هارونا يوكاوا... كينجي غوتو... جيمس فولي... ستيفن سوتلوف... وصولا إلى معاذ الكساسبة.

 لم يقتلهم «الهلال الشيعي» الذي حذر الملك الاردني عبدالله الثاني من خطره قبل اكثر من عشرة اعوام، ولم يندم على قوله هذا ويستغفر الله. قتلهم كما مئات الآلاف غيرهم، «هلال الإرهاب» الممتد من قندهار الافغانية الى ما هو ابعد من بنغازي الليبية.

 لا بد أن الخبر نزل كالصاعقة على الملك وهو يقوم بزيارة الى واشنطن. إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة وبهذه الطريقة رسالة واضحة ومحرجة، ومن الطبيعي أن يلوّح «هذا النظام» بردّ «مزلزل»، ما إن انتشر فيديو القتل حرقا.

الجريمة بشعة لا شك. ومن حق الملك أن يشعر بالقلق. الأردنيون عموماً، في صدمة. الا أن المثير لقلق جلالته أن تياراً لا يستهان به في الشارع، يرى في إعدام الكساسبة «حقاً شرعياً». يترعرع هذا التيار في مؤسسات الدولة والجامعات والاعلام ويتغلغل في احياء المدن والمناطق العشائرية والحضرية.

يغازله النظام الهاشمي مرات، ويقسو عليه مرات اخرى. وأمام ناظريه طوال الاعوام الأربعة الماضية، اطلق خطباء مساجد ورجال دين وسياسيون دعوات علنية تؤيد «الجهاد التكفيري» في سوريا. القدس على مرمى حجر منهم، لكن دمشق أولى بدعواتهم. انفصام التيار التكفيري، واضح، ولكن المشكلة أن جلالة الملك بدا كأنه ينظر اليه على انه حيوية شعبية ايجابية تلائم ازدواجيته الفاقعة في الشأن السوري.

هذه هي الحقيقة المرّة التي يجب على الملك المفجوع ان يعترف بها، والأهم ان يدركها الاردنيون تماما. «هذا النظام» انخرط بلعبة منحرفة، تغاضت ودرّبت وسهّلت تسليح مقاتلين هم رفاق سلاح للذين احرقوا الكساسبة حياً، ولو اصدر بعض «شيوخهم» بيانات الاستنكار الآن.

فكر «داعش» مترعرع في بيئة مملكة عبدالله. وهو ظن لفترة طويلة انه ذاهب للصلاة ايضا الى جانب رجب طيب اردوغان في الجامع الاموي في دمشق... وليس في القدس!

المشهد محزن لا شك. الكساسبة اسيراً ووحيداً في قفص إعدامه بين مجموعة من الوحوش البشرية، هم في جانب أساسي نتاج اللعبة المزدوجة للنظام الأردني واستخباراته والحليف الاميركي وغرفة العمليات العسكرية السعودية هناك ومحاولة اختراق الجبهة الجنوبية نحو العاصمة السورية. (وبالمناسبة، ألم يكن بندر بن سلطان حاضرا في مشهد الاعدام بالامس؟).

لكن النقطة الأساس ليست هنا فقط. كم «كساسبة سوري» نجهل اسمه كهؤلاء المذبوحين على ايدي «داعش وأخواته»؟ كم «كساسبة سوري» سقط في الأعوام الأربعة الماضية، ولم يتصدر مانشيت صحيفة ولا عناوين المحطات التلفزيونية، وباستمتاع شاهدوا ذبحه على أنه من عناوين البطولة والملحمة الثورية في الطريق الى خراب سوريا؟!

  • فريق ماسة
  • 2015-02-03
  • 9986
  • من الأرشيف

كم كساسبة سوري؟

هارونا يوكاوا... كينجي غوتو... جيمس فولي... ستيفن سوتلوف... وصولا إلى معاذ الكساسبة.  لم يقتلهم «الهلال الشيعي» الذي حذر الملك الاردني عبدالله الثاني من خطره قبل اكثر من عشرة اعوام، ولم يندم على قوله هذا ويستغفر الله. قتلهم كما مئات الآلاف غيرهم، «هلال الإرهاب» الممتد من قندهار الافغانية الى ما هو ابعد من بنغازي الليبية.  لا بد أن الخبر نزل كالصاعقة على الملك وهو يقوم بزيارة الى واشنطن. إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة وبهذه الطريقة رسالة واضحة ومحرجة، ومن الطبيعي أن يلوّح «هذا النظام» بردّ «مزلزل»، ما إن انتشر فيديو القتل حرقا. الجريمة بشعة لا شك. ومن حق الملك أن يشعر بالقلق. الأردنيون عموماً، في صدمة. الا أن المثير لقلق جلالته أن تياراً لا يستهان به في الشارع، يرى في إعدام الكساسبة «حقاً شرعياً». يترعرع هذا التيار في مؤسسات الدولة والجامعات والاعلام ويتغلغل في احياء المدن والمناطق العشائرية والحضرية. يغازله النظام الهاشمي مرات، ويقسو عليه مرات اخرى. وأمام ناظريه طوال الاعوام الأربعة الماضية، اطلق خطباء مساجد ورجال دين وسياسيون دعوات علنية تؤيد «الجهاد التكفيري» في سوريا. القدس على مرمى حجر منهم، لكن دمشق أولى بدعواتهم. انفصام التيار التكفيري، واضح، ولكن المشكلة أن جلالة الملك بدا كأنه ينظر اليه على انه حيوية شعبية ايجابية تلائم ازدواجيته الفاقعة في الشأن السوري. هذه هي الحقيقة المرّة التي يجب على الملك المفجوع ان يعترف بها، والأهم ان يدركها الاردنيون تماما. «هذا النظام» انخرط بلعبة منحرفة، تغاضت ودرّبت وسهّلت تسليح مقاتلين هم رفاق سلاح للذين احرقوا الكساسبة حياً، ولو اصدر بعض «شيوخهم» بيانات الاستنكار الآن. فكر «داعش» مترعرع في بيئة مملكة عبدالله. وهو ظن لفترة طويلة انه ذاهب للصلاة ايضا الى جانب رجب طيب اردوغان في الجامع الاموي في دمشق... وليس في القدس! المشهد محزن لا شك. الكساسبة اسيراً ووحيداً في قفص إعدامه بين مجموعة من الوحوش البشرية، هم في جانب أساسي نتاج اللعبة المزدوجة للنظام الأردني واستخباراته والحليف الاميركي وغرفة العمليات العسكرية السعودية هناك ومحاولة اختراق الجبهة الجنوبية نحو العاصمة السورية. (وبالمناسبة، ألم يكن بندر بن سلطان حاضرا في مشهد الاعدام بالامس؟). لكن النقطة الأساس ليست هنا فقط. كم «كساسبة سوري» نجهل اسمه كهؤلاء المذبوحين على ايدي «داعش وأخواته»؟ كم «كساسبة سوري» سقط في الأعوام الأربعة الماضية، ولم يتصدر مانشيت صحيفة ولا عناوين المحطات التلفزيونية، وباستمتاع شاهدوا ذبحه على أنه من عناوين البطولة والملحمة الثورية في الطريق الى خراب سوريا؟!

المصدر : السفير/ خليل حرب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة