دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
مع نهاية العام الماضي ومطلع العام الحالي، ومع تورط مملكة بني سعود في تداعيات سياساتها العشوائية الارتجالية المتراكمة، سواء الداخلية أو الخارجية، وتوقيع الاتفاق النووي الإيراني وتنفيذه، وارتداد حرب سعر النفط على المملكة واقتصادها، وفشل التصعيد السياسي " السعودي " في اليمن وسوريا وتلويحها أخيراً بالتدخل البري في الأخيرة، أصبح من المعتاد أن تقوم الدوائر السياسية والبحثية في واشنطن بالتفكير في إجابة عن أسئلة من نوع : ماذا لو انهارت المملكة جراء سياستها الخاطئة وأثر ذلك على السياسة الأميركية؟ أو ما هي الفائدة التي تقدمها الرياض لواشنطن في سياسة الأخيرة أمام الكُلفة عالية الثمن السياسي والاقتصادي لتصرفات المملكة الطائشة والتي تعيق سيناريوهات التهدئة التي تريد إدارة أوباما تثبيتها في المنطقة قبل الرحيل عن البيت الأبيض.
وفي هذا السياق نشرت مجلة “ذا أتلانتك” الأميركية تقريراً مشترك للباحث المختص بشئون الشرق الأوسط، أليكس دي وول، والمستشارة السابقة لرئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، سارة شايز. التقرير عنُون بـ”الاستعداد لانهيار السعودية” جاء في مستهلة تقييم لتاريخ العلاقات بين واشنطن والرياض الممتد لأكثر من خمسة عقود، ومآلات السياسة السعودية في الآونة الأخيرة التي أوصلت المملكة إلى حافة الانهيار حسب رأي كاتبي التقرير، الذي عللوا ما أسموه بـ”المأزق الاستراتيجي” لسياسية بني سعود بنهج حكامها الأخير الدائب على دفع الأمور إلى حدودها القصوى، سواء كان ذلك في صراعها مع إيران، أو الأزمة السورية وتحديها مع تركيا لروسيا، أو حتى فيما يتعلق بالسياسة الداخلية، الاقتصادية والاجتماعية والأمنية؛ وذلك كله وسط معضلات دائمة تعاني منها المملكة وفي وقت حساس لم تمر به الرياض ولا المنطقة منذ الحرب العالمية الأولى.
وتطرق تقرير “ذا أتلانتك” إلى النهج الذي يدير به بني سعود أمور الحكم والسياسة في الداخل، وارتباط هذا بسياسيتهم الخارجية، مشبه إياهم بـ”المافيا” واستمرار رهنهم للأمور كما ولو أن المملكة “مشروع تجاري فاسد وغير مستقر (..) فالمملكة لا يمكن اعتبارها دولة على الإطلاق، وأنها بمثابة نموذج يجمع ما بين المشروع السياسي المرن والذكي بالنسبة لواشنطن ولكنه غير دائم ولا يعول عليه على المدى البعيد، وبين المافياوية التي تتوغل رأسياً وأفقياً في جنبات المملكة والمنطقة”. وأن هذا النموذج لا يمكن له الاستمرار بأي حال من الأحوال وأن واشنطن بدأت بالفعل في الإعداد لمرحلة ما بعد إنهيار مملكة بني سعود.
وهنا رأت المجلة في تقريرها أن شكل الحكم في المملكة يكاد يطابق إدارة الأعمال الفاسدة العائلية، مشبهة الملك برئيس مجلس إدارة هذه الأعمال، وتحويله لعائدات النفط إلى هبات ورشاوي سياسية واجتماعية في الداخل والخارج نظير الولاء السياسي، سواء كان ذلك عن طريق الهبات المالية والامتيازات التجارية لأفراد العائلة المالكة، أو قليل من الرشاوى الاجتماعية وفرص العمل والتعليم وغيرها للعامة.
ورصد تقرير المجلة الأميركية في ختامه ثلاث سيناريوهات لانهيار المملكة، الأول هو سيناريو الانفجار من الداخل بواقع الصراع بين أجنحة الأسرة المالكة وتوازنات القوى ما بينها والتي تقترب من الصفرية، والثاني الانتفاضة الشعبية جراء القمع الاجتماعي والأمني الذي تمارسه السلطات هناك، أو غلبة التمرد الجهادي على صور الاحتجاج على بني سعود، وأخيراً التورط في حرب خارجية تنهار بسببها منظومة الحكم في المملكة، والذي من رأي كاتبي التقرير سيكون درامياً ودموياً وستكون له تداعياته على مستقبل المنطقة، ولهذا يؤكد التقرير في ختامه أن على السياسة الأميركية النظر إلى السيناريوهات الثلاثة بعين الاعتبار والتوقف عن ما أسموه “التفكير الآلي” الذي دأبت واشنطن في انتهاجه مع علاقتها بالسعودية والذي أوصل الأمور إلى حد حتمية الانهيار الذي لم تعد واشنطن العدة له.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة