لا يجد أصدقاء مراسلة قناة بريس تي في الإيرانية في اسطنبول، سيرينا شيم، كلمة للتعبير عنها إلا أن يقولوا "Dobra dobra" وهو مصطلح باللغة التركية يشير إلى من يقول كلمته بصراحة ودون أن يحسب حساباً لمن قد ينزعج من صراحته. ولذا لم تكن تتحرج من انتقاد أي طرف كان في وجهه، وهو ما تسبب لها ببعض المصاعب في حياتها المهنية والشخصية على حد سواء. ويضيفون أن صراحتها كانت تصل إليها هي نفسها، فكانت تنتقد تصرفات أو مواقف لها، في تلقائية نادرة.

قتلت سيرينا شيم، المراسلة الإيرانية، في مدينة سوروتش المحاذية من الطرف التركي لمدينة عين العرب (كوباني) الحدودية، التي تخوض الوحدات الكردية فيها حرباً شرسة ضد هجوم مقاتلي تنظيم داعش المتشدد. وكانت المراسلة شيم في طريقها لتغطية الأخبار فيها، فقتلت نتيجة اصطدام سيارتها بشاحنة جبالة بيتون، وأصيب زميلها المصور، الذي لا زال تحت العناية الفائقة. وكانت آخر صورة تشاركها شيم لها هي صورتها لحظة تنفيذ طيران التحالف غارة جوية على مواقع قيل أنها لتنظيم داعش بالقرب من عين العرب، وذلك بتاريخ 15 تشرين الأول الجاري. ولم تعلم أنها المرة الأخيرة، وأنه لن يسمح لها بالعودة إلى المكان.

المثير للريبة أن سيرينا كانت قبل يومين فقط من الحادث قد تحدثت أنها تعرضت لاتهامات من قبل الاستخبارات التركية بأنها عميلة لإيران. وتخبرنا مصادر مقربة منها أنها كانت من قبل أن تطلق تصريحها العلني ذاك تتوقع الاغتيال في أي لحظة من قبل التنظيمات المسلحة. ويقول لنا أحد أصدقائها المقربين أنها كانت تفكر في مصير طفليها من بعدها، وتدعو إلى الله أن يحسن أهلها تربيتهما، فهما يقيمان في بيت جدهم في لبنان. إذ أن لديها طفلاً اسمه علي وطفلة اسمها أجمال.

ولدت سيرينا شيم في الولايات المتحدة الأمريكية لوالد لبناني ووالدة أمريكية، وانفصل والداها فعادت إلى منزل أهل والدها في لبنان، ومن ثم دخلت العمل الصحفي في قناة "بريس تي في" الإيرانية. وقد تواجدت فترة من الزمن في مكتب القناة في سورية، ولم تلبث أن انتقلت إلى تركيا لتكمل مسيرة عملها المضني والمليء بالمصادفات غير السارة وبتهديدات تنظيمات ومؤسسات وأشخاص يعتبرون نقل الحقائق مضراً بمصلحتهم وتهديداً لهم.

كانت المراسلة شيم من أول من وثق تسرب التنظيمات المسلحة من تركيا إلى سورية منذ بداية الأزمة السورية، عندما كانت الحكومة التركية تزعم، وهناك من يصدقها، أنها لا تدعم المسلحين، وأن دعمها يقتصر على المساعدات الإنسانية.

ووثقت الصحفية الجريئة شيم الانتفاضة الشعبية ضد الحكومة التركية، التي عرفت بمظاهرات ميدان "تقسيم"، والتي قمعتها الآلة الأمنية والعسكرية لحزب العدالة والتنمية بشكل قاسي موقعة قتلى وعشرات الجرحى في أوساط المتظاهرين.

وعملت شيم كذلك في مكاتب القناة في العراق وأوكراينا ولبنان.

وعرف عن المراسلة شيم ترددها الدوري على المناطق الحدودية بين سورية وتركيا بهدف توثيق الخروقات الدائمة ضد المواثيق الدولية التي تنظم الحدود بين الدول. ولكنها في آخر فترة اضطرت تحت الضغوط الأمنية، وحرصاً على سلامة أصدقائها، إلى تضييق نطاق تواصلها مع بعض المعارضين والناشطين. إذ أنها كانت منذ فترة طويلة تعلم أنها تتعرض للمراقبة اللصيقة من قبل أجهزة الأمن التركية.

وقالت قناة بريس تي في أن مراسلتها سيرينا شيم تعرضت لضغوطات لمنعها من التوجه إلى المنطقة الحدودية. غير أن الصحفية التي لم تعزها الجرأة كانت "Dobra dobra" مرة جديدة، فأعلنت أن الضغوط لن تثنيها عن ممارسة مهمتها. وللمرة الأخيرة في حياتها دفعت ثمن صراحتها.

 

  • فريق ماسة
  • 2014-10-20
  • 12645
  • من الأرشيف

مراسلة "بريس تي في" في تركيا.. ماتت قضاءً وقدراً أم قتلت؟

لا يجد أصدقاء مراسلة قناة بريس تي في الإيرانية في اسطنبول، سيرينا شيم، كلمة للتعبير عنها إلا أن يقولوا "Dobra dobra" وهو مصطلح باللغة التركية يشير إلى من يقول كلمته بصراحة ودون أن يحسب حساباً لمن قد ينزعج من صراحته. ولذا لم تكن تتحرج من انتقاد أي طرف كان في وجهه، وهو ما تسبب لها ببعض المصاعب في حياتها المهنية والشخصية على حد سواء. ويضيفون أن صراحتها كانت تصل إليها هي نفسها، فكانت تنتقد تصرفات أو مواقف لها، في تلقائية نادرة. قتلت سيرينا شيم، المراسلة الإيرانية، في مدينة سوروتش المحاذية من الطرف التركي لمدينة عين العرب (كوباني) الحدودية، التي تخوض الوحدات الكردية فيها حرباً شرسة ضد هجوم مقاتلي تنظيم داعش المتشدد. وكانت المراسلة شيم في طريقها لتغطية الأخبار فيها، فقتلت نتيجة اصطدام سيارتها بشاحنة جبالة بيتون، وأصيب زميلها المصور، الذي لا زال تحت العناية الفائقة. وكانت آخر صورة تشاركها شيم لها هي صورتها لحظة تنفيذ طيران التحالف غارة جوية على مواقع قيل أنها لتنظيم داعش بالقرب من عين العرب، وذلك بتاريخ 15 تشرين الأول الجاري. ولم تعلم أنها المرة الأخيرة، وأنه لن يسمح لها بالعودة إلى المكان. المثير للريبة أن سيرينا كانت قبل يومين فقط من الحادث قد تحدثت أنها تعرضت لاتهامات من قبل الاستخبارات التركية بأنها عميلة لإيران. وتخبرنا مصادر مقربة منها أنها كانت من قبل أن تطلق تصريحها العلني ذاك تتوقع الاغتيال في أي لحظة من قبل التنظيمات المسلحة. ويقول لنا أحد أصدقائها المقربين أنها كانت تفكر في مصير طفليها من بعدها، وتدعو إلى الله أن يحسن أهلها تربيتهما، فهما يقيمان في بيت جدهم في لبنان. إذ أن لديها طفلاً اسمه علي وطفلة اسمها أجمال. ولدت سيرينا شيم في الولايات المتحدة الأمريكية لوالد لبناني ووالدة أمريكية، وانفصل والداها فعادت إلى منزل أهل والدها في لبنان، ومن ثم دخلت العمل الصحفي في قناة "بريس تي في" الإيرانية. وقد تواجدت فترة من الزمن في مكتب القناة في سورية، ولم تلبث أن انتقلت إلى تركيا لتكمل مسيرة عملها المضني والمليء بالمصادفات غير السارة وبتهديدات تنظيمات ومؤسسات وأشخاص يعتبرون نقل الحقائق مضراً بمصلحتهم وتهديداً لهم. كانت المراسلة شيم من أول من وثق تسرب التنظيمات المسلحة من تركيا إلى سورية منذ بداية الأزمة السورية، عندما كانت الحكومة التركية تزعم، وهناك من يصدقها، أنها لا تدعم المسلحين، وأن دعمها يقتصر على المساعدات الإنسانية. ووثقت الصحفية الجريئة شيم الانتفاضة الشعبية ضد الحكومة التركية، التي عرفت بمظاهرات ميدان "تقسيم"، والتي قمعتها الآلة الأمنية والعسكرية لحزب العدالة والتنمية بشكل قاسي موقعة قتلى وعشرات الجرحى في أوساط المتظاهرين. وعملت شيم كذلك في مكاتب القناة في العراق وأوكراينا ولبنان. وعرف عن المراسلة شيم ترددها الدوري على المناطق الحدودية بين سورية وتركيا بهدف توثيق الخروقات الدائمة ضد المواثيق الدولية التي تنظم الحدود بين الدول. ولكنها في آخر فترة اضطرت تحت الضغوط الأمنية، وحرصاً على سلامة أصدقائها، إلى تضييق نطاق تواصلها مع بعض المعارضين والناشطين. إذ أنها كانت منذ فترة طويلة تعلم أنها تتعرض للمراقبة اللصيقة من قبل أجهزة الأمن التركية. وقالت قناة بريس تي في أن مراسلتها سيرينا شيم تعرضت لضغوطات لمنعها من التوجه إلى المنطقة الحدودية. غير أن الصحفية التي لم تعزها الجرأة كانت "Dobra dobra" مرة جديدة، فأعلنت أن الضغوط لن تثنيها عن ممارسة مهمتها. وللمرة الأخيرة في حياتها دفعت ثمن صراحتها.  

المصدر : سومر سلطان - عربي أونلاين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة