ليست المرة الأولى التي تدخل فيها مساعدات ومواد إغاثية وطبية إلى الغوطة الشرقية، لكنها احدى أكثر العمليات الإنسانية إثارة للجدل، وذلك بسبب التأخير وصراع الفصائل حول التوزيع، ومن يستحق الدعم.

فبعد طول انتظار تحركت إلى كفر بطنا في الغوطة عشرات القوافل التابعة للأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري آتية من دمشق، حاملة معها مواد غذائية وطحيناً وتجهيزات طبية، قبل أن يتسلمها «المجلس المحلي» لكفر بطنا، ويقوم بتوزيعها على السكان، بحضور وفد من المنظمة الدولية، فيما اكتفى «جيش الإسلام» بدور المواكبة والظهور الإعلامي.

وجاءت الخطوة متأخرة أسبوعين، بسبب ما وصفه معارضون في الغوطة بعقبات لوجستية وخلافات حول ممرات الإدخال والجهات المستلمة والإصرار على كفر بطنا من دون غيرها في المنطقة. ويتحدث مصدر معارض في الريف الدمشقي عن ثلاثة إشكاليات سببت تأخير العملية الأولى، وهي إصرار «جيش الإسلام» على تسلم المساعدات في دوما بدلاً من «المجلس المحلي» في كفر بطنا، والثانية تتعلق بالدخول عن طريق المليحة ومنها للبلدة المستهدفة، وثالثاً حيال ضمانات من «المجلس المحلي» بعدم استيلاء التجار على المعونات، وبالتالي استمرار الأزمة الغذائية في المنطقة.

ورفض وجهاء كفر بطنا تعقيدات «جيش الإسلام» بشأن النقطة الأولى، على اعتبار أن دوما تضم شعبة تابعة للهلال الأحمر السوري، وما زالت تتمتع بالتنسيق الدائم مع مكتب المنظمة في دمشق، وبناء عليه تدخل بشكل مستمر قوافل المساعدات إلى دوما، كان آخرها قبل أسبوعين من معبر مخيم الوافدين بالإضافة لتجهيزات طبية ومواد أولية وأدوية، فيما لا توجد مثل هذه المكاتب في باقي بلدات الغوطة، ما يضاعف من أزماتها على حساب أريحية نسبية في دوما.

من جهة ثانية، كان من المقرر أن تدخل القوافل عبر المليحة، ومنها إلى عربين فكفر بطنا، لكن «جيش الإسلام» أصر على الدخول من جهة حرستا ومعبر مخيم الوافدين، وهو النقطة الأخيرة التابعة لـ «الجيش»، قبل أن تبدأ سيطرة الفصائل المسلحة، ما زاد التعقيدات أكثر من قبل، فاضطرت المنظمة الدولية للتأخر قبل أن يحسم الأمر أخيرا، مع الإشارة إلى أن طريق مخيم الوافدين مزروعة بالألغام التي قد تشكل خطراً كبيراً على إدخال السيارات والمواد الإغاثية، فيما أصر قائد «جيش الإسلام» أبو همام البويضاني أن تكون مسألة الاستلام ونقل المساعدات بحضوره وإشرافه، كنوع من إثبات الوجود في الغوطة الشرقية، لاسيما بعد أن أقصى اقرب حلفائه في «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» قبل أسبوع.

لكن خطوة «جيش الإسلام» سببت الكثير من القلق والريبة بالنسبة الى المجالس المحلية في باقي مناطق الغوطة. فمن المعروف أن الكثير من السلع والمواد الغذائية دخلت في وقت سابق ووقعت في أيدي التجار الذين اخفوا المواد فوراً، قبل أن تعود وترفع سعرها بأرقام خيالية، ما زاد من صعوبة الوضع الإنساني. وبالطبع كل هذا كان بحماية من عناصر الفصيل الذي سبق أن أطلق عناصره النار على تظاهرات حاولت الاقتراب من مستودعات تابعة للتجار مليئة بالمواد الغذائية، ما دفع «المجالس المحلية» للإصرار على أن تكون هي الوجهة المحددة لاستلام المواد، خاصة أنها بغطاء أممي، وأن بلدة كفر بطنا (يقطن فيها 40 ألف شخص) قد ذكرت ضمن خطة التسليم إلى جانب المعضمية وغيرها من المناطق الخاضعة للهدن أو لسيطرة الفصائل، من دون أن يعرف إن كانت باقي البلدات، مثل حمورية وعربين وزملكا وسقبا، مدرجة ضمن الخطة المستقبلية للتوزيع.

  • فريق ماسة
  • 2016-02-23
  • 8010
  • من الأرشيف

المعونات الإنسانية إلى كفر بطنا: حكاية التأخير والتوزيع

ليست المرة الأولى التي تدخل فيها مساعدات ومواد إغاثية وطبية إلى الغوطة الشرقية، لكنها احدى أكثر العمليات الإنسانية إثارة للجدل، وذلك بسبب التأخير وصراع الفصائل حول التوزيع، ومن يستحق الدعم. فبعد طول انتظار تحركت إلى كفر بطنا في الغوطة عشرات القوافل التابعة للأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري آتية من دمشق، حاملة معها مواد غذائية وطحيناً وتجهيزات طبية، قبل أن يتسلمها «المجلس المحلي» لكفر بطنا، ويقوم بتوزيعها على السكان، بحضور وفد من المنظمة الدولية، فيما اكتفى «جيش الإسلام» بدور المواكبة والظهور الإعلامي. وجاءت الخطوة متأخرة أسبوعين، بسبب ما وصفه معارضون في الغوطة بعقبات لوجستية وخلافات حول ممرات الإدخال والجهات المستلمة والإصرار على كفر بطنا من دون غيرها في المنطقة. ويتحدث مصدر معارض في الريف الدمشقي عن ثلاثة إشكاليات سببت تأخير العملية الأولى، وهي إصرار «جيش الإسلام» على تسلم المساعدات في دوما بدلاً من «المجلس المحلي» في كفر بطنا، والثانية تتعلق بالدخول عن طريق المليحة ومنها للبلدة المستهدفة، وثالثاً حيال ضمانات من «المجلس المحلي» بعدم استيلاء التجار على المعونات، وبالتالي استمرار الأزمة الغذائية في المنطقة. ورفض وجهاء كفر بطنا تعقيدات «جيش الإسلام» بشأن النقطة الأولى، على اعتبار أن دوما تضم شعبة تابعة للهلال الأحمر السوري، وما زالت تتمتع بالتنسيق الدائم مع مكتب المنظمة في دمشق، وبناء عليه تدخل بشكل مستمر قوافل المساعدات إلى دوما، كان آخرها قبل أسبوعين من معبر مخيم الوافدين بالإضافة لتجهيزات طبية ومواد أولية وأدوية، فيما لا توجد مثل هذه المكاتب في باقي بلدات الغوطة، ما يضاعف من أزماتها على حساب أريحية نسبية في دوما. من جهة ثانية، كان من المقرر أن تدخل القوافل عبر المليحة، ومنها إلى عربين فكفر بطنا، لكن «جيش الإسلام» أصر على الدخول من جهة حرستا ومعبر مخيم الوافدين، وهو النقطة الأخيرة التابعة لـ «الجيش»، قبل أن تبدأ سيطرة الفصائل المسلحة، ما زاد التعقيدات أكثر من قبل، فاضطرت المنظمة الدولية للتأخر قبل أن يحسم الأمر أخيرا، مع الإشارة إلى أن طريق مخيم الوافدين مزروعة بالألغام التي قد تشكل خطراً كبيراً على إدخال السيارات والمواد الإغاثية، فيما أصر قائد «جيش الإسلام» أبو همام البويضاني أن تكون مسألة الاستلام ونقل المساعدات بحضوره وإشرافه، كنوع من إثبات الوجود في الغوطة الشرقية، لاسيما بعد أن أقصى اقرب حلفائه في «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» قبل أسبوع. لكن خطوة «جيش الإسلام» سببت الكثير من القلق والريبة بالنسبة الى المجالس المحلية في باقي مناطق الغوطة. فمن المعروف أن الكثير من السلع والمواد الغذائية دخلت في وقت سابق ووقعت في أيدي التجار الذين اخفوا المواد فوراً، قبل أن تعود وترفع سعرها بأرقام خيالية، ما زاد من صعوبة الوضع الإنساني. وبالطبع كل هذا كان بحماية من عناصر الفصيل الذي سبق أن أطلق عناصره النار على تظاهرات حاولت الاقتراب من مستودعات تابعة للتجار مليئة بالمواد الغذائية، ما دفع «المجالس المحلية» للإصرار على أن تكون هي الوجهة المحددة لاستلام المواد، خاصة أنها بغطاء أممي، وأن بلدة كفر بطنا (يقطن فيها 40 ألف شخص) قد ذكرت ضمن خطة التسليم إلى جانب المعضمية وغيرها من المناطق الخاضعة للهدن أو لسيطرة الفصائل، من دون أن يعرف إن كانت باقي البلدات، مثل حمورية وعربين وزملكا وسقبا، مدرجة ضمن الخطة المستقبلية للتوزيع.

المصدر : طارق العبد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة