شاع استخدام مصطلح الأمن القومي في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تحديداً بعد صدور قانون الأمن القومي لعام 1947عن الكونغرس الأمريكي الذي أعلن عن انطلاق المصطلح في السياسة الأمريكية،

 

 ولم يستقر كمصطلح في السياسة الدولية حتى نهاية مرحلة الحرب الباردة. إلا أن جذوره تعود إلى القرن السابع عشر نتيجة لقيام الدولة القومية أو الدولة ـ الأمة، وخاصة بعد إبرام معاهدة وستفاليا عام 1648 وحسب دائرة المعارف البريطانية يعرف الأمن القومي "حماية الأمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية".

 

ولمقاربة تعريف للأمن القومي العربي لا بد من تحديد التهديدات والمخاطر التي تواجه الأمة العربية :

 

أولها: الكيان الإسرائيلي الذي أنشأه الغرب برعاية بريطانية وباحتضان أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية ليكون قاعدة متقدمة للاستعمار في منطقتنا العربية تمكنه من سرقة الثروات العربية وإشغال أبنائها بالحروب والفتن والصراعات. لإبقائهم في حالة من التراجع والارتهان للأجنبي.

 

ثانيها: التجزئة السياسية للوطن العربي وما نتج عنها من سياسات قطرية (اجتماعية سياسية اقتصادية) تجعل البلدان العربية تعاني التبعية وانعدام التعاون والتنسيق فيما بينها، مما ساهم في تراجع التنمية في مختلف أبعادها، ويظهر ذلك من انتشار الأمية، والفقر والبطالة. والنتيجة الأخطر للتجزئة وجود حكومات مرتبطة أمنياً واقتصادياً بالمشروع الأمريكي – الصهيوني، كالمملكة السعودية وقطر،التي تجد بقاءها واستمرارها مرتهن ببقاء واستمرار هذا المشروع، وهذا ليس بالجديد، لكن الجديد اليوم ما تقوم به تلك الحكومات من تدمير للدول العربية!!. .فهل تبادلت تلك الحكومات الدور مع الكيان الإسرائيلي الذي أنشئ ليكون الأداة الاستعمارية في تدمير مجتمعاتنا العربية وإبقاء كابوس الفقر والتراجع وعدم الاستقرار يقضّ مضجع المواطن العربي؟ وهل وجدت تلك الحكومات بأن الكيان الإسرائيلي قد فقد دوره الوظيفي أمام ضربات محور المقاومة فتبرعت لتنوب عنه في هذه المهمة!؟.

 

مفهوم الأمن القومي العربي: مقدرة الأمة العربية على الدفاع عن حقوقها واسترجاع أراضيها المحتلة وصيانة استقلالها وسيادتها على أراضيها. والمحافظة على الثروات الوطنية واستثمارها بما يحقق الوفرة والعدالة الإجتماعية للمواطن العربي. والنهوض بالتنمية بكافة أبعادها الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية. بما يوفر الأمان والاستقرار لأبنائها في حياة حرة كريمة.

 

المشروع الأمريكي – الصهيوني يهدد الوجود القومي العربي: يشكل الصراع العربي- الصهيوني، الصراع الأساسي في المنطقة، الذي تنضوي تحته كل الصراعات الأخرى الكامنة والظاهرة، المباشرة وغير المباشرة، ومنذ عام1948تاريخ الإعلان عن إنشاء الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين وهذا الكيان يعمل لتحقيق مصالح الدول الاستعمارية التي أنشئ من أجلها، في نهب خيرات الوطن العربي وإبقاء شعبه في حالة من التراجع والتفرقة، عن طريق شن الحروب والاعتداءات المتكررة على البلدان العربية، وخلق الأزمات والفتن، والقضاء على أي تقارب بين البلدان العربية، في محاولة لمنع أي بلد عربي من التقدم، فقد اشترك الكيان الإسرائيلي، مع بريطانيا وفرنسا في العدوان الثلاثي على مصر1956 لمنع عبد الناصر من الحفاظ على حقوق الشعب المصري في قناة السويس، ثم شن عدوان حزيران1967لضرب حركة التحرر العربية التي قادتها ثورة الثامن من آذار في سوريا ، وثورة 23 تموز في مصر، وما حققته من نهوض للشعور القومي بلغ ذروته في تحقيق الوحدة بين سوريا ومصر 1958 ثم الدخول مع النظام المصري آنذاك في في تسوية أعقاب حرب تشرين التحريرية استقرت بمعاهدة كامب ديفيد التي شكلت أول اختراق للأمن القومي العربي، وشرعت التطبيع مع العدو الإسرائيلي، وراحت الحكومات العربية تتسابق لإقامة علاقات مع هذا العدو، ثم تلتها معاهدات التسوية مع كل من ومنظمة التحرير الفلسطينية و الأردن (اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993واتفاقية وادي عربة مع النظام الأردني عام 1994) ومع نهاية الألفية الثانية كان النظام الإقليمي العربي في طريقه نحو الانهيار، وأعلن العدوان الأمريكي على العراق سقوط هذا النظام، وماقامت به الحكومات الخليجية من تسهيل وتشجيع لهذا العدوان، وأتاحت للقوات البريطانية والأمريكية الغازية الانطلاق من أراضيها في الهجوم على العراق لأجل تدميره والوصول به إلى ماهو عليه اليوم. وقد فرض الاحتلال الأمريكي للعراق، على محور المقاومة القتال على حبهتين: الأولى بشكل مباشر مع الكيان الإسرائيلي، الذي تكفل بكل من سوريا ولبنان لرفضهما طريق التسوية المنفرد الذي بدأته كامب ديفيد واستقر بأوسلو ووادي عربة، فمباشرةً وبعد خروج مصر من الصراع العربي الإسرائيلي، بدأ هذا الكيان المحتل باعتداءاته على لبنان، فكان الغزو الإسرائيلي الأول 1978، ثم الاجتياح 1982وصولاً إلى عدوان تموز 2006 الذي شنه الكيان بالوكالة عن أمريكا، بهدف ضرب إمكانات المقاومة اللبنانية، وجاء انتصار المقاومة في تموز بمساندة سوريا مزلزلاً الأرض تحت أركان الكيان الإسرائيلي. مما زاد من وطأة المشروع الأمريكي - الإسرائيلي ضد محور المقاومة الممتد من فلسطين إلى لبنان وسوريا والعراق، وخصوصاً سوريا التي شكلت راعياً وسنداً للمقاومات العربية، كما أنها أرادت سلاماً مع العدو الإسرائيلي ،لكن السلام العادل والشامل الذي يعيد الحقوق لأصحابها، لهذه الأسباب استهدفت سوريا، في محاولة للنيل من الحكم الوطني فيها، ولتدميرها لكن صمود سوريا، صمود الشعب العربي السوري، الذي احتضن جيشه الوطني ووقف خلف قيادته، هذا الصمود للدولة السورية بكل مكوناتها، أسقط مشاريع تفكيك المنطقة وتقسيمها على أسسٍ عرقيةٍ وطائفيةٍ ومذهبيةٍ.

 

 والجبهة الثانية التي واجهت محور المقاومة، هي تلك الحكومات المتعاملة مع أمريكا واسرائيل، والتي باتت تجاهر بعمالتها  للأمريكي والإسرائيلي، والفعل الأخطر الذي قامت به هو نشر الفكر الوهابي التكفيري في البلدان العربية، وأخذت تسخر الأموال والثروات من أجل ذلك، جنباً إلى جنب مع نشر منظومة القيم الغربية المنافية للمنظومة الأخلاقية في المجتمعات العربية بما دشنته من محطات فضائية تبث على مدار الساعة. هذا الفعل المدبر والمخطط له من قبل أمريكا وتلك الحكومات ساهم في فرز في المجتمعات العربية، إما التكفيروالإرهاب والإقصاء وإما التحلل من كل رابطة أخلاقية، أسرية وطنية قومية. وكانت النتيجة حالة الاقتتال والتمزق والضياع في الهوية بين أبناء الأمة الواحدة،

 

ممالك وإمارات الخليج تساهم في تدمير البلدان العربية: ترتبط النظم السياسية في كل من السعودية وقطر أمنياً بالمشروع الأمريكي – الصهيوني الذي يشكل التهديد الأساسي لمنطقتنا العربية، ومحور كل الصراعات الدائرة فيها، والتحالف الأمريكي- الصهيوني مع حكومات السعودية و قطر ليس بالجديد، يعود إلى فترة اكتشاف النفط في منطقة الخليج العربي، وهو تحالف يرقى إلى مستوى التحالف الإستراتيجي، وهو قائم على تبادل المصالح بين الطرفين الذي يحفظ موازين القوى في تلك المنطقة. حيث تقوم تلك الحكومات بحماية وتنفيذ المصالح الأمريكية في ضمان تدفق النفط إليها وإلى الأسواق الغربية، ورعاية مصالحها في أسواق السلاح، وحماية الحكومات العربية المتحالفة معها، وضمان أمن اسرائيل، والعمل لعدم قيام أي نظام إقليمي عربي فاعل في المنطقة، بالمقابل تؤمن أمريكا الحماية والاستمرارية لتلك الأنظمة في بقائها بالسلطة. وهنا لا بد من التأكيد على النقطتين الآتيتين:

 

1- إن استمرارية السلطة في حكومات آل سعود يحقق لها امتيازات كبيرة منصوصة في دساتير المملكة وأهمها المبالغ الباهظة من عائدات النفط التي توزع على تلك العائلات

 

2- إن التحالف المذكور سابقاً بين الحكومات النفطية وأمريكا يجعل تلك الحكومات أدوات بيد أمريكا واسرائيل، وأي هامش للحركة لتلك الحكومات، يكون بقدر ماتمنخه أمريكا لها. وتخبرنا الأحداث التاريخية بأنه كلما اشتدت وطأة المشروع الأمريكي على المنطقة، كلما ظهرت تلك الحكومات على حقيقتها في العمالة لأمريكا والكيان الإسرائيلي، حيث تضطر أمريكا لأن تظهر تلك الحكومات على حقيقتها أمام شعوب المنطقة. وعن دور حكومة آل سعود والسلطات الحاكمة في قطر: - نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية مقالة للكاتب البريطاني "باتريك كوكبيرن" بتاريخ 4/4 /2015 تحت عنوان السعودية الأكثر نجاحاً في تدمير المنطقة قال فيها إن "الممالك الخليجية وعلى رأسها السعودية، لها المصلحة الأكبر في بقاء الوضع الراهن في منطقة الشرق الأوسط على ما هو عليه من انتشار للاضطرابات والصراعات والحروب الأهلية". ويشير كوكبيرن إلى أن الشيء المذهل في التطورات الأخيرة على مدار الأسابيع الماضية هو أن السعودية تسعى لإجراء تغيير جذري في المنطقة وتتهيأ لاستخدام القوة العسكرية لتأمين هدفها ذلك، ويمكننا التأكيد على تلك الفكرة بالنظر لدورها في مختلف الصراعات الحالية"

 

وعن دور تلك الحكومات في تدمير العراق: يقول د.خير الدين حسيب في إحدى مقابلاته مع إذاعة الشرق في 10/9/2005."إذا اطلعنا على مذكرات بوب وودوردBobwoodward)،في كتابه خطة الهجوم pLan of Attack)،سنجد وقائع لايمكن للإنسان العربي إزاءها إلا أن يصاب بالذهول وفي مكان آخر يقول ستجد في هذا الكتاب ما يندى له الجبين ويدمى له القلب سنجد أن بعض الدول العربية ساهمت في التحريض على الهجوم على العراق، وأن دولاً عربية أخرى أتاحت للقوات البريطانية والأمريكية الانطلاق منها في الهجوم على العراق وبخاصة موقف السعودية وبلدان الخليج ومصر والأردن "

قيادة حلف الناتو لتدمير الدولة اليبية: وبناءً على اقتراح مقدم من مجلس التعاون الخليجي، قام مجلس جامعة الدول العربية بالطلب من مجلس الأمن بالتدخل العسكري في ليبيا (تحت ذريعة حماية المدنيين القرار رقم 1973 للعام 2011) مما ساهم في تدمير ليبيا وتشريد أبنائها.

تجنيد وتسليح وتمويل العصابات الإرهابية وإرسالها إلى سوريا لتعيث فساداً وقتلاً وتدميراً في الوطن السوري وفي هذا الفعل مخالفة لمواثيق الجامعة العربية،-التي – باتت مطية لتحقيق مصالح تلك الحكومات. وخصوصاً المادة الثانية من معاهدة الدفاع العربي المشترك: التي تنص على أن "تعتبر الدول المتعاقدة كل اعتداء مسلح يقع على أية دولة أو أكثر منها، أو على قواتها، اعتداء عليها جميعاً "،وهل يسمح ميثاق جامعة الدول العربية، و حسب المادة الثامنة منه التي تنص على أن "تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول وتتعهد بأن لاتقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها". إذاً تلك الحكومات البعيدة عن مصالح شعبها انتهكت حتى مواثيق الجامعة العربية، وهي التي باتت تستخدمها اليوم للاعتداء على البلدان العربية، ثم ماذا فعل الشعب السوري حتى ترسل من يقّتل أبنائه ويهجرهم من بيوتهم ويسرق إنجازاته ومعامله ومصانعه وأصوله التاريخية، ألا تتشابه هذه الاعتداءات مع ممارسات الكيان الإسرائيلي ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، من قتل وتخريب وتدمير. نعم إن أمريكا والكيان الإسرائيلي والحكومات العربية العميلة تشكل التهديد الأساسي للأمن القومي العربي.

العدوان السعودي- الأمريكي على اليمن: في 26 آذار الماضي شنت طائرات المملكة السعودية، وحلفائها غاراتها على مختلف مناطق اليمن مما أدى إلى مقتل وجرح مئات اليمنيين وتشريد آلاف أخرى من مناطقهم، وتردي الأوضاع على مختلف الصعد في البلاد. هذا العدوان الذي باركته أمريكا والكيان الإسرائيلي، حيث أكّد السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير على دورٍ أميركي «بالغ الأهمية» في الحرب، مشيراً إلى أنّ بلاده تنسّق مع الولايات المتحدة «دقيقة بدقيقة». وهذا العدوان مخالف للمواثيق والمعاهدات العربية والدولية حيث لم تحصل الرياض على موافقة مجلس الأمن الدولي حتى تأييد الجامعة العربية لم ياتي إلا صباح اليوم الثاني من بدء العدوان بعد أن فرضته الرياض على جدول أعمال مؤتمر القمة في محاولة لشرعنة العدوان من خلال ضم عشر دول للمشاركة فيما يسمى بـ” التحالف العربي ” بحجة طلب الرئيس هادي بالتدخل العسكري "لحماية الشرعية". ومهما ساق حكام آل سعود من ادعاءات لتبرير عدوانهم هذا الذي أطلقوا عليه اسم "عاصفة الحزم " التي تعبر عن بلد المنشأ أمريكا، فإن هذا العدوان يهدف إلى تخريب اليمن وتفكيكه وصولاً إلى تدميره. الملاحظ أن هناك استهدافاً للدول العربية الرئيسة والتي تشكل تهديداً للمشروع الأمريكي – الصهيوني، بالمقابل حماية ورعاية للدول المتحالفة مع هذا المشروع ولكن السؤال الذي يستحق مناقشته والإجابة عليه، إلى متى ستبقى تلك الدول محمية ومرعية من قبل أمريكا واسرائيل.؟

 

  قوة عربية مشتركة بأسهم اسرائيلية ورعاية أمريكية؟: في 25مارس/آذار، أعلنت جامعة الدول العربية عن خطط لتشكيل قوة تدخل عربية مشتركة، للرد على (التهديدات الداخلية، والخارجية للدول الأعضاء فيها ولمكافحة الإرهاب)وسيتم الانتهاء من التفاصيل الهيكلية والقيادية في القاهرة في نهاية شهرأبريل/ نيسان .وحسب تقرير نشرته مؤسسة ستراتفور البحثية الأمريكية والمعروفة بعلاقاتها بالاستخبارات المركزية "سي،آي،إي" (تظهر بأن مقر القوة المشتركة سيكون في مصر، وستتألف من حوالي ٤٠ ألف جندي، وهو رقم أكبر من قوة الناتو. وسيأتي الجزء الأكبر من تلك القوات من مصر والسعودية والمغرب مع جنرال سعودي في القيادة، كما سيتم دمج قوات من الأردن والسودان ودول مجلس التعاون الخليجي). ويتابع التقرير تفاصيل عن ماهية هذه القوة ومقرها وتمويلها. (تشير التقارير الأولية إلى أن القوة المشتركة ستتألف من حوالي ٥٠٠ إلى ١٠٠٠ من القوات الجوية، و ٣٠٠٠ إلى ٥٠٠٠ من القوات البحرية، أما عدد القوات البرية فسيتراوح بين ٣٤ ألفا إلى ٣٥ ألف جندي. وستنقسم القوات البرية إلى ثلاث أقسام فرعية: العمليات الخاصة وعمليات التدخل السريع والإنقاذ. ومن المتوقع أن تقوم دول الخليج الغنية بالنفط بتمويل معظم المشروع وكذلك تمويل صيانة القوة على المدى الطويل، فيما يتوقع من الدول العربية الأخرى الأقل ثراء مثل مصر والمغرب والأردن والسودان أن تساهم بالقوى العاملة الكبيرة والمساهمات العسكرية) أماعن مصالح ودوافع الدول العربية المشاركة يتابع التقرير(لكل من الدول المشاركة في القوة العربية أسبابها الخاصة للانضمام لها، حيث تأمل المغرب والأردن في أن يساعد تعاونهما على الحفاظ على علاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية وسخائها الاقتصادي، في حين تشعر مصر بالحاجة إلى المساعدة المالية المستمرة من دول مجلس التعاون الخليجي وكذلك هي حريصة على تولي الدور المرموق كقاعدة للقوة والمساهم الأساسي فيها. من وجهة نظر السودان، يمثل زيادة التعاون مع القوى العربية وسيلة للخروج من عزلتها الدولية).

 

وعن ذلك التحالف المشترك لبعض الدول العربية، يعبر محلل الشؤون العربية في صحيفة هآرتس بأن تشكيل هكذا قوة لن يخيف إسرائيل بل يجعلها تطير فرحاً لابل إن اسرائيل تمتلك أسهماً فيها وهي جزء لايتجزء من ركائز أمنها. ( اعتبر "تسفي برئيل" محلل الشؤون العربية بصحيفة "هآرتس" في مقاله المنشور الاثنين 30 مارس أن اعتزام العرب إنشاء قوة عربية مشتركة، أمر لا يخيف "إسرائيل، بل يجعلها تطير من فرط السعادة؛ ذلك لأن تل أبيب ترى في هذه القوة جزءًا لا يتجزأ من ركائز أمنها، وعلى الرغم من أن أحدًا لم يدعها للمشاركة في هذا التحالف، فإنها تمتلك فيه أسهمًا ممتازة، وتابع موضحاً: "على مدى أجيال اعتمدت نظرية الأمن الإسرائيلية على السعي للتصدي بنجاح لتحالف عربي وليس فقط لدولة واحدة. وها هو مثل هذا التحالف يتشكل، لكن "إسرائيل" ترى فيه جزءا لا يتجزأ من ركائز أمنها. فحتى إن لم يكن هناك من دعاها للمشاركة في هذا التحالف، فقد اشترت فيه أسهما ممتازة).

 

 لماذا لم تشكل تلك القوة حتى اليوم وضد من ستوجه؟ الواضح حسب التقرير السابق أن التمويل الأكبر لهذه القوات سيأتي من دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصاً السعودية،المملكة السعودية وكما أسلفنا المرتبطة أمنياً بالمشروع الأمريكي –الصهيوني، والساعية لحماية الحكومات المتحالفة مع أمريكا، ولتدمير أي نظام أمن إقليمي عربي والتي ساهمت في تدمير العراق وسوريا وليبيا واليمن؟ ثم أية قوات لاتخيف الكيان الإسرائيلي ويعتبرها أحد ركائز أمنه؟ إذاً ضد من ستوجه تلك القوة وماهو هدفها التالي، هل البقية الباقية من البلدان العربية حتى يتم تدمير معظم الدول العربية ويبقى الكيان الاسرائيلي هو الأقوى والأكثر أماناً؟ على أية حال وحسب التقرير البحثي الأمريكي السابق والتابع لـ "سي،آي،إي" فإن هذا التحالف بين بعض الدول العربية يعاني العديد من المشاكل فيما إذا أبصر النور، أولها مشاكل تقنية تتعلق بتباين واختلاف مدارس التدريب والتشغيل،." كما سيكون للسياسة أيضا دور في إعاقة فعالية القوة، فلدى جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية مصالح وطنية وجيوسياسية أساسية مختلفة. وهذا صحيح حتى بين دول الخليج. الرياض والدوحة، على سبيل المثال، انخرطتا في عدد من الخلافات المستمرة منذ فترة طويلة. وسوف تشكل مثل تلك الخلافات تحدياً للقوة المشتركة لأن القوى الوطنية لتلك الدول سوف تستجيب لحكوماتها الفردية على المستوى الاستراتيجي، وليس لقائد العمليات السعودي".

 

في الواقع إن أولى خطوات تحقيق الأمن القومي العربي تبدأ بالقضاء على تلك الحكومات، المتآمرة على مصالح الشعب العربي في كل أقطاره، والتي تهدر ثروات الأمة وخيراتها من أجل خلق الشقاق والفتن بين أبنائها. كما ويستطيع المحور المقاوم الممتد من فلسطين إلى لبنان فسوريا والعراق أن يعبئ طاقات الشعب العربي ويطلق هذه الطاقات باتجاه الاستقلال والعدالة والحياة الحرة الكريمة
  • فريق ماسة
  • 2015-04-20
  • 10545
  • من الأرشيف

ممالك الخليج العربي تستبيح الأمن القومي العربي

شاع استخدام مصطلح الأمن القومي في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تحديداً بعد صدور قانون الأمن القومي لعام 1947عن الكونغرس الأمريكي الذي أعلن عن انطلاق المصطلح في السياسة الأمريكية،    ولم يستقر كمصطلح في السياسة الدولية حتى نهاية مرحلة الحرب الباردة. إلا أن جذوره تعود إلى القرن السابع عشر نتيجة لقيام الدولة القومية أو الدولة ـ الأمة، وخاصة بعد إبرام معاهدة وستفاليا عام 1648 وحسب دائرة المعارف البريطانية يعرف الأمن القومي "حماية الأمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية".   ولمقاربة تعريف للأمن القومي العربي لا بد من تحديد التهديدات والمخاطر التي تواجه الأمة العربية :   أولها: الكيان الإسرائيلي الذي أنشأه الغرب برعاية بريطانية وباحتضان أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية ليكون قاعدة متقدمة للاستعمار في منطقتنا العربية تمكنه من سرقة الثروات العربية وإشغال أبنائها بالحروب والفتن والصراعات. لإبقائهم في حالة من التراجع والارتهان للأجنبي.   ثانيها: التجزئة السياسية للوطن العربي وما نتج عنها من سياسات قطرية (اجتماعية سياسية اقتصادية) تجعل البلدان العربية تعاني التبعية وانعدام التعاون والتنسيق فيما بينها، مما ساهم في تراجع التنمية في مختلف أبعادها، ويظهر ذلك من انتشار الأمية، والفقر والبطالة. والنتيجة الأخطر للتجزئة وجود حكومات مرتبطة أمنياً واقتصادياً بالمشروع الأمريكي – الصهيوني، كالمملكة السعودية وقطر،التي تجد بقاءها واستمرارها مرتهن ببقاء واستمرار هذا المشروع، وهذا ليس بالجديد، لكن الجديد اليوم ما تقوم به تلك الحكومات من تدمير للدول العربية!!. .فهل تبادلت تلك الحكومات الدور مع الكيان الإسرائيلي الذي أنشئ ليكون الأداة الاستعمارية في تدمير مجتمعاتنا العربية وإبقاء كابوس الفقر والتراجع وعدم الاستقرار يقضّ مضجع المواطن العربي؟ وهل وجدت تلك الحكومات بأن الكيان الإسرائيلي قد فقد دوره الوظيفي أمام ضربات محور المقاومة فتبرعت لتنوب عنه في هذه المهمة!؟.   مفهوم الأمن القومي العربي: مقدرة الأمة العربية على الدفاع عن حقوقها واسترجاع أراضيها المحتلة وصيانة استقلالها وسيادتها على أراضيها. والمحافظة على الثروات الوطنية واستثمارها بما يحقق الوفرة والعدالة الإجتماعية للمواطن العربي. والنهوض بالتنمية بكافة أبعادها الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية. بما يوفر الأمان والاستقرار لأبنائها في حياة حرة كريمة.   المشروع الأمريكي – الصهيوني يهدد الوجود القومي العربي: يشكل الصراع العربي- الصهيوني، الصراع الأساسي في المنطقة، الذي تنضوي تحته كل الصراعات الأخرى الكامنة والظاهرة، المباشرة وغير المباشرة، ومنذ عام1948تاريخ الإعلان عن إنشاء الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين وهذا الكيان يعمل لتحقيق مصالح الدول الاستعمارية التي أنشئ من أجلها، في نهب خيرات الوطن العربي وإبقاء شعبه في حالة من التراجع والتفرقة، عن طريق شن الحروب والاعتداءات المتكررة على البلدان العربية، وخلق الأزمات والفتن، والقضاء على أي تقارب بين البلدان العربية، في محاولة لمنع أي بلد عربي من التقدم، فقد اشترك الكيان الإسرائيلي، مع بريطانيا وفرنسا في العدوان الثلاثي على مصر1956 لمنع عبد الناصر من الحفاظ على حقوق الشعب المصري في قناة السويس، ثم شن عدوان حزيران1967لضرب حركة التحرر العربية التي قادتها ثورة الثامن من آذار في سوريا ، وثورة 23 تموز في مصر، وما حققته من نهوض للشعور القومي بلغ ذروته في تحقيق الوحدة بين سوريا ومصر 1958 ثم الدخول مع النظام المصري آنذاك في في تسوية أعقاب حرب تشرين التحريرية استقرت بمعاهدة كامب ديفيد التي شكلت أول اختراق للأمن القومي العربي، وشرعت التطبيع مع العدو الإسرائيلي، وراحت الحكومات العربية تتسابق لإقامة علاقات مع هذا العدو، ثم تلتها معاهدات التسوية مع كل من ومنظمة التحرير الفلسطينية و الأردن (اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993واتفاقية وادي عربة مع النظام الأردني عام 1994) ومع نهاية الألفية الثانية كان النظام الإقليمي العربي في طريقه نحو الانهيار، وأعلن العدوان الأمريكي على العراق سقوط هذا النظام، وماقامت به الحكومات الخليجية من تسهيل وتشجيع لهذا العدوان، وأتاحت للقوات البريطانية والأمريكية الغازية الانطلاق من أراضيها في الهجوم على العراق لأجل تدميره والوصول به إلى ماهو عليه اليوم. وقد فرض الاحتلال الأمريكي للعراق، على محور المقاومة القتال على حبهتين: الأولى بشكل مباشر مع الكيان الإسرائيلي، الذي تكفل بكل من سوريا ولبنان لرفضهما طريق التسوية المنفرد الذي بدأته كامب ديفيد واستقر بأوسلو ووادي عربة، فمباشرةً وبعد خروج مصر من الصراع العربي الإسرائيلي، بدأ هذا الكيان المحتل باعتداءاته على لبنان، فكان الغزو الإسرائيلي الأول 1978، ثم الاجتياح 1982وصولاً إلى عدوان تموز 2006 الذي شنه الكيان بالوكالة عن أمريكا، بهدف ضرب إمكانات المقاومة اللبنانية، وجاء انتصار المقاومة في تموز بمساندة سوريا مزلزلاً الأرض تحت أركان الكيان الإسرائيلي. مما زاد من وطأة المشروع الأمريكي - الإسرائيلي ضد محور المقاومة الممتد من فلسطين إلى لبنان وسوريا والعراق، وخصوصاً سوريا التي شكلت راعياً وسنداً للمقاومات العربية، كما أنها أرادت سلاماً مع العدو الإسرائيلي ،لكن السلام العادل والشامل الذي يعيد الحقوق لأصحابها، لهذه الأسباب استهدفت سوريا، في محاولة للنيل من الحكم الوطني فيها، ولتدميرها لكن صمود سوريا، صمود الشعب العربي السوري، الذي احتضن جيشه الوطني ووقف خلف قيادته، هذا الصمود للدولة السورية بكل مكوناتها، أسقط مشاريع تفكيك المنطقة وتقسيمها على أسسٍ عرقيةٍ وطائفيةٍ ومذهبيةٍ.    والجبهة الثانية التي واجهت محور المقاومة، هي تلك الحكومات المتعاملة مع أمريكا واسرائيل، والتي باتت تجاهر بعمالتها  للأمريكي والإسرائيلي، والفعل الأخطر الذي قامت به هو نشر الفكر الوهابي التكفيري في البلدان العربية، وأخذت تسخر الأموال والثروات من أجل ذلك، جنباً إلى جنب مع نشر منظومة القيم الغربية المنافية للمنظومة الأخلاقية في المجتمعات العربية بما دشنته من محطات فضائية تبث على مدار الساعة. هذا الفعل المدبر والمخطط له من قبل أمريكا وتلك الحكومات ساهم في فرز في المجتمعات العربية، إما التكفيروالإرهاب والإقصاء وإما التحلل من كل رابطة أخلاقية، أسرية وطنية قومية. وكانت النتيجة حالة الاقتتال والتمزق والضياع في الهوية بين أبناء الأمة الواحدة،   ممالك وإمارات الخليج تساهم في تدمير البلدان العربية: ترتبط النظم السياسية في كل من السعودية وقطر أمنياً بالمشروع الأمريكي – الصهيوني الذي يشكل التهديد الأساسي لمنطقتنا العربية، ومحور كل الصراعات الدائرة فيها، والتحالف الأمريكي- الصهيوني مع حكومات السعودية و قطر ليس بالجديد، يعود إلى فترة اكتشاف النفط في منطقة الخليج العربي، وهو تحالف يرقى إلى مستوى التحالف الإستراتيجي، وهو قائم على تبادل المصالح بين الطرفين الذي يحفظ موازين القوى في تلك المنطقة. حيث تقوم تلك الحكومات بحماية وتنفيذ المصالح الأمريكية في ضمان تدفق النفط إليها وإلى الأسواق الغربية، ورعاية مصالحها في أسواق السلاح، وحماية الحكومات العربية المتحالفة معها، وضمان أمن اسرائيل، والعمل لعدم قيام أي نظام إقليمي عربي فاعل في المنطقة، بالمقابل تؤمن أمريكا الحماية والاستمرارية لتلك الأنظمة في بقائها بالسلطة. وهنا لا بد من التأكيد على النقطتين الآتيتين:   1- إن استمرارية السلطة في حكومات آل سعود يحقق لها امتيازات كبيرة منصوصة في دساتير المملكة وأهمها المبالغ الباهظة من عائدات النفط التي توزع على تلك العائلات   2- إن التحالف المذكور سابقاً بين الحكومات النفطية وأمريكا يجعل تلك الحكومات أدوات بيد أمريكا واسرائيل، وأي هامش للحركة لتلك الحكومات، يكون بقدر ماتمنخه أمريكا لها. وتخبرنا الأحداث التاريخية بأنه كلما اشتدت وطأة المشروع الأمريكي على المنطقة، كلما ظهرت تلك الحكومات على حقيقتها في العمالة لأمريكا والكيان الإسرائيلي، حيث تضطر أمريكا لأن تظهر تلك الحكومات على حقيقتها أمام شعوب المنطقة. وعن دور حكومة آل سعود والسلطات الحاكمة في قطر: - نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية مقالة للكاتب البريطاني "باتريك كوكبيرن" بتاريخ 4/4 /2015 تحت عنوان السعودية الأكثر نجاحاً في تدمير المنطقة قال فيها إن "الممالك الخليجية وعلى رأسها السعودية، لها المصلحة الأكبر في بقاء الوضع الراهن في منطقة الشرق الأوسط على ما هو عليه من انتشار للاضطرابات والصراعات والحروب الأهلية". ويشير كوكبيرن إلى أن الشيء المذهل في التطورات الأخيرة على مدار الأسابيع الماضية هو أن السعودية تسعى لإجراء تغيير جذري في المنطقة وتتهيأ لاستخدام القوة العسكرية لتأمين هدفها ذلك، ويمكننا التأكيد على تلك الفكرة بالنظر لدورها في مختلف الصراعات الحالية"   وعن دور تلك الحكومات في تدمير العراق: يقول د.خير الدين حسيب في إحدى مقابلاته مع إذاعة الشرق في 10/9/2005."إذا اطلعنا على مذكرات بوب وودوردBobwoodward)،في كتابه خطة الهجوم pLan of Attack)،سنجد وقائع لايمكن للإنسان العربي إزاءها إلا أن يصاب بالذهول وفي مكان آخر يقول ستجد في هذا الكتاب ما يندى له الجبين ويدمى له القلب سنجد أن بعض الدول العربية ساهمت في التحريض على الهجوم على العراق، وأن دولاً عربية أخرى أتاحت للقوات البريطانية والأمريكية الانطلاق منها في الهجوم على العراق وبخاصة موقف السعودية وبلدان الخليج ومصر والأردن " قيادة حلف الناتو لتدمير الدولة اليبية: وبناءً على اقتراح مقدم من مجلس التعاون الخليجي، قام مجلس جامعة الدول العربية بالطلب من مجلس الأمن بالتدخل العسكري في ليبيا (تحت ذريعة حماية المدنيين القرار رقم 1973 للعام 2011) مما ساهم في تدمير ليبيا وتشريد أبنائها. تجنيد وتسليح وتمويل العصابات الإرهابية وإرسالها إلى سوريا لتعيث فساداً وقتلاً وتدميراً في الوطن السوري وفي هذا الفعل مخالفة لمواثيق الجامعة العربية،-التي – باتت مطية لتحقيق مصالح تلك الحكومات. وخصوصاً المادة الثانية من معاهدة الدفاع العربي المشترك: التي تنص على أن "تعتبر الدول المتعاقدة كل اعتداء مسلح يقع على أية دولة أو أكثر منها، أو على قواتها، اعتداء عليها جميعاً "،وهل يسمح ميثاق جامعة الدول العربية، و حسب المادة الثامنة منه التي تنص على أن "تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول وتتعهد بأن لاتقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها". إذاً تلك الحكومات البعيدة عن مصالح شعبها انتهكت حتى مواثيق الجامعة العربية، وهي التي باتت تستخدمها اليوم للاعتداء على البلدان العربية، ثم ماذا فعل الشعب السوري حتى ترسل من يقّتل أبنائه ويهجرهم من بيوتهم ويسرق إنجازاته ومعامله ومصانعه وأصوله التاريخية، ألا تتشابه هذه الاعتداءات مع ممارسات الكيان الإسرائيلي ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، من قتل وتخريب وتدمير. نعم إن أمريكا والكيان الإسرائيلي والحكومات العربية العميلة تشكل التهديد الأساسي للأمن القومي العربي. العدوان السعودي- الأمريكي على اليمن: في 26 آذار الماضي شنت طائرات المملكة السعودية، وحلفائها غاراتها على مختلف مناطق اليمن مما أدى إلى مقتل وجرح مئات اليمنيين وتشريد آلاف أخرى من مناطقهم، وتردي الأوضاع على مختلف الصعد في البلاد. هذا العدوان الذي باركته أمريكا والكيان الإسرائيلي، حيث أكّد السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير على دورٍ أميركي «بالغ الأهمية» في الحرب، مشيراً إلى أنّ بلاده تنسّق مع الولايات المتحدة «دقيقة بدقيقة». وهذا العدوان مخالف للمواثيق والمعاهدات العربية والدولية حيث لم تحصل الرياض على موافقة مجلس الأمن الدولي حتى تأييد الجامعة العربية لم ياتي إلا صباح اليوم الثاني من بدء العدوان بعد أن فرضته الرياض على جدول أعمال مؤتمر القمة في محاولة لشرعنة العدوان من خلال ضم عشر دول للمشاركة فيما يسمى بـ” التحالف العربي ” بحجة طلب الرئيس هادي بالتدخل العسكري "لحماية الشرعية". ومهما ساق حكام آل سعود من ادعاءات لتبرير عدوانهم هذا الذي أطلقوا عليه اسم "عاصفة الحزم " التي تعبر عن بلد المنشأ أمريكا، فإن هذا العدوان يهدف إلى تخريب اليمن وتفكيكه وصولاً إلى تدميره. الملاحظ أن هناك استهدافاً للدول العربية الرئيسة والتي تشكل تهديداً للمشروع الأمريكي – الصهيوني، بالمقابل حماية ورعاية للدول المتحالفة مع هذا المشروع ولكن السؤال الذي يستحق مناقشته والإجابة عليه، إلى متى ستبقى تلك الدول محمية ومرعية من قبل أمريكا واسرائيل.؟     قوة عربية مشتركة بأسهم اسرائيلية ورعاية أمريكية؟: في 25مارس/آذار، أعلنت جامعة الدول العربية عن خطط لتشكيل قوة تدخل عربية مشتركة، للرد على (التهديدات الداخلية، والخارجية للدول الأعضاء فيها ولمكافحة الإرهاب)وسيتم الانتهاء من التفاصيل الهيكلية والقيادية في القاهرة في نهاية شهرأبريل/ نيسان .وحسب تقرير نشرته مؤسسة ستراتفور البحثية الأمريكية والمعروفة بعلاقاتها بالاستخبارات المركزية "سي،آي،إي" (تظهر بأن مقر القوة المشتركة سيكون في مصر، وستتألف من حوالي ٤٠ ألف جندي، وهو رقم أكبر من قوة الناتو. وسيأتي الجزء الأكبر من تلك القوات من مصر والسعودية والمغرب مع جنرال سعودي في القيادة، كما سيتم دمج قوات من الأردن والسودان ودول مجلس التعاون الخليجي). ويتابع التقرير تفاصيل عن ماهية هذه القوة ومقرها وتمويلها. (تشير التقارير الأولية إلى أن القوة المشتركة ستتألف من حوالي ٥٠٠ إلى ١٠٠٠ من القوات الجوية، و ٣٠٠٠ إلى ٥٠٠٠ من القوات البحرية، أما عدد القوات البرية فسيتراوح بين ٣٤ ألفا إلى ٣٥ ألف جندي. وستنقسم القوات البرية إلى ثلاث أقسام فرعية: العمليات الخاصة وعمليات التدخل السريع والإنقاذ. ومن المتوقع أن تقوم دول الخليج الغنية بالنفط بتمويل معظم المشروع وكذلك تمويل صيانة القوة على المدى الطويل، فيما يتوقع من الدول العربية الأخرى الأقل ثراء مثل مصر والمغرب والأردن والسودان أن تساهم بالقوى العاملة الكبيرة والمساهمات العسكرية) أماعن مصالح ودوافع الدول العربية المشاركة يتابع التقرير(لكل من الدول المشاركة في القوة العربية أسبابها الخاصة للانضمام لها، حيث تأمل المغرب والأردن في أن يساعد تعاونهما على الحفاظ على علاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية وسخائها الاقتصادي، في حين تشعر مصر بالحاجة إلى المساعدة المالية المستمرة من دول مجلس التعاون الخليجي وكذلك هي حريصة على تولي الدور المرموق كقاعدة للقوة والمساهم الأساسي فيها. من وجهة نظر السودان، يمثل زيادة التعاون مع القوى العربية وسيلة للخروج من عزلتها الدولية).   وعن ذلك التحالف المشترك لبعض الدول العربية، يعبر محلل الشؤون العربية في صحيفة هآرتس بأن تشكيل هكذا قوة لن يخيف إسرائيل بل يجعلها تطير فرحاً لابل إن اسرائيل تمتلك أسهماً فيها وهي جزء لايتجزء من ركائز أمنها. ( اعتبر "تسفي برئيل" محلل الشؤون العربية بصحيفة "هآرتس" في مقاله المنشور الاثنين 30 مارس أن اعتزام العرب إنشاء قوة عربية مشتركة، أمر لا يخيف "إسرائيل، بل يجعلها تطير من فرط السعادة؛ ذلك لأن تل أبيب ترى في هذه القوة جزءًا لا يتجزأ من ركائز أمنها، وعلى الرغم من أن أحدًا لم يدعها للمشاركة في هذا التحالف، فإنها تمتلك فيه أسهمًا ممتازة، وتابع موضحاً: "على مدى أجيال اعتمدت نظرية الأمن الإسرائيلية على السعي للتصدي بنجاح لتحالف عربي وليس فقط لدولة واحدة. وها هو مثل هذا التحالف يتشكل، لكن "إسرائيل" ترى فيه جزءا لا يتجزأ من ركائز أمنها. فحتى إن لم يكن هناك من دعاها للمشاركة في هذا التحالف، فقد اشترت فيه أسهما ممتازة).    لماذا لم تشكل تلك القوة حتى اليوم وضد من ستوجه؟ الواضح حسب التقرير السابق أن التمويل الأكبر لهذه القوات سيأتي من دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصاً السعودية،المملكة السعودية وكما أسلفنا المرتبطة أمنياً بالمشروع الأمريكي –الصهيوني، والساعية لحماية الحكومات المتحالفة مع أمريكا، ولتدمير أي نظام أمن إقليمي عربي والتي ساهمت في تدمير العراق وسوريا وليبيا واليمن؟ ثم أية قوات لاتخيف الكيان الإسرائيلي ويعتبرها أحد ركائز أمنه؟ إذاً ضد من ستوجه تلك القوة وماهو هدفها التالي، هل البقية الباقية من البلدان العربية حتى يتم تدمير معظم الدول العربية ويبقى الكيان الاسرائيلي هو الأقوى والأكثر أماناً؟ على أية حال وحسب التقرير البحثي الأمريكي السابق والتابع لـ "سي،آي،إي" فإن هذا التحالف بين بعض الدول العربية يعاني العديد من المشاكل فيما إذا أبصر النور، أولها مشاكل تقنية تتعلق بتباين واختلاف مدارس التدريب والتشغيل،." كما سيكون للسياسة أيضا دور في إعاقة فعالية القوة، فلدى جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية مصالح وطنية وجيوسياسية أساسية مختلفة. وهذا صحيح حتى بين دول الخليج. الرياض والدوحة، على سبيل المثال، انخرطتا في عدد من الخلافات المستمرة منذ فترة طويلة. وسوف تشكل مثل تلك الخلافات تحدياً للقوة المشتركة لأن القوى الوطنية لتلك الدول سوف تستجيب لحكوماتها الفردية على المستوى الاستراتيجي، وليس لقائد العمليات السعودي".   في الواقع إن أولى خطوات تحقيق الأمن القومي العربي تبدأ بالقضاء على تلك الحكومات، المتآمرة على مصالح الشعب العربي في كل أقطاره، والتي تهدر ثروات الأمة وخيراتها من أجل خلق الشقاق والفتن بين أبنائها. كما ويستطيع المحور المقاوم الممتد من فلسطين إلى لبنان فسوريا والعراق أن يعبئ طاقات الشعب العربي ويطلق هذه الطاقات باتجاه الاستقلال والعدالة والحياة الحرة الكريمة

المصدر : نبيهة إبراهيم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة