تعي الادارة الأميركية تمامًا أنّها أخفقت طوال السنوات الأربع الماضية في استيعاب الأزمة السورية ما أدّى الى تفاقمها من خلال نشوء التنظيمات المتطرفة والارهابية والتي نمت بشكل لافت في العامين الماضيين وأبرزها تنظيم "داعش" الذي بات يشكل خطرا عالميا يقض مضاجع كل قادة الدول التي تهافتت لقتاله في الداخل السوري قبل وصوله اليها.

كما تدرك واشنطن أن كل برامجها السابقة لتدريب وتسليح بعض قوى المعارضة لم تؤد غرضها أو تعطي النتائج المرجوة بعدما اعتقل متطرّفون العناصر المدربة أميركيًا واستولوا على سلاحهم. ولعلّ فشل ادارة الرئيس الأميركي باراك اوباما ومعها المعارضة المعتدلة بتهيئة بديل يخلف النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، هو ما انعكس ترددا في التعاطي الجدي مع الأزمة وبالتالي أّدى لوضع سياسات غير متينة استفادت منها موسكو مؤخرًا معلنة دخول الساحة السورية متسلحة بسياسة واضحة ومنحازة تماما للنظام السوري بدأت ومنذ أكثر من شهر فرضها بالقوة.

ويبدو أن الصدمة الروسية تركت آثارها في أروقة صنع القرار بواشنطن، بحيث أدخل المعنيون بالملف السوري تعديلات سريعة على البرنامج الاميركي، فأوقفوا التدريبات وعملية التسليح غير المدروسة كفاية وانصرفوا لتشكيل وتطوير تنظيم جديد قد يشكل نواة قوة عسكرية تنضم الى الجيش السوري في مرحلة لاحقة لفرض الأمن والاستقرار في البلاد.

ولم يبذل الأميركيون جهدا كبيرا بتحديد المكون الذي يقود هذا التنظيم، باعتبار أن الأكراد ومنذ معركة كوباني شكلوا لواشنطن الحليف الاستراتيجي في الشمال السوري والقوة المثالية لدحر "داعش". وتفاديا لاتساع الخلاف مع أنقرة التي تحارب الأكراد، قررت الولايات المتحدة الأميركية انشاء تشكيل جديد يضم وحدات حماية الشعب الكردية الى مكونات عربية معتدلة تؤمن بسوريا العلمانية، مطلقة تسمية "قوات سوريا الديمقراطية" عليه.

ويضم التشكيل الجديد حاليا، التحالف العربي السوري وجيش الثوار وغرفة عمليات بركان الفرات وقوات الصناديد وتجمع ألوية الجزيرة والمجلس العسكري السرياني المسيحي ووحدات حماية الشعب الكردية ووحدات حماية المرأة، وينشط في شمال وشمال شرق سوريا، وهو بدأ أولى عملياته بوجه "داعش" في ريف الحسكة.

وقد قررت واشنطن مؤخرا دعم هذا التشكيل بارسال قوات خاصة الى الداخل السوري من المستشارين الذين يمدون القوات السورية المقاتلة بالخبرات والتقنيات الحديثة، والأرجح الأسلحة النوعية التي تساعد بدحر التنظيم من المناطق الحدودية السورية–التركية، خاصة وأن هذه القوات تزحف تدريجيا الى معقل "داعش" في الرقة الذي بدأ يشهد نزوحا كثيفا لقياديين من التنظيم وعوائلهم رُصدوا متوجهين الى العراق.

وقد لا يكون مستغربا أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد تنسق مع الائتلاف السوري وقيادة الجيش الحر بالوتيرة السابقة، بحيث أن الادارة الاميركية لم تبلغ "حلفاءها المفترضين" بقرارها ارسال القوات الخاصة الى شمال سوريا على اعتبار أنّهم لن يكونوا معنيين بالتنسيق معهم ومهمتهم ستنحصر بالتنسيق مع الأكراد تحت مسمى "قوات سوريا الديمقراطية".

بالمحصلة، تشير كل المعطيات الى سياسة أميركية جديدة بدأت تتبلور بالتعامل مع الملف السوري، ولعل تكريس محاربة الارهاب أولوية لدى واشنطن في المرحلة الراهنة، ستجعلها تلتقي والروس في أكثر من ميدان، بعدما التقيا في الساعات الماضية جوا باطار تدريبات هي الأولى من نوعها في المجال الجوي السوري.

  • فريق ماسة
  • 2015-11-03
  • 10911
  • من الأرشيف

"قوات سوريا الديمقراطية" ذراع واشنطن الجديد في سوريا

تعي الادارة الأميركية تمامًا أنّها أخفقت طوال السنوات الأربع الماضية في استيعاب الأزمة السورية ما أدّى الى تفاقمها من خلال نشوء التنظيمات المتطرفة والارهابية والتي نمت بشكل لافت في العامين الماضيين وأبرزها تنظيم "داعش" الذي بات يشكل خطرا عالميا يقض مضاجع كل قادة الدول التي تهافتت لقتاله في الداخل السوري قبل وصوله اليها. كما تدرك واشنطن أن كل برامجها السابقة لتدريب وتسليح بعض قوى المعارضة لم تؤد غرضها أو تعطي النتائج المرجوة بعدما اعتقل متطرّفون العناصر المدربة أميركيًا واستولوا على سلاحهم. ولعلّ فشل ادارة الرئيس الأميركي باراك اوباما ومعها المعارضة المعتدلة بتهيئة بديل يخلف النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، هو ما انعكس ترددا في التعاطي الجدي مع الأزمة وبالتالي أّدى لوضع سياسات غير متينة استفادت منها موسكو مؤخرًا معلنة دخول الساحة السورية متسلحة بسياسة واضحة ومنحازة تماما للنظام السوري بدأت ومنذ أكثر من شهر فرضها بالقوة. ويبدو أن الصدمة الروسية تركت آثارها في أروقة صنع القرار بواشنطن، بحيث أدخل المعنيون بالملف السوري تعديلات سريعة على البرنامج الاميركي، فأوقفوا التدريبات وعملية التسليح غير المدروسة كفاية وانصرفوا لتشكيل وتطوير تنظيم جديد قد يشكل نواة قوة عسكرية تنضم الى الجيش السوري في مرحلة لاحقة لفرض الأمن والاستقرار في البلاد. ولم يبذل الأميركيون جهدا كبيرا بتحديد المكون الذي يقود هذا التنظيم، باعتبار أن الأكراد ومنذ معركة كوباني شكلوا لواشنطن الحليف الاستراتيجي في الشمال السوري والقوة المثالية لدحر "داعش". وتفاديا لاتساع الخلاف مع أنقرة التي تحارب الأكراد، قررت الولايات المتحدة الأميركية انشاء تشكيل جديد يضم وحدات حماية الشعب الكردية الى مكونات عربية معتدلة تؤمن بسوريا العلمانية، مطلقة تسمية "قوات سوريا الديمقراطية" عليه. ويضم التشكيل الجديد حاليا، التحالف العربي السوري وجيش الثوار وغرفة عمليات بركان الفرات وقوات الصناديد وتجمع ألوية الجزيرة والمجلس العسكري السرياني المسيحي ووحدات حماية الشعب الكردية ووحدات حماية المرأة، وينشط في شمال وشمال شرق سوريا، وهو بدأ أولى عملياته بوجه "داعش" في ريف الحسكة. وقد قررت واشنطن مؤخرا دعم هذا التشكيل بارسال قوات خاصة الى الداخل السوري من المستشارين الذين يمدون القوات السورية المقاتلة بالخبرات والتقنيات الحديثة، والأرجح الأسلحة النوعية التي تساعد بدحر التنظيم من المناطق الحدودية السورية–التركية، خاصة وأن هذه القوات تزحف تدريجيا الى معقل "داعش" في الرقة الذي بدأ يشهد نزوحا كثيفا لقياديين من التنظيم وعوائلهم رُصدوا متوجهين الى العراق. وقد لا يكون مستغربا أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد تنسق مع الائتلاف السوري وقيادة الجيش الحر بالوتيرة السابقة، بحيث أن الادارة الاميركية لم تبلغ "حلفاءها المفترضين" بقرارها ارسال القوات الخاصة الى شمال سوريا على اعتبار أنّهم لن يكونوا معنيين بالتنسيق معهم ومهمتهم ستنحصر بالتنسيق مع الأكراد تحت مسمى "قوات سوريا الديمقراطية". بالمحصلة، تشير كل المعطيات الى سياسة أميركية جديدة بدأت تتبلور بالتعامل مع الملف السوري، ولعل تكريس محاربة الارهاب أولوية لدى واشنطن في المرحلة الراهنة، ستجعلها تلتقي والروس في أكثر من ميدان، بعدما التقيا في الساعات الماضية جوا باطار تدريبات هي الأولى من نوعها في المجال الجوي السوري.

المصدر : النشرة / بولا أسطيح


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة