ماذا تبقى من رجب طيب اردوغان، حتى ولو بقي في القصر، وحتى ولو فاز في الانتخابات التشريعية لتفكك المعارضة و هشاشتها، فضلاً عن حاجتها الى القيادة المتوهجة...

 هو رئيس جمهورية و يقيم دعوى ضد ملكة الجمال في بلاده بتهمة اهانته ثم يغضب على رئيس استخباراته لانه استقال ليترشح للانتخابات دون استئذانه...

 منذ فترة تعرفنا على قصر السلطان الذي لا يضاهيه قصر في « العالم الاسلامي»؟ حرس السلطان بكل ازياء السلطنة، واحيانا بالشوارب المستعارة، دون ان يكترث الرجل بمن يقول له ان الجغرافيا تغيرت، وان التاريخ تغير، وان السلطنة التي تحولت الى الرجل المريض، ومنذ القرن التاسع عشر، فارقت الحياة...

لا احد مثله يهوى نبش القبور. لا احد مثله ذهب به جنون العظمة الى ذلك الحد من الغطرسة والانتهازية والمكيافيلية بالرغم من كل النكبات التي منيت بها سياساته. لندع قدري غورسل يسأل احمد داود اوغلو ما اذا كانت النيو عثمانية قد تحولت الى نيو كوميديا عثمانية...

السلطان الذي يمسك بيد التاريخ، وهو يستعيده حتى في الشوارب المستعارة وفي الملابس والرماح، والذي يمسك باليد الاخرى الايديولوجيا، يعتبر ان الاسلام هو الحصان الذي يصل به الى اقاصي الدنيا، ودون ان يتنبه الى ان هذا الحصان لم يصل الى ساحة المرجة في دمشق، ولا الى شارع السعدون في بغداد، ولا الى خان الخليلي في القاهرة، ولم يتمكن «الاخوان المسلمون» حتى ان يلعبوا دور الانكشارية في خدمة مولانا السلطان...

ماذا حين يقدم سيارة لرئيس الشؤون الدينية بنحو 400 الف دولار؟ وماذا حين يأمر باحلال رجال دين في المستشفيات من اجل ترميم الروح المعنوية لدى المرضى الذين اعترض الكثيرون منهم لان هؤلاء المشايخ يأتون بنتائج معاكسة تماما. انهيار سيكولوجي كامل لان منظرهم وهم يقتربون من المريض يجعله يشعر بأنه على قيد انملة من العالم الاخر..

تركيا الاتاتوركية انتهت. الآن، تركيا الاردوغانية التي تشي المظاهر، والسياسات، والبهلوانيات، بأنها تتوخى استعادة العهد العثماني، او اشياء منه، بأي ثمن، في حين ان كل العالم يتحدث الان عن غطرسته، وعن دونكيشوتيته، ودون ان يشعر اعضاء «الائتلاف الوطني السوري» الذين يتمرغون في بلاطه انهم انما يأتمرون بأمر من يريد القبض على سوريا وتحويلها الى ولاية عثمانية.

هو الذي امر اعضاء في الائتلاف الذي يرأسه النصف سوري والنصف تركي خالد خوجه برفض الدعوة الروسية الى التفاوض، لا يزال يراهن على اللعب عسكريا وحتى آخر سوري ان من خلال ادارة الحالة الداعشية او من خلال تدريب الآلاف من المعارضة السورية لقتال النظام، كما لو ان تجربة السنوات الاربع المنصرمة لا تكفي لكي تتوقف رياح الدم، ولطالما كانت رياح العدم.

احد فصول الكوميديا اتهام وزير الخارجية التركي مولود شاوش اوغلو منذ فترة المافيات بتهريب الارهابيين الى سوريا.صدقوا او لا تصدقوا...

ندرك تماما ان الاستخبارات التركية تمسك اعضاء الائتلاف بآذانهم، وببطونهم ايضا، وان كانت المخصصات قد خفضت اخيرا، وعلا صراخ ذلك الجهاز البيروقراطي الهائل بسبب انقطاع الرواتب التي كانت تصل من الدوحة. ولكن ليقل لنا السادة اعضاء الائتلاف (وايضا بالشوارب العثمانية المستعارة). ما هو البديل لديهم؟

حتى الان لم يفقدوا الامل في ان ينقلهم السلطان العثماني، ولو على ظهور البغال، ولو في الحاويات، الى دمشق، فها ان تركيا تدرب الجيش الذي سيكون بامرة الائتلاف بعد عام او عامين او ثلاثة. هل من مهزلة تفوق هذه المهزلة حين تقول واشنطن نفسها...فاوضوا بشار الاسد؟

الم يصل الى هؤلاء كلام جون كيري الذي دعا فيه وان بصورة مواربة فيه الى الاخذ بالمبادرة الروسية علها تسهم، مع مساعي القاهرة، في بلورة مسار تفاوضي يمكن ان يفضي الى اطار للحل يقوم على اساس الشراكة بين اهل النظام واهل المعارضة التي لم تتلطخ ايديها لا بالوحول ولا بالدماء...

يعلم خالد خوجة من هم الاعضاء الذين اعترضوا وقالوا انهم لن يبقوا «داخل احذية السلطان» وغادروا اسطنبول الى لا مكان ربما للاغتسال من تلك الحقبة الآسنة، كما يعلم الاعضاء الباقون انه لا خيار امامهم، سوى ان تجرهم الخيول العثمانية، بشواربهم المستعارة لا بل بوجوههم المستعارة، الى المجهول، ودون ان يقتنعوا بأنه ممنوع على السلطان ان يخطو خطوة واحدة نحو حلب او نحو دمشق...

ليفعل رجب طيب اردوغان في بلاده ما يفعل، وهو الذي يحاول الالتفاف على المشكلات الاتنية والطائفية في تركيا بالاثارة التاريخية حينا وبالاثارة الايديولوجية حينا اخر. ولكن ان يفعل في سوريا، او في العراق، او في مصر ما يريد. هنا الخط الاحمر،الاحمر بالخط العريض، في وجه السلطان...
  • فريق ماسة
  • 2015-03-11
  • 11002
  • من الأرشيف

شوارب مستعارة لرجال السلطان ....

ماذا تبقى من رجب طيب اردوغان، حتى ولو بقي في القصر، وحتى ولو فاز في الانتخابات التشريعية لتفكك المعارضة و هشاشتها، فضلاً عن حاجتها الى القيادة المتوهجة...  هو رئيس جمهورية و يقيم دعوى ضد ملكة الجمال في بلاده بتهمة اهانته ثم يغضب على رئيس استخباراته لانه استقال ليترشح للانتخابات دون استئذانه...  منذ فترة تعرفنا على قصر السلطان الذي لا يضاهيه قصر في « العالم الاسلامي»؟ حرس السلطان بكل ازياء السلطنة، واحيانا بالشوارب المستعارة، دون ان يكترث الرجل بمن يقول له ان الجغرافيا تغيرت، وان التاريخ تغير، وان السلطنة التي تحولت الى الرجل المريض، ومنذ القرن التاسع عشر، فارقت الحياة... لا احد مثله يهوى نبش القبور. لا احد مثله ذهب به جنون العظمة الى ذلك الحد من الغطرسة والانتهازية والمكيافيلية بالرغم من كل النكبات التي منيت بها سياساته. لندع قدري غورسل يسأل احمد داود اوغلو ما اذا كانت النيو عثمانية قد تحولت الى نيو كوميديا عثمانية... السلطان الذي يمسك بيد التاريخ، وهو يستعيده حتى في الشوارب المستعارة وفي الملابس والرماح، والذي يمسك باليد الاخرى الايديولوجيا، يعتبر ان الاسلام هو الحصان الذي يصل به الى اقاصي الدنيا، ودون ان يتنبه الى ان هذا الحصان لم يصل الى ساحة المرجة في دمشق، ولا الى شارع السعدون في بغداد، ولا الى خان الخليلي في القاهرة، ولم يتمكن «الاخوان المسلمون» حتى ان يلعبوا دور الانكشارية في خدمة مولانا السلطان... ماذا حين يقدم سيارة لرئيس الشؤون الدينية بنحو 400 الف دولار؟ وماذا حين يأمر باحلال رجال دين في المستشفيات من اجل ترميم الروح المعنوية لدى المرضى الذين اعترض الكثيرون منهم لان هؤلاء المشايخ يأتون بنتائج معاكسة تماما. انهيار سيكولوجي كامل لان منظرهم وهم يقتربون من المريض يجعله يشعر بأنه على قيد انملة من العالم الاخر.. تركيا الاتاتوركية انتهت. الآن، تركيا الاردوغانية التي تشي المظاهر، والسياسات، والبهلوانيات، بأنها تتوخى استعادة العهد العثماني، او اشياء منه، بأي ثمن، في حين ان كل العالم يتحدث الان عن غطرسته، وعن دونكيشوتيته، ودون ان يشعر اعضاء «الائتلاف الوطني السوري» الذين يتمرغون في بلاطه انهم انما يأتمرون بأمر من يريد القبض على سوريا وتحويلها الى ولاية عثمانية. هو الذي امر اعضاء في الائتلاف الذي يرأسه النصف سوري والنصف تركي خالد خوجه برفض الدعوة الروسية الى التفاوض، لا يزال يراهن على اللعب عسكريا وحتى آخر سوري ان من خلال ادارة الحالة الداعشية او من خلال تدريب الآلاف من المعارضة السورية لقتال النظام، كما لو ان تجربة السنوات الاربع المنصرمة لا تكفي لكي تتوقف رياح الدم، ولطالما كانت رياح العدم. احد فصول الكوميديا اتهام وزير الخارجية التركي مولود شاوش اوغلو منذ فترة المافيات بتهريب الارهابيين الى سوريا.صدقوا او لا تصدقوا... ندرك تماما ان الاستخبارات التركية تمسك اعضاء الائتلاف بآذانهم، وببطونهم ايضا، وان كانت المخصصات قد خفضت اخيرا، وعلا صراخ ذلك الجهاز البيروقراطي الهائل بسبب انقطاع الرواتب التي كانت تصل من الدوحة. ولكن ليقل لنا السادة اعضاء الائتلاف (وايضا بالشوارب العثمانية المستعارة). ما هو البديل لديهم؟ حتى الان لم يفقدوا الامل في ان ينقلهم السلطان العثماني، ولو على ظهور البغال، ولو في الحاويات، الى دمشق، فها ان تركيا تدرب الجيش الذي سيكون بامرة الائتلاف بعد عام او عامين او ثلاثة. هل من مهزلة تفوق هذه المهزلة حين تقول واشنطن نفسها...فاوضوا بشار الاسد؟ الم يصل الى هؤلاء كلام جون كيري الذي دعا فيه وان بصورة مواربة فيه الى الاخذ بالمبادرة الروسية علها تسهم، مع مساعي القاهرة، في بلورة مسار تفاوضي يمكن ان يفضي الى اطار للحل يقوم على اساس الشراكة بين اهل النظام واهل المعارضة التي لم تتلطخ ايديها لا بالوحول ولا بالدماء... يعلم خالد خوجة من هم الاعضاء الذين اعترضوا وقالوا انهم لن يبقوا «داخل احذية السلطان» وغادروا اسطنبول الى لا مكان ربما للاغتسال من تلك الحقبة الآسنة، كما يعلم الاعضاء الباقون انه لا خيار امامهم، سوى ان تجرهم الخيول العثمانية، بشواربهم المستعارة لا بل بوجوههم المستعارة، الى المجهول، ودون ان يقتنعوا بأنه ممنوع على السلطان ان يخطو خطوة واحدة نحو حلب او نحو دمشق... ليفعل رجب طيب اردوغان في بلاده ما يفعل، وهو الذي يحاول الالتفاف على المشكلات الاتنية والطائفية في تركيا بالاثارة التاريخية حينا وبالاثارة الايديولوجية حينا اخر. ولكن ان يفعل في سوريا، او في العراق، او في مصر ما يريد. هنا الخط الاحمر،الاحمر بالخط العريض، في وجه السلطان...

المصدر : الديار/ نبيه برجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة