من قال لباراك اوباما ان الاولوية ينبغي ان تكون لتحطيم انف اردوغان لا لتحطيم الاسد؟!

ثمة قهقهات انكليزية وصل صداها الى اكثر من مكان في الشرق الاوسط « قبل نهاية العقد الحالي قد نرى واشنطن وقد ادارت ظهرها لانقرة وفتحت صدرها لطهران».

حتى ان يوجين روبنسون، المعلق الاميركي القريب من البيت الابيض يسأل «لماذا يصر اردوغان على البقاء فوق صهوة حصانه؟». متوتر دوما، غاضب دوما، حاقد دوما. السبب انه لم يحقق اي شيء من احلامه الجيوسياسية ليغدو سلطان المنطقة .ارتطم بكل الجدران تقريبا بما في ذلك الجدار الاميركي. انه الرأس التركي اليابس على كل حال...

باحثون اميركيون ويقولون انه لكي تمسك واشنطن بالمفاصل الاساسية للشرق الاوسط يفترض اقامة «علاقات استراتيجية فعالة» مع تركيا وايران و السعودية. مصر في حال غيبوبة الى اشعار آخر. غارقة في مشكلاتها الداخلية، ولا ضؤ اخضر لها لكي تخمد الحرائق في ليبيا التي يمكن ان تحل على الاقل نصف المشكلات الاقتصادية في ارض الكنانة.

الباحثون إياهم، وبينهم روبرت سات كوف، يعتبرون ان اردوغان جموح جدا, متغطرس جدا، ومستعد ان يفعل كل شيء ليستحوذ على كل شيء، وهذا ما حصل حين شرّع ابوابه ومعسكراته واجهزة استخباراته امام كل تلك الحثالة الايديولوجية التي افتتنت بثقافة قطع الرؤوس.

يقولون ايضا ان روحاني يحاول بابتسامة تتقاطع فيها الطيبة مع المراوغة، ان يجر الاميركيين الى حيث يقف هو بعدما ضاقت واشنطن ذرعاً بصيحات محمود احمدي نجاد، فيما السعوديون الذين طالما عرف عنهم الهدوء، والابتعاد، قدر المستطاع، عن الصخب السياسي و الاعلامي هم الآن في ذروة العصبية و التشكيك..

هل حقا ان الادارة الاميركية حاولت ان تستخدم تنظيم الدولة الاسلامية لترويض الاتراك و الايرانيين و السعوديين قبل ان تكتشف ان مداعبة التنين مستحيلة؟

روبرت مالي، الخبير في مجموعة الازمات الدولية، يقول ان اجهزة الاستخبارات الاميركية وضعت سلسلة من التقارير حول التمدد الاخطبوطي لتنظيم «داعش» الذي حاول في البداية الايحاء بأن هاجسه الاستراتيجي هو استقطاب قوى المعارضة السورية التي هي عبارة عن شظايا سياسية و ايديولوجية متناثرة من اجل تقويض النظام واقامة نظام بديل يكون على وئام مع اسرائيل التي غابت كليا عن ادبيات التنظيم، لا بل ان تواصلا ما حصل بينه وبين اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية دون ان يعرف ما آلت اليه هذه الاتصالات.

ويقول مالي ان واشنطن تخبطت في الازمة السورية اكثر مما تخبطت في اي ازمة اخرى، والى حد ان ادارة باراك اوباما فكرت اكثر من مرة في الابتعاد عن النيران (والوحول) السورية، خصوصا بعد تصفية الترسانة الكيميائية ، فالاتراك لهم مشروعهم في سوريا، وكذلك الايرانيون، وكذلك السعوديون، وكذلك القطريون، ناهيك عن المقاتلين الاجانب الذين وفدوا من كل حدب وصوب...

في هذه الحال كيف يمكن لاي مايسترو مهما كانت اصابعه غليظة ان يتولى ادارة تلك الاوركسترا؟ الاوركسترا البابلية تحديدا...

اجهزة الاستخبارات الاميركية توقعت منذ منتصف عام 2013 بأن ينقض تنظيم الدولة الاسلامية في العراق و الشام على اربيل و الموصل ودون ان يتوقف عند بغداد بل يمضي الى الحدود مع السعودية و الكويت، وربما الى ما بعد الحدود بكثير...

من داخل الادارة آثر ان يراقص الذئاب، وهل حقا انه كان هناك من يراهن على ان يحطم « داعش» ,او يشل ,الاتراك و الايرانيين والسعوديين لانهم جميعا يريدون التحول الى شركاء ودون ان يدركوا مدى حساسية المنطقة بالنسبة الى المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة...

لا شركاء بل اتباع. هكذا خطط جون فوستر دالاس منذ ستة عقود، وراحت التعليقات الاميركية تتحدث عن الشغب التركي و الشغب السعودي، والى حد اتهام انقرة و الرياض باللعب العشوائي، وبتسويق الحرائق، دون اي تنسيق بعيد المدى و دون اي اعتبار للقدرات المحدودة للعاصمتين لان المسرح الشرق اوسطي اكثر تعقيدا بكثير من ان يدار من خلال الاثارة المذهبية او القبلية او من خلال التعبئة المالية التي اتت بنتائج معاكسة تماما وحيث الثوار تحولوا تلقائيا الى مرتزقة او الى قطاع طرق...

ولكن الا يتهم الحلفاء ادارة اوباما بالتردد و الارتباك وحتى المراوغة اذ كان باستطاعتها، لو شاءت، تقويض النظام في دمشق خلال ساعات. لماذا لم تفعل ذلك؟

ألم يقل الديبلوماسيون الاميركيون في المنطقة انه لو ازالت صواريخ التوماهوك ذلك النظام لكانت الاشباح (او الهياكل العظمية) هي التي تحكم سوريا، فهل تقبل الرياض بأن يضع رجب طيب اردوغان يده على حلب وربما على دمشق، وهل تقبل انقرة بأن تصبح سوريا محمية سعودية وهي التي تخطط لكي تستعيد السلطنة الى سابق عزها؟

ثمة شيء ما يحدث وراء الستار. أليس معلوما ان ستيفان دو ميستورا حط فجأة في بيروت فقط ليلتقي قيادة «حزب الله»، وقد التقى الشيخ نعيم قاسم والحاج وفيق صفا وطرح مقترحات حساسة؟ ثم هل يمكن ان يذهب المبعوث الدولي الى الضاحية دون ضؤ اخضر اميركي؟

من فضلكم حدقوا في المشهد جيدا، وتابعوا خطوات السياسي الآتي من بلاد الدولتشي فيتا الى بلاد ياجوج وماجوج!!

  • فريق ماسة
  • 2014-10-19
  • 9366
  • من الأرشيف

من فضلكم حدقوا في المشهد جيدا

من قال لباراك اوباما ان الاولوية ينبغي ان تكون لتحطيم انف اردوغان لا لتحطيم الاسد؟! ثمة قهقهات انكليزية وصل صداها الى اكثر من مكان في الشرق الاوسط « قبل نهاية العقد الحالي قد نرى واشنطن وقد ادارت ظهرها لانقرة وفتحت صدرها لطهران». حتى ان يوجين روبنسون، المعلق الاميركي القريب من البيت الابيض يسأل «لماذا يصر اردوغان على البقاء فوق صهوة حصانه؟». متوتر دوما، غاضب دوما، حاقد دوما. السبب انه لم يحقق اي شيء من احلامه الجيوسياسية ليغدو سلطان المنطقة .ارتطم بكل الجدران تقريبا بما في ذلك الجدار الاميركي. انه الرأس التركي اليابس على كل حال... باحثون اميركيون ويقولون انه لكي تمسك واشنطن بالمفاصل الاساسية للشرق الاوسط يفترض اقامة «علاقات استراتيجية فعالة» مع تركيا وايران و السعودية. مصر في حال غيبوبة الى اشعار آخر. غارقة في مشكلاتها الداخلية، ولا ضؤ اخضر لها لكي تخمد الحرائق في ليبيا التي يمكن ان تحل على الاقل نصف المشكلات الاقتصادية في ارض الكنانة. الباحثون إياهم، وبينهم روبرت سات كوف، يعتبرون ان اردوغان جموح جدا, متغطرس جدا، ومستعد ان يفعل كل شيء ليستحوذ على كل شيء، وهذا ما حصل حين شرّع ابوابه ومعسكراته واجهزة استخباراته امام كل تلك الحثالة الايديولوجية التي افتتنت بثقافة قطع الرؤوس. يقولون ايضا ان روحاني يحاول بابتسامة تتقاطع فيها الطيبة مع المراوغة، ان يجر الاميركيين الى حيث يقف هو بعدما ضاقت واشنطن ذرعاً بصيحات محمود احمدي نجاد، فيما السعوديون الذين طالما عرف عنهم الهدوء، والابتعاد، قدر المستطاع، عن الصخب السياسي و الاعلامي هم الآن في ذروة العصبية و التشكيك.. هل حقا ان الادارة الاميركية حاولت ان تستخدم تنظيم الدولة الاسلامية لترويض الاتراك و الايرانيين و السعوديين قبل ان تكتشف ان مداعبة التنين مستحيلة؟ روبرت مالي، الخبير في مجموعة الازمات الدولية، يقول ان اجهزة الاستخبارات الاميركية وضعت سلسلة من التقارير حول التمدد الاخطبوطي لتنظيم «داعش» الذي حاول في البداية الايحاء بأن هاجسه الاستراتيجي هو استقطاب قوى المعارضة السورية التي هي عبارة عن شظايا سياسية و ايديولوجية متناثرة من اجل تقويض النظام واقامة نظام بديل يكون على وئام مع اسرائيل التي غابت كليا عن ادبيات التنظيم، لا بل ان تواصلا ما حصل بينه وبين اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية دون ان يعرف ما آلت اليه هذه الاتصالات. ويقول مالي ان واشنطن تخبطت في الازمة السورية اكثر مما تخبطت في اي ازمة اخرى، والى حد ان ادارة باراك اوباما فكرت اكثر من مرة في الابتعاد عن النيران (والوحول) السورية، خصوصا بعد تصفية الترسانة الكيميائية ، فالاتراك لهم مشروعهم في سوريا، وكذلك الايرانيون، وكذلك السعوديون، وكذلك القطريون، ناهيك عن المقاتلين الاجانب الذين وفدوا من كل حدب وصوب... في هذه الحال كيف يمكن لاي مايسترو مهما كانت اصابعه غليظة ان يتولى ادارة تلك الاوركسترا؟ الاوركسترا البابلية تحديدا... اجهزة الاستخبارات الاميركية توقعت منذ منتصف عام 2013 بأن ينقض تنظيم الدولة الاسلامية في العراق و الشام على اربيل و الموصل ودون ان يتوقف عند بغداد بل يمضي الى الحدود مع السعودية و الكويت، وربما الى ما بعد الحدود بكثير... من داخل الادارة آثر ان يراقص الذئاب، وهل حقا انه كان هناك من يراهن على ان يحطم « داعش» ,او يشل ,الاتراك و الايرانيين والسعوديين لانهم جميعا يريدون التحول الى شركاء ودون ان يدركوا مدى حساسية المنطقة بالنسبة الى المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة... لا شركاء بل اتباع. هكذا خطط جون فوستر دالاس منذ ستة عقود، وراحت التعليقات الاميركية تتحدث عن الشغب التركي و الشغب السعودي، والى حد اتهام انقرة و الرياض باللعب العشوائي، وبتسويق الحرائق، دون اي تنسيق بعيد المدى و دون اي اعتبار للقدرات المحدودة للعاصمتين لان المسرح الشرق اوسطي اكثر تعقيدا بكثير من ان يدار من خلال الاثارة المذهبية او القبلية او من خلال التعبئة المالية التي اتت بنتائج معاكسة تماما وحيث الثوار تحولوا تلقائيا الى مرتزقة او الى قطاع طرق... ولكن الا يتهم الحلفاء ادارة اوباما بالتردد و الارتباك وحتى المراوغة اذ كان باستطاعتها، لو شاءت، تقويض النظام في دمشق خلال ساعات. لماذا لم تفعل ذلك؟ ألم يقل الديبلوماسيون الاميركيون في المنطقة انه لو ازالت صواريخ التوماهوك ذلك النظام لكانت الاشباح (او الهياكل العظمية) هي التي تحكم سوريا، فهل تقبل الرياض بأن يضع رجب طيب اردوغان يده على حلب وربما على دمشق، وهل تقبل انقرة بأن تصبح سوريا محمية سعودية وهي التي تخطط لكي تستعيد السلطنة الى سابق عزها؟ ثمة شيء ما يحدث وراء الستار. أليس معلوما ان ستيفان دو ميستورا حط فجأة في بيروت فقط ليلتقي قيادة «حزب الله»، وقد التقى الشيخ نعيم قاسم والحاج وفيق صفا وطرح مقترحات حساسة؟ ثم هل يمكن ان يذهب المبعوث الدولي الى الضاحية دون ضؤ اخضر اميركي؟ من فضلكم حدقوا في المشهد جيدا، وتابعوا خطوات السياسي الآتي من بلاد الدولتشي فيتا الى بلاد ياجوج وماجوج!!

المصدر : الديار / نبيه البرجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة