دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
في اول خطاب متلفز له منذ تسلمه العرش ركز العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز على القضايا الداخلية وتجنب كليا الخوض في القضايا العربية والدولية، حتى انه لم يتطرق الى مجلس التعاون الخليجي او الملفات الساخنة مثل اليمن والموقف من مصر ومؤتمرها الاقتصادي الاسبوع المقبل او الاوضاع في سورية والعراق، كما لم يعرج مطلقا على المسألة الايرانية.
ابرز نقطتين تناولهما خطاب العاهل السعودي هما: الامن والاقتصاد، وكيفية توفير الخدمات السكنية والصحية والتعليمية للمواطنين كافة على اسس المساواة والعدالة، ومحاربة الفساد وحفظ المال العام ومحاسبة المقصرين.
في خطابه الذي استغرق ما يقرب من الربع ساعة تقريبا لوحظ ان كلمة المساواة بين المواطنين والمناطق تكررت في اكثر من موضع، والتأكيد ان “ابناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات” والتأكيد بحزم “على التصدي لاسباب دواعي الخلاف الفرقة”.
من الواضح من خلال مضمون الخطاب ان العاهل السعودي الجديد يعطي الملف الداخلي المكانة الابرز على جدول اولوياته، وهذا يفسر اهتمامه بترتيب البيت الداخلي وتشكيل مجلسين رئيسيين الاول للشؤون السياسية والامنية برئاسة الرجل القوي محمد بن نايف ولي ولي العهد وزير الداخلية يضم وزارات سيادية مثل الداخلية والدفاع والاعلام والحج والاوقاف والمخابرات العامة والحرس الوطني، وآخر اقتصادي تنموي يضم وزارات التجارة والاقتصاد والنفط والمالية برئاسة نجله الامير محمد بن سلمان.
التركيز على الملفات الداخلية يعكس ادراك العاهل السعودي للاخطار التي تواجهها المملكة وابرزها الفتنة الطائفية، والجماعات الاسلامية المتشددة و”الدولة الاسلامية” وتنظيم “القاعدة” على وجه الخصوص، ومن الواضح ان تركيزه على محاربة الفساد، والمحاسبة، وتنويع مصادر الدخل والتنمية وتحسين الخدمات والتشديد على المساواة بين المواطنين هي ابرز اجنداته لمواجهة هذه الاخطار بالاضافة الى الحلول الامنية.
وكان لافتا ان العاهل السعودي تحدث عن الخطوط العريضة لسياسته الخارجية وبطريقة عامة دون تخصيص او تسميات، ولعل القضية الوحيدة التي سماها عندها اكد مناصرة بلاده للقضايا العربية والاسلامية هي قضية فلسطين التي حمل ملف دعمها لاكثر من اربعين عاما من خلال رئاستة للجنة اقيمت من اجل هذا الغرض، وشدد على سعي بلاده من اجل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة واقامة دولته المستقلة وعاصمتها “القدس الشريف”.
ولعل الفقرة التي تستحق التوقف عندها ايضا في الخطاب تلك التي تناولت السعي “من اجل تحقيق التضامن العربي والاسلامي بتنقية الاجواء وتوحيد الصفوف لمواجهة المخاطر والتحديات المحدقة بهما والالتزام بنهج الحوار وحل الخلافات” فهل هذا يعني العودة الى سياسة المملكة التي كانت متبعة قبل انفراط عقد التضامن العربي اثر احتلال الكويت عام 1995؟
من المؤكد ان هذا الخطاب سيثير العديد من علامات الاستفهام بالنسبة للكثيرين الذين توقعوا ان يتضمن مواقف محددة تجاه قضايا عربية شائكة، مثل كيفية حل الازمة السورية، والحرب على “الدولة الاسلامية” والتقدم الحوثي في اليمن، والملف النووي الايراني وقرب توقيع اتفاق بشأنه.
وغياب مجلس التعاون الخليجي عن مضمون الخطاب كان ملحوظا، فلم يتطرق الملك سلمان لفكرة تحويله الى “اتحاد” والخلافات البيتية بين الدول الاعضاء، والاهم من كل ذلك طبيعة العلاقات مع مصر، وما اذا كانت المملكة ستدعمها في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الاسبوع المقبل، وكيف سيكون هذا الدعم او حجمه، وكذلك الموقف من حركة “الاخوان المسلمين”، وهل ستظل على قائمة الارهاب السعودية؟
العاهل السعودي ربما يكون تعمد تجنب جميع القضايا الخارجية “الاشكالية” في خطابه الاول متعمدا، حتى لا ينشغل بها في ظل تركيزه على الجبهة الداخلية بشقيها الامني والاقتصادي التنموي في الاشهر او السنوات الاولى من حكمه على الاقل.
المصدر :
الماسة السورية/ رأي اليوم
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة