تكشف سجلات مراكز الأبحاث الأميركية وخصوصاً سجل (المجلس القومي الأميركي للعلاقات الأميركية – العربية) ومؤتمراته السنوية التي يطرح المشاركون فيها توصياتهم لصانعي السياسة الأميركية حول طرق المحافظة على الهيمنة على العالم العربي أن الإدارة الأميركية تضع قبيل انعقاد كل مؤتمر قمة عربي سنوي سلة أهداف ومطالب تفرضها على النظام الرسمي العربي المتنفذ وصاحب القرار في هذه المؤتمرات. وفي أحيان كثيرة تصل درجة التأثير والنفوذ الأميركي على عدد من هذه القمم إلى مستوى تحديد أولويات جدول العمل الذي ستناقش مواضيعه القمة العربية والنتائج المطلوبة من حلفاء واشنطن.

 

وفي آخر مؤتمر عقده (المجلس القومي الأميركي للعلاقات الأميركية العربية) في 28 تشرين الأول عام 2014 ظهر جدول العمل الأميركي المقترح في موقع المجلس وشمل المواضيع التالية:

 

1- مجلس التعاون الخليجي ودوره في التحولات على مستوى المنطقة.

2- ديناميكية التحولات الجيوسياسية الخاصة بسورية ولبنان والعراق وإيران

3- التحولات في مصر وشمال إفريقيا

4- التعاون العسكري الأميركي العربي

5- التعاون النفطي الأميركي العربي

6- مستقبل الفلسطينيين.

 

وهذا يعني أن ينتهي كل مؤتمر قمة عربي بما يخدم المصالح الأميركية الإقليمية والدولية عن طريق الدول العربية الصديقة والحليفة للولايات المتحدة.

 

ويقول الدكتور (جون ديوك أنتوني) رئيس المجلس ومؤسسه أن إدارة أوباما عززت قدرات ومستوى تأثيرها في سياسة دول مجلس التعاون الخليجي بشكل لافت وغير مسبوق في السنوات الأربع الماضية، وخصوصاً فيما تتطلبه السياسة الأميركية من مواقف خليجية وعربية تجاه سورية ولبنان والعراق وإيران وهي الدول التي تحمل سياسة مناهضة للمصالح الأميركية في المنطقة.. وكان دور هذا المجلس إضافة إلى مجلس الأمن القومي الأميركي بارزاً في الإجابة عما تتطلبه الولايات المتحدة من حلفائها ومن إداراتها لتحقيق الأهداف الأميركية.

 

ويرى (أنتوني) أن زيارة أوباما الأخيرة إلى السعودية بمناسبة التعزية بوفاة الملك عبد الله شكلت فرصة للإدارة الأميركية في عرض الأولويات المشتركة بين واشنطن والرياض وتهيئة الملك للتجاوب مع متطلباتها تجاه إيران ومفاوضات الموضوع النووي وتجاه المناورات السياسية الأميركية في الموضوع السوري، ولاحظ أنتوني أن أوباما رأى من جانبه أن السعودية أصبحت أكثر احتياجاً للولايات المتحدة بعد التطورات الأخيرة في اليمن والتي سيرافقها في الأسابيع المقبلة احتمال قوي بتوقيع اتفاق أمريكي مع طهران.

 

ومع ذلك يلاحظ المراقبون في المنطقة أن السعودية سارعت إلى البدء بالتجاوب مع خطة أمريكية وضعها مجلس الأمن القومي الأمريكي لتحقيق مزيد من التماسك بين الدول المتحالفة مع واشنطن واستخدام تأثيرها في إيقاف حالة العداء المستمرة بين تركيا ومصر وبين قطر ومصر قبل أن تسير مصر على طريق مستقل عن السياسة التقليدية التي سار عليها مبارك ومرسي من قبل.

 

فالقيادة المصرية برئاسة السيسي بدأت بانتهاج سياسة تدريجية لتنويع مصادر قدراتها العسكرية فعقدت صفقات أسلحة مع روسيا وقررت المشاركة في مناورات عسكرية قرب شواطئها مع البحرية الروسية وهذه السياسة المصرية الجديدة تقلق الإدارة الأمريكية وتنتقل بمصر إلى دور فاعل إقليمي ودولي متوازن في علاقات مع القوى الكبرى وهذا ما لا ترغب فيه واشنطن وخصوصاً في شمال إفريقيا.

 

وبالإضافة إلى ذلك ترى واشنطن أن مشاريع مصر في تنويع علاقاتها الاقتصادية وعقد المؤتمرات الاقتصادية من أجل (مستقبل مصر) يفتح بوابات الصين وروسيا وغيرهما إلى مشاركة المصريين في بناء مستقبل لا يستدعي الاعتماد الأساسي على الولايات المتحدة.

 

ولذلك دعت خطة مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى الإسراع في حل خلافات قطر مع مصر وتركيا مع مصر بأي طريقة ممكنة من خلال الدور السعودي. لكن جميع المؤشرات تدل حتى الآن على عجز واشنطن والرياض عن تحقيق هذه الغاية لأن مسألة الاختلاف القائم حول حركة «الإخوان المسلمين» أصبحت تشكل خلافاً استراتيجياً مع السياسة المصرية ولا يمكن لمصر التساهل فيها مع قطر ولا مع تركيا والولايات المتحدة وهذا ما يؤشر لتحولات عربية- عربية لن تستطيع الرياض وواشنطن إيقاف عجلتها.

  • فريق ماسة
  • 2015-03-10
  • 14068
  • من الأرشيف

واشنطن والدور التخريبي في جدول عمل القمة المقبلة

تكشف سجلات مراكز الأبحاث الأميركية وخصوصاً سجل (المجلس القومي الأميركي للعلاقات الأميركية – العربية) ومؤتمراته السنوية التي يطرح المشاركون فيها توصياتهم لصانعي السياسة الأميركية حول طرق المحافظة على الهيمنة على العالم العربي أن الإدارة الأميركية تضع قبيل انعقاد كل مؤتمر قمة عربي سنوي سلة أهداف ومطالب تفرضها على النظام الرسمي العربي المتنفذ وصاحب القرار في هذه المؤتمرات. وفي أحيان كثيرة تصل درجة التأثير والنفوذ الأميركي على عدد من هذه القمم إلى مستوى تحديد أولويات جدول العمل الذي ستناقش مواضيعه القمة العربية والنتائج المطلوبة من حلفاء واشنطن.   وفي آخر مؤتمر عقده (المجلس القومي الأميركي للعلاقات الأميركية العربية) في 28 تشرين الأول عام 2014 ظهر جدول العمل الأميركي المقترح في موقع المجلس وشمل المواضيع التالية:   1- مجلس التعاون الخليجي ودوره في التحولات على مستوى المنطقة. 2- ديناميكية التحولات الجيوسياسية الخاصة بسورية ولبنان والعراق وإيران 3- التحولات في مصر وشمال إفريقيا 4- التعاون العسكري الأميركي العربي 5- التعاون النفطي الأميركي العربي 6- مستقبل الفلسطينيين.   وهذا يعني أن ينتهي كل مؤتمر قمة عربي بما يخدم المصالح الأميركية الإقليمية والدولية عن طريق الدول العربية الصديقة والحليفة للولايات المتحدة.   ويقول الدكتور (جون ديوك أنتوني) رئيس المجلس ومؤسسه أن إدارة أوباما عززت قدرات ومستوى تأثيرها في سياسة دول مجلس التعاون الخليجي بشكل لافت وغير مسبوق في السنوات الأربع الماضية، وخصوصاً فيما تتطلبه السياسة الأميركية من مواقف خليجية وعربية تجاه سورية ولبنان والعراق وإيران وهي الدول التي تحمل سياسة مناهضة للمصالح الأميركية في المنطقة.. وكان دور هذا المجلس إضافة إلى مجلس الأمن القومي الأميركي بارزاً في الإجابة عما تتطلبه الولايات المتحدة من حلفائها ومن إداراتها لتحقيق الأهداف الأميركية.   ويرى (أنتوني) أن زيارة أوباما الأخيرة إلى السعودية بمناسبة التعزية بوفاة الملك عبد الله شكلت فرصة للإدارة الأميركية في عرض الأولويات المشتركة بين واشنطن والرياض وتهيئة الملك للتجاوب مع متطلباتها تجاه إيران ومفاوضات الموضوع النووي وتجاه المناورات السياسية الأميركية في الموضوع السوري، ولاحظ أنتوني أن أوباما رأى من جانبه أن السعودية أصبحت أكثر احتياجاً للولايات المتحدة بعد التطورات الأخيرة في اليمن والتي سيرافقها في الأسابيع المقبلة احتمال قوي بتوقيع اتفاق أمريكي مع طهران.   ومع ذلك يلاحظ المراقبون في المنطقة أن السعودية سارعت إلى البدء بالتجاوب مع خطة أمريكية وضعها مجلس الأمن القومي الأمريكي لتحقيق مزيد من التماسك بين الدول المتحالفة مع واشنطن واستخدام تأثيرها في إيقاف حالة العداء المستمرة بين تركيا ومصر وبين قطر ومصر قبل أن تسير مصر على طريق مستقل عن السياسة التقليدية التي سار عليها مبارك ومرسي من قبل.   فالقيادة المصرية برئاسة السيسي بدأت بانتهاج سياسة تدريجية لتنويع مصادر قدراتها العسكرية فعقدت صفقات أسلحة مع روسيا وقررت المشاركة في مناورات عسكرية قرب شواطئها مع البحرية الروسية وهذه السياسة المصرية الجديدة تقلق الإدارة الأمريكية وتنتقل بمصر إلى دور فاعل إقليمي ودولي متوازن في علاقات مع القوى الكبرى وهذا ما لا ترغب فيه واشنطن وخصوصاً في شمال إفريقيا.   وبالإضافة إلى ذلك ترى واشنطن أن مشاريع مصر في تنويع علاقاتها الاقتصادية وعقد المؤتمرات الاقتصادية من أجل (مستقبل مصر) يفتح بوابات الصين وروسيا وغيرهما إلى مشاركة المصريين في بناء مستقبل لا يستدعي الاعتماد الأساسي على الولايات المتحدة.   ولذلك دعت خطة مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى الإسراع في حل خلافات قطر مع مصر وتركيا مع مصر بأي طريقة ممكنة من خلال الدور السعودي. لكن جميع المؤشرات تدل حتى الآن على عجز واشنطن والرياض عن تحقيق هذه الغاية لأن مسألة الاختلاف القائم حول حركة «الإخوان المسلمين» أصبحت تشكل خلافاً استراتيجياً مع السياسة المصرية ولا يمكن لمصر التساهل فيها مع قطر ولا مع تركيا والولايات المتحدة وهذا ما يؤشر لتحولات عربية- عربية لن تستطيع الرياض وواشنطن إيقاف عجلتها.

المصدر : تحسين الحلبي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة