دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
في قراءة اميركية، على بيّنة من التطورات في سوريا والعراق، ان الادارة الاميركية مضطرة عاجلاً ام آجلاً لرسم استراتيجية واضحة تجاه سوريا.
بالنسبة الى محللين اميركيين، فإن المتغيّرات في منطقة الشرق الاوسط بعد صعود تنظيم «داعش»، والتبدلات الاميركية الداخلية بعد إثر سيطرة الجمهوريين على الكونغرس، يحتّمان على الرئيس الاميركي وضع خطط عملية لمقاربة آفاق الحلول للوضع سوريا.
منذ بدء الحرب السورية، لم يسمع المعنيون حتى الآن اي تبدل في الكلام الرسمي، حتى الداخلي، حول ما يمكن القيام به لايجاد حلول نهائية لها. لم يقل اوباما رأياً واضحاً حول مستقبل سوريا ومصيرها، شأنه في ذلك شأن وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي يصفه احد المطلعين الاميركيين بأنه «كثير الحركة من دون رؤية». كل ما قالته واشنطن، منذ ثلاثة اعوام، ان على الرئيس السوري بشار الاسد ان يرحل. اما كيف سيتم ذلك فلا احد يعرف. بالنسبة الى البعض، فإن المرحلة التي سجلت التحوّل الاميركي بعدم ضرب النظام السوري..
اعتقد الاميركيون ان الرئيس بشار الاسد «ديكتاتور» آخر يمكن أية انتفاضة عليه ان تسقطه، كما حدث في ليبيا ومصر وتونس. لكن ما حصل كان العكس تماماً. فالرئيس السوري، بحسب تعبير احد الباحثين لا يزال محمياً اكثر من اي وقت مضى، ويعترف المطلعون بالنقص في المعلومات الاولية المتعلقة بسوريا عند بداية الحرب، تماماً كما كان الوضع في العراق حتى بعد الدخول الاميركي العسكري اليه. كما يعترفون بالاخطاء التي ارتكبت في معالجة الأزمة، والعلاقة مع المعارضة السورية التي يعتبر البعض انها لم تتمكّن من فرض نفسها كمعارضة موحدة وذات رأي واحد لمواجهة الرئيس الاسد وتحمل مسؤولياتها العسكرية والسياسية لاسقاطه، كما أنها لا تشكل موضع ثقة بالنسبة الى الاميركيين. ولعل صعود تنظيم «داعش» بهذا الشكل ضاعف من النظرة السلبية التي يرى بها البعض المعارضة السورية وأخطاءها.
أي تغيير للحدود السورية خطر لا قدرة للعالم الغربي والشرق الاوسط على احتماله
فهناك من يقاتل وهناك من يعارض، وهذا الكلام فيه مفارقة لدى الحديث عن هذه المعارضة التي لا تحظى بكثير من الاهتمام او الصدقية. وثمة من يعتبر، ممن يتابعون تطورات سوريا عن كثب، بأن تذرّع المعارضة بعدم امتلاكها اسلحة للقتال غير مقنع. فلو كانت هناك معارضة تريد القتال فعلاً لكانت قاتلت النظام السوري ولكانت حصلت ايضا على السلاح.
يرد باحثون الاسباب التي مكّنت الاسد من البقاء على رأس السلطة الى دعم روسيا وايران له. وهذا الامر ليس بسيطاً. لكن المشكلة كانت في تجاهل هذا العامل المؤثر في ادارة سلسلة ازمات مترابطة من الشرق الاوسط الى اوكرانيا. لذا فإن مستقبل الحوار مع ايران سيكون مرتبطاً ايضاً بالحديث عن العراق وسوريا معاً. ويقول احدهم ما نقوله في لبنان «سوريا لم تعد هي نفسها ولن تعود الى ما كانت عليه». لكن المشكلة تكمن في ايجاد تصور لما يمكن ان تصبح عليه، واستطراداً ما هي آفاق الحل التي يمكن ان ترسم لها.
احد الاخطاء التي يعددها احد الباحثين تكمن في ان رسم الحلول لسوريا انطلق من النقطة الخاطئة وهي العمل على إطاحة الاسد. في رأيه ان مصير الرئيس السوري يجب ان يكون آخر الحلقات. فالمطلوب وضع استراتيجة عمل لسوريا قد تكون مبنية على صياغة حل متدرج او اتفاق شبيه باتفاق الطائف اللبناني، او حتى بايجاد صيغة مبنية على توزع السلطات، وحين يتم التوافق الدولي على هذا الاتفاق يمكن بعدها الحديث عن مصير الرئيس وليس العكس.
اما الخطأ الثاني، فهو الكلام عن احتمالات تغيير حدود سوريا. وفي رأيه احد اسوأ الاحتمالات الكلام عن اسقاط حدود سوريا، لأن اي محاولة من هذا النوع ستفتح باب المتغيرات الحدودية للدول المجاورة، وفي ذلك خطر كبير لا قدرة للعالم الغربي والشرق الاوسط على احتماله، لا سيما في ظل تفرّع ازمة سوريا الى مجموعة من الازمات المتداخلة وانبثاق خطر «داعش» منها.
ثمة عجز واضح في الكلام عن مصير سوريا ومستقبلها، وهناك غموض في قراءة ما يمكن للرئيس الاميركي القيام به ازاء حرب سوريا ووضع النظام السوري. وحتى بالنسبة الى اسلوب ضرب «داعش»، تبدو المقاربات شبه عاجزة عن تصور حلول واقعية ومنطقية تجعل من السهل تأكيد وجود استراتيجية ولو جزئية لمحاربة تنظيم لا يزال يذبح مواطنين اميركيين. لكن الاكيد ان هناك شبه اجماع على ان الاولوية الآن لمحاربة التنظيم وليس لاسقاط الاسد.
المصدر :
الأخبار / هيام القصيفي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة