على الرغم مما حققته استراتيجية دول الممانعة على امتداد المنطقة والعالم من تقدم، إلا أنها لا تزال في إطارها الدفاعي. في سورية تركز هذه الاستراتيجية على الصمود في مواجهة الحرب المعلنة عليها، وبعد مرور أربع سنوات ونصف السنة لا يزال هذا الصمود مع تقدّم في بعض المناطق الحيوية هو السمة الغالبة على المشهد العام في سورية. في لبنان تمّ إبعاد خطر الإرهاب والإرهابيين عن الحدود اللبنانية، وتوقفت الهجمات الإرهابية في عمق مناطق المقاومة. في العراق حقق الحشد الشعبي تقدّماً في أكثر من محافظة على حساب تنظيم داعش. وفي اليمن سيطرت اللجان الشعبية بالتعاون مع الجيش اليمني على أكثر من 90 في المئة من الأرض اليمنية، وانتقلت الحرب إلى المنطقة الحدودية مع السعودية، وتحديداً في مناطق عسير ونجران وجيزان. وخسرت السعودية نظام حكم يمني موال لها يتربّع على عرشه الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي. وفي أوكرانيا تمكنت روسيا من استعادة جزيرة القرم بما تمثله من أهمية جيواستراتيجية، إضافةً إلى سيطرة حلفائها على المقاطعات الشرقية من أوكرانيا.

 

 

على الرغم من هذا التقدّم الحاصل على كلّ الجبهات، والأرجح بسبب ذلك، لا تزال استراتيجية منظومة الممانعة استراتيجية دفاعية، تراهن على الصمود في حرب الاستنزاف في مواجهة التحالف المعادي، وصولاً إلى تسويات تطبع العلاقات بين معسكر الممانعة وبين المعسكر المناهض لها.

 

لكن لا يبدو أنّ المكاسب المحققة على جميع جبهات المواجهة كافية لتحقيق انتصار ناجز، أو على الأقلّ الوصول إلى تسويات تحافظ على الإنجازات المحققة وتكريسها كأمر واقع معترف به، ولا يزال المعسكر المعادي يواصل حرب الاستنزاف، أولاً لتغيير توازن القوى، واستعادة ما خسره في بعض الجبهات، وثانياً للوصول إلى تسويات تحقق له ما عجز عن تحقيقه في المواجهة الميدانية.

 

إذا استمرّت استراتيجية منظومة الممانعة في إطارها الدفاعي الحالي، فإنّ حرب الاستنزاف ضدّ سورية واليمن والعراق، والعقوبات ضدّ روسيا، من شأنها أن تشكل عبئاً ثقيلاً، وتجعل عامل الوقت في مصلحة المعسكر المعادي، فهذه الاستراتيجية الدفاعية عاجزة عن خلق أمر واقع يقود إلى انتصار حاسم في ساحات المعارك الملتهبة، كما أنها عاجزة عن توفير شروط تسوية تحفظ المكاسب التي تحققت ميدانياً، وتقطع الطريق على تسويات تتجاهل حجم التضحيات التي قدّمتها الشعوب في بلدان المواجهة المحتدمة.

 

هذا يعني أنه من دون الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، وزيادة مستوى التنسيق، وتبادل الدعم، فإنه لا يمكن الرهان على تغيير المشهد الميداني القائم الآن، وبالتالي الوصول إلى تسويات أو تحقيق الانتصار.

  • فريق ماسة
  • 2015-07-08
  • 11007
  • من الأرشيف

استراتيجية منظومة الممانعة لا تنتج انتصاراً أو تسويات

على الرغم مما حققته استراتيجية دول الممانعة على امتداد المنطقة والعالم من تقدم، إلا أنها لا تزال في إطارها الدفاعي. في سورية تركز هذه الاستراتيجية على الصمود في مواجهة الحرب المعلنة عليها، وبعد مرور أربع سنوات ونصف السنة لا يزال هذا الصمود مع تقدّم في بعض المناطق الحيوية هو السمة الغالبة على المشهد العام في سورية. في لبنان تمّ إبعاد خطر الإرهاب والإرهابيين عن الحدود اللبنانية، وتوقفت الهجمات الإرهابية في عمق مناطق المقاومة. في العراق حقق الحشد الشعبي تقدّماً في أكثر من محافظة على حساب تنظيم داعش. وفي اليمن سيطرت اللجان الشعبية بالتعاون مع الجيش اليمني على أكثر من 90 في المئة من الأرض اليمنية، وانتقلت الحرب إلى المنطقة الحدودية مع السعودية، وتحديداً في مناطق عسير ونجران وجيزان. وخسرت السعودية نظام حكم يمني موال لها يتربّع على عرشه الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي. وفي أوكرانيا تمكنت روسيا من استعادة جزيرة القرم بما تمثله من أهمية جيواستراتيجية، إضافةً إلى سيطرة حلفائها على المقاطعات الشرقية من أوكرانيا.     على الرغم من هذا التقدّم الحاصل على كلّ الجبهات، والأرجح بسبب ذلك، لا تزال استراتيجية منظومة الممانعة استراتيجية دفاعية، تراهن على الصمود في حرب الاستنزاف في مواجهة التحالف المعادي، وصولاً إلى تسويات تطبع العلاقات بين معسكر الممانعة وبين المعسكر المناهض لها.   لكن لا يبدو أنّ المكاسب المحققة على جميع جبهات المواجهة كافية لتحقيق انتصار ناجز، أو على الأقلّ الوصول إلى تسويات تحافظ على الإنجازات المحققة وتكريسها كأمر واقع معترف به، ولا يزال المعسكر المعادي يواصل حرب الاستنزاف، أولاً لتغيير توازن القوى، واستعادة ما خسره في بعض الجبهات، وثانياً للوصول إلى تسويات تحقق له ما عجز عن تحقيقه في المواجهة الميدانية.   إذا استمرّت استراتيجية منظومة الممانعة في إطارها الدفاعي الحالي، فإنّ حرب الاستنزاف ضدّ سورية واليمن والعراق، والعقوبات ضدّ روسيا، من شأنها أن تشكل عبئاً ثقيلاً، وتجعل عامل الوقت في مصلحة المعسكر المعادي، فهذه الاستراتيجية الدفاعية عاجزة عن خلق أمر واقع يقود إلى انتصار حاسم في ساحات المعارك الملتهبة، كما أنها عاجزة عن توفير شروط تسوية تحفظ المكاسب التي تحققت ميدانياً، وتقطع الطريق على تسويات تتجاهل حجم التضحيات التي قدّمتها الشعوب في بلدان المواجهة المحتدمة.   هذا يعني أنه من دون الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، وزيادة مستوى التنسيق، وتبادل الدعم، فإنه لا يمكن الرهان على تغيير المشهد الميداني القائم الآن، وبالتالي الوصول إلى تسويات أو تحقيق الانتصار.

المصدر : حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة