مأزق آل سعود لم يعد خافيا على أحد وخاصة على أبناء الجزيرة العربية، الذين وضعتهم مغامرات الجيل الثاني في مكان لا يحسدون عليه.

 

هذا المأزق ليس في اليمن السعيد فقط بل على امتداد الكرة الأرضية. وكلما طال وقت القصف السماوي لليمن ازداد الخناق الأرضي على آل سعود. فحملات التجنيد والتجييش الشعبي التي يمارسها آل سعود بمختلف الوسائل الإعلامية ومنظماتها السياسية في العالم ومنها سعد الحريري وتوابعه في لبنان والشعارات في الداخل والاستنجاد بالمؤسسة الوهابية الحاكمة كلها لم تأت ثمارها وبقي الشباب السعودي على وعيه الفطري برفض الموت من أجل حكام استولوا على السلطة يوماً بالقوة والغدر والخداع، كما جاء في كتب التاريخ الذي يستعيد أبناء الجزيرة قراءته مجددا.

 

ويلجأ آل سعود حالياً إلى تجنيد العمالة الأجنبية الآسيوية والإفريقية عبر التهديد والإغراء، ما يثير أزمة ونقمة داخلية في صفوف هؤلاء العمال وحكوماتهم الصديقة لمملكة آل سعود.

كما يحاول آل سعود تقديم إغراءات مالية ضخمة لزعماء دول واستئجار خدمات عسكرية أرضية. وتقول مصادر شاركت في مباحثات الإغراء هذه، إن العروض سخية جداً مقابل حرب تحريك برية محدودة تمهد لإيجاد مخرج سياسي من المأزق. لكن عروض آل سعود تبوء بالفشل والرفض، ما أدى إلى ابتكار فكرة أميركية- فرنسية تسربها الاستخبارات الغربية المشاركة في الغزوة السعودية لليمن مفادها استئجار مرتزقة المنظمات الإسلامية المتطرفة العاملة في إفريقية وسورية وأفغانستان وإعادة تشغيل شبكة بندر بن سلطان لمصلحة أبناء سلمان ونايف وأن مفاوضات حثيثة ترعاها الولايات المتحدة الأميركية حول هذا الموضوع ولكن عقبات وشروطاً كثيرة أمام تحقيقها تهدد هيكلية حكم سلمان وتعيد خلط الأوراق الداخلية في مملكة الربع الخالي.

ويخشى السعوديون حالياً بعد خسارتهم المحتومة للحرب في اليمن أن يتم طلب إلغاء اتفاقيات الطائف لعام ١٩٣٢ بين اليمن والسعوديين والتي يعتبرها معظم اليمنيين أنها كانت اتفاقيات غير متكافئة، خسرت فيها اليمن أراضي وسكّاناً.

المأزق السعودي يتجاوز أرض مملكة آل سعود إلى تغيير جذري في الخريطة الجيو- سياسية للعالم العربي كله وما سيتبع ذلك من تغيير في الخريطة الجيو-إستراتيجية العالمية.

لقد أدرك آل سعود أن الأولويات الأميركية تغيرت ولم تعد مملكتهم وملكهم أولوية وأن الولايات المتحدة قالت لحلفائها التالي:

لإسرائيل: «إذا أردت أن تحاربي إيران فاذهبي وحدك»، فلم تفعل.

لتركيا: «إذا أردت الإطاحة بسورية والعراق فافعلي»، لكنها لم تفعل وتبحث عن مكان لها.

وقالت لأوروبا: «إذا أردت مواجهة مع روسيا والصين فهذا شأنك»، فسارع الأوروبيون إلى تغيير مواقفهم.

الشيء نفسه تبلغه عادل الكبير ومحمد بن سلمان ومحمد بن نايف لكنهم أخطؤوا في السمع والقراءة، ربما كما أخطأ صدام حسين يوم غزوه للكويت ويوم أعلن حربه على إيران في الزمان الخطأ، دون الدخول في محاكمات تاريخية. محاكمات قد تطول الجميع وخاصة الولايات المتحدة الأميركية التي ارتكبت أفظع الجرائم وأفدح الأخطاء في التاريخ المعاصر، وما نشهده اليوم ليس إلا جزءا من جرائمها وأخطائها من البحر المتوسط إلى خليج عدن.

الآن آل سعود في مأزقهم التاريخي وأمام مصيرهم يبحثون عن مخرج لإنقاذ ما يمكن إنقاذه سواء إنقاذ حكمهم لنجد والحجاز أو إنقاذ دورهم في العالم الإسلامي الذي حلموا به فلم يجدوا في هذا العالم حليفا، إلا إسرائيل. فوحدها إسرائيل تمتلك لائحة الأعداء نفسها التي يمتلكها آل سعود.

وبين آل سعود وإسرائيل قيم أخلاقية مشتركة منها:

التخلي عن الأصدقاء بعد تمرغهم بوحل خيانة الأوطان، حيث تخلت إسرائيل عن عملائها في لبنان وتخلى آل سعود عن معارضة سورية وزجت بـداعش والنصرة لقتالهم، كما تخلت عن علي عبد اللـه صالح ومن ثم الآن عن عبد ربه منصور هادي ومستقبلا عن خالد محفوظ البحاح، الذين خرجوا يستجدون شرعية من خارج شعبهم.

لكن القيم الأخلاقية المشتركة بين آل سعود وإسرائيل لن تجعل من الأخيرة مخرجا.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-04-20
  • 9318
  • من الأرشيف

آل سعود والبحث عن مخرج

 مأزق آل سعود لم يعد خافيا على أحد وخاصة على أبناء الجزيرة العربية، الذين وضعتهم مغامرات الجيل الثاني في مكان لا يحسدون عليه.   هذا المأزق ليس في اليمن السعيد فقط بل على امتداد الكرة الأرضية. وكلما طال وقت القصف السماوي لليمن ازداد الخناق الأرضي على آل سعود. فحملات التجنيد والتجييش الشعبي التي يمارسها آل سعود بمختلف الوسائل الإعلامية ومنظماتها السياسية في العالم ومنها سعد الحريري وتوابعه في لبنان والشعارات في الداخل والاستنجاد بالمؤسسة الوهابية الحاكمة كلها لم تأت ثمارها وبقي الشباب السعودي على وعيه الفطري برفض الموت من أجل حكام استولوا على السلطة يوماً بالقوة والغدر والخداع، كما جاء في كتب التاريخ الذي يستعيد أبناء الجزيرة قراءته مجددا.   ويلجأ آل سعود حالياً إلى تجنيد العمالة الأجنبية الآسيوية والإفريقية عبر التهديد والإغراء، ما يثير أزمة ونقمة داخلية في صفوف هؤلاء العمال وحكوماتهم الصديقة لمملكة آل سعود. كما يحاول آل سعود تقديم إغراءات مالية ضخمة لزعماء دول واستئجار خدمات عسكرية أرضية. وتقول مصادر شاركت في مباحثات الإغراء هذه، إن العروض سخية جداً مقابل حرب تحريك برية محدودة تمهد لإيجاد مخرج سياسي من المأزق. لكن عروض آل سعود تبوء بالفشل والرفض، ما أدى إلى ابتكار فكرة أميركية- فرنسية تسربها الاستخبارات الغربية المشاركة في الغزوة السعودية لليمن مفادها استئجار مرتزقة المنظمات الإسلامية المتطرفة العاملة في إفريقية وسورية وأفغانستان وإعادة تشغيل شبكة بندر بن سلطان لمصلحة أبناء سلمان ونايف وأن مفاوضات حثيثة ترعاها الولايات المتحدة الأميركية حول هذا الموضوع ولكن عقبات وشروطاً كثيرة أمام تحقيقها تهدد هيكلية حكم سلمان وتعيد خلط الأوراق الداخلية في مملكة الربع الخالي. ويخشى السعوديون حالياً بعد خسارتهم المحتومة للحرب في اليمن أن يتم طلب إلغاء اتفاقيات الطائف لعام ١٩٣٢ بين اليمن والسعوديين والتي يعتبرها معظم اليمنيين أنها كانت اتفاقيات غير متكافئة، خسرت فيها اليمن أراضي وسكّاناً. المأزق السعودي يتجاوز أرض مملكة آل سعود إلى تغيير جذري في الخريطة الجيو- سياسية للعالم العربي كله وما سيتبع ذلك من تغيير في الخريطة الجيو-إستراتيجية العالمية. لقد أدرك آل سعود أن الأولويات الأميركية تغيرت ولم تعد مملكتهم وملكهم أولوية وأن الولايات المتحدة قالت لحلفائها التالي: لإسرائيل: «إذا أردت أن تحاربي إيران فاذهبي وحدك»، فلم تفعل. لتركيا: «إذا أردت الإطاحة بسورية والعراق فافعلي»، لكنها لم تفعل وتبحث عن مكان لها. وقالت لأوروبا: «إذا أردت مواجهة مع روسيا والصين فهذا شأنك»، فسارع الأوروبيون إلى تغيير مواقفهم. الشيء نفسه تبلغه عادل الكبير ومحمد بن سلمان ومحمد بن نايف لكنهم أخطؤوا في السمع والقراءة، ربما كما أخطأ صدام حسين يوم غزوه للكويت ويوم أعلن حربه على إيران في الزمان الخطأ، دون الدخول في محاكمات تاريخية. محاكمات قد تطول الجميع وخاصة الولايات المتحدة الأميركية التي ارتكبت أفظع الجرائم وأفدح الأخطاء في التاريخ المعاصر، وما نشهده اليوم ليس إلا جزءا من جرائمها وأخطائها من البحر المتوسط إلى خليج عدن. الآن آل سعود في مأزقهم التاريخي وأمام مصيرهم يبحثون عن مخرج لإنقاذ ما يمكن إنقاذه سواء إنقاذ حكمهم لنجد والحجاز أو إنقاذ دورهم في العالم الإسلامي الذي حلموا به فلم يجدوا في هذا العالم حليفا، إلا إسرائيل. فوحدها إسرائيل تمتلك لائحة الأعداء نفسها التي يمتلكها آل سعود. وبين آل سعود وإسرائيل قيم أخلاقية مشتركة منها: التخلي عن الأصدقاء بعد تمرغهم بوحل خيانة الأوطان، حيث تخلت إسرائيل عن عملائها في لبنان وتخلى آل سعود عن معارضة سورية وزجت بـداعش والنصرة لقتالهم، كما تخلت عن علي عبد اللـه صالح ومن ثم الآن عن عبد ربه منصور هادي ومستقبلا عن خالد محفوظ البحاح، الذين خرجوا يستجدون شرعية من خارج شعبهم. لكن القيم الأخلاقية المشتركة بين آل سعود وإسرائيل لن تجعل من الأخيرة مخرجا.  

المصدر : عيسى الأيوبي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة