لا شك أن ما يدور بين جند الاقصى وحركة أحرار الشام سوف يغير المعادلة الميدانية بشكل كبير في الشمال السوري، ويضع اكبر التنظيمات عددا بعد النصرة وهي أحرار الشام في مواجهة عسكرية مع الاكثر شراسة في القتال وهم جند الاقصى.

 

هذا الصراع يعيدنا الى التجربة العراقية عندما اصطدم الزرقاوي مع جيش المجاهدين في العام 2005. حصل هذا الاقتتال بين تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين وجيش المجاهدين الذي يحمل الفكر الإخواني قبل أن يذوب في التنظيم العراقي الذي تحول الآن إلى داعش.  وحصل هذا الاقتتال قبل مقتل الزرقاوي بأقل من سنة.

 

 المفارقة هنا ان المخابرات الاردنية لعبت الدور الاكبر يومها في عملية القضاء على الزرقاوي وتنظيمه الذي دعمته في العراق وها هي تعيد الكرة في وجه احرار الشام، وتأتي بيعة جند الاقصى للنصرة بيعة اردنية خالصة وذلك يعود الى سيطرة الجناح الاردني على النصرة في وقت تبدو احرار الشام امام خيارات مرتبكة ترتبط بالسياسة التركية ان كان لجهة تأييدها لخوض الحرب الى جانب الجيش التركي ضد داعش او لالتزامها بالموقف التركي من هدنة الفوعة كفريا الزبداني.

 

حركة احرار شام تعاني ايضا بشدة من خلافات داخلية في الرأي ومنهجية في العمل ما بين تيارات سياسية ومدارس شرعية متنابذة يقودها "شرعيون" وسياسيون مثل موسى الغنامي ولبيب نحاس وابو العباس الشامي ومجاهد ديرانية وسعيد القحطاني وغيرهم ويمكن ملاحظة الجو المتوتر بينهم من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي!

 

اقتتال الاخوة الاعداء

 

كما وتعمل احرار الشام على وراثة الفصائل السورية المحاربة سياسيا عبر اقتناعها بقرب الحل السياسي بين امريكا وروسيا رغم تصاعد الحرب الاعلامية بين الطرفين الدوليين وهي مقتنعة بما قاله الاتراك قبل مدة ان الحل السياسي في سوريا اقترب.

وكانت قد عملت تنظيميا على هذا المبدأ عبر اظهار تقدم تيار الاخوان داخلها المتمثل بلببيب النحاس والحموي في وجه الطحان وجماعته من المقربين لافكار النصرة. أما على الارض فقد انسحبت من الكليات العسكرية شرقي حلب بعدما اخذت حصتها من الغنائم وتوجهت الى جرابلس للقتال مع الجيش التركي.

 

من جهتها جند الأقصى فاجأت الجميع في ريف حماه الشمالي وخصوصا احرار الشام التي شعرت ان النصرة تريد وصل ادلب بحماه وبالتالي تصبح مناطق تواجد احرار الشام تحت رحمة النصرة وجند الاقصى..

ويكفي النظر الى ما قاله المسؤول العسكري لاحرار الشام ابو صالح الطحان على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي حول موقف الحركة الرافض لبيعة جند الاقصى للنصرة لنعرف مدى اتساع هوة الخلافات بين: "ما تم الاتفاق عليه مع الاخوة في فتح الشام هو قبول بيعة الأفراد ممن اعتزلوا القتال مع الخوارج وليس بيعة التنظيم ككل"

 

من هنا تبدو مرحلة "المغازلة".. و"المداراة" بين فتح الشام واحرار الشام قد انتهت، فما بين النصرة والاحرار "نار تحت رماد وقد منع ترتيب الاولويات لدى الطرفين، في هذا الوقت تشهد مواقع التواصل مشادات كلامية بين منظريهم وسياسييهم وشرعييهم ويبدو ان هذه النار لن تلبث الا ان تشتعل بين الطرفين، ما يدفع الى الاستنتاج بأن مصير الفصائل السورية هو الاقتتال الداخلي كما حصل مع الفصائل العراقية بين اعوام 2005 و2008  بعام واحد.

 

 تجدر الاشارة إلى أن تقارير الصحف الاجنبية تذكر انه في العراق لم تكن المخابرات الاردنية بعيدة عن اقتتال الفصائل العراقية. ويمكن القول اننا في سوريا في مرحلة مقتل الزرقاوي وتمثل ذلك بمقتل كل من دبوس الغابة يوم امس (احرار الشام) وابو عمر سراقب قبل عشرة ايام (النصرة) والعدناني قبلهما ( داعش)

 

هذا الفرز الحالي يقود الى معرك حتمية بين الطرفين: النصرة واحرار الشام. فالجولاني يلعب حاليًّا بدهاء عبر رمي جند الاقصى بوجه احرار الشام. والصراع على مناطق النفوذ ايضا يتعاظم حيث ان النصرة واحرار الشام ليس لديها قوة فعلية في مدينة حلب بينما تعتبر جند الاقصى القوة الاساس التي سيطرت على خان شيخون ففتحت الباب امام حماية ادلب حيث تتقاسم النصرة واحرار الشام النفوذ وبعدما أُقصيت جند الأقصى من كعكة ادلب دخلت الى ريف حماه. ويبدو من مسار الاحداث ان تركيا تعمل حاليا على ان تكون احرار الشام الوريث الشرعي والوحيد للفصائل المسلحة في الشمال السوري وهي تريد لها ان تستلم في الشمال السوري دور الصحوات في العراق لتحقيق ثلاثة اهداف:

 

1 - الاستمرار بالامساك بورقة الشمال السوري عبر فصيل غير موضوع على لائحة الارهاب الدولية

 

2- ايجاد قوة عربية وحيدة تحارب بها الاكراد

 

3 - تهدف تركيا الى عودة تيار الاخوان عبر احرار الشام بعدما اصبح تغطية النصرة خطرا كبيرا.

 

فمنذ ان رفضت النصرة القتال ضد داعش في جرابلس اعتمدت تركيا حركة احرار الشام خيارا جديدا واتى كلام اردوغان الذي شبه فيه النصرة بداعش وحزب العمال الكردستاني مريحا لاحرار الشام التي لاقته بفتوى تجيز القتال مع الجيش التركي في جرابلس وغيرها ويبدو ان التحالف بين الفريقين التركي واحرار الشام سوف يكون ثمنه تعاونا عسكريا من جانب احرار الشام في سوريا

 

 

  • فريق ماسة
  • 2016-10-10
  • 6014
  • من الأرشيف

اقتتال حركة أحرار الشام وجند الأقصى الأسباب والنتائج

لا شك أن ما يدور بين جند الاقصى وحركة أحرار الشام سوف يغير المعادلة الميدانية بشكل كبير في الشمال السوري، ويضع اكبر التنظيمات عددا بعد النصرة وهي أحرار الشام في مواجهة عسكرية مع الاكثر شراسة في القتال وهم جند الاقصى.   هذا الصراع يعيدنا الى التجربة العراقية عندما اصطدم الزرقاوي مع جيش المجاهدين في العام 2005. حصل هذا الاقتتال بين تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين وجيش المجاهدين الذي يحمل الفكر الإخواني قبل أن يذوب في التنظيم العراقي الذي تحول الآن إلى داعش.  وحصل هذا الاقتتال قبل مقتل الزرقاوي بأقل من سنة.    المفارقة هنا ان المخابرات الاردنية لعبت الدور الاكبر يومها في عملية القضاء على الزرقاوي وتنظيمه الذي دعمته في العراق وها هي تعيد الكرة في وجه احرار الشام، وتأتي بيعة جند الاقصى للنصرة بيعة اردنية خالصة وذلك يعود الى سيطرة الجناح الاردني على النصرة في وقت تبدو احرار الشام امام خيارات مرتبكة ترتبط بالسياسة التركية ان كان لجهة تأييدها لخوض الحرب الى جانب الجيش التركي ضد داعش او لالتزامها بالموقف التركي من هدنة الفوعة كفريا الزبداني.   حركة احرار شام تعاني ايضا بشدة من خلافات داخلية في الرأي ومنهجية في العمل ما بين تيارات سياسية ومدارس شرعية متنابذة يقودها "شرعيون" وسياسيون مثل موسى الغنامي ولبيب نحاس وابو العباس الشامي ومجاهد ديرانية وسعيد القحطاني وغيرهم ويمكن ملاحظة الجو المتوتر بينهم من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي!   اقتتال الاخوة الاعداء   كما وتعمل احرار الشام على وراثة الفصائل السورية المحاربة سياسيا عبر اقتناعها بقرب الحل السياسي بين امريكا وروسيا رغم تصاعد الحرب الاعلامية بين الطرفين الدوليين وهي مقتنعة بما قاله الاتراك قبل مدة ان الحل السياسي في سوريا اقترب. وكانت قد عملت تنظيميا على هذا المبدأ عبر اظهار تقدم تيار الاخوان داخلها المتمثل بلببيب النحاس والحموي في وجه الطحان وجماعته من المقربين لافكار النصرة. أما على الارض فقد انسحبت من الكليات العسكرية شرقي حلب بعدما اخذت حصتها من الغنائم وتوجهت الى جرابلس للقتال مع الجيش التركي.   من جهتها جند الأقصى فاجأت الجميع في ريف حماه الشمالي وخصوصا احرار الشام التي شعرت ان النصرة تريد وصل ادلب بحماه وبالتالي تصبح مناطق تواجد احرار الشام تحت رحمة النصرة وجند الاقصى.. ويكفي النظر الى ما قاله المسؤول العسكري لاحرار الشام ابو صالح الطحان على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي حول موقف الحركة الرافض لبيعة جند الاقصى للنصرة لنعرف مدى اتساع هوة الخلافات بين: "ما تم الاتفاق عليه مع الاخوة في فتح الشام هو قبول بيعة الأفراد ممن اعتزلوا القتال مع الخوارج وليس بيعة التنظيم ككل"   من هنا تبدو مرحلة "المغازلة".. و"المداراة" بين فتح الشام واحرار الشام قد انتهت، فما بين النصرة والاحرار "نار تحت رماد وقد منع ترتيب الاولويات لدى الطرفين، في هذا الوقت تشهد مواقع التواصل مشادات كلامية بين منظريهم وسياسييهم وشرعييهم ويبدو ان هذه النار لن تلبث الا ان تشتعل بين الطرفين، ما يدفع الى الاستنتاج بأن مصير الفصائل السورية هو الاقتتال الداخلي كما حصل مع الفصائل العراقية بين اعوام 2005 و2008  بعام واحد.    تجدر الاشارة إلى أن تقارير الصحف الاجنبية تذكر انه في العراق لم تكن المخابرات الاردنية بعيدة عن اقتتال الفصائل العراقية. ويمكن القول اننا في سوريا في مرحلة مقتل الزرقاوي وتمثل ذلك بمقتل كل من دبوس الغابة يوم امس (احرار الشام) وابو عمر سراقب قبل عشرة ايام (النصرة) والعدناني قبلهما ( داعش)   هذا الفرز الحالي يقود الى معرك حتمية بين الطرفين: النصرة واحرار الشام. فالجولاني يلعب حاليًّا بدهاء عبر رمي جند الاقصى بوجه احرار الشام. والصراع على مناطق النفوذ ايضا يتعاظم حيث ان النصرة واحرار الشام ليس لديها قوة فعلية في مدينة حلب بينما تعتبر جند الاقصى القوة الاساس التي سيطرت على خان شيخون ففتحت الباب امام حماية ادلب حيث تتقاسم النصرة واحرار الشام النفوذ وبعدما أُقصيت جند الأقصى من كعكة ادلب دخلت الى ريف حماه. ويبدو من مسار الاحداث ان تركيا تعمل حاليا على ان تكون احرار الشام الوريث الشرعي والوحيد للفصائل المسلحة في الشمال السوري وهي تريد لها ان تستلم في الشمال السوري دور الصحوات في العراق لتحقيق ثلاثة اهداف:   1 - الاستمرار بالامساك بورقة الشمال السوري عبر فصيل غير موضوع على لائحة الارهاب الدولية   2- ايجاد قوة عربية وحيدة تحارب بها الاكراد   3 - تهدف تركيا الى عودة تيار الاخوان عبر احرار الشام بعدما اصبح تغطية النصرة خطرا كبيرا.   فمنذ ان رفضت النصرة القتال ضد داعش في جرابلس اعتمدت تركيا حركة احرار الشام خيارا جديدا واتى كلام اردوغان الذي شبه فيه النصرة بداعش وحزب العمال الكردستاني مريحا لاحرار الشام التي لاقته بفتوى تجيز القتال مع الجيش التركي في جرابلس وغيرها ويبدو ان التحالف بين الفريقين التركي واحرار الشام سوف يكون ثمنه تعاونا عسكريا من جانب احرار الشام في سوريا    

المصدر : العهد| نضال حمادة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة