمله في أن تأخذ الولايات المتحدة والبلدان الأخرى في الاعتبار التجربة المحزنة في ليبيا وتمتنع عن تنفيذ السيناريو العسكري في سورية دون موافقة مجلس الامن الدولي مستغربا أسباب هذه الرغبة العنترية في استخدام القوة العسكرية وأسباب عدم الصبر على صياغة الموقف الجماعي المدروس والمتوازن ولاسيما أن ملامحه كانت قد ارتسمت عند طرح مشروع القرار المذكور بشأن سورية ولم يبق وقتذاك غير مطالبة المعارضة المسلحة بأن تفعل ما هو مطلوب من الحكومة وعلى الأخص اخراج الوحدات والفصائل القتالية من المدن.‏

 

وأشار إلى أن رفض هذا المطلب كان أمرا وقحا لان من الضروري اعادة جميع المشاركين في المواجهة المسلحة إلى رشدهم اذا كنا نريد توفير الامن للمواطنين المسالمين وهو هدف روسيا الاول.‏

 

وفيما يخص الوضع في المنطقة العربية قال بوتين انه كان هناك أمل في أن يؤدي الربيع العربي الذي شهدته بعض الدول إلى تغيرات ايجابية ولكن سرعان ما بات واضحا أن أحداث الكثير من البلدان لا تأخذ المنحى الحضاري اذ جرى استبدال سيطرة احدى القوى بسيطرة قوة أخرى أكثر تشددا وبطشا بدلا من ترسيخ الديمقراطية وحماية حقوق الاقلية كما أن تدخل القوي الخارجية لدعم أحد أطراف النزاعات الداخلية زاد الأمور سوءاً وهذا ما شهدناه في ليبيا حيث أقدمت عدة دول على اسقاط النظام الليبي بمساعدة الطيران العسكري تحت ستار الشعارات الانسانية وكان مشهد النهاية فظيعا اذ تم اغتيال معمر القذافي بطريقة تماثل الطرق المتبعة في العصور الوسطى وما قبلها.‏

 

ورأى بوتين أن الاحداث المأساوية التي تشهدها المنطقة لا يقف وراءها الحرص على حماية حقوق الانسان بقدر ما تقف وراءها رغبة أحد ما في اعادة اقتسام الاسواق كما أن السعي إلى تطبيق الديمقراطية بالقوة العسكرية يؤدي في أحيان كثيرة إلى نتيجة معاكسة اذ تخرج إلى السطح قوى تحاول تغيير اتجاه تطور البلدان وطبيعة نظامها الحاكم العلمانية وفي ضمن تلك القوى متطرفون دينيون.‏

 

وبخصوص النزاع العربي الاسرائيلي قال بوتين انه لم يتم اختراع حل سحري لهذه القضية حتى الان مشددا على انه لا يجوز مع ذلك أن نستسلم إلى الاقدار بل يجب أن نعمل في اتجاه الحل وهذا ماستواصل الدبلوماسية الروسية العمل عليه.‏

 

وشدد بوتين على أن من بين الثوابت التي تتمسك بها روسيا توفير الامن للدول كافة على نحو سواء وعدم جواز الافراط باستخدام القوة والتقيد بأحكام القانون الدولي حيث يؤدي الاستهتار بهذه المبادئ إلى زعزعة استقرار العلاقات الدولية موضحا أن بعض تصرفات الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي تصب في اطار ضرب أمن روسيا وزعزعة استقرار العالم كما أن ثمة قلقا ازاء سلسلة النزاعات المسلحة الجاري تبريرها بأغراض انسانية والتي تقوض سيادة الدول.‏

 

وقال بوتين انه عندما تتم حماية حقوق الانسان من الخارج بشكل انتقائي وتهدر حقوق الجماهير بما فيها الحق في الحياة فلا يكون القصد عندئذ تحقيق المهمة الجليلة والنبيلة بل ان المقصود في هذه الحالة هو الديماغوجية الفارغة لافتا إلى أنه من الهام أن تتمكن الامم المتحدة ومجلس الامن التابع لها من مواجهة ضغط بعض البلدان وصد املاءاتها حيث لا يحق لاحد أن يستخدم القوة ضد الدول السيدة زاعما أنه حصل على تفويض من الامم المتحدة والمقصود هنا هو حلف الناتو الذي يحاول أن يؤدي وظائف غريبة على الحلف الدفاعي.‏

 

ورأى بوتين أنه أصبح للاطلسيين وبالاخص الولايات المتحدة مفهوم متميز للامن يختلف اختلافا جوهريا عن مفهومنا فالاميركيون مهووسون بفكرة جعل أنفسهم في مأمن مطلق وهي فكرة غير مقبولة لان هذا يعني تعريض الاخرين إلى الخطر معربا عن استعداد روسيا لتحقيق تقدم كبير بل واختراق نوعي على صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة بشرط أن يتصرف الاميركيون من منطلق الشراكة المتكافئة والاحترام المتبادل.‏

 

وعبر بوتين عن قلق روسيا من احتمال توجيه الضربة العسكرية لايران معتبرا أن هذا الامر سيؤدي إلى عواقب كارثية.‏

 

وأوضح أن هذه المشكلة لا تحل الا بالطرق السلمية مقترحا أن يعترف المجتمع الدولي بحق ايران في تطوير البرنامج النووي السلمي بما فيه الحق في تخصيب اليورانيوم مقابل أن تضع ايران نشاطها النووي كله تحت المراقبة الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية واذا تم ذلك فيجب رفع جميع العقوبات المفروضة على ايران بما فيها العقوبات أحادية الجانب.‏

 

وأكد بوتين أن العالم لا ينظر إلى روسيا نظرة احترام وتقدير الا عندما تكون قوية وتنتهج السياسة الخارجية المستقلة مشيرا إلى أن أهداف السياسة الخارجية الروسية تحمل طابعا استراتيجيا ثابتا يعكس مكانتها على الخارطة السياسية العالمية ودورها في التاريخ وفي تطوير الحضارة.‏

 

وأضاف ان بلاده ستواصل نهجها النشيط والبناء الهادف إلى تعزيز الامن الدولي دون الدخول في مواجهة مع الدول الأخرى والى التصدي لما يواجه العالم من تحديات مثل انتشار الاسلحة النووية والنزاعات والازمات الاقليمية والارهاب ومخاطر المخدرات كما ستسعى إلى انشاء نظام عالمي جديد على أرض الواقع الجيوسياسي المعاصر بطريقة لينة تخلو من هزات.‏

 

وفيما يخص مكافحة الارهاب أوضح بوتين أن الوقاية من الارهاب تتطلب استخدام مختلف المؤسسات الاجتماعية بما فيها وسائل الاعلام والجمعيات الدينية والمنظمات غير الحكومية وأنظمة التعليم والعلم وقطاع الاعمال كما ينبغي اجراء الحوار الدائم بين الطوائف والحضارات معربا عن استعداد روسيا لان تسهم بقسطها في النقاش الدولي الدائر بهذا الخصوص.‏

 

الى ذلك رحبت روسيا باجراء الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في سورية مؤكدة أنه خطوة نحو تحقيق الاصلاح والديمقراطية في البلاد.‏

 

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي عقده اليوم في موسكو.. ان الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في سورية شكل خطوة مهمة نحو الاصلاح وهو تحرك نحو الديمقراطية.. وان الغاء نظام الحزب الواحد في البلاد مسألة ينبغي الاشادة بها.‏

 

ودعا لافروف جميع القوى الدولية إلى اعطاء اشارة موحدة وواضحة لجميع الاطراف في سورية بشأن ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار لايجاد حل للازمة لافتا إلى ضرورة وقف العنف في البلاد من قبل الجميع.‏

 

ووصف لافروف ما سمي بمؤتمر أصدقاء سورية في تونس بأنه مؤتمر دعم أحادي الجانب وقال: حتى يومنا هذا لا نعرف الصفة القانونية للوثيقة التي تبناها المؤتمر.. لقد تشكل لدينا انطباع بأن هذا المؤتمر لم يسهم في توفير ظروف لتشجيع جميع الاطراف على اجراء حوار سياسي.‏

 

وأعرب لافروف عن ثقته بأن الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في سورية لم يجر ردا على تصريحات بل كخطوة مهمة على طريق الاصلاحات الملحة.‏

 

وقال لافروف ان روسيا سترحب بأي مبادرة ستسمح بتوحيد المجتمع الدولي على اساس مساندة القرارات التي سيتوصل اليها السوريون بأنفسهم.‏

 

من جهتها أعلنت وزارة الخارجية الروسية ان نتائج الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في سورية تدل على ان نهج الحكومة السورية يحظى بتأييد الشعب.‏

 

وقالت الوزارة في بيان لها أمس ان موسكو تعتبر الاستفتاء خطوة هامة في طريق تحقيق نهج التحولات الرامية الى جعل سورية دولة ديمقراطية حديثة وتوسيع حقوق وحريات المواطنين الذي تتبعه الحكومة السورية.‏

 

واضافت الخارجية الروسية.. نحن نرى ان نتائج الاستفتاء تدل على ان نهج الحكومة يحظى بتأييد الشعب ومن البديهي ان نفوذ مجموعات المعارضة التي دعت قبيل الاستفتاء الى مقاطعته محدود ولا يمنحها الحق في ان تتكلم باسم الشعب السوري.‏

 

وقال البيان: ندعو كافة الاطراف السورية الى نبذ العنف فورا والدخول في الحوار دون شروط مسبقة بأسرع ما يمكن بهدف المشاركة البناءة في عملية الاصلاح وبناء سورية جديدة بما يخدم مصالح جميع مواطنيها.‏

 

من جانب اخر قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الروسي الدوما ألكسي بوشكوف ان روسيا تبذل جهودها لاجلاء الصحفيين الاجانب الجرحى من مدينة حمص منذ نهاية الاسبوع الماضي.‏

 

ونقلت وكالة انباء موسكو عن بوشكوف قوله انه وفقا لمعلوماته فان الدول الغربية لا تحاول اجلاء الجرحى مشيرا الى ان المسلحين لم يوافقوا على ترحيل الصحفيين الجرحى وسمحوا فقط لمندوبي التلفزيون بتصويرهم.‏

 

وكانت وزارة الخارجية والمغتربين اكدت في الثالث والعشرين من هذا الشهر ضرورة احترام الاعلاميين الاجانب للقوانين الناظمة للعمل الصحفي في البلاد وتجنب كسر القوانين والدخول للاراضي السورية بهدف الوصول الى اماكن مضطربة غير امنة.‏

  • فريق ماسة
  • 2012-02-27
  • 12918
  • من الأرشيف

بوتين يجدد تمسك بلاده بسياستها الخارجية وموقفها من ســـورية... روسيا: نتائج الاستفتاء دليل على تأييد السوريين لقيادتهم ولا يحق للمعارضة بعد الآن التحدث باسمهم

أكد رئيس الوزراء الروسي المرشح الرئاسي فلاديمير بوتين تمسك روسيا بموقفها الرافض لاي تدخل خارجي في سورية أو محاولة تنفيذ السيناريو الليبي في سورية مشددا على أنه يجب على المجتمع الدولي ان يبذل جهوده في سبيل تحقيق المصالحة بين السوريين.   وقال بوتين في مقال له نشرته صحيفة موسكوفسكييه نوفوستي في عددها الصادر أمس تحت عنوان روسيا والعالم المتغير انه من الضروري وقف العنف في سورية مهما كانت مصادره في أسرع وقت واطلاق الحوار الوطني الشامل بين السوريين دون شروط مسبقة ودون التدخل الاجنبي مع احترام سيادة الدولة مشيرا إلى أن هذا سيمهد لتنفيذ ما أعلنته القيادة السورية من اجراءات لاشاعة الديمقراطية والاكثر أهمية منع نشوب حرب أهلية كاملة حيث عملت الدبلوماسية الروسية وستظل تعمل في هذا الاتجاه.‏   وأوضح بوتين أنه واتعاظا بالتجربة المريرة نعارض أن يصدر مجلس الامن الدولي قرارات من الممكن تفسيرها على أنها تعطي اشارة البدء في التدخل العسكري في التطورات الجارية داخل سورية لافتا إلى أنه وانطلاقا من هذا الموقف المبدئي لم تسمح روسيا والصين في بداية شهر شباط الجاري باصدار قرار يقبل التأويل ويحث أحد طرفي النزاع الداخلي على العنف.‏   وحذر بوتين الدول الغربية من مغبة تكرار ما فعلوه في وقت سابق وهو تشكيل تكتل أو تحالف من الدول المعنية لتنفيذ عملية لم يوافق عليها مجلس الامن الدولي لان مثل هذا التصرف لا يمكن أن يؤدي إلى النتيجة المرجوة اذ ينطوي على مخاطر كبيرة ولا يساعد في أي حال على تسوية الوضع داخل البلد الذي يشهد نزاعا بل يؤدي إلى تفاقم الخلل في نظام الامن الدولي ويزري بهيبة الامم المتحدة ويقوض دورها المركزي مذكرا بأن حق الفيتو ليس بمثابة التصرف حسب الهوى بل هو جزء لا يتجزأ من النظام العالمي المنصوص عليه في ميثاق الامم المتحدة وتم تضمينه في الميثاق بناء على طلب الولايات المتحدة نفسها ومعناه أن القرار الذي يعارضه عضو دائم في مجلس الامن الدولي لا يمكن أن يكون فعالا.‏   وأعرب بوتين عن أمله في أن تأخذ الولايات المتحدة والبلدان الأخرى في الاعتبار التجربة المحزنة في ليبيا وتمتنع عن تنفيذ السيناريو العسكري في سورية دون موافقة مجلس الامن الدولي مستغربا أسباب هذه الرغبة العنترية في استخدام القوة العسكرية وأسباب عدم الصبر على صياغة الموقف الجماعي المدروس والمتوازن ولاسيما أن ملامحه كانت قد ارتسمت عند طرح مشروع القرار المذكور بشأن سورية ولم يبق وقتذاك غير مطالبة المعارضة المسلحة بأن تفعل ما هو مطلوب من الحكومة وعلى الأخص اخراج الوحدات والفصائل القتالية من المدن.‏   وأشار إلى أن رفض هذا المطلب كان أمرا وقحا لان من الضروري اعادة جميع المشاركين في المواجهة المسلحة إلى رشدهم اذا كنا نريد توفير الامن للمواطنين المسالمين وهو هدف روسيا الاول.‏   وفيما يخص الوضع في المنطقة العربية قال بوتين انه كان هناك أمل في أن يؤدي الربيع العربي الذي شهدته بعض الدول إلى تغيرات ايجابية ولكن سرعان ما بات واضحا أن أحداث الكثير من البلدان لا تأخذ المنحى الحضاري اذ جرى استبدال سيطرة احدى القوى بسيطرة قوة أخرى أكثر تشددا وبطشا بدلا من ترسيخ الديمقراطية وحماية حقوق الاقلية كما أن تدخل القوي الخارجية لدعم أحد أطراف النزاعات الداخلية زاد الأمور سوءاً وهذا ما شهدناه في ليبيا حيث أقدمت عدة دول على اسقاط النظام الليبي بمساعدة الطيران العسكري تحت ستار الشعارات الانسانية وكان مشهد النهاية فظيعا اذ تم اغتيال معمر القذافي بطريقة تماثل الطرق المتبعة في العصور الوسطى وما قبلها.‏   ورأى بوتين أن الاحداث المأساوية التي تشهدها المنطقة لا يقف وراءها الحرص على حماية حقوق الانسان بقدر ما تقف وراءها رغبة أحد ما في اعادة اقتسام الاسواق كما أن السعي إلى تطبيق الديمقراطية بالقوة العسكرية يؤدي في أحيان كثيرة إلى نتيجة معاكسة اذ تخرج إلى السطح قوى تحاول تغيير اتجاه تطور البلدان وطبيعة نظامها الحاكم العلمانية وفي ضمن تلك القوى متطرفون دينيون.‏   وبخصوص النزاع العربي الاسرائيلي قال بوتين انه لم يتم اختراع حل سحري لهذه القضية حتى الان مشددا على انه لا يجوز مع ذلك أن نستسلم إلى الاقدار بل يجب أن نعمل في اتجاه الحل وهذا ماستواصل الدبلوماسية الروسية العمل عليه.‏   وشدد بوتين على أن من بين الثوابت التي تتمسك بها روسيا توفير الامن للدول كافة على نحو سواء وعدم جواز الافراط باستخدام القوة والتقيد بأحكام القانون الدولي حيث يؤدي الاستهتار بهذه المبادئ إلى زعزعة استقرار العلاقات الدولية موضحا أن بعض تصرفات الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي تصب في اطار ضرب أمن روسيا وزعزعة استقرار العالم كما أن ثمة قلقا ازاء سلسلة النزاعات المسلحة الجاري تبريرها بأغراض انسانية والتي تقوض سيادة الدول.‏   وقال بوتين انه عندما تتم حماية حقوق الانسان من الخارج بشكل انتقائي وتهدر حقوق الجماهير بما فيها الحق في الحياة فلا يكون القصد عندئذ تحقيق المهمة الجليلة والنبيلة بل ان المقصود في هذه الحالة هو الديماغوجية الفارغة لافتا إلى أنه من الهام أن تتمكن الامم المتحدة ومجلس الامن التابع لها من مواجهة ضغط بعض البلدان وصد املاءاتها حيث لا يحق لاحد أن يستخدم القوة ضد الدول السيدة زاعما أنه حصل على تفويض من الامم المتحدة والمقصود هنا هو حلف الناتو الذي يحاول أن يؤدي وظائف غريبة على الحلف الدفاعي.‏   ورأى بوتين أنه أصبح للاطلسيين وبالاخص الولايات المتحدة مفهوم متميز للامن يختلف اختلافا جوهريا عن مفهومنا فالاميركيون مهووسون بفكرة جعل أنفسهم في مأمن مطلق وهي فكرة غير مقبولة لان هذا يعني تعريض الاخرين إلى الخطر معربا عن استعداد روسيا لتحقيق تقدم كبير بل واختراق نوعي على صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة بشرط أن يتصرف الاميركيون من منطلق الشراكة المتكافئة والاحترام المتبادل.‏   وعبر بوتين عن قلق روسيا من احتمال توجيه الضربة العسكرية لايران معتبرا أن هذا الامر سيؤدي إلى عواقب كارثية.‏   وأوضح أن هذه المشكلة لا تحل الا بالطرق السلمية مقترحا أن يعترف المجتمع الدولي بحق ايران في تطوير البرنامج النووي السلمي بما فيه الحق في تخصيب اليورانيوم مقابل أن تضع ايران نشاطها النووي كله تحت المراقبة الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية واذا تم ذلك فيجب رفع جميع العقوبات المفروضة على ايران بما فيها العقوبات أحادية الجانب.‏   وأكد بوتين أن العالم لا ينظر إلى روسيا نظرة احترام وتقدير الا عندما تكون قوية وتنتهج السياسة الخارجية المستقلة مشيرا إلى أن أهداف السياسة الخارجية الروسية تحمل طابعا استراتيجيا ثابتا يعكس مكانتها على الخارطة السياسية العالمية ودورها في التاريخ وفي تطوير الحضارة.‏   وأضاف ان بلاده ستواصل نهجها النشيط والبناء الهادف إلى تعزيز الامن الدولي دون الدخول في مواجهة مع الدول الأخرى والى التصدي لما يواجه العالم من تحديات مثل انتشار الاسلحة النووية والنزاعات والازمات الاقليمية والارهاب ومخاطر المخدرات كما ستسعى إلى انشاء نظام عالمي جديد على أرض الواقع الجيوسياسي المعاصر بطريقة لينة تخلو من هزات.‏   وفيما يخص مكافحة الارهاب أوضح بوتين أن الوقاية من الارهاب تتطلب استخدام مختلف المؤسسات الاجتماعية بما فيها وسائل الاعلام والجمعيات الدينية والمنظمات غير الحكومية وأنظمة التعليم والعلم وقطاع الاعمال كما ينبغي اجراء الحوار الدائم بين الطوائف والحضارات معربا عن استعداد روسيا لان تسهم بقسطها في النقاش الدولي الدائر بهذا الخصوص.‏   الى ذلك رحبت روسيا باجراء الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في سورية مؤكدة أنه خطوة نحو تحقيق الاصلاح والديمقراطية في البلاد.‏   وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي عقده اليوم في موسكو.. ان الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في سورية شكل خطوة مهمة نحو الاصلاح وهو تحرك نحو الديمقراطية.. وان الغاء نظام الحزب الواحد في البلاد مسألة ينبغي الاشادة بها.‏   ودعا لافروف جميع القوى الدولية إلى اعطاء اشارة موحدة وواضحة لجميع الاطراف في سورية بشأن ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار لايجاد حل للازمة لافتا إلى ضرورة وقف العنف في البلاد من قبل الجميع.‏   ووصف لافروف ما سمي بمؤتمر أصدقاء سورية في تونس بأنه مؤتمر دعم أحادي الجانب وقال: حتى يومنا هذا لا نعرف الصفة القانونية للوثيقة التي تبناها المؤتمر.. لقد تشكل لدينا انطباع بأن هذا المؤتمر لم يسهم في توفير ظروف لتشجيع جميع الاطراف على اجراء حوار سياسي.‏   وأعرب لافروف عن ثقته بأن الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في سورية لم يجر ردا على تصريحات بل كخطوة مهمة على طريق الاصلاحات الملحة.‏   وقال لافروف ان روسيا سترحب بأي مبادرة ستسمح بتوحيد المجتمع الدولي على اساس مساندة القرارات التي سيتوصل اليها السوريون بأنفسهم.‏   من جهتها أعلنت وزارة الخارجية الروسية ان نتائج الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في سورية تدل على ان نهج الحكومة السورية يحظى بتأييد الشعب.‏   وقالت الوزارة في بيان لها أمس ان موسكو تعتبر الاستفتاء خطوة هامة في طريق تحقيق نهج التحولات الرامية الى جعل سورية دولة ديمقراطية حديثة وتوسيع حقوق وحريات المواطنين الذي تتبعه الحكومة السورية.‏   واضافت الخارجية الروسية.. نحن نرى ان نتائج الاستفتاء تدل على ان نهج الحكومة يحظى بتأييد الشعب ومن البديهي ان نفوذ مجموعات المعارضة التي دعت قبيل الاستفتاء الى مقاطعته محدود ولا يمنحها الحق في ان تتكلم باسم الشعب السوري.‏   وقال البيان: ندعو كافة الاطراف السورية الى نبذ العنف فورا والدخول في الحوار دون شروط مسبقة بأسرع ما يمكن بهدف المشاركة البناءة في عملية الاصلاح وبناء سورية جديدة بما يخدم مصالح جميع مواطنيها.‏   من جانب اخر قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الروسي الدوما ألكسي بوشكوف ان روسيا تبذل جهودها لاجلاء الصحفيين الاجانب الجرحى من مدينة حمص منذ نهاية الاسبوع الماضي.‏   ونقلت وكالة انباء موسكو عن بوشكوف قوله انه وفقا لمعلوماته فان الدول الغربية لا تحاول اجلاء الجرحى مشيرا الى ان المسلحين لم يوافقوا على ترحيل الصحفيين الجرحى وسمحوا فقط لمندوبي التلفزيون بتصويرهم.‏   وكانت وزارة الخارجية والمغتربين اكدت في الثالث والعشرين من هذا الشهر ضرورة احترام الاعلاميين الاجانب للقوانين الناظمة للعمل الصحفي في البلاد وتجنب كسر القوانين والدخول للاراضي السورية بهدف الوصول الى اماكن مضطربة غير امنة.‏

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة