دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تمكنت قوات الجيش السوري المرابطة على الجبهة الجنوبية لوادي عين ترما (جهة الدخانية)، أول من أمس، من إنجاز تقدمٍ نوعي بعمق 500 متر طولاً، لتسيطر على جزء من بساتين الوادي القريبة من «المتحلق الجنوبي»، على محور الدخانية ــ عين ترما. وحدات من الجيش تابعت تقدمها في بلدة عين ترما، الواقعة ضمن الغوطة الشرقية، في ريف دمشق. ووصلت الاشتباكات بين الجيش ومسلحي «الجبهة الإسلامية» إلى أطراف أسواق الخير وسط البلدة.
وقتل أمس «قائد غرفة عمليات الدخانية ومحيطها» في الغوطة الشرقية، عبد المجيد السيد علي، إثر اشتباكات عين ترما. وعلي من مدينة بنّش في ريف إدلب، وهو ضابط منشق عن الجيش السوري.
يأتي ذلك بعد أيام من سيطرة الجيش على بلدة الدخانية المجاورة، ومتابعة التقدم البري ضمن منطقة وادي ترما التي تمثل بلداتها عمق الغوطة الشرقية. مصدر ميداني أكد لـ«الأخبار» أنّ «الخطوة الأولى للسيطرة على وادي عين ترما قد اكتملت، إذ ما زال التقدم مستمراً ضمن بلدة عين ترما، التي تعتبر أولى بلدات الوادي المحاط ببلدات أُخرى ما زالت خارج سيطرة الجيش السوري». ولفت المصدر إلى أنّ «التقدم الأكبر يحققه الجيش السوري في حي جوبر» شمال شرق العاصمة السورية، إذ «استطاع عناصر الجيش السيطرة على المقبرة الجديدة، التي تقدر مساحتها بما يزيد على ٧٠٠ متر»، إضافة إلى «تمشيط ما حولها من بيوت عربية وكتل بنائية»، حسب تعبير المصدر. وأضاف المصدر أنّ «قوات الجيش كشفت شبكة ضخمة من الأنفاق تحت المقبرة، تصلها بالمباني المحيطة». وبحسب المصدر، فإن «أرضية الأنفاق اسمنتية، وجدرانها مُنارة، إذ تبدو مدينة تحت مدينة». يبلغ طول النفق الأساسي، حسب المصدر، «بين ١٥٠ إلى ٢٠٠ متر، في حين تتفرع عنه أنفاق فرعية يبلغ عمقها بين ٤ إلى ٥ أمتار». وبلغت خسائر المسلحين، في جوبر، أمس، عشرات القتلى. وصباح أمس، أغار سلاح الجو السوري على عددٍ من تجمعات المعارضة المسلحة في أحياء شمال غرب جوبر ومسرابا وكفر بطنا وداريا، ما أدى إلى تدمير ثلاثة مقار تابعة لـ«النصرة» في كفر بطنا، وسقوط العشرات من المسلحين بين قتلى وجرحى، فيما أكدت مصادر محلية لـ«الأخبار» قيام عدد من مقاتلي «داعش» بالانسحاب التدريجي من بلدة الحجر الأسود باتجاه حدودها الجنوبية مع بلدة السبينة، بما يشي بأن مقاتليه بصدد فتح معركة مع الجيش السوري المرابط في البلدة، بهدف فتح طريق اتصال مباشر مع الحدود الغربية لبلدة داريا.
وفي حماه، كثّف سلاحا الجو والمدفعية ضرباتهما شرقي بلدة مورك، أقصى شمال المدينة، حيث زاد التمهيد الناري لبدء وحدات المشاة دخول البلدة. المحور الشرقي للبلدة اشتعل، فيما يوحي ببدء عملية عسكرية في الريف الشمالي تمتد حتى شرقي حماه، لضمان خطوط إمداد الجيش السوري إلى حلب، ودفع المسلحين غرباً نحو جبل الزاوية. القوات السورية تواصل عمليتها في الريف الغربي، بهدف السيطرة على بلدة اللطامنة، إذ يتقدم الجيش نحو البلدة عبر المحور الجنوبي الشرقي منها، وذلك بالتزامن مع تعرض قرية قمحانة الواقعة غربي حماه لقصف كثيف بالهاون من قرى تمركز المسلحين، ما أدى إلى سقوط ضحايا وإصابة آخرين. كذلك استهدفت المدفعية السورية تجمعات للمسلحين في كفرزيتا واللطامنة وتل الفاس وسكيك وقصر ابن وردان في ريفي حماه الشرقي والغربي، ما أدى إلى سقوط ضحايا وإصابة آخرين.
وفي حلب، سيطر الجيش السوري على الموقف في حيّ الراشدين، بعد صدّه هجمات المسلحين التي بدأت أول من أمس. أما في حمص، فقد أحبط الجيش محاولة تسلّل للمسلحين إلى قرى المسعودية وجب الجراح في ريف حمص الشرقي.
إلى ذلك، تقدم الجيش في قرية باشكوي قرب حندرات شمال حلب، خلال عمليته التي تهدف إلى إطباق الخناق على المسلحين داخل المدينة وعزلهم عن الريف الشمالي. كما تقدم الجيش في حي الراشدين على أطراف مدينة حلب، حيث سيطر على كتلتي بناء.
ومنذ اقتحام تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» ريف حلب الشمالي، وسيطرته على عدة قرى وصولاً إلى مارع، التي احتشدت فيها الفصائل المناوئة له، ظهرت انقسامات في الفصائل، وتكتلات جديدة، بدأت ملامحها بانطواء «جبهة النصرة» وتمركز مقاتليها في مدينة اعزاز الحدودية مع تركيا، في مناطق بعيدة عن التماس المباشر مع مقاتلي «داعش»، وهو الطريق ذاته الذي قررت أن تسير فيه «حركة أحرار الشام»، الغارقة في مستنقع موحل في الوقت الحالي.
الهرب من مواجهة «داعش» من جهة، ومحاولة الاستفادة من تجربة التنظيم الذي اعتمد على التمركز في منطقة انطلقت منها عملياته (الرقة ومدينة الباب بريف حلب) من جهة أخرى، أسباب اعتمدتها «جبهة النصرة» لتبرير انسحابها من جبهات القتال في ريف حلب، وفق مصدر «جهادي» على اطلاع على تحركات «النصرة».
ولعل هذه الأسباب ذاتها دفعت «أحرار الشام» إلى اتباع الخطوات ذاتها، أولا عبر الانسحاب التدريجي من خطوط التماس مع «داعش»، ومحاولة إيجاد نقاط تخضع بشكل كلي لسيطرتها بعيداً عن الفصائل الأخرى، خصوصاً بعد الانتكاسة الكبيرة التي تعرضت لها «الحركة» بعد مقتل معظم قادتها، وبينهم زعيمها حسان عبود (أبو عبد الله الحموي)، خلال اجتماع سري في ريف إدلب في ايلول الماضي، قبل أن تعيد هيكلة نفسها وتعين هاشم الشيخ أبو جابر قائداً للحركة.
وفي حين يؤكد المصدر «الجهادي» أن «أحرار الشام تسير على خطى النصرة»، يشير خلال حديثه إلى «السفير» إلى ان «أحرار الشام»، خطت خطوات متسرعة جداً، تكاد تكون «انتحارية»، بحثاً عن موطئ قدم لها، خصوصا بعد معركتها الأخيرة في محيط معامل الدفاع في منطقة السفيرة شرق حلب، والتي انتهت بفشل ذريع قد يسرع من انهيار الحركة، المنهارة أصلاً.
ويشرح المصدر أن «أحرار الشام» اختارت مدينة السفيرة شرق حلب كونها بعيدة عن جبهات القتال بالدرجة الأولى، وفي محاولة لإشغال الجيش السوري بمعارك خارج أسوار المدينة قد تؤخر من عمليات تقدمه في الريف الشمالي، ضمن عملياته الهادفة لإطباق الحصار على المسلحين الموجودين داخل حلب، حيث يشكل مقاتلو الحركة نسبة كبيرة من مقاتلي «الداخل».
وبدأت الحركة بالفعل بإخراج مقاتليها من داخل مدينة حلب ضمن عمليات انسحاب متتالية، وفق مصدر معارض، حيث أعلنت، قبل ايام، بدء معركة أطلقت عليها اسم «زئير الأحرار»، بهدف السيطرة على معامل الدفاع في السفيرة، والتي تعتبر احدى أهم نقاط تمركز الجيش السوري.
واستعملت الحركة في هجومها على معامل الدفاع الأسلحة الثقيلة، بينها صواريخ حرارية، في محاولة للتفوق الناري والمباغتة التي عولت عليها في هجومها، الذي لو كان كتب له النجاح، لكان من شأنه ان يعيد «أحرار الشام» إلى واجهة المشهد في حلب، ويجعلها تتصدر الفصائل المقاتلة، خصوصا أن السيطرة على السفيرة يمهد لقطع طريق إمداد الجيش السوري إلى مدينة حلب (طريق خناصر)، ما يعني قلب الطاولة وإطباق حصار المسلحين على المدينة بدلاً من حصار الجيش لها.
وتمكنت الحركة في الساعات الأولى من بدء الهجوم على معامل الدفاع من السيطرة على أربع قرى، خالية من السكان، وإسقاط طوافة خلال إقلاعها من داخل المعامل عن طريق صاروخ حراري، الأمر الذي بدا للوهلة الأولى انتصاراً لها، ومبشراً بمعركة سهلة، إلا ان رد الجيش السوري كان «قاسياً»، وفق مصدر عسكري، أوضح، خلال حديثه إلى «السفير»، أن معامل الدفاع بالنسبة للجيش تعتبر «خطاً أحمر» يمنع الاقتراب منه، مشيراً إلى أن «المسلحين لم يتمكنوا من الاقتراب منها خلال فترة سيطرتهم على السفيرة، فكيف لهم أن يصلوا إليها ومدينة السفيرة ومحيطها مؤمنان بشكل كامل».
ورد الجيش على عملية «أحرار الشام» بعملية عسكرية واسعة، مصحوبة بغارات جوية وعمليات تمشيط، شملت 11 قرية هي: صدعايا، تل جلاغيم، البرزانية، الزرّاعة، الحلوة، القاشوطة، باشكوي، ديمان، الحسينية، العدنانية والواوية، جنوب شرق حلب، الأمر الذي انهى وجود «الحركة»، التابعة لتنظيم «القاعدة» في المنطقة، وأنهى «زئير الأحرار» قبل أن يتردد صداه، ما يمكن اعتباره «عملية انتحارية» قضت على أحلام الحركة بمستقبل جديد لها في المنطقة، وتلميع صورتها بين الفصائل الأخرى التي تجد نفسها وحيدة في مواجهة «داعش» تؤازرها قوات كردية، أجبرها «العدو المشترك» على الخوض في تحالفات مع فصائل كانت قبل عدة أشهر تعتبر عدواً لها.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة