#
  • فريق ماسة
  • 2022-05-05
  • 10965

ثلاثة صواعق يُمكن أن تُفَجِّر الحرب الوشيكة في المِنطقة

الخُلاصة التي توصّلت إليها من خِلال زِيارتي الخاطِفة إلى بيروت الأسبوع الماضي والتقيت خِلالها بأطرافٍ سياسيّة عديدة من مُعظم الاتّجاهات، أن المِنطقة تتّجه بسُرعةٍ إلى الحرب، ولا بَديل آخَر عن هذا الخِيار، فسورية مُحاصَرة، ولبنان في حالة إفلاس، والأردن على الطّريق، والعِراق يعيش حالة فوضى، والاتّحاد المغاربي مُتصارع، والخليج في حالةِ ضياعٍ للبُوصلة، وإيران هي الأقوى وستخرج الفائز الأكبر، اتّفق معها البعض أو اختلف. الصّاعق الذي يُمكن أن يُفَجِّر المنطقة يُمكن أن يتمثّل في ثلاث احتِمالات رئيسيّة وغير مُستَبعدة: الأوّل: اقتِحام اليمين الإسرائيلي المُتطرّف لمدينة القدس المُحتلّة، وباحة المسجد الأقصى، بمُناسبة ذكرى النّكبة وقيام دولة الكيان، خِلال الأيّام القليلة القادمة. الثاني: انطِلاق سفينة يجري الإعداد لها من إحدى الموانئ المتوسطيّة لكسْر الحِصار على قِطاع غزّة، على غِرار سفينة مرمرة، وأعلن المُجاهد يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قِطاع غزّة في خِطابه الأسبوع الماضي، أن الإعداد جارٍ لخطٍّ مِلاحيّ بحري دائم من غزّة وإليها في الأيّام القليلة المُقبلة، وأيّ اعتِداء على هذه السّفينة “الاستشهاديّة” سيكون الرّد عليه ربّما بالرّشقة الأولى “العرفاتيّة” من الصّواريخ أيّ 1111 صاروخًا. الثالث: رد إيراني سوري لبناني مُشترك على أيّ عُدوان إسرائيلي على أهدافٍ إيرانيّة في العُمُق السوري، تأكيدًا لما حذّر منه السيّد حسن نصر لله في خِطابه الأخير بمُناسبة يوم القدس العالمي، وقال فيه “إن مقولة الرّد في الزّمان والمكان المُناسبين قد سقطت، وسيكون الرّد في المرّة القادمة سريعًا وفوريًّا على أيّ عُدوان.   *** المسألة الأكثر أهميّة ليست التّصريحات الصّادمة والمُتعمّدة والمُختارة كلماتها بعنايةٍ فائقة التي أطلقها سيرغي لافروف، وزير الخارجيّة الروسي، في مُقابلةٍ “مُرتّبة” مع تلفزيون إيطالي وتحدّث فيها عن أصولِ أدولف هتلر اليهوديّة، وإنما الأسباب التي دفعته إلى إطلاق هذه التّصريحات الصّادمة لليهود في “إسرائيل” وخارجها، وهي شُعور الرئيس بوتين بالغضب للطّعنة الإسرائيليّة المسمومة شخصيًّا له ولروسيا بعده على أيدي “أصدقائه” في تل أبيب وتمثّلت في إمداد أوكرانيا ورئيسها “اليهودي” زيلينسكي بالسّلاح سِرًّا، ونشر قائمة بأسماء وأرقام جوازات ومكان مِيلاد 20 إسرائيليًّا يدعمون الجيش النّازي في أوكرانيا، مُعظمهم خُبراء في الأمن وصلوا إلى كييف بجوازاتِ سفر دبلوماسيّة إسرائيليّة، وتزويد تل أبيب للجيش الأوكراني بالخوذات والسّترات المُضادّة للرّصاص. سيرغي شويغو وزير الدّفاع الروسي ألغى مُكالمةً هاتفيّة مع نظيره الإسرائيلي بيني غانتس قبل أيّام احتجاجًا على هذه الخِيانة الإسرائيليّة، وكان من المُفترض أن تُركِّز هذه المُكالمة على أوجه التّعاون الأمني والعسكري بين الجانبين وخاصَّةً في سورية والهجمات على أهدافٍ إيرانيّة. الرئيس بوتين لن يغفر لإسرائيل تصويتها إلى صالح قرار أمريكي يُدين الاجتِياح الروسي في الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، وطفح كيله عندما صوّت المندوب الإسرائيلي لصالح قرار أمريكي آخَر بتجميد عُضويّة بلاده في مجلس حُقوق الإنسان العالمي، مثلما قال لنا خبير عربي في الشّؤون الروسيّة يُقيم في روسيا ومُقرّب من دائرة صُنع القرار فيها. إيران، اتّفق معها البعض إو اختلف، ستخرج الفائز الأكبر من هذا التّدهور في العلاقات الروسيّة الإسرائيليّة، ليس لأنها وقفت في الخندق الروسي مُنذ اليوم الأوّل، وإنّما لأن روسيا باتت بحاجةٍ أكبر إليها إقليميًّا، وخُبراتها الطّويلة، التي تمتدّ لأكثر من أربعين عامًا في مُواجهة الحِصار الأمريكي، في قِطاعات النفط، وقطع الغيار، والتّكنولوجيا، وضبط السّاحة الداخليّة بإدارةٍ مُتقدّمة للضّغوط والأزمات والاختِراقات الأمنيّة، فالبَلَدان باتَا في القارب نفسه. *** خِتامًا نقول إنّ الإصبع “البوتيني” بات الآن على الزّر النووي احتياطًا، وتجري حاليًّا مُتابعات ورقابة جميع الدول الأوروبيّة من الأجهزة الروسيّة على الصُّعُد كافّة، وخاصَّةً ألمانيا التي تلعب قيادتها حاليًّا على جميع الحِبال، وباتت حُكومتها “اليساريّة” تقود تيّارًا أوروبيًّا لمُقاطعة الغاز والنفط الروسي، والتمرّد على طلب بوتين بدفع أثمانه بالروبل، وقال لنا الخبير العربي نفسه “إن الروس لا يُمكن أن ينسوا مقتل 27 مِليون روسي في الحرب العالميّة الثّانية على أيدي الألمان”. روسيا، وحسب مصادر موثوقة، مُستاءةٌ بشدّةٍ من الإعلام الأوروبي الذي يُسيطر عليه بعض أنصار إسرائيل من اليهود ويُوظّفونه للتّحريض ضدّها، وخاصَّةً في ألمانيا، مثلما هي مُستاءةٌ أيضًا من تنكّر اليهود الإسرائيليين لها في فِلسطين المُحتلّة ونُكرانهم للجميل، وغدرهم للرئيس بوتين الذي تجاوب مع جميع مطالبه في سورية وغيرها من بُلدان الشّرق الأوسط، وتدرس حاليًّا إلغاء قانون الجنسيّة المُزدوجة لمِليون يهودي روسي هاجروا إلى فِلسطين المُحتلّة واكتَسبوا الجنسيّة الإسرائيليّة دُونَ أن يخسروا جنسيّتهم الروسيّة. علّمتنا التجارب التاريخيّة لمُعظم، أو كُلّ الحُروب السّابقة، أن الدّول التي تقف على الحِياد، أو تدّعي ذلك، ستكون أبرز الخاسِرين، وهذه الحرب ليست استِثناء.. واللُه أعلم.

المصدر : عبد الباري عطوان/رأي اليوم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة