تبدو صورة محاربة الإرهاب التي رسمتها الولايات المتحدة وعبّرت بها من خلال قرار مجلس الأمن الدولي بأنها مجرد عناوين فولكلورية حتى الآن حيث بادرت الإدارة الأميركية إلى استثمار القرار الدولي لتحقيق مصالحها واستراتيجيتها،

والتي لم تتبلور بعد نتيجة التضارب في الآراء بين الجناح السياسي في الإدارة وبين القيادة العسكرية والاستخبارية والتي هي في الأساس جوهر ما تشهده الساحتان السورية والعراقية من أعمال إرهابية على يد تنظيم «داعش» وجبهة «النصرة» هو بتوجيه وإرادة أميركية باتت واضحة للجميع، ويكفي أن نشير هنا إلى ما قاله منذ أيام «سنودين» الذي كان يعمل في الاستخبارات الأميركية ولجأ إلى روسيا، بأن تنظيم «داعش» والمجموعات الإرهابية الأخرى هي صنيعة الاستخبارات الأميركية والبريطانية و«الإسرائيلية».

وبعد مسرحية الضربات الجوية لما يسمى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب والذي تقوده الولايات المتحدة، بات المسؤولون الأميركيون من رأس الهرم إلى وزارة الخارجية إلى البنتاغون يمهدون ويعترفون بأن الضربات الجوية لتنظيم «داعش» في العراق وسورية لا يمكن أن تهزم ذلك التنظيم لأن الأمر يحتاج عملياً إلى مواجهته على الأرض، وهذا يعني أن ذلك يتطلب محاربة «داعش» ميدانياً بالإضافة وبالتلازم مع الضربات الجوية. وطالما أن الولايات المتحدة ومعها الدول المشاركة في التحالف ليست في وارد إرسال قوات برية إلى العراق وسورية، فإن هناك احتمالاً من اثنين، إما أن يستعان بقوات تركية لتنفيذ هذه المهمة وتركيا تربط تحقيق وقبول مشاركتها ميدانياً في العراق وسورية وعلى وجه الخصوص في سورية بإنشاء منطقة عازلة وحظر جوي، وإما الخيار الثاني هو التنسيق والتعاون مع الجيشين السوري والعراقي لتحقيق هذا الأمر وهو الخيار الأمثل الذي طالبت به روسيا وإيران منذ ولادة التحالف الدولي، أي أن يتم التنسيق مع سورية والعراق بهذا الشأن.

وفي هذا السياق، توقف المراقبون والمحللون السياسيون عند كلام رئيس وزراء روسيا مديفيديف عن أن الولايات المتحدة لم تعد في وارد الكلام عن رحيل الرئيس بشار الأسد، بل هي تبحث عن قنوات اتصال مع القيادة السورية، وهذا يعني أن جوهر الموقف الأميركي غير المعلن هو الاقتناع الكامل بأن الرئيس الأسد اختاره الشعب السوري رئيساً له بغالبية ساحقة ولا يستطيع أحد في العالم أن ينكر شفافية الانتخابات الرئاسية السورية في 3 حزيران الماضي، ولذلك الخيار الوحيد أمام الإدارة ألأميركية هو فتح قنوات اتصال مباشرة مع الرئيس الأسد إذا كانت فعلاً جدية في محاربة «داعش» وباقي التنظيمات الإرهابية، وهذا التوجه ترجم أيضاً في اللقاء الذي تم في مكتب الدكتور بشار الجعفري في الأمم المتحدة بحضور وفد أميركي مشترك من وزارة الخارجية والاستخبارات الأميركية عندما أبلغت القيادة السورية بالقرار الأميركي بتوجيه ضربات جوية في بعض المناطق الشرقية والشمالية من سورية كما يحصل حالياً في مدينة عين عرب بعد «غزوة داعش» لهذه المدينة بدعم تركي واضح وعلى المستويات كافة.

ويرى المراقبون أيضاً أن لقاء القيادات العسكرية لـ22 دولة مشاركة في التحالف برئاسة الرئيس أوباما كان الهدف منه سياسي بامتياز على الصعيد الداخلي الأميركي وقبيل الانتخابات النصفية للكونغرس في تشرين الثاني المقبل، وأنه حتى إجراء تلك الانتخابات ستشهد الساحتين السورية والعراقية مزيداً من التصعيد العسكري من قِبل التنظيمات الإرهابية بتوجيه أميركي. وفي ضوء نتائج تلك الانتخابات يمكن أن تصبح الاستراتيجية الأميركية في المنطقة أكثر وضوحاً، فإما أن تتفجر الأوضاع في المنطقة ككل، وإما أن تبدأ خطوات جدية وعملية من أجل التسوية الكبرى على صعيد أكثر من ملف شائك في العالم وهذه الملفات كانت محور اللقاء الذي عقده الرئيس الأميركي أوباما عبر التلفزيون مع رؤساء فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وهي تتعلق بالملف النووي السلمي الإيراني والموقف من روسيا بشأن الأزمة الأوكرانية ومرض إيبولا.

  • فريق ماسة
  • 2014-10-18
  • 11690
  • من الأرشيف

هل صحيح أنّ الاستراتيجية الأميركية لمحاربة الإرهاب لم تتبلور بعد؟

تبدو صورة محاربة الإرهاب التي رسمتها الولايات المتحدة وعبّرت بها من خلال قرار مجلس الأمن الدولي بأنها مجرد عناوين فولكلورية حتى الآن حيث بادرت الإدارة الأميركية إلى استثمار القرار الدولي لتحقيق مصالحها واستراتيجيتها، والتي لم تتبلور بعد نتيجة التضارب في الآراء بين الجناح السياسي في الإدارة وبين القيادة العسكرية والاستخبارية والتي هي في الأساس جوهر ما تشهده الساحتان السورية والعراقية من أعمال إرهابية على يد تنظيم «داعش» وجبهة «النصرة» هو بتوجيه وإرادة أميركية باتت واضحة للجميع، ويكفي أن نشير هنا إلى ما قاله منذ أيام «سنودين» الذي كان يعمل في الاستخبارات الأميركية ولجأ إلى روسيا، بأن تنظيم «داعش» والمجموعات الإرهابية الأخرى هي صنيعة الاستخبارات الأميركية والبريطانية و«الإسرائيلية». وبعد مسرحية الضربات الجوية لما يسمى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب والذي تقوده الولايات المتحدة، بات المسؤولون الأميركيون من رأس الهرم إلى وزارة الخارجية إلى البنتاغون يمهدون ويعترفون بأن الضربات الجوية لتنظيم «داعش» في العراق وسورية لا يمكن أن تهزم ذلك التنظيم لأن الأمر يحتاج عملياً إلى مواجهته على الأرض، وهذا يعني أن ذلك يتطلب محاربة «داعش» ميدانياً بالإضافة وبالتلازم مع الضربات الجوية. وطالما أن الولايات المتحدة ومعها الدول المشاركة في التحالف ليست في وارد إرسال قوات برية إلى العراق وسورية، فإن هناك احتمالاً من اثنين، إما أن يستعان بقوات تركية لتنفيذ هذه المهمة وتركيا تربط تحقيق وقبول مشاركتها ميدانياً في العراق وسورية وعلى وجه الخصوص في سورية بإنشاء منطقة عازلة وحظر جوي، وإما الخيار الثاني هو التنسيق والتعاون مع الجيشين السوري والعراقي لتحقيق هذا الأمر وهو الخيار الأمثل الذي طالبت به روسيا وإيران منذ ولادة التحالف الدولي، أي أن يتم التنسيق مع سورية والعراق بهذا الشأن. وفي هذا السياق، توقف المراقبون والمحللون السياسيون عند كلام رئيس وزراء روسيا مديفيديف عن أن الولايات المتحدة لم تعد في وارد الكلام عن رحيل الرئيس بشار الأسد، بل هي تبحث عن قنوات اتصال مع القيادة السورية، وهذا يعني أن جوهر الموقف الأميركي غير المعلن هو الاقتناع الكامل بأن الرئيس الأسد اختاره الشعب السوري رئيساً له بغالبية ساحقة ولا يستطيع أحد في العالم أن ينكر شفافية الانتخابات الرئاسية السورية في 3 حزيران الماضي، ولذلك الخيار الوحيد أمام الإدارة ألأميركية هو فتح قنوات اتصال مباشرة مع الرئيس الأسد إذا كانت فعلاً جدية في محاربة «داعش» وباقي التنظيمات الإرهابية، وهذا التوجه ترجم أيضاً في اللقاء الذي تم في مكتب الدكتور بشار الجعفري في الأمم المتحدة بحضور وفد أميركي مشترك من وزارة الخارجية والاستخبارات الأميركية عندما أبلغت القيادة السورية بالقرار الأميركي بتوجيه ضربات جوية في بعض المناطق الشرقية والشمالية من سورية كما يحصل حالياً في مدينة عين عرب بعد «غزوة داعش» لهذه المدينة بدعم تركي واضح وعلى المستويات كافة. ويرى المراقبون أيضاً أن لقاء القيادات العسكرية لـ22 دولة مشاركة في التحالف برئاسة الرئيس أوباما كان الهدف منه سياسي بامتياز على الصعيد الداخلي الأميركي وقبيل الانتخابات النصفية للكونغرس في تشرين الثاني المقبل، وأنه حتى إجراء تلك الانتخابات ستشهد الساحتين السورية والعراقية مزيداً من التصعيد العسكري من قِبل التنظيمات الإرهابية بتوجيه أميركي. وفي ضوء نتائج تلك الانتخابات يمكن أن تصبح الاستراتيجية الأميركية في المنطقة أكثر وضوحاً، فإما أن تتفجر الأوضاع في المنطقة ككل، وإما أن تبدأ خطوات جدية وعملية من أجل التسوية الكبرى على صعيد أكثر من ملف شائك في العالم وهذه الملفات كانت محور اللقاء الذي عقده الرئيس الأميركي أوباما عبر التلفزيون مع رؤساء فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وهي تتعلق بالملف النووي السلمي الإيراني والموقف من روسيا بشأن الأزمة الأوكرانية ومرض إيبولا.

المصدر : البناء / نور الدين الجمال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة