جبهة القلمون تشتعل مجدداً. المقاتلون المتحصنون في الجرود يتحدّثون عن مدد سيأتيهم من تنظيم «الدولة الإسلامية»، ويسارعون إلى المبايعة، إمّا خوفاً أو طمعاً. أما مصير الجنود اللبنانيين الأسرى في قبضة «النصرة» و«الدولة»، فلا أمل يلوح في الأفق لحل قضيتهم.

لم يُقتل أمير «الدولة الإسلامية» في القلمون أبو طلال الحمد. لا يزال الرجل الذي اتّخذ القرار باجتياح عرسال مطلع آب الماضي حيّاً يُرزق. هذا ما يؤكده عارفوه، وبعض المقربين منه، ممن هم على تواصل معه. يجزمون بأنه لم يُصب في الغارات السورية التي استهدفت أحد مراكز تحصّن عناصره في الجرود العرسالية، فقد صدف أنّه لم يكن في المكان أصلاً لحظة استهدافه.

نجا أمير «الدولة» وقبله أمير «النصرة»، ومعهما بقي العسكريون اللبنانيون الأسرى أحياء. لم تُغيّر الشائعات التي كثُرت في الآونة الأخيرة عن مقتل هذا أو إصابة ذاك شيئاً. بقي الأمر على حاله، فيما ينتظر مسلحو الجرود «وصول مدد الدولة الإسلامية». هذا الحدث يترقّبه المتحصّنون في جرود القلمون وعرسال «على أحرّ من الجمر»، متحدّثين عن كونه «سيصبح أمراً واقعاً خلال أيام». وهو بالنسبة إليهم، حبل النجاة الوحيد في ظل الحصار الذي يعيشونه.

تفاؤلهم ينبع من التقدّم الذي حققه عناصر «داعش» في ريف حمص الشرقي أخيراً، «ووصولهم إلى مشارف بلدة القريتين»، التي تفصلها مسافة 60 كيلومترا عن جرود عرسال.

إزاء ذلك، سارعت فصائل من «الجيش الحر» لمبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية - داعش»، إما خوفاً من مواجهته أو طمعاً في تمويله. وبحسب المصادر، يرى هؤلاء أن «وصول «داعش» أمر حتميّ بعد سيطرتها على مساحات شاسعة في ريف حمص». وبالتالي، تكون هذه الخطوة بداية النهاية الرسمية لـ«الجيش الحر» في جرود القلمون، إذ انّ الفصائل التي بايعت «داعش» هي الأبرز في هذه الجرود، كـ«كتائب الفاروق المستقلة» بقيادة موفق أبو السوس، و«كتائب القصير» بقيادة المقدم أبو عرب، و«كتائب المقنّع». وقد باتت كل هذه الكتائب تابعة لـ«الدولة الإسلامية»، سواء في «ولاية حمص» او في «ولاية دمشق». ويقدّر عدد المسلّحين في هذه الكتائب الثلاث بنحو 300 مسلّح. واللافت، بحسب المصادر، أن القاسم المشترك بين الكتائب عدم إيمانها بعقيدة، لكن دافعها كان الخوف من سطوة «الدولة» والطمع بالتمويل. ورغم العلاقة الاستثنائية التي تربط «جبهة النصرة» بـتنظيم «الدولة الاسلامية » في هذه البقعة من سوريا (بخلاف كافة المناطق الأخرى)، تقرأ مصادر مقرّبة من «النصرة» الأحداث على هذه الجبهة على اعتبار أنّها «تكتيك من النظام السوري يسمح من خلاله لجنود الدولة بالتقدم في حمص لتسهيل وصولهم إلى جبال القلمون من أجل توريط لبنان على نحو رسمي في الحرب. وربما يعتقد أن ذلك قد يفتح المواجهة المؤجلة بين التنظيمين الجهاديين». وتكشف المصادر أن معظم عناصر «الدولة» المنتشرين في محيط حقل الشاعر للغاز في حمص هم من المهاجرين، وتحديداً من الآتين من الشيشان وأوروبا والخليج. وبحسب المصادر، فذلك يعني أنهم «لم يأتوا إلا ليُستشهدوا»، غامزة إلى أنّهم لا يُشبهون جنود «الدولة» المنتشرين حالياً في القلمون. وترى المصادر أنّ وصول هؤلاء المسلحين إلى القلمون يعني وقوع معركة كبيرة في لبنان. وتتحدث المصادر عن أسلحة نوعية لدى هؤلاء غنموها من مستودعات سلاح في سوريا والعراق.

من جهة اخرى، يبدو جلياً انه لا «جبهة النصرة» ولا «الدولة الإسلامية» في عجلة من أمرها في ملف العسكريين المخطوفين. لا يستعجل أي من التنظيمين إنهاء الملف، بل ربما، لا يريدان إقفاله أصلاً. لماذا قد يُلقي محاصر، ليس لديه ما يخسره، آخر بطاقة تفاوض في يده، علماً أن المعلومات تشير إلى أن «مصلحة الخاطفين بإبقاء الجنود لديهم حتى انقضاء الشتاء»؟ وتكشف مصادر مقرّبة من «النصرة» لـ «الأخبار» أن أمير التنظيم «أبو مالك التلّي» لا يزال متمسّكاً بالطروحات الثلاثة التي حمّلها للموفد القطري، والتي أبلغه الأخير أن الحكومة اللبنانية تستسيغ الحل الثالث منها، الذي يقضي بالإفراج عن 5 سجناء من «سجن رومية المركزي» في لبنان و50 سجينة من السجون السورية مقابل كل جندي لبناني تطلقه جبهة النصرة، لكنها تشير إلى ان التلّي يرى أن اختيار لبنان للطرح الثالث تضييع للوقت ومماطلة في الاستجابة. ويُنقل عن أمير «النصرة» قوله: «إنّ من يوافق على إخراج ١٤٥ معتقلا من لبنان، يستطيع رفع العدد إلى ٣٠٠ سجين، أي مضمون الطرح الأول، وإنهاء القضية من دون إدخال النظام السوري في المفاوضات ومنحه حق النقض»، إضافة إلى ذلك، «لا يطالب أبو مالك بإطلاق أي معتقل أوقف بعد أحداث عرسال. ويشترط أن يكون «الموقوفون المراد مبادلتهم قد اعتقلوا في لبنان قبل أحداث عرسال، باعتبار أن الذين اعتقلوا في مخيمات لبنان أخيراً متقاعسون عن الجهاد في سبيل الله».

  • فريق ماسة
  • 2014-11-14
  • 14356
  • من الأرشيف

مسلّحو الجرود ينتظرون مدد البغدادي .... رضوان مرتضى

جبهة القلمون تشتعل مجدداً. المقاتلون المتحصنون في الجرود يتحدّثون عن مدد سيأتيهم من تنظيم «الدولة الإسلامية»، ويسارعون إلى المبايعة، إمّا خوفاً أو طمعاً. أما مصير الجنود اللبنانيين الأسرى في قبضة «النصرة» و«الدولة»، فلا أمل يلوح في الأفق لحل قضيتهم. لم يُقتل أمير «الدولة الإسلامية» في القلمون أبو طلال الحمد. لا يزال الرجل الذي اتّخذ القرار باجتياح عرسال مطلع آب الماضي حيّاً يُرزق. هذا ما يؤكده عارفوه، وبعض المقربين منه، ممن هم على تواصل معه. يجزمون بأنه لم يُصب في الغارات السورية التي استهدفت أحد مراكز تحصّن عناصره في الجرود العرسالية، فقد صدف أنّه لم يكن في المكان أصلاً لحظة استهدافه. نجا أمير «الدولة» وقبله أمير «النصرة»، ومعهما بقي العسكريون اللبنانيون الأسرى أحياء. لم تُغيّر الشائعات التي كثُرت في الآونة الأخيرة عن مقتل هذا أو إصابة ذاك شيئاً. بقي الأمر على حاله، فيما ينتظر مسلحو الجرود «وصول مدد الدولة الإسلامية». هذا الحدث يترقّبه المتحصّنون في جرود القلمون وعرسال «على أحرّ من الجمر»، متحدّثين عن كونه «سيصبح أمراً واقعاً خلال أيام». وهو بالنسبة إليهم، حبل النجاة الوحيد في ظل الحصار الذي يعيشونه. تفاؤلهم ينبع من التقدّم الذي حققه عناصر «داعش» في ريف حمص الشرقي أخيراً، «ووصولهم إلى مشارف بلدة القريتين»، التي تفصلها مسافة 60 كيلومترا عن جرود عرسال. إزاء ذلك، سارعت فصائل من «الجيش الحر» لمبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية - داعش»، إما خوفاً من مواجهته أو طمعاً في تمويله. وبحسب المصادر، يرى هؤلاء أن «وصول «داعش» أمر حتميّ بعد سيطرتها على مساحات شاسعة في ريف حمص». وبالتالي، تكون هذه الخطوة بداية النهاية الرسمية لـ«الجيش الحر» في جرود القلمون، إذ انّ الفصائل التي بايعت «داعش» هي الأبرز في هذه الجرود، كـ«كتائب الفاروق المستقلة» بقيادة موفق أبو السوس، و«كتائب القصير» بقيادة المقدم أبو عرب، و«كتائب المقنّع». وقد باتت كل هذه الكتائب تابعة لـ«الدولة الإسلامية»، سواء في «ولاية حمص» او في «ولاية دمشق». ويقدّر عدد المسلّحين في هذه الكتائب الثلاث بنحو 300 مسلّح. واللافت، بحسب المصادر، أن القاسم المشترك بين الكتائب عدم إيمانها بعقيدة، لكن دافعها كان الخوف من سطوة «الدولة» والطمع بالتمويل. ورغم العلاقة الاستثنائية التي تربط «جبهة النصرة» بـتنظيم «الدولة الاسلامية » في هذه البقعة من سوريا (بخلاف كافة المناطق الأخرى)، تقرأ مصادر مقرّبة من «النصرة» الأحداث على هذه الجبهة على اعتبار أنّها «تكتيك من النظام السوري يسمح من خلاله لجنود الدولة بالتقدم في حمص لتسهيل وصولهم إلى جبال القلمون من أجل توريط لبنان على نحو رسمي في الحرب. وربما يعتقد أن ذلك قد يفتح المواجهة المؤجلة بين التنظيمين الجهاديين». وتكشف المصادر أن معظم عناصر «الدولة» المنتشرين في محيط حقل الشاعر للغاز في حمص هم من المهاجرين، وتحديداً من الآتين من الشيشان وأوروبا والخليج. وبحسب المصادر، فذلك يعني أنهم «لم يأتوا إلا ليُستشهدوا»، غامزة إلى أنّهم لا يُشبهون جنود «الدولة» المنتشرين حالياً في القلمون. وترى المصادر أنّ وصول هؤلاء المسلحين إلى القلمون يعني وقوع معركة كبيرة في لبنان. وتتحدث المصادر عن أسلحة نوعية لدى هؤلاء غنموها من مستودعات سلاح في سوريا والعراق. من جهة اخرى، يبدو جلياً انه لا «جبهة النصرة» ولا «الدولة الإسلامية» في عجلة من أمرها في ملف العسكريين المخطوفين. لا يستعجل أي من التنظيمين إنهاء الملف، بل ربما، لا يريدان إقفاله أصلاً. لماذا قد يُلقي محاصر، ليس لديه ما يخسره، آخر بطاقة تفاوض في يده، علماً أن المعلومات تشير إلى أن «مصلحة الخاطفين بإبقاء الجنود لديهم حتى انقضاء الشتاء»؟ وتكشف مصادر مقرّبة من «النصرة» لـ «الأخبار» أن أمير التنظيم «أبو مالك التلّي» لا يزال متمسّكاً بالطروحات الثلاثة التي حمّلها للموفد القطري، والتي أبلغه الأخير أن الحكومة اللبنانية تستسيغ الحل الثالث منها، الذي يقضي بالإفراج عن 5 سجناء من «سجن رومية المركزي» في لبنان و50 سجينة من السجون السورية مقابل كل جندي لبناني تطلقه جبهة النصرة، لكنها تشير إلى ان التلّي يرى أن اختيار لبنان للطرح الثالث تضييع للوقت ومماطلة في الاستجابة. ويُنقل عن أمير «النصرة» قوله: «إنّ من يوافق على إخراج ١٤٥ معتقلا من لبنان، يستطيع رفع العدد إلى ٣٠٠ سجين، أي مضمون الطرح الأول، وإنهاء القضية من دون إدخال النظام السوري في المفاوضات ومنحه حق النقض»، إضافة إلى ذلك، «لا يطالب أبو مالك بإطلاق أي معتقل أوقف بعد أحداث عرسال. ويشترط أن يكون «الموقوفون المراد مبادلتهم قد اعتقلوا في لبنان قبل أحداث عرسال، باعتبار أن الذين اعتقلوا في مخيمات لبنان أخيراً متقاعسون عن الجهاد في سبيل الله».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة