دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كشف تقرير "اسرائيلي" جديد، جوانب كانت مخفية حول الجاسوس الاسرائيلي ايلي كوين، الذي اعتقل وأعدم في سوريا في ستينات القرن الماضي،
بعد القبض عليه متلبسًا يتخابر مع الاستخبارات الاسرائيلية. وبحسب التقرير الجديد، المنشور في موقع "واللا" الصهيوني، فإن كوهين أسدى "لتل أبيب" خدمات جمّة مكنتها من استهداف الكثير في سوريا، وأن أصل دخوله الأراضي السورية مع معدات التجسس التي كانت في حوزته طوال سنوات تجسسه، جاء بمساعدة من الاستخبارات الاميركية، "السي اي ايه".
وأشار تقرير "واللا" الى ان "كوهين خدم في التجسس لصالح الاستخبارات الاسرائيلية في دمشق، بين اعوام 1962 و 1963، اي ثلاث سنوات متواصلة. وكان كوهين قد أبحر من مدنية جنوى الايطالية الى الاسكندرية في مصر، ومن ثم الى بيروت، ومنها باتجاه العاصمة السورية دمشق، حيث بدأ على الفور نسج علاقات مع الطبقة السياسية والعسكرية السورية، أوصلته الى اصحاب القرار في دمشق.
ولفت تقرير و"اللا" الى أن الجولان، في تلك الأيام، كان تحت سيطرة الجيش السوري، وكان منطقة عسكرية مغلقة لا يمكن السماح بدخولها إلا بموافقة من رئيس أركان الجيش السوري، لكن بفضل الاتصالات والصداقات التي نسجها كوهين سريعا في سوريا، مكنته من الدخول الى الجولان ثلاث مرات، وبمرافقة من كبار الضباط السوريين، وكان يرسل مشاهداته ومعايناته للاستحكامات والمواقع السورية العسكرية وانتشارها واستعدادها الى "تل ابيب"، حيث كان يراسل مشغليه يوميًا، الأمر الذي مكّن الجيش الاسرائيلي من ضرب هذه الاستحكامات بناء على المعلومات التي جمعها كوهين.
واستأجر كوهين، بحسب التقرير، شقة مقابل هيئة الأركان العامة في دمشق، وأرسل الى "اسرائيل" معلومات قيمة حول مراكز ومؤسسات الجيش السوري ومناطق انتشار الجيش وانتشار الدبابات وتركيز السيطرة والتحكم العسكري، وكلها وصلت الى "اسرائيل" إضافة الى معلومات قيمة جدًا، الى حد أن رئيس وزراء "إسرائيل" في حينه، ليفي أشكول، قال: إنه "لولا المعلومات التي وفرّها كوهين لكان الجيش الاسرائيلي عانى كثيرًا مع سوريا في الجولان".
وقد ولد كوهين في الإسكندرية في مصر، في كانون أول من العام 1924، من أم وأب هاجرا من حلب في سوريا الى مصر، وكان الابن الثاني من عائلة مكونة من ستة ذكور وبنتان. وفي العام 1948، هاجرت العائلة الى فلسطين المحتلة، إلا أن كوهين فضّل أن يبقى في مصر في خدمة الحركة الصهيونية، إلى ان اعتقل بتهم متعددة من قبل السلطات المصرية، لكن أُعيد اطلاق سراحه لعدم كفاية الدليل، ومن ثم هاجر الى كيان الاحتلال، وعرض خدماته على الاستخبارات الاسرائيلية، وتجنّد في الوحدة الخاصة (قيصاريا)، التي أرسلته الى الأرجنتين بجواز سفر فرنسي، على انه من أصل سوري ويريد العودة الى وطنه الأم، وهناك في الارجنتين نسج صداقات مع الدبلوماسيين السوريين، وعلى رأسهم أمين حافظ الذي كان دبلوماسيًا في السفارة السورية هناك، وبعد عامين من ذلك اصبح رئيسًا للجمهورية السورية جراء انقلاب.
لم يضع كوهين الوقت في سوريا، وفور دخوله الاراضي السورية نسج علاقاته وصداقاته مع النخبة الحاكمة والقيادات في دمشق، ومن بين أولى الصداقات كان ابن شقيق رئيس الأركان السوري وقائد وحدة كوماندوس في الجيش ، الأمر الذي مكّنه من التغلغل في الكثير من المفاصل الحساسة في سوريا واستجلاب معلومات استخبارية لـ"اسرائيل"، ومن بينها معلومات سياسية وعسكرية وتقارير عن مراكز القوى والتعيينات الداخلية والعلاقات الحزبية وحركة الطائرات والبرامج العسكرية والشراكة مع الاتحاد السوفياتي والتحصينات العسكرية وإجراءات وتدابير القوات السورية في الميدان، وبشكل خاص كل ما يجري في الجولان.
وفي تلك الأيام، كانت "اسرائيل" قلقة من أزمة مياه ومن إمكان جرّ سوريا مياه نهر الأردن وتحويلها، الا ان كوهين نسج علاقات مع مهندس المشروع واستقى منه المعلومات التي مكنت الجيش الاسرائيلي من ضرب المشروع ومنشآته وانهاء الخطة السورية في مهدها.
وكان كوهين يواظب على زيارة الكيان الصهيوني كل ستة شهور وكان يقضي شهرًا في منزله. وقبل زيارته الأخيرة لـ"إسرائيل" بعث كوهين إشارة ضيق. وحينما وصل إلى "تل ابيب" كان متوترًا وعصبيًا وتبدو عليه علامات الضيق. ومع عودته إلى دمشق اكتشف أن الاستخبارات السورية فتشت منزله خلال غيابه، وفي العام 1965 داهمت قوة عسكرية منزله واعتقلته متلبسًا خلال إرسال رسالة للاستخبارات الإسرائيلية. وفي مطلع أيار (مايو) حكم عليه بالإعدام، ونفذ في 18 من الشهر نفسه في ساحة المرجة في دمشق.
المصدر :
العهد
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة