قبل أيام قليلة من لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض، تبين أن تقديرات الخبراء والمعلقين الإسرائيليين والأميركيين بشأن زيادة المساعدة العسكرية السنوية التي تطالب بها إسرائيل ليست ملياراً، وإنما ملياري دولار، لتبلغ خمسة مليارات دولار سنوياً. ويعبر هذا الرقم، الذي سربته مصادر أميركية لوكالة «رويترز»، عن حجم الغضب الإسرائيلي من الاتفاق النووي مع إيران، وعن حجم القلق الأميركي من هذه المطالب.

وكانت إسرائيل قد رفضت طوال شهور إغراءات أميركية لبدء مفاوضات حول التعويضات التي تراها مناسبة للاتفاق النووي مع إيران. حينها، كانت المصادر الإسرائيلية ترى أن لا شيء مالياً أو تقنياً يمكنه أن يعوض عن الضرر الذي أصاب إسرائيل جراء قبول أميركا والغرب بأن تغدو إيران دولة حافة نووية.

وربما هذا هو السبب الحقيقي لأن تعترض إسرائيل مع بدء المفاوضات من أجل الاتفاق، على صيغة المساعدات العسكرية الأميركية لها في العقد المقبل، مع قرب انتهاء الاتفاق الحالي الذي ينتهي فعلياً في العام 2017. وبحسب مصادر أميركية، فإن إسرائيل طلبت من واشنطن رفع قيمة المساعدة السنوية من ثلاثة مليارات إلى خمسة مليارات دولار سنوياً. وإذا كانت إسرائيل نالت من الولايات المتحدة حتى الآن مساعدات عسكرية رسمية بحوالي 100 مليار دولار، فإنها تطالب بمساعدات بقيمة 50 مليار دولار فقط للعقد المقبل.

وبديهي أن إسرائيل ستعترض على التسريب، وقد تهرع إلى نفي الرقم، خشية أن يثير هذا انتقادات في داخل الولايات المتحدة، التي تمنح إسرائيل وحدها حوالي نصف المساعدات العسكرية السنوية المقررة لكل أرجاء العالم.

وفي كل حال، من الواضح أن أميركا، خصوصاً في ظروفها الحالية، سيتعذر عليها القبول بالمطلب الإسرائيلي طويل الأجل. وهناك اعتقاد بأن واشنطن يمكن أن توافق إما على زيادة المساعدة من ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار، أو قد تقدم على تقديم مساعدات عينية، كالتي اعتادت تقديمها من مخازن الجيش الأميركي سنوياً للجيش الإسرائيلي. ويرى معلقون إسرائيليون أن إسرائيل أصلاً، وقبل الأزمة مع أميركا بشأن الاتفاق النووي مع إيران، كانت تطالب بزيادة المعونة العسكرية السنوية لتبلغ 3.6 أو 3.7 مليارات دولار.

ومن الواضح أن إسرائيل في الأسابيع الأخيرة أصبحت تضيف إلى الغضب من الاتفاق النووي مع إيران، والمبالغة في آثاره وأضراره عليها، الخطر الذي يمثله التواجد الروسي في سوريا. وبرغم إعلان كل من روسيا وإسرائيل وجود آليات تنسيق بينهما بشأن الطلعات الجوية لسلاحي الجو في الدولتين في سماء سوريا، وربما أيضاً فوق لبنان، فإن إسرائيل تركز على أن الوجود الروسي يشكل خطراً شديداً. وأمس تحديداً، نظرت باستغراب إلى الأنباء التي تحدثت عن نشر روسيا منظومات دفاع جوي جديدة في سوريا. هذا الخطر الجديد، من المؤكد أنه سيرفع لديها الثمن الذي تسعى لجبايته من أميركا.

وفي الأصل، كانت المطالبة الإسرائيلية بالزيادة تعلل بانعدام الاستقرار في الشرق الأوسط، وفي تزايد مخاطر الجماعات الأصولية الإسلامية والخطر الإيراني. وبحسب وكالة «رويترز»، فإن «إسرائيل تدَّعي أن الازدهار الاقتصادي في إيران بفضل إزالة العقوبات سيسمح لها بزيادة دعمها للمنظمات المعادية لإسرائيل في سوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية، ولكن في واشنطن يقولون إن هذه مخاوف مبالغ فيها».

وبحسب صحف إسرائيلية، فإن إسرائيل سلمت مؤخراً الإدارة الاميركية قوائم باحتياجاتها العسكرية الخاصة للعقدين المقبلين. وتضمنت هذه القوائم الحصول على سرب طائرات «F- 15» مطورة، عدا عن سربي طائرات «F-35» سبق ووعد الأميركيون بتسليمها. وتشمل القائمة الإسرائيلية أيضاً طائرات مروحية من طراز «V-22»، ومروحيات وطائرات تزويد بالوقود في الجو، وذخائر دقيقة، وتمويل إنتاج كمية كبيرة من صواريخ «حيتس 3».

وتجدر الإشارة إلى أن وكالة «رويترز» قالت إن الطلب الرسمي الإسرائيلي لم يقدم بعد من الإدارة الاميركية للكونغرس، ناقلة عن مصدر في الكونغرس تأكيده أنه «ينبغي أولاً أن يُجْروا مفاوضات مع البيت الأبيض». وهكذا، فإن الطلب الإسرائيلي سيُبحث رسمياً، وللمرة الأولى، في اللقاء بين باراك أوباما ونتنياهو في البيت الأبيض يوم الإثنين المقبل.

ومعروف أن العلاقات بين الرجلين ليست في أفضل أحوالها. فبرغم استمرار التعاون العسكري والأمني الإسرائيلي - الأميركي، إلا أن هناك شحنة من التوتر في العلاقات السياسية بين الدولتين. وقبل أيام فقط، نشرت مجلة «أتلنتيك» مقابلة مع وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أجراها معه الصحافي الأميركي جيفري غولدبرغ، واعتبر فيها أن انتقادات إدارته لسلوكيات إسرائيل فيها «درجة من المرارة». وقال كارتر في المقابلة التي أجريت بعد وقت قصير من اختتام وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون زيارة رسمية لواشنطن، إن «هذا لا يعني أن قسماً من الانتقادات ليس مبرراً، ولكن أحياناً هم يشعرون أن هذه الانتقادات تقال من دون الأخذ بالحسبان المعضلات الحقيقية التي يواجهونها». ومعروف أن زيارة يعلون كانت تمهيداً لزيارة نتنياهو، الذي أشارت مقالة غولدبرغ إلى أنه يصل إلى «بيت أبيض منهك ومحبط منه».

  • فريق ماسة
  • 2015-11-05
  • 13519
  • من الأرشيف

طلب المساعدات يرتفع إلى 5 مليارات دولار سنوياً ..الابتزاز الإسرائيلي للاتفاق النووي يقلق أميركا

قبل أيام قليلة من لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض، تبين أن تقديرات الخبراء والمعلقين الإسرائيليين والأميركيين بشأن زيادة المساعدة العسكرية السنوية التي تطالب بها إسرائيل ليست ملياراً، وإنما ملياري دولار، لتبلغ خمسة مليارات دولار سنوياً. ويعبر هذا الرقم، الذي سربته مصادر أميركية لوكالة «رويترز»، عن حجم الغضب الإسرائيلي من الاتفاق النووي مع إيران، وعن حجم القلق الأميركي من هذه المطالب. وكانت إسرائيل قد رفضت طوال شهور إغراءات أميركية لبدء مفاوضات حول التعويضات التي تراها مناسبة للاتفاق النووي مع إيران. حينها، كانت المصادر الإسرائيلية ترى أن لا شيء مالياً أو تقنياً يمكنه أن يعوض عن الضرر الذي أصاب إسرائيل جراء قبول أميركا والغرب بأن تغدو إيران دولة حافة نووية. وربما هذا هو السبب الحقيقي لأن تعترض إسرائيل مع بدء المفاوضات من أجل الاتفاق، على صيغة المساعدات العسكرية الأميركية لها في العقد المقبل، مع قرب انتهاء الاتفاق الحالي الذي ينتهي فعلياً في العام 2017. وبحسب مصادر أميركية، فإن إسرائيل طلبت من واشنطن رفع قيمة المساعدة السنوية من ثلاثة مليارات إلى خمسة مليارات دولار سنوياً. وإذا كانت إسرائيل نالت من الولايات المتحدة حتى الآن مساعدات عسكرية رسمية بحوالي 100 مليار دولار، فإنها تطالب بمساعدات بقيمة 50 مليار دولار فقط للعقد المقبل. وبديهي أن إسرائيل ستعترض على التسريب، وقد تهرع إلى نفي الرقم، خشية أن يثير هذا انتقادات في داخل الولايات المتحدة، التي تمنح إسرائيل وحدها حوالي نصف المساعدات العسكرية السنوية المقررة لكل أرجاء العالم. وفي كل حال، من الواضح أن أميركا، خصوصاً في ظروفها الحالية، سيتعذر عليها القبول بالمطلب الإسرائيلي طويل الأجل. وهناك اعتقاد بأن واشنطن يمكن أن توافق إما على زيادة المساعدة من ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار، أو قد تقدم على تقديم مساعدات عينية، كالتي اعتادت تقديمها من مخازن الجيش الأميركي سنوياً للجيش الإسرائيلي. ويرى معلقون إسرائيليون أن إسرائيل أصلاً، وقبل الأزمة مع أميركا بشأن الاتفاق النووي مع إيران، كانت تطالب بزيادة المعونة العسكرية السنوية لتبلغ 3.6 أو 3.7 مليارات دولار. ومن الواضح أن إسرائيل في الأسابيع الأخيرة أصبحت تضيف إلى الغضب من الاتفاق النووي مع إيران، والمبالغة في آثاره وأضراره عليها، الخطر الذي يمثله التواجد الروسي في سوريا. وبرغم إعلان كل من روسيا وإسرائيل وجود آليات تنسيق بينهما بشأن الطلعات الجوية لسلاحي الجو في الدولتين في سماء سوريا، وربما أيضاً فوق لبنان، فإن إسرائيل تركز على أن الوجود الروسي يشكل خطراً شديداً. وأمس تحديداً، نظرت باستغراب إلى الأنباء التي تحدثت عن نشر روسيا منظومات دفاع جوي جديدة في سوريا. هذا الخطر الجديد، من المؤكد أنه سيرفع لديها الثمن الذي تسعى لجبايته من أميركا. وفي الأصل، كانت المطالبة الإسرائيلية بالزيادة تعلل بانعدام الاستقرار في الشرق الأوسط، وفي تزايد مخاطر الجماعات الأصولية الإسلامية والخطر الإيراني. وبحسب وكالة «رويترز»، فإن «إسرائيل تدَّعي أن الازدهار الاقتصادي في إيران بفضل إزالة العقوبات سيسمح لها بزيادة دعمها للمنظمات المعادية لإسرائيل في سوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية، ولكن في واشنطن يقولون إن هذه مخاوف مبالغ فيها». وبحسب صحف إسرائيلية، فإن إسرائيل سلمت مؤخراً الإدارة الاميركية قوائم باحتياجاتها العسكرية الخاصة للعقدين المقبلين. وتضمنت هذه القوائم الحصول على سرب طائرات «F- 15» مطورة، عدا عن سربي طائرات «F-35» سبق ووعد الأميركيون بتسليمها. وتشمل القائمة الإسرائيلية أيضاً طائرات مروحية من طراز «V-22»، ومروحيات وطائرات تزويد بالوقود في الجو، وذخائر دقيقة، وتمويل إنتاج كمية كبيرة من صواريخ «حيتس 3». وتجدر الإشارة إلى أن وكالة «رويترز» قالت إن الطلب الرسمي الإسرائيلي لم يقدم بعد من الإدارة الاميركية للكونغرس، ناقلة عن مصدر في الكونغرس تأكيده أنه «ينبغي أولاً أن يُجْروا مفاوضات مع البيت الأبيض». وهكذا، فإن الطلب الإسرائيلي سيُبحث رسمياً، وللمرة الأولى، في اللقاء بين باراك أوباما ونتنياهو في البيت الأبيض يوم الإثنين المقبل. ومعروف أن العلاقات بين الرجلين ليست في أفضل أحوالها. فبرغم استمرار التعاون العسكري والأمني الإسرائيلي - الأميركي، إلا أن هناك شحنة من التوتر في العلاقات السياسية بين الدولتين. وقبل أيام فقط، نشرت مجلة «أتلنتيك» مقابلة مع وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أجراها معه الصحافي الأميركي جيفري غولدبرغ، واعتبر فيها أن انتقادات إدارته لسلوكيات إسرائيل فيها «درجة من المرارة». وقال كارتر في المقابلة التي أجريت بعد وقت قصير من اختتام وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون زيارة رسمية لواشنطن، إن «هذا لا يعني أن قسماً من الانتقادات ليس مبرراً، ولكن أحياناً هم يشعرون أن هذه الانتقادات تقال من دون الأخذ بالحسبان المعضلات الحقيقية التي يواجهونها». ومعروف أن زيارة يعلون كانت تمهيداً لزيارة نتنياهو، الذي أشارت مقالة غولدبرغ إلى أنه يصل إلى «بيت أبيض منهك ومحبط منه».

المصدر : السفير/ حلمي موسى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة