إسرائيـل تقتـل جندييـها .. والمقـاومـة تكمـل التفـاوض            

تبّت يد لهب أسرائيل.. حمالة حطب الارض المحروقة لكن السم الذي طبخته لشعبنا سيتذوقه شعبها ومجتمعها المختبئ والمرتعب من صاروخ على الشمال، فكيف اذا حلت معادلة جديدة «العاصمة بالعاصمة» والغارة بالصاروخ والمبتدأ بالخبر.

ليس عمق إسرائيل من سيتألم وحسب وإنما سيتجرع عدونا ناراً أعدها لنا، فصبت على «سبب الحرب» وهذا ما تكشفه حلقــة اليوم من يوميات دونت سراً واحداً بالخط الذي لا يقرأ.

خمس سنوات تدارى فيها السر تحت خمسين الف بئر عميقة، ولذلك فإنه اليوم سيشاع وسيخرج من طابعه الذي حمل عنوان «سريّ للغاية»، والغاية هنا أن صدقية ما ننشر تحتم علينا إخراج الاوراق ولو من مياه بئر.

بالتاريخ، اليوم والساعة التي لن نعطيها لعدوّنا أقدمت إســرائيل على هستــيريا غارات بلا تحديد الأهداف فكانت هي الهدف الذي أخفته عن الرأي العــام طيلة سنوات ما بعد الحرب.

كانت تمنّي النفس بتقــدم بري أو منصة صواريخ للمقــاومة.. تطــارد أشباحاً لظنها أنها قيــادات أو كوادر عسكــرية واذ بها أمام ناس من ورق أو على أبعــد تقدير في مواجهة «تشابه أســماء».. ولسـوء حظها وحـسن قدرنا فإنه لم «يخــلق لهــا من الشــبه أربعين».

كل هذه الإخفاقات بما فيها الإبادة بحق المدنيين وصولاً الى البقاع، دفعت باتجاه تثبيت أقدام التفاوض غير أننا كنا أحوج الى إقناع الداخل اللبناني بقليل من الصبر واستقدام العصب ولو على سبيل «الإعارة»، ففي الخارج من يشي ويشكك ويعرب الجمل الوطنية بالفرنسية والأميركية، وفي الداخل آخر ينتفض لأحاديته ويعلن بعصبية زائدة واحداً بأن «الأمور لم تعد تطاق.. ولا أقبل بظهور سيد بمنصب رئيس».

تحمّلنا موتنا.. وموت روح الآخرين المعنوية ومع ذلك آثرنا المضي بين حقول ألغام الغرب والعرب ننقح نصوصاً كتبت على حد السيف.

كانت كل المعطيات الميدانية في الثالث من آب تشير إلى أن إسرائيل قد دخلت مرحلة صعبة للغاية مع بلوغ عدد الصواريخ التي استهدفت المدن الإسرائيلية أعلى مستوى لها في أيام الحرب نسبة إلى الفترة الزمنية التي أطلقت فيها والمساحة الجغرافية التي غطتها وعدد القتلى الذي دفع المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل إلى التوقف أمام المخاطر الحقيقية الناجمة عن تبدلات الحرب لجهة قدرة المقاومة على المبادرة، في وقت عجزت قوات النخبة الإسرائيلية عن إحداث أي اختراق حقيقي يمكن أن يسجل كإنجاز، وبقيت المعارك على تخوم مارون الراس في القطاع الأوسط وعلى حدود سهل الخيام في القطاع الشرقي.

بداية النهار السياسي للرئيس نبيه بري كانت عقد جلسة لرؤساء ومقرري اللجان النيابية، حيث أبلغهم بثقة كبيرة أن المعركة هي لمصلحتنا والنتائج على الأرض توحي بأن الهزيمة ستلحق بالعدو، متعمداً التحدث بمعنويات عالية لإيصال رسائل إلى كل الكتل المشاركة، بالإضافة إلى وضع أسس لإطلاق ورشة تشريعية تواكب مرحلة ما بعد الحرب واحتياجاتها.

أبلغني الرئيس بري أن السفير الأميركي جيفري فيلتمان حاول الاتصال لأكثر من مرة، وأنه يرفض التواصل معه وما زال على الموقف من مقاطعتهم، لا بل أصبح أكثر تشدداً بعدما سمع بالمشروع الأميركي – الفرنسي، وقال إن فيلتمان عاد وأصر اليوم على اللقاء مقترحاً أن يكون في السر إذا كان الأمر مزعجاً في العلن، لكن الرئيس بري رفض وقال إنه يمانع في المبدأ عقد أي لقاء سري، فكلف علي حمدان أن يتواصل معه ويستمع ما إذا كان لديه أي مشروع جديد، على أن لا يعطيه أي موقف ويؤجله إلى حين طرح الأمر على قيادة الحركة لاتخاذ القرار المناسب.

في اللقاء معه، أعلن فيلتمان أن مساعد وزير الخارجية ديفيد ولش سيأتي إلى بيروت وهو يريد أن يلتقي الرئيسين بري وفؤاد السنيورة وأنه لا يمانع أن يلتقي الرئيس بري في الشكل الذي يريده، وكان جواب الرئيس بري التريث في الإجابة لكن بالتأكيد «لن أقبل بأي لقاء سري».

معادلة «تل أبيب مقابل بيروت»

ليلاً، أطل السيد حسن نصرالله في خطاب متلفز تحدث فيه بشكل شامل عن المجريات الميدانية وقدرات المقاومة والعناصر الجديدة التي أدخلتها إلى ساحة المعركة على المستوى النوعي، والتكتيكات المعتمدة لجهة استدراج العدو إلى معارك برية، وطرح المعادلة الجديدة حول الوقف النوعي لإطلاق النار من جهة، ومخاطباً رئيس الأركان الإسرائيلي:

«إذا قصفتم عاصمتنا فسنقصف عاصمة كيانكم الغاصب».

وحمّل «السيد» الجانب الأميركي قرار الحرب ومسؤوليتها، ووعد أن نتائجها ستؤكد أن لبنان لن يكون موقعاً من مواقع الشرق الأوسط الجديد الذي يريده جورج بوش وكوندوليسا رايس.

بعد خطاب السيد نصر الله، جرى تواصل هاتفي مع الحاج حسين الخليل قبل عقد لقاء مع الرئيس بري في عين التينة، أبلغَنا فيه الحاج ما يلي:

«الوضع الميداني ممتاز، المنصات الصاروخية كثيرة إلى درجة أنه عندما نطلق منها الصواريخ نتركها في أرضها حتى لا نؤثر على مقاتلينا والناس، ولهذا لا قيمة للحديث عن ضرب منصات، هذا هو تكتيكنا المعتمد، حديد بحديد، السيطرة على الصواريخ ما زالت مثل اليوم الأول. لم نفقد التحكم في أي واحدة منها والذخيرة حسب الظاهر أفضل من الإسرائيلي الذي بدأ يُنقل من المستودعات الأميركية على وجه السرعة.

على مستوى المعركة البرية، المقاتلون على الحدود تماماً، نسمح ببعض التوغل لأسباب تكتيكية تضرّ بالعدو، نحن لغّمنا المداخل الطبيعية ولهذا يعمدون عند أي محاولة تقدم أن يشقوا طرقات جديدة وهم مربكون من نوعية الصواريخ المضادة للدروع.

إن فكرة «تل أبيب مقابل بيروت» جاءت لتؤكد أن بيروت تحميها المقاومة وليس الضمانات الأميركية كما يسوق البعض داخلياً».

وتابع الحاج حسين الخليل: «هناك موضوع آخر لا يعرفه إلا عدد محدود جداً من الاخوة المعنيين مباشرة ولن يعرفه أحد لاحقاً سوانا، لقد أدى القصف الاسرائيلي خلال الايام الماضية الى مقتل الأسيرين الإسرائيليين جراء غارة على أحد الاماكن، لقد كان الاخوة حذرين جداً ومتنبهين لكي لا يحصل هذا، لكن توسيع عمليات القصف واستخدام صواريخ كبيرة وعدم تحييد أي مكان أدى الى هذا الامر، إن الشباب عملوا بكل طاقاتهم تحت الخطر من أجل أن يحافظوا على الجثتين وينقلوهما، إنها المفارقة.. إسرائيل تقتل أسيريها التي أعلنت الحرب لأجلهما، من جهتنا كمقاومة، سنكمل معركة التفاوض وكأن شيئاً لم يحصل».

وقال الحاج حسين: في السياسة، يجدد «السيد» التأكيد أن الأمر عندك وفق تطور المباحثات مع الأطراف المختلفة. في قضية مزارع شبعا لا مشكلة عندنا في تسليمها إلى الأمم المتحدة، وإن كنا من حيث المبدأ سنبقى على طرح تحريرها.

وهنا قال الرئيس بري: أساساً أنا أشترط دوماً الأمر بعودة الأهالي إليها لتكون ضمناً مثل أي مدينة جنوبية، والاستثناء الوحيد أن لا يكون فيها جيش.

يكمل الحاج حسين نقلاً عن «السيد»: أنا معك يا دولة الرئيس بأن الأساس هو الانتباه إلى مهام القوة الدولية، الحذر ضروري مع تكرار السنيورة للأمر وأنه سيدرس المسألة في الحكومة، لن نقبل بالمداهمة أو تحديد التجول أو غيرها.. وأنا معك أيضاً مئة في المئة بأن لا نقبل بقوات إسلامية أو عربية، وربما يأخذ أبعاداً طائفية إذا لعب البعض على الوتر.

هنا يسأل الحاج حسين عن المشروع الفرنسي.

بري: قل لسماحته إن هذا ليس مشروع تسوية، هو يريد أن يضمّنه قضايا سياسية أقرب ما تكون إلى اتفاق سلام مع إسرائيل.

الخليل: هل تعتقد أن سعد الحريري والسـنيورة سيكونان ثابتين معنا؟

بري: نحن لن نخسر شيئاً أكثر، كل ما هو مطروح بالنسبة إلينا توسيع مهام القوات الدولية وهذا لن نقبل أن يُبحث في مجلس الوزراء قبل وقف إطلاق النار حتى لا نُحرج في التصويت.

وعلى الباب، قال الرئيس بري للحاج حسين: إني أحضّر أوراق الدعوى ضد ايهود أولمرت، مركّزاً على حملته لإبادة الشيعة، علينا أن لا نسكت.

الحريري يهاجم سورية وايران من موسكو

في 4/8/2006 دخل البقاع من أبعد نقطة فيه إلى عالم المجازر الإسرائيلية، حيث وقعت مجزرة في بلدة القاع أشبه ما تكون بمجزرة قانا، حيث استهدفت تجمعاً للعمال الزراعيين وترافقت مع اتساع عمليات القصف الذي قطع آخر الممرات الإنسانية بين العاصمة والمناطق المختلفة، وأحدث اختناقاً لعمليات الإغاثة.

هذا الجو التصعيدي لم يترك أي أثر سلبي على حركة المقاومة التي استطاعت أن تحجم محاولات الاختراق البرية في القطاعين الأوسط والشرقي وأوقعت خسائر كبيرة في جيش العدو بالإضافة إلى القصف الصاروخي في عمق الداخل الإسرائيلي، حيث استخدمت للمرة الأولى صواريخ «خيبر» التي يصل مداها إلى 75 كلم، أي أقل بضربة حجر من تل أبيب التي أكدت التجارب وتطور الأداء الصاروخي للمقاومة أنها ليست في منأى عن الاستهداف إذا ما أرادت المقاومة ذلك، وفي وقت كانت أسطورة «الميركافا» قد سقطت بالكامل مع الاستخدام المتميز للمضادات الموجهة من بعيد.

هذه الوقائع أسقطت مشروع العدو في السيطرة على شريط بعمق 6 كلم، كما كانت قيادة الجيش الإسرائيلي قد وضعت هدفاً لها، وأسقطت معها وحدة المستوى القيادي الإسرائيلي الذي بدا مرتبكاً تتعارض فيه الآراء حول قرار توسيع الحرب أو وقفها.

في هذا الوقت، كان الحراك يتسع في مجلس الأمن الدولي ويقوده الجانب الأميركي مع الفرنسي الذي يعمل على قرار بداية الأسبوع المقبل تتوسّع فيه البنود السياسية ولا مكان أساسي فيه للأسيرين الإسرائيليين اللذين وقعت الحرب باسمهما، حيث لم يعد يتم تناولهما إلا كجزء من «إكسسوارات» الحل الذي يطال وفق الحساب الأميركي سلاح المقاومة والحدود مع سوريا وتشكيل قوة دولية يجيزها مجلس الأمن.

بالتزامن كان النائب سعد الحريري في زيارة لموسكو، يتحدث عن حل شامل للمشكلة بالترافق مع وقف إطلاق النار ويشن هجوماً على سوريا وإيران محاولاً إدخالهما طرفاً في المعركة وبأنهما يستخدمان «حزب الله» لأهدافهما السياسية، مع أنه برر وجود الحزب في الحكومة بأنه جزء مؤثر في الحياة السياسية الداخلية.

 السنيورة في عين التينة منفعلاً

في موعد طارئ عند الساعة العاشرة صباحاً، استقبل الرئيس بري الرئيس فؤاد السنيورة الذي كان محبطاً ويتحدث بعصبية ظاهرة وبأن الأمور لم تعد تطاق، وقال إنه لا يقبل أن يظهر السيد حسن نصرالله ليتحدث مقابل رئيس الوزراء الإسرائيلي وكأنه ممثل لبنان ودولته، وقال «إننا في لبنان نتصرف كدولتين، أنا لا أحتمل هذا، البارحة كان السيد نصرالله يتحدث ويقدم الاقتراحات ويهدّد وكأنني غير موجود، إن الأجواء في بيروت سيئة والناس لا تحتمل هذا الجو».

بري: لماذا هذا التفكير، ألم تضع أنت النقاط السبع ورغم تحفظنا مشينا معك بها، ألم تسمع بالأمس ما قلته في اللجان النيابية بأننا إلى جانبك فيما قررته؟ عليك الانتباه أن السيد حسن نصرالله يخوض معركة استثنائية، أنت لم يقل لك أحد إنك تفردت في روما بل تبنينا الأمر حفاظاً على الوحدة الوطنية.

السنيورة: إني أفكر أن نعقد اجتماعاً وطنياً عاماً على غرار اجتماع القيادات الوطنية إثر الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 والذي طالبت فيه القيادات «أبو عمار» بالخروج من بيروت.

بري: أنا أرفض هذا الأمر بشكل قاطع، سنة 1982 كنا على أبواب هزيمة وإسرائيل تحاصر بيروت وتدكها بالقصف، وأنا يومها رفضت أن أعطي براءة ذمة لياسر عرفات للخروج بطلب لبناني، وقلت له نحن بين أمرين أحلاهما مرّ... نحن الآن يا دولة الرئيس في حالة انتصار فلماذا الظهور بمظهر الانكسار، علينا أن نشدّ عزيمتنا ونبقى موحدين، أنا بالأمس رفضت مؤتمراً وطنياً كانت الأحزاب تريده وكذلك الرئيس سليم الحص، لأني لا أضمن أنهم سيوافقون جميعاً على ورقتك وبالتالي لا أريد أن نظهّر الانقسام الداخلي.

يا فؤاد هناك ثلاثة أمور:

1- صمود المقاومين على الأرض هذا محسوم، والمعركة تتجه لمصلحتنا. (رد السنيورة: معك حق).

2- الوحدة الوطنية، تجب المحافظة عليها، أنا والحزب غير موافقين على مؤتمر وطني.

3- على صعيد الاتصالات الدولية، الأمور أصبحت واضحة، نحن أعلنّا موقفنا، العالق فيها هو شكل القوات الدولية.

وخاطب الرئيس بري الرئيس السنيورة: «أما أنك تقول إن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي لا يتبنى طرحنا في موضوع مزارع شبعا، فسجل عندك موقفنا كشيعة في حركة «أمل» و«حزب الله» نقبل ما طرحته عليك ولو رفض كل العالم».

السنيورة: ماذا أفعل؟ طريق الساحل قُطعت باتجاه الشمال، لم يعد يُسمح بدخول بواخر، الأزمة تزيد.

بري: إنها حرب، الأصعب فيها في خطوط المواجهة، لكن علينا أن لا نضعف.

السنيورة: لقد تحدث معي وزير خارجية اسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس وقال إن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أبلغه أنه مستعد أن يأتي إلى لبنان وأن لا مانع لديه من قوات طوارئ دولية في مزارع شبعا من دون أن يحصل ترسيم الآن وهم ليسوا ضد «اليونيفيل» أو الجيش في الجنوب.

بري: أنا مستعد أن أستقبله وننسق الأمر.

السنيورة: العرب يريدون اجتماعاً لوزراء الخارجية العرب في بيروت.

بري: لنتفق من الآن، وقف إطلاق نار، النقاط السبع وفق اتفاقنا في مجلس الوزراء وعلى تعريف القوات بأنها قوات «اليونيفيل» نفسها. هل بدّلت؟

السنيورة: لا.

بري: ألم تسمع السيد نصرالله عن عرض وقف إطلاق النار؟

السنيورة: هو يطرح كفارس لفارس، وهذا لا يقبله الإسرائيلي.

بري: لكن هذا موقف يقوّينا في المفاوضات، ومع الأميركي.

السنيورة: هل قررت أن تستقبل ولش؟

بري: نعم، وسأقف عند وقف إطلاق النار وأنت «شدّ همّتك» واصمد، وأعتقد أننا اقتربنا من تحقيق نصر.

بري لحدادة: هكـذا مشينا على حد السكين

بعد خروج السنيورة، استقبل الرئيس بري وفد الحزب الشيوعي اللبناني برئاسة خالد حدادة الذي كرر تبني اقتراح الرئيس الحص بعقد لقاء وطني، وأعاد الرئيس بري التحذير من نتائجه وأنه يخاف من استغلال بعض القوى للتصويب على وحدة الموقف، خصوصاً قبل اجتماع مجلس الأمن الدولي، وقال له «نحن سكتنا على النقاط السبع ومشينا على حد السكين لنحفظ الوحدة».

حدادة: نحن نقوم بمروحة اتصالات مع قوى 14 آذار والحزب التقدمي وشخصيات أخرى.

بري: وأنت تبحث في الحضور عليك أن تقدر ما سيصدر عنه وهذا هو الأهم. لنركز، فنحن أمام تحدي المشاريع المطروحة، الفرنسي مشروعه سلام مع إسرائيل.

تلقى الرئيس بري اتصالاً من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي أبلغه أنه سيأتي إلى بيروت الأحد مساءً، وطرح عليه أن هناك اجتماعاً لمجلس وزراء الخارجية العرب في بيروت وهم يريدون أن يجتمعوا مع الحكومة وبعدها مع الرئيس بري ثم مع لجنة الحوار الوطني.

بري: في لبنان حكومة واحدة، والحوار ليس مؤسسة دستورية، والوضع الأمني لا يسمح للسيد حسن نصرالله بالمشاركة وهو ركن أساسي.

موسى: نلتقي من دون السيد حسن.

بري: حتى لو شارك، نحن لسنا مختلفين، فلماذا نُدخل أنفسنا في هذا؟

بعد الاتصال، قال الرئيس بري لنا: أصبحت أكثر حذراً وخوفاً على الوحدة وصورتها لأن مثل هذا الاجتماع سيُدخلنا في نقاش وسيسمح ربما بمناكفات مع وزراء خارجية عرب.

طلب الرئيس بري أن ندرس مع اختصاصيين أفضل صيغة لقرار محتمل في مجلس الأمن، خصوصاً ما يتعلق بالقوات الدولية.

عند الساعة السابعة وصل الحاج حسين الخليل إلى عين التينة، وضعناه في أجواء اللقاء مع الرئيس السنيورة واتصال عمرو موسى، سأل عن أجواء مجلس الأمن، فقال الرئيس بري إنه حدد موعداً للموفد الأميركي ديفيد ولش يوم غد عند الساعة الحادية عشرة والنصف وعلى ضوئه نعرف توجه الأميركي، وأردف أن النائب سعد الحريري اتصل به(من موسكو) وقال إنه عمل كثيراً لتقريب المشروع الأميركي من الفرنسي وإنه علينا أن نقربهم منا، خصوصاً أن الوضع على الأرض غير جيد. وقال الرئيس بري انه رد على الحريري «على العكس الوضع ممسكوك والمبادرة في أيدينا ولا مشكلة».

ناقشنا بعض الأمور المتعلقة بالمهجرين لا سيما في المناطق المختلطة وضرورة مراعاة مشاعر السكان، وقال الرئيس بري إنه أرسل إلى الجنرال ميشال عون بعض المعلومات قبل مؤتمره الصحافي، وأبلغه أيضاً أن عليه الحذر والانتباه لأن دوره مهم جداً ولا نستبعد أن يكون في دائرة الاستهداف الإسرائيلي.

بعدها أكملت مع الحاج حسين الجلسة نناقش كيفية إسقاط البنود السبعة على قرار في مجلس الأمن، وناقشنا أن نلتقي معاً د. محمد شطح لدراسة الأمر، وأعددنا مسودة كاملة فيها تعليق على كل نقطة وموقعها وطريقة صياغتها، وجوهرها رفض تعديل المهام لقوات الطوارئ، والتدقيق في تعديل اتفاقية الهدنة، وتزامن وقف النار مع الانسحاب إلى «الخط الأزرق».

لقاء مطوّل مع شطح والسنيورة

اتصل النائب ياسين جابر ومعه السفير جهاد مرتضى من لندن ونقل أنه التقى رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير الذي أبلغ سعيه لوقف الأعمال العدائية خلال 24 ساعة وبعدها سلة على مراحل، وأنه سيتصل غداً بالرئيس السنيورة.

اتصل الرئيس بري بالرئيس السنيورة وأبلغه بأني سأنتقل إليه، وأن أتحدث أيضاً مع د. محمد شطح حول ما ناقشناه في مسودة القرار.

انتقلت إلى السرايا الحكومي والتقيت د. محمد شطح عند الساعة التاسعة ليلاً وبعده مع الرئيس السنيورة والنقاش تمحور حول صياغة مشروع القرار من وجهة نظرنا، حيث إن الفكرة المتداولة هي تضمين القرار عناصر البنود السبعة من دون أن يكون هناك تبنٍّ لها لأن هناك فكرة أن يكون وقف إطلاق النار مرتبطاً بتجميد الأوضاع كما هي على الأرض حتى وصول القوة الدولية والجيش اللبناني، ويكون الأسرى والمعتقلون من سلة أخرى والأمور الباقية ممكنة لجهة عودة النازحين فوراً، ومن قبل لبنان يقدم على بسط سلطة الحكومة على كامل الأراضي اللبنانية...

أما في اللقاء المطول بين السنيورة وولش فقد طرحت النقاط التالية حسب الرئيس السنيورة:

  • فريق ماسة
  • 2011-10-04
  • 15338
  • من الأرشيف

علـي حســـن خـلــيــــل ... يـكـشـــف أحــــد أكـبــــر أســــرار حـــرب تـمــــوز 2006:

إسرائيـل تقتـل جندييـها .. والمقـاومـة تكمـل التفـاوض             تبّت يد لهب أسرائيل.. حمالة حطب الارض المحروقة لكن السم الذي طبخته لشعبنا سيتذوقه شعبها ومجتمعها المختبئ والمرتعب من صاروخ على الشمال، فكيف اذا حلت معادلة جديدة «العاصمة بالعاصمة» والغارة بالصاروخ والمبتدأ بالخبر. ليس عمق إسرائيل من سيتألم وحسب وإنما سيتجرع عدونا ناراً أعدها لنا، فصبت على «سبب الحرب» وهذا ما تكشفه حلقــة اليوم من يوميات دونت سراً واحداً بالخط الذي لا يقرأ. خمس سنوات تدارى فيها السر تحت خمسين الف بئر عميقة، ولذلك فإنه اليوم سيشاع وسيخرج من طابعه الذي حمل عنوان «سريّ للغاية»، والغاية هنا أن صدقية ما ننشر تحتم علينا إخراج الاوراق ولو من مياه بئر. بالتاريخ، اليوم والساعة التي لن نعطيها لعدوّنا أقدمت إســرائيل على هستــيريا غارات بلا تحديد الأهداف فكانت هي الهدف الذي أخفته عن الرأي العــام طيلة سنوات ما بعد الحرب. كانت تمنّي النفس بتقــدم بري أو منصة صواريخ للمقــاومة.. تطــارد أشباحاً لظنها أنها قيــادات أو كوادر عسكــرية واذ بها أمام ناس من ورق أو على أبعــد تقدير في مواجهة «تشابه أســماء».. ولسـوء حظها وحـسن قدرنا فإنه لم «يخــلق لهــا من الشــبه أربعين». كل هذه الإخفاقات بما فيها الإبادة بحق المدنيين وصولاً الى البقاع، دفعت باتجاه تثبيت أقدام التفاوض غير أننا كنا أحوج الى إقناع الداخل اللبناني بقليل من الصبر واستقدام العصب ولو على سبيل «الإعارة»، ففي الخارج من يشي ويشكك ويعرب الجمل الوطنية بالفرنسية والأميركية، وفي الداخل آخر ينتفض لأحاديته ويعلن بعصبية زائدة واحداً بأن «الأمور لم تعد تطاق.. ولا أقبل بظهور سيد بمنصب رئيس». تحمّلنا موتنا.. وموت روح الآخرين المعنوية ومع ذلك آثرنا المضي بين حقول ألغام الغرب والعرب ننقح نصوصاً كتبت على حد السيف. كانت كل المعطيات الميدانية في الثالث من آب تشير إلى أن إسرائيل قد دخلت مرحلة صعبة للغاية مع بلوغ عدد الصواريخ التي استهدفت المدن الإسرائيلية أعلى مستوى لها في أيام الحرب نسبة إلى الفترة الزمنية التي أطلقت فيها والمساحة الجغرافية التي غطتها وعدد القتلى الذي دفع المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل إلى التوقف أمام المخاطر الحقيقية الناجمة عن تبدلات الحرب لجهة قدرة المقاومة على المبادرة، في وقت عجزت قوات النخبة الإسرائيلية عن إحداث أي اختراق حقيقي يمكن أن يسجل كإنجاز، وبقيت المعارك على تخوم مارون الراس في القطاع الأوسط وعلى حدود سهل الخيام في القطاع الشرقي. بداية النهار السياسي للرئيس نبيه بري كانت عقد جلسة لرؤساء ومقرري اللجان النيابية، حيث أبلغهم بثقة كبيرة أن المعركة هي لمصلحتنا والنتائج على الأرض توحي بأن الهزيمة ستلحق بالعدو، متعمداً التحدث بمعنويات عالية لإيصال رسائل إلى كل الكتل المشاركة، بالإضافة إلى وضع أسس لإطلاق ورشة تشريعية تواكب مرحلة ما بعد الحرب واحتياجاتها. أبلغني الرئيس بري أن السفير الأميركي جيفري فيلتمان حاول الاتصال لأكثر من مرة، وأنه يرفض التواصل معه وما زال على الموقف من مقاطعتهم، لا بل أصبح أكثر تشدداً بعدما سمع بالمشروع الأميركي – الفرنسي، وقال إن فيلتمان عاد وأصر اليوم على اللقاء مقترحاً أن يكون في السر إذا كان الأمر مزعجاً في العلن، لكن الرئيس بري رفض وقال إنه يمانع في المبدأ عقد أي لقاء سري، فكلف علي حمدان أن يتواصل معه ويستمع ما إذا كان لديه أي مشروع جديد، على أن لا يعطيه أي موقف ويؤجله إلى حين طرح الأمر على قيادة الحركة لاتخاذ القرار المناسب. في اللقاء معه، أعلن فيلتمان أن مساعد وزير الخارجية ديفيد ولش سيأتي إلى بيروت وهو يريد أن يلتقي الرئيسين بري وفؤاد السنيورة وأنه لا يمانع أن يلتقي الرئيس بري في الشكل الذي يريده، وكان جواب الرئيس بري التريث في الإجابة لكن بالتأكيد «لن أقبل بأي لقاء سري». معادلة «تل أبيب مقابل بيروت» ليلاً، أطل السيد حسن نصرالله في خطاب متلفز تحدث فيه بشكل شامل عن المجريات الميدانية وقدرات المقاومة والعناصر الجديدة التي أدخلتها إلى ساحة المعركة على المستوى النوعي، والتكتيكات المعتمدة لجهة استدراج العدو إلى معارك برية، وطرح المعادلة الجديدة حول الوقف النوعي لإطلاق النار من جهة، ومخاطباً رئيس الأركان الإسرائيلي: «إذا قصفتم عاصمتنا فسنقصف عاصمة كيانكم الغاصب». وحمّل «السيد» الجانب الأميركي قرار الحرب ومسؤوليتها، ووعد أن نتائجها ستؤكد أن لبنان لن يكون موقعاً من مواقع الشرق الأوسط الجديد الذي يريده جورج بوش وكوندوليسا رايس. بعد خطاب السيد نصر الله، جرى تواصل هاتفي مع الحاج حسين الخليل قبل عقد لقاء مع الرئيس بري في عين التينة، أبلغَنا فيه الحاج ما يلي: «الوضع الميداني ممتاز، المنصات الصاروخية كثيرة إلى درجة أنه عندما نطلق منها الصواريخ نتركها في أرضها حتى لا نؤثر على مقاتلينا والناس، ولهذا لا قيمة للحديث عن ضرب منصات، هذا هو تكتيكنا المعتمد، حديد بحديد، السيطرة على الصواريخ ما زالت مثل اليوم الأول. لم نفقد التحكم في أي واحدة منها والذخيرة حسب الظاهر أفضل من الإسرائيلي الذي بدأ يُنقل من المستودعات الأميركية على وجه السرعة. على مستوى المعركة البرية، المقاتلون على الحدود تماماً، نسمح ببعض التوغل لأسباب تكتيكية تضرّ بالعدو، نحن لغّمنا المداخل الطبيعية ولهذا يعمدون عند أي محاولة تقدم أن يشقوا طرقات جديدة وهم مربكون من نوعية الصواريخ المضادة للدروع. إن فكرة «تل أبيب مقابل بيروت» جاءت لتؤكد أن بيروت تحميها المقاومة وليس الضمانات الأميركية كما يسوق البعض داخلياً». وتابع الحاج حسين الخليل: «هناك موضوع آخر لا يعرفه إلا عدد محدود جداً من الاخوة المعنيين مباشرة ولن يعرفه أحد لاحقاً سوانا، لقد أدى القصف الاسرائيلي خلال الايام الماضية الى مقتل الأسيرين الإسرائيليين جراء غارة على أحد الاماكن، لقد كان الاخوة حذرين جداً ومتنبهين لكي لا يحصل هذا، لكن توسيع عمليات القصف واستخدام صواريخ كبيرة وعدم تحييد أي مكان أدى الى هذا الامر، إن الشباب عملوا بكل طاقاتهم تحت الخطر من أجل أن يحافظوا على الجثتين وينقلوهما، إنها المفارقة.. إسرائيل تقتل أسيريها التي أعلنت الحرب لأجلهما، من جهتنا كمقاومة، سنكمل معركة التفاوض وكأن شيئاً لم يحصل». وقال الحاج حسين: في السياسة، يجدد «السيد» التأكيد أن الأمر عندك وفق تطور المباحثات مع الأطراف المختلفة. في قضية مزارع شبعا لا مشكلة عندنا في تسليمها إلى الأمم المتحدة، وإن كنا من حيث المبدأ سنبقى على طرح تحريرها. وهنا قال الرئيس بري: أساساً أنا أشترط دوماً الأمر بعودة الأهالي إليها لتكون ضمناً مثل أي مدينة جنوبية، والاستثناء الوحيد أن لا يكون فيها جيش. يكمل الحاج حسين نقلاً عن «السيد»: أنا معك يا دولة الرئيس بأن الأساس هو الانتباه إلى مهام القوة الدولية، الحذر ضروري مع تكرار السنيورة للأمر وأنه سيدرس المسألة في الحكومة، لن نقبل بالمداهمة أو تحديد التجول أو غيرها.. وأنا معك أيضاً مئة في المئة بأن لا نقبل بقوات إسلامية أو عربية، وربما يأخذ أبعاداً طائفية إذا لعب البعض على الوتر. هنا يسأل الحاج حسين عن المشروع الفرنسي. بري: قل لسماحته إن هذا ليس مشروع تسوية، هو يريد أن يضمّنه قضايا سياسية أقرب ما تكون إلى اتفاق سلام مع إسرائيل. الخليل: هل تعتقد أن سعد الحريري والسـنيورة سيكونان ثابتين معنا؟ بري: نحن لن نخسر شيئاً أكثر، كل ما هو مطروح بالنسبة إلينا توسيع مهام القوات الدولية وهذا لن نقبل أن يُبحث في مجلس الوزراء قبل وقف إطلاق النار حتى لا نُحرج في التصويت. وعلى الباب، قال الرئيس بري للحاج حسين: إني أحضّر أوراق الدعوى ضد ايهود أولمرت، مركّزاً على حملته لإبادة الشيعة، علينا أن لا نسكت. الحريري يهاجم سورية وايران من موسكو في 4/8/2006 دخل البقاع من أبعد نقطة فيه إلى عالم المجازر الإسرائيلية، حيث وقعت مجزرة في بلدة القاع أشبه ما تكون بمجزرة قانا، حيث استهدفت تجمعاً للعمال الزراعيين وترافقت مع اتساع عمليات القصف الذي قطع آخر الممرات الإنسانية بين العاصمة والمناطق المختلفة، وأحدث اختناقاً لعمليات الإغاثة. هذا الجو التصعيدي لم يترك أي أثر سلبي على حركة المقاومة التي استطاعت أن تحجم محاولات الاختراق البرية في القطاعين الأوسط والشرقي وأوقعت خسائر كبيرة في جيش العدو بالإضافة إلى القصف الصاروخي في عمق الداخل الإسرائيلي، حيث استخدمت للمرة الأولى صواريخ «خيبر» التي يصل مداها إلى 75 كلم، أي أقل بضربة حجر من تل أبيب التي أكدت التجارب وتطور الأداء الصاروخي للمقاومة أنها ليست في منأى عن الاستهداف إذا ما أرادت المقاومة ذلك، وفي وقت كانت أسطورة «الميركافا» قد سقطت بالكامل مع الاستخدام المتميز للمضادات الموجهة من بعيد. هذه الوقائع أسقطت مشروع العدو في السيطرة على شريط بعمق 6 كلم، كما كانت قيادة الجيش الإسرائيلي قد وضعت هدفاً لها، وأسقطت معها وحدة المستوى القيادي الإسرائيلي الذي بدا مرتبكاً تتعارض فيه الآراء حول قرار توسيع الحرب أو وقفها. في هذا الوقت، كان الحراك يتسع في مجلس الأمن الدولي ويقوده الجانب الأميركي مع الفرنسي الذي يعمل على قرار بداية الأسبوع المقبل تتوسّع فيه البنود السياسية ولا مكان أساسي فيه للأسيرين الإسرائيليين اللذين وقعت الحرب باسمهما، حيث لم يعد يتم تناولهما إلا كجزء من «إكسسوارات» الحل الذي يطال وفق الحساب الأميركي سلاح المقاومة والحدود مع سوريا وتشكيل قوة دولية يجيزها مجلس الأمن. بالتزامن كان النائب سعد الحريري في زيارة لموسكو، يتحدث عن حل شامل للمشكلة بالترافق مع وقف إطلاق النار ويشن هجوماً على سوريا وإيران محاولاً إدخالهما طرفاً في المعركة وبأنهما يستخدمان «حزب الله» لأهدافهما السياسية، مع أنه برر وجود الحزب في الحكومة بأنه جزء مؤثر في الحياة السياسية الداخلية.  السنيورة في عين التينة منفعلاً في موعد طارئ عند الساعة العاشرة صباحاً، استقبل الرئيس بري الرئيس فؤاد السنيورة الذي كان محبطاً ويتحدث بعصبية ظاهرة وبأن الأمور لم تعد تطاق، وقال إنه لا يقبل أن يظهر السيد حسن نصرالله ليتحدث مقابل رئيس الوزراء الإسرائيلي وكأنه ممثل لبنان ودولته، وقال «إننا في لبنان نتصرف كدولتين، أنا لا أحتمل هذا، البارحة كان السيد نصرالله يتحدث ويقدم الاقتراحات ويهدّد وكأنني غير موجود، إن الأجواء في بيروت سيئة والناس لا تحتمل هذا الجو». بري: لماذا هذا التفكير، ألم تضع أنت النقاط السبع ورغم تحفظنا مشينا معك بها، ألم تسمع بالأمس ما قلته في اللجان النيابية بأننا إلى جانبك فيما قررته؟ عليك الانتباه أن السيد حسن نصرالله يخوض معركة استثنائية، أنت لم يقل لك أحد إنك تفردت في روما بل تبنينا الأمر حفاظاً على الوحدة الوطنية. السنيورة: إني أفكر أن نعقد اجتماعاً وطنياً عاماً على غرار اجتماع القيادات الوطنية إثر الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 والذي طالبت فيه القيادات «أبو عمار» بالخروج من بيروت. بري: أنا أرفض هذا الأمر بشكل قاطع، سنة 1982 كنا على أبواب هزيمة وإسرائيل تحاصر بيروت وتدكها بالقصف، وأنا يومها رفضت أن أعطي براءة ذمة لياسر عرفات للخروج بطلب لبناني، وقلت له نحن بين أمرين أحلاهما مرّ... نحن الآن يا دولة الرئيس في حالة انتصار فلماذا الظهور بمظهر الانكسار، علينا أن نشدّ عزيمتنا ونبقى موحدين، أنا بالأمس رفضت مؤتمراً وطنياً كانت الأحزاب تريده وكذلك الرئيس سليم الحص، لأني لا أضمن أنهم سيوافقون جميعاً على ورقتك وبالتالي لا أريد أن نظهّر الانقسام الداخلي. يا فؤاد هناك ثلاثة أمور: 1- صمود المقاومين على الأرض هذا محسوم، والمعركة تتجه لمصلحتنا. (رد السنيورة: معك حق). 2- الوحدة الوطنية، تجب المحافظة عليها، أنا والحزب غير موافقين على مؤتمر وطني. 3- على صعيد الاتصالات الدولية، الأمور أصبحت واضحة، نحن أعلنّا موقفنا، العالق فيها هو شكل القوات الدولية. وخاطب الرئيس بري الرئيس السنيورة: «أما أنك تقول إن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي لا يتبنى طرحنا في موضوع مزارع شبعا، فسجل عندك موقفنا كشيعة في حركة «أمل» و«حزب الله» نقبل ما طرحته عليك ولو رفض كل العالم». السنيورة: ماذا أفعل؟ طريق الساحل قُطعت باتجاه الشمال، لم يعد يُسمح بدخول بواخر، الأزمة تزيد. بري: إنها حرب، الأصعب فيها في خطوط المواجهة، لكن علينا أن لا نضعف. السنيورة: لقد تحدث معي وزير خارجية اسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس وقال إن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أبلغه أنه مستعد أن يأتي إلى لبنان وأن لا مانع لديه من قوات طوارئ دولية في مزارع شبعا من دون أن يحصل ترسيم الآن وهم ليسوا ضد «اليونيفيل» أو الجيش في الجنوب. بري: أنا مستعد أن أستقبله وننسق الأمر. السنيورة: العرب يريدون اجتماعاً لوزراء الخارجية العرب في بيروت. بري: لنتفق من الآن، وقف إطلاق نار، النقاط السبع وفق اتفاقنا في مجلس الوزراء وعلى تعريف القوات بأنها قوات «اليونيفيل» نفسها. هل بدّلت؟ السنيورة: لا. بري: ألم تسمع السيد نصرالله عن عرض وقف إطلاق النار؟ السنيورة: هو يطرح كفارس لفارس، وهذا لا يقبله الإسرائيلي. بري: لكن هذا موقف يقوّينا في المفاوضات، ومع الأميركي. السنيورة: هل قررت أن تستقبل ولش؟ بري: نعم، وسأقف عند وقف إطلاق النار وأنت «شدّ همّتك» واصمد، وأعتقد أننا اقتربنا من تحقيق نصر. بري لحدادة: هكـذا مشينا على حد السكين بعد خروج السنيورة، استقبل الرئيس بري وفد الحزب الشيوعي اللبناني برئاسة خالد حدادة الذي كرر تبني اقتراح الرئيس الحص بعقد لقاء وطني، وأعاد الرئيس بري التحذير من نتائجه وأنه يخاف من استغلال بعض القوى للتصويب على وحدة الموقف، خصوصاً قبل اجتماع مجلس الأمن الدولي، وقال له «نحن سكتنا على النقاط السبع ومشينا على حد السكين لنحفظ الوحدة». حدادة: نحن نقوم بمروحة اتصالات مع قوى 14 آذار والحزب التقدمي وشخصيات أخرى. بري: وأنت تبحث في الحضور عليك أن تقدر ما سيصدر عنه وهذا هو الأهم. لنركز، فنحن أمام تحدي المشاريع المطروحة، الفرنسي مشروعه سلام مع إسرائيل. تلقى الرئيس بري اتصالاً من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي أبلغه أنه سيأتي إلى بيروت الأحد مساءً، وطرح عليه أن هناك اجتماعاً لمجلس وزراء الخارجية العرب في بيروت وهم يريدون أن يجتمعوا مع الحكومة وبعدها مع الرئيس بري ثم مع لجنة الحوار الوطني. بري: في لبنان حكومة واحدة، والحوار ليس مؤسسة دستورية، والوضع الأمني لا يسمح للسيد حسن نصرالله بالمشاركة وهو ركن أساسي. موسى: نلتقي من دون السيد حسن. بري: حتى لو شارك، نحن لسنا مختلفين، فلماذا نُدخل أنفسنا في هذا؟ بعد الاتصال، قال الرئيس بري لنا: أصبحت أكثر حذراً وخوفاً على الوحدة وصورتها لأن مثل هذا الاجتماع سيُدخلنا في نقاش وسيسمح ربما بمناكفات مع وزراء خارجية عرب. طلب الرئيس بري أن ندرس مع اختصاصيين أفضل صيغة لقرار محتمل في مجلس الأمن، خصوصاً ما يتعلق بالقوات الدولية. عند الساعة السابعة وصل الحاج حسين الخليل إلى عين التينة، وضعناه في أجواء اللقاء مع الرئيس السنيورة واتصال عمرو موسى، سأل عن أجواء مجلس الأمن، فقال الرئيس بري إنه حدد موعداً للموفد الأميركي ديفيد ولش يوم غد عند الساعة الحادية عشرة والنصف وعلى ضوئه نعرف توجه الأميركي، وأردف أن النائب سعد الحريري اتصل به(من موسكو) وقال إنه عمل كثيراً لتقريب المشروع الأميركي من الفرنسي وإنه علينا أن نقربهم منا، خصوصاً أن الوضع على الأرض غير جيد. وقال الرئيس بري انه رد على الحريري «على العكس الوضع ممسكوك والمبادرة في أيدينا ولا مشكلة». ناقشنا بعض الأمور المتعلقة بالمهجرين لا سيما في المناطق المختلطة وضرورة مراعاة مشاعر السكان، وقال الرئيس بري إنه أرسل إلى الجنرال ميشال عون بعض المعلومات قبل مؤتمره الصحافي، وأبلغه أيضاً أن عليه الحذر والانتباه لأن دوره مهم جداً ولا نستبعد أن يكون في دائرة الاستهداف الإسرائيلي. بعدها أكملت مع الحاج حسين الجلسة نناقش كيفية إسقاط البنود السبعة على قرار في مجلس الأمن، وناقشنا أن نلتقي معاً د. محمد شطح لدراسة الأمر، وأعددنا مسودة كاملة فيها تعليق على كل نقطة وموقعها وطريقة صياغتها، وجوهرها رفض تعديل المهام لقوات الطوارئ، والتدقيق في تعديل اتفاقية الهدنة، وتزامن وقف النار مع الانسحاب إلى «الخط الأزرق». لقاء مطوّل مع شطح والسنيورة اتصل النائب ياسين جابر ومعه السفير جهاد مرتضى من لندن ونقل أنه التقى رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير الذي أبلغ سعيه لوقف الأعمال العدائية خلال 24 ساعة وبعدها سلة على مراحل، وأنه سيتصل غداً بالرئيس السنيورة. اتصل الرئيس بري بالرئيس السنيورة وأبلغه بأني سأنتقل إليه، وأن أتحدث أيضاً مع د. محمد شطح حول ما ناقشناه في مسودة القرار. انتقلت إلى السرايا الحكومي والتقيت د. محمد شطح عند الساعة التاسعة ليلاً وبعده مع الرئيس السنيورة والنقاش تمحور حول صياغة مشروع القرار من وجهة نظرنا، حيث إن الفكرة المتداولة هي تضمين القرار عناصر البنود السبعة من دون أن يكون هناك تبنٍّ لها لأن هناك فكرة أن يكون وقف إطلاق النار مرتبطاً بتجميد الأوضاع كما هي على الأرض حتى وصول القوة الدولية والجيش اللبناني، ويكون الأسرى والمعتقلون من سلة أخرى والأمور الباقية ممكنة لجهة عودة النازحين فوراً، ومن قبل لبنان يقدم على بسط سلطة الحكومة على كامل الأراضي اللبنانية... أما في اللقاء المطول بين السنيورة وولش فقد طرحت النقاط التالية حسب الرئيس السنيورة:

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة