فجأة أصيب القادة الأوروبيون بالرعب لدى اكتشافهم أعداد الجهاديين الذين أنتجتهم سياساتهم في بلدانهم، إضافة إلى حجم الجرائم التي يرتكبونها.

مع ذلك، ارتفعت أصوات في كل من بريطانيا وفرنسا مطالبة بمعرفة كيف يمكن لأشخاص، كانوا محبوبين في محيطهم، أن يذهبوا هكذا فجأة إلى سورية أو العراق، ويتحولوا هناك إلى ذباحين؟.

هذه الأصوات تتحدث عن عمليات «تلاعب بالعقول» دون الذهاب في غالب الأحيان إلى المسببات: لأنه في حال الإقرار بخضوع الجهاديين الأوروبيين في الوقت الحالي لعمليات «تلاعب بعقولهم»، هذا يعني أن ثمة جهاديين آخرين تم التلاعب بعقولهم أيضاً خلال الثلاث عشرة سنة الماضية، ما يقتضي مراجعة قناعاتهم بكل ما سبق.

كانت سي.آي.ايه، والجيش الأميركي من أوائل المنفذين للبحوث المتعلقة بتحويل البشر الطبيعيين إلى قتلة، تحت اسم رمزي: مشروع شاتر (1947-1953)، وآخران تحت اسم مشروع بلوبيرد ومشروع أرتيشوك (1951-1953) وأخيراً مشروع مكولترا (1953-1973).

هذه البرامج التي أدارها علماء نازيون في الولايات المتحدة، توصلوا إلى اكتشافات في آثار التنويم المغناطيسي، والحرمان الحسي، والاعتداء الجنسي، والمخدرات، فضلا عن أشكال متعددة من التعذيب.

كانت الأبحاث تهدف إلى الإجابة عن السؤال التالي: هل بوسعنا السيطرة على شخص إلى درجة تجعله ينفذ كل ما يطلب منه، ولو كان الأمر ضد إرادته، بما فيها القوانين الأساسية للطبيعة، كالحفاظ على النفس؟».

تم إتلاف جزء كبير من سجلات هذه الأنشطة عام 1973 بأمر من مدير سي.آي.ايه، ريتشارد هيلمز.

مع ذلك، فإن لجنة التحقيق في مجلس الشيوخ برئاسة السناتور فرانك تشارش، وكذلك أعمال مدير آخر لوكالة سي.آي.ايه، الأميرال ستانسفيلد تورنر، كشفت أن أكثر من 30 جامعة شاركت في هذه الأبحاث التي ضمت أكثر من 150 مشروعا تجريبيا منفصلا. أجريت هذه البحوث في الولايات المتحدة، وفي الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، من دون علم شعوب تلك البلدان.

وفقا لسجلات سي.آي.ايه المتوافرة مؤخراً، على سبيل المثال، فقد أجرت الوكالة عام 1951 تجربة «تكييف» في قرية فرنسية تدعى بون سانت اسبري، دون علم سكانها. عمدوا إلى نثر مادة كيميائية (ل.اس.دي)، بواسطة مبخرة، نتج عنها حدوث جنون جماعي في القرية، أودى خلال بضع ساعات بحياة سبعة أشخاص، و32 حالة مرضية لا رجوع فيها.

بوسعنا الاعتقاد الآن بأنه قد تم إجراء تحسينات على هذه التقنية لدى تطبيقها في مدينة الرقة بشكل سمح بتحويل سكان هذه المدينة إلى مجموعة قادرة على سحق أبناء جلدتها تحت قدميها.

عام 1973، أوقفت الولايات المتحدة هذا الصنف من الأبحاث، أو بالأحرى حولتها لإسرائيل. ولم تستأنفها إلا عام 2001، تحت إشراف البروفسور مارتن سيليغمان، بعد أن أقامت لهذا الغرض معسكر اكس-راي في غوانتانامو.

لم يكن الهدف من اللجوء لهذا الصنف من التعذيب، جعل فئران مختبراتهم تعترف بما لم تقترف، بل تلقينهم اعترافات خيالية يتبنونها بكل اعتزاز.

لا يزال الرئيس أوباما يمنع نشر نتيجة التحقيق الذي أجراه الكونغرس حول هذه الجرائم.

تم توثيق هذه الوقائع على نطاق واسع، بشكل دخلت فيه عمق الثقافة الشعبية، وأدت إلى إنتاج كميات كبيرة من أعمال الخيال العلمي، في التلفزيون كما في السينما الأميركية.

إذا كنا نسلم بأن هذه التجارب قد أدت إلى بعض النتائج، يجب أن نقر بالتالي أنه بوسع الولايات المتحدة وإسرائيل «تكييف» أشخاص طبيعيين، بجعلهم، لا يمارسون القتل فحسب، بل ينفذون هجومات انتحارية أيضاً.

  • فريق ماسة
  • 2014-11-23
  • 10883
  • من الأرشيف

كيف ومن يتلاعب بالجهاديين؟

فجأة أصيب القادة الأوروبيون بالرعب لدى اكتشافهم أعداد الجهاديين الذين أنتجتهم سياساتهم في بلدانهم، إضافة إلى حجم الجرائم التي يرتكبونها. مع ذلك، ارتفعت أصوات في كل من بريطانيا وفرنسا مطالبة بمعرفة كيف يمكن لأشخاص، كانوا محبوبين في محيطهم، أن يذهبوا هكذا فجأة إلى سورية أو العراق، ويتحولوا هناك إلى ذباحين؟. هذه الأصوات تتحدث عن عمليات «تلاعب بالعقول» دون الذهاب في غالب الأحيان إلى المسببات: لأنه في حال الإقرار بخضوع الجهاديين الأوروبيين في الوقت الحالي لعمليات «تلاعب بعقولهم»، هذا يعني أن ثمة جهاديين آخرين تم التلاعب بعقولهم أيضاً خلال الثلاث عشرة سنة الماضية، ما يقتضي مراجعة قناعاتهم بكل ما سبق. كانت سي.آي.ايه، والجيش الأميركي من أوائل المنفذين للبحوث المتعلقة بتحويل البشر الطبيعيين إلى قتلة، تحت اسم رمزي: مشروع شاتر (1947-1953)، وآخران تحت اسم مشروع بلوبيرد ومشروع أرتيشوك (1951-1953) وأخيراً مشروع مكولترا (1953-1973). هذه البرامج التي أدارها علماء نازيون في الولايات المتحدة، توصلوا إلى اكتشافات في آثار التنويم المغناطيسي، والحرمان الحسي، والاعتداء الجنسي، والمخدرات، فضلا عن أشكال متعددة من التعذيب. كانت الأبحاث تهدف إلى الإجابة عن السؤال التالي: هل بوسعنا السيطرة على شخص إلى درجة تجعله ينفذ كل ما يطلب منه، ولو كان الأمر ضد إرادته، بما فيها القوانين الأساسية للطبيعة، كالحفاظ على النفس؟». تم إتلاف جزء كبير من سجلات هذه الأنشطة عام 1973 بأمر من مدير سي.آي.ايه، ريتشارد هيلمز. مع ذلك، فإن لجنة التحقيق في مجلس الشيوخ برئاسة السناتور فرانك تشارش، وكذلك أعمال مدير آخر لوكالة سي.آي.ايه، الأميرال ستانسفيلد تورنر، كشفت أن أكثر من 30 جامعة شاركت في هذه الأبحاث التي ضمت أكثر من 150 مشروعا تجريبيا منفصلا. أجريت هذه البحوث في الولايات المتحدة، وفي الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، من دون علم شعوب تلك البلدان. وفقا لسجلات سي.آي.ايه المتوافرة مؤخراً، على سبيل المثال، فقد أجرت الوكالة عام 1951 تجربة «تكييف» في قرية فرنسية تدعى بون سانت اسبري، دون علم سكانها. عمدوا إلى نثر مادة كيميائية (ل.اس.دي)، بواسطة مبخرة، نتج عنها حدوث جنون جماعي في القرية، أودى خلال بضع ساعات بحياة سبعة أشخاص، و32 حالة مرضية لا رجوع فيها. بوسعنا الاعتقاد الآن بأنه قد تم إجراء تحسينات على هذه التقنية لدى تطبيقها في مدينة الرقة بشكل سمح بتحويل سكان هذه المدينة إلى مجموعة قادرة على سحق أبناء جلدتها تحت قدميها. عام 1973، أوقفت الولايات المتحدة هذا الصنف من الأبحاث، أو بالأحرى حولتها لإسرائيل. ولم تستأنفها إلا عام 2001، تحت إشراف البروفسور مارتن سيليغمان، بعد أن أقامت لهذا الغرض معسكر اكس-راي في غوانتانامو. لم يكن الهدف من اللجوء لهذا الصنف من التعذيب، جعل فئران مختبراتهم تعترف بما لم تقترف، بل تلقينهم اعترافات خيالية يتبنونها بكل اعتزاز. لا يزال الرئيس أوباما يمنع نشر نتيجة التحقيق الذي أجراه الكونغرس حول هذه الجرائم. تم توثيق هذه الوقائع على نطاق واسع، بشكل دخلت فيه عمق الثقافة الشعبية، وأدت إلى إنتاج كميات كبيرة من أعمال الخيال العلمي، في التلفزيون كما في السينما الأميركية. إذا كنا نسلم بأن هذه التجارب قد أدت إلى بعض النتائج، يجب أن نقر بالتالي أنه بوسع الولايات المتحدة وإسرائيل «تكييف» أشخاص طبيعيين، بجعلهم، لا يمارسون القتل فحسب، بل ينفذون هجومات انتحارية أيضاً.

المصدر : الوطن /تيري ميسان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة