بعد أول خطاب متلفز للملك السعودي الجديد منذ تسلمه العرش، والذي أكد فيه السعي إلى: «تحقيق التضامن العربي والإسلامي بتنقية الأجواء وتوحيد الصفوف لمواجهة المخاطر والتحديات المحدقة بهما».. بات السؤال المطروح بقوة: هل بدأ التحول العربي حيال إيران؟!

 

ومع أن دعوات الحوار مع إيران ليست جديدة فقد سبق لعمرو موسى (الأمين العام السابق للجامعة العربية) أن وجه الدعوة ذاتها في عام 2009 من الكويت «لحل القضايا العالقة بين الطرفين»، لكن ما يلفت الانتباه أن الخطاب السعودي استُبق بدعوة أردنية لفتح حوار عربي إيراني على أساس الاعتراف «بإيران كدولة مهمة ولها دور إقليمي بارز في عودة الأمن والاستقرار إلى المنطقة» وفق تصريح وزير الخارجية الأردني ناصر جودة خلال زيارته الأخيرة لطهران (الدعوة تخللها تأكيد أن «التطرف مشكلة لا تعرف سنة وشيعة») وبطبيعة الحال، لا يمكن للأردن التغريد بمصطلحات: «التنسيق والتشاور والتلاحم والوحدة والتفهم المتبادل والتبادل الجاد والصريح لوجهات النظر» دون موافقة دول الخليج لكونه يتغذى اقتصادياً من مساعداتها.

وفي الواقع، ثمة مؤشرات عدة تدفع للاستنتاج بأن مد جسور التواصل بين دول المنطقة يبقى الخيار الوحيد للحفاظ على المصالح المشتركة للجميع، فبالتزامن مع التسويق الأميركي للاتفاق النووي الإيراني وزيارة جون كيري للرياض.. برز حديث لمراكز دراسات إستراتيجية سعودية حول احتمال حدوث تغييرات في السياسة الخارجية للمملكة، ويبدو أن الملك السعودي أكد هذا الاحتمال على خلفية إخراج أوباما لطهران من «قائمة محور الشر»، حين تطرق في خطابه إلى ضرورة: «التعاون الدولي» لمكافحة الإرهاب والتطرف، و:«مناصرة القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية»، مع الالتزام «بنهج الحوار وحل الخلافات بالطرق السلمية».

وأمام الخطر المحدق الذي يتهدد وجودها، ربما وجدت الأنظمة العربية نفسها مضطرة لإعادة النظر بعلاقاتها مع إيران، والملك الأردني في خطابه الأخير أمام البرلمان الأوروبي تحدث مطولاً عن خطورة المد الإرهابي مشيراً إلى أن الحرب ضد «داعش» ليست حرب الأردن فقط، بل «جميع الدول العربية والإسلامية»، معتبراً أن مخاطر التطرف تنبع من أنها «تهديد عالمي»، ولا ينحصر أثره في سورية والعراق بعدما طال أيضاً كل من ليبيا واليمن وسيناء ومالي ونيجيريا والقرن الإفريقي وآسيا وأستراليا).

فالمعطيات الراهنة تؤكد حقيقتين رئيسيتين:

الأولى: تمهل واشنطن في حربها الدعائية على التنظيم في إطار ما أطلق عليه: «الصبر الإستراتيجي» لاستثمار هذه الورقة في الانتخابات الأميركية القادمة (مارتن ديمبسي أعلن صراحةً: «من الخطأ تكثيف الضربات الجوية للتحالف الدولي ضد التنظيم»).

الثانية: توجه غربي وعربي للانفتاح السياسي والأمني على دمشق في ظل تزايد المخاوف من تمدد «دولة البغدادي» الموجودة حالياً - وفق تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية- في تسع دول (العراق وسورية وليبيا ومصر واليمن والجزائر والسعودية وأفغانستان وباكستان).

وعلى الرغم من كل ما سبق، ثمة عقبات حقيقية تحول دون بدء الحوار العربي الإيراني، فنقاط الاختلاف بين الدول العربية أكثر مما تعد وتحصى من جهة، ومن جهة أخرى المسائل الخلافية مع إيران لم تعد محدودة بموضوع الجزر الإماراتية (رقعة التباين توسعت لتشمل ملفات فلسطين ولبنان واليمن والبحرين وليبيا والعراق وسورية، إضافة إلى أن إيران لديها إستراتيجية «طويلة الأمد» لمواجهة المشروعين التكفيري والصهيوني).

فهل ستستطيع تلك الأنظمة تجاوز خلافاتها وتستثمر مرونة الموقف الإيراني المستعد «لتعاون إقليمي حول مختلف القضايا»؟!

  • فريق ماسة
  • 2015-03-11
  • 13496
  • من الأرشيف

هل يغير العرب سياساتهم حيال طهران؟!

بعد أول خطاب متلفز للملك السعودي الجديد منذ تسلمه العرش، والذي أكد فيه السعي إلى: «تحقيق التضامن العربي والإسلامي بتنقية الأجواء وتوحيد الصفوف لمواجهة المخاطر والتحديات المحدقة بهما».. بات السؤال المطروح بقوة: هل بدأ التحول العربي حيال إيران؟!   ومع أن دعوات الحوار مع إيران ليست جديدة فقد سبق لعمرو موسى (الأمين العام السابق للجامعة العربية) أن وجه الدعوة ذاتها في عام 2009 من الكويت «لحل القضايا العالقة بين الطرفين»، لكن ما يلفت الانتباه أن الخطاب السعودي استُبق بدعوة أردنية لفتح حوار عربي إيراني على أساس الاعتراف «بإيران كدولة مهمة ولها دور إقليمي بارز في عودة الأمن والاستقرار إلى المنطقة» وفق تصريح وزير الخارجية الأردني ناصر جودة خلال زيارته الأخيرة لطهران (الدعوة تخللها تأكيد أن «التطرف مشكلة لا تعرف سنة وشيعة») وبطبيعة الحال، لا يمكن للأردن التغريد بمصطلحات: «التنسيق والتشاور والتلاحم والوحدة والتفهم المتبادل والتبادل الجاد والصريح لوجهات النظر» دون موافقة دول الخليج لكونه يتغذى اقتصادياً من مساعداتها. وفي الواقع، ثمة مؤشرات عدة تدفع للاستنتاج بأن مد جسور التواصل بين دول المنطقة يبقى الخيار الوحيد للحفاظ على المصالح المشتركة للجميع، فبالتزامن مع التسويق الأميركي للاتفاق النووي الإيراني وزيارة جون كيري للرياض.. برز حديث لمراكز دراسات إستراتيجية سعودية حول احتمال حدوث تغييرات في السياسة الخارجية للمملكة، ويبدو أن الملك السعودي أكد هذا الاحتمال على خلفية إخراج أوباما لطهران من «قائمة محور الشر»، حين تطرق في خطابه إلى ضرورة: «التعاون الدولي» لمكافحة الإرهاب والتطرف، و:«مناصرة القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية»، مع الالتزام «بنهج الحوار وحل الخلافات بالطرق السلمية». وأمام الخطر المحدق الذي يتهدد وجودها، ربما وجدت الأنظمة العربية نفسها مضطرة لإعادة النظر بعلاقاتها مع إيران، والملك الأردني في خطابه الأخير أمام البرلمان الأوروبي تحدث مطولاً عن خطورة المد الإرهابي مشيراً إلى أن الحرب ضد «داعش» ليست حرب الأردن فقط، بل «جميع الدول العربية والإسلامية»، معتبراً أن مخاطر التطرف تنبع من أنها «تهديد عالمي»، ولا ينحصر أثره في سورية والعراق بعدما طال أيضاً كل من ليبيا واليمن وسيناء ومالي ونيجيريا والقرن الإفريقي وآسيا وأستراليا). فالمعطيات الراهنة تؤكد حقيقتين رئيسيتين: الأولى: تمهل واشنطن في حربها الدعائية على التنظيم في إطار ما أطلق عليه: «الصبر الإستراتيجي» لاستثمار هذه الورقة في الانتخابات الأميركية القادمة (مارتن ديمبسي أعلن صراحةً: «من الخطأ تكثيف الضربات الجوية للتحالف الدولي ضد التنظيم»). الثانية: توجه غربي وعربي للانفتاح السياسي والأمني على دمشق في ظل تزايد المخاوف من تمدد «دولة البغدادي» الموجودة حالياً - وفق تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية- في تسع دول (العراق وسورية وليبيا ومصر واليمن والجزائر والسعودية وأفغانستان وباكستان). وعلى الرغم من كل ما سبق، ثمة عقبات حقيقية تحول دون بدء الحوار العربي الإيراني، فنقاط الاختلاف بين الدول العربية أكثر مما تعد وتحصى من جهة، ومن جهة أخرى المسائل الخلافية مع إيران لم تعد محدودة بموضوع الجزر الإماراتية (رقعة التباين توسعت لتشمل ملفات فلسطين ولبنان واليمن والبحرين وليبيا والعراق وسورية، إضافة إلى أن إيران لديها إستراتيجية «طويلة الأمد» لمواجهة المشروعين التكفيري والصهيوني). فهل ستستطيع تلك الأنظمة تجاوز خلافاتها وتستثمر مرونة الموقف الإيراني المستعد «لتعاون إقليمي حول مختلف القضايا»؟!

المصدر : الوطن / باسمة حامد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة