استعاد الجيش السوري الجناح اليميني لتلال القلمون، والظهير الجبلي للغوطة الشرقية، عبر سيطرته التامة على منطقتي عدرا البلد وعدرا العمالية، والتي حقق احتلالها منذ عام ونصف العام تقريباً صدمة بين السوريين المصطفين إلى جانب الدولة،

وذلك لحجم المعاناة الإنسانية التي تركتها من جهة، وبسبب أهميتها الاستراتيجية من جهة أخرى، رغم أنها احتلت في يوم واحد فقط.

وقبل إعلان الجيش، في بيان السيطرة على منطقة عدرا البلد، عثرت مجموعة من جنود الجيش، على جثث أربعة أفراد من عائلة واحدة كان والدهم قد قام بقتلهم وتفجير نفسه مع إعلان «جيش الإسلام» سيطرته على المدينة فجر 11 كانون الأول العام 2013، وذلك لمنع وقوعهم أسرى بأيدي المسلحين.

وتزامناً مع دفن الأسرة في مقبرة إحدى قرى ريف اللاذقية، كان أحد ضباط الجيش السوري، يتوعّد في مقابلة تلفزيونية أن «محطة الجيش التالية هي دوما»، طالباً من «أهالي المدينة الشرفاء التعاون مع الجيش».

وبعد تقدّمه الأخير يستعيد الجيش قدرته على كشف المنطقة الجغرافية المحيطة بدوما، كما قلبها السكني، ولا سيما بعد بسط نفوذه على تلة الكردي الاستراتيجية. إلا أن معركة دوما تبقى الأكثر تعقيداً، بسبب كثافة المدينة السكانية من جهة، ووجود مئات المخطوفين من مدينة عدرا كرهائن من جهة أخرى.

وفي السياق ذاته، أعلنت قيادة الجيش، أمس الأول، أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة، بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية، أحكمت بعد سلسلة عمليات مركزة ودقيقة سيطرتها الكاملة على مدينتي عدرا البلد وعدرا الجديدة في ريف دمشق، وأعادت الأمن والاستقرار إليهما بعد استعادة السيطرة على مدينة عدرا العمالية ومجموعة المعامل والمنشآت الصناعية والمزارع المحيطة».

ووفقاً للبيان، فقد دمّر الجيش «شبكة واسعة من الأنفاق، وقضى على أعداد كبيرة من الإرهابيين المرتزقة»، فيما تابعت وحدات الهندسة «تفكيك العبوات الناسفة والمفخخات والألغام».

وأوضحت قيادة الجيش في تعليقها على هذا الإنجاز أنه «يأتي في إطار العملية العسكرية الواسعة التي تنفذها قواتنا المسلحة، للقضاء على ما تبقى من بؤر إرهابية في الغوطة الشرقية بريف دمشق، ويشكل ضربة حاسمة للمشروع الإرهابي وداعميه»، معتبرة أنه «يشكل نقطة ارتكاز مهمة لمتابعة تنفيذ العمليات المخططة».

وشرح البيان الأهمية الاستراتيجية لموقع المنطقة الجغرافي «لكونها تقع في مدخل العاصمة، وتشرف على الطريق الدولي الذي يربط بين المنطقتين الوسطى والجنوبية، فضلاً عن اتخاذها ممراً رئيسياً للعصابات الإرهابية القادمة إلى الغوطة الشرقية لتنفيذ عملياتها الإجرامية».

وسبق البيان السابق بساعات إعلان الجيش إحكامه السيطرة على «مدينة عدرا البلد وعدرا الجديدة في ريف دمشق» وتأمين عمقها في المناطق المحيطة كمناطق «محيط عدرا البلد وعدرا الجديدة، ومجموعة المعامل والمنشآت شرق بناء المرسيدس وصولاً إلى طريق حمص القديم، ومركز النقل الداخلي والدفاع المحلي ومعمل الغاز، ومعهد الكهرباء ومعملي الكرتون والزيت ومجمع الصرف الصحي».

وترافق إعلان هذا التقدم مع إعلان الجانب الآخر تراجعه، إذ نشر «جيش الإسلام»، عبر شبكته الإعلامية، أنه «أمر مجاهديه الليلة الماضية (مساء الجمعة) بالانسحاب من عدرا البلد، وذلك لتعزيز جبهات لها أولوية أكثر، ولكي لا يُستنزفون في معركة تدميرية يريدها النظام بعيداً عن تخوم العاصمة دمشق».

والواقع أن ثمة دماراً كبيراً ملحوظاً في المنطقة، وهو دمار سارع وفد حكومي رفيع المستوى إلى تفقده أمس الأول، وضم الأمين القطري المساعد لـ«حزب البعث» هلال هلال ووزير الداخلية محمد الشعار ومحافظ ريف دمشق حسين مخلوف وقائد الدفاع الوطني فادي صقر، إضافة إلى مدراء الصحة والخدمات والكهرباء في ريف دمشق.

كما حقق الجيش تقدماً في محور الدخانية أيضاً. وقال مصدر عسكري إن وحدات من الجيش والقوات المسلحة سيطرت على أجزاء مهمة من الحي، بالتزامن مع تقدم في وادي عين ترما، وقطع خطوط الإمداد»، فيما ذكر «المرصد المعارض» أن «الاشتباكات لا تزال متواصلة، حيث تمكّن مقاتلو النصرة ومجموعات أخرى من السيطرة على أجزاء من الدخانية كان الجيش قد استردّها».

وقال مصدر ميداني معارض لـ«السفير» إن القوات السورية تقدّمت وسيطرت على نقاط عدة، إثر انسحابات مفاجئة للمقاتلين، وخاصة «جيش الإسلام»، ما دفع باقي المجموعات إلى الانسحاب بفعل الضغط الناري من الجيش، قبل أن تصل مجموعات من عربين ودوما بغرض المؤازرة، بينهم كتيبة «انغماسيين» من «النصرة».

وأضاف المصدر أن «حالة من الاستغراب تنتشر بين مقاتلي الغوطة الشرقية، خصوصاً أن ما حصل في الدخانية يأتي بعد يوم من سيطرة الجيش على عدرا البلد، وقبلها عدرا العمالية، حيث جاءت الانسحابات بالدرجة الأولى من القيادة الموحّدة التي يتزعمها زهران علوش، ومن دون أي تبريرات مقنعة، وخاصة أن الغالبية الساحقة من الفصائل باتت تحت راية القيادة الموحّدة، أي أنها تخضع لأوامر علوش أكثر من غيره، ما يزيد التطورات غموضاً».

  • فريق ماسة
  • 2014-09-28
  • 14112
  • من الأرشيف

الجيش يكشف دوما عسكرياً

استعاد الجيش السوري الجناح اليميني لتلال القلمون، والظهير الجبلي للغوطة الشرقية، عبر سيطرته التامة على منطقتي عدرا البلد وعدرا العمالية، والتي حقق احتلالها منذ عام ونصف العام تقريباً صدمة بين السوريين المصطفين إلى جانب الدولة، وذلك لحجم المعاناة الإنسانية التي تركتها من جهة، وبسبب أهميتها الاستراتيجية من جهة أخرى، رغم أنها احتلت في يوم واحد فقط. وقبل إعلان الجيش، في بيان السيطرة على منطقة عدرا البلد، عثرت مجموعة من جنود الجيش، على جثث أربعة أفراد من عائلة واحدة كان والدهم قد قام بقتلهم وتفجير نفسه مع إعلان «جيش الإسلام» سيطرته على المدينة فجر 11 كانون الأول العام 2013، وذلك لمنع وقوعهم أسرى بأيدي المسلحين. وتزامناً مع دفن الأسرة في مقبرة إحدى قرى ريف اللاذقية، كان أحد ضباط الجيش السوري، يتوعّد في مقابلة تلفزيونية أن «محطة الجيش التالية هي دوما»، طالباً من «أهالي المدينة الشرفاء التعاون مع الجيش». وبعد تقدّمه الأخير يستعيد الجيش قدرته على كشف المنطقة الجغرافية المحيطة بدوما، كما قلبها السكني، ولا سيما بعد بسط نفوذه على تلة الكردي الاستراتيجية. إلا أن معركة دوما تبقى الأكثر تعقيداً، بسبب كثافة المدينة السكانية من جهة، ووجود مئات المخطوفين من مدينة عدرا كرهائن من جهة أخرى. وفي السياق ذاته، أعلنت قيادة الجيش، أمس الأول، أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة، بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية، أحكمت بعد سلسلة عمليات مركزة ودقيقة سيطرتها الكاملة على مدينتي عدرا البلد وعدرا الجديدة في ريف دمشق، وأعادت الأمن والاستقرار إليهما بعد استعادة السيطرة على مدينة عدرا العمالية ومجموعة المعامل والمنشآت الصناعية والمزارع المحيطة». ووفقاً للبيان، فقد دمّر الجيش «شبكة واسعة من الأنفاق، وقضى على أعداد كبيرة من الإرهابيين المرتزقة»، فيما تابعت وحدات الهندسة «تفكيك العبوات الناسفة والمفخخات والألغام». وأوضحت قيادة الجيش في تعليقها على هذا الإنجاز أنه «يأتي في إطار العملية العسكرية الواسعة التي تنفذها قواتنا المسلحة، للقضاء على ما تبقى من بؤر إرهابية في الغوطة الشرقية بريف دمشق، ويشكل ضربة حاسمة للمشروع الإرهابي وداعميه»، معتبرة أنه «يشكل نقطة ارتكاز مهمة لمتابعة تنفيذ العمليات المخططة». وشرح البيان الأهمية الاستراتيجية لموقع المنطقة الجغرافي «لكونها تقع في مدخل العاصمة، وتشرف على الطريق الدولي الذي يربط بين المنطقتين الوسطى والجنوبية، فضلاً عن اتخاذها ممراً رئيسياً للعصابات الإرهابية القادمة إلى الغوطة الشرقية لتنفيذ عملياتها الإجرامية». وسبق البيان السابق بساعات إعلان الجيش إحكامه السيطرة على «مدينة عدرا البلد وعدرا الجديدة في ريف دمشق» وتأمين عمقها في المناطق المحيطة كمناطق «محيط عدرا البلد وعدرا الجديدة، ومجموعة المعامل والمنشآت شرق بناء المرسيدس وصولاً إلى طريق حمص القديم، ومركز النقل الداخلي والدفاع المحلي ومعمل الغاز، ومعهد الكهرباء ومعملي الكرتون والزيت ومجمع الصرف الصحي». وترافق إعلان هذا التقدم مع إعلان الجانب الآخر تراجعه، إذ نشر «جيش الإسلام»، عبر شبكته الإعلامية، أنه «أمر مجاهديه الليلة الماضية (مساء الجمعة) بالانسحاب من عدرا البلد، وذلك لتعزيز جبهات لها أولوية أكثر، ولكي لا يُستنزفون في معركة تدميرية يريدها النظام بعيداً عن تخوم العاصمة دمشق». والواقع أن ثمة دماراً كبيراً ملحوظاً في المنطقة، وهو دمار سارع وفد حكومي رفيع المستوى إلى تفقده أمس الأول، وضم الأمين القطري المساعد لـ«حزب البعث» هلال هلال ووزير الداخلية محمد الشعار ومحافظ ريف دمشق حسين مخلوف وقائد الدفاع الوطني فادي صقر، إضافة إلى مدراء الصحة والخدمات والكهرباء في ريف دمشق. كما حقق الجيش تقدماً في محور الدخانية أيضاً. وقال مصدر عسكري إن وحدات من الجيش والقوات المسلحة سيطرت على أجزاء مهمة من الحي، بالتزامن مع تقدم في وادي عين ترما، وقطع خطوط الإمداد»، فيما ذكر «المرصد المعارض» أن «الاشتباكات لا تزال متواصلة، حيث تمكّن مقاتلو النصرة ومجموعات أخرى من السيطرة على أجزاء من الدخانية كان الجيش قد استردّها». وقال مصدر ميداني معارض لـ«السفير» إن القوات السورية تقدّمت وسيطرت على نقاط عدة، إثر انسحابات مفاجئة للمقاتلين، وخاصة «جيش الإسلام»، ما دفع باقي المجموعات إلى الانسحاب بفعل الضغط الناري من الجيش، قبل أن تصل مجموعات من عربين ودوما بغرض المؤازرة، بينهم كتيبة «انغماسيين» من «النصرة». وأضاف المصدر أن «حالة من الاستغراب تنتشر بين مقاتلي الغوطة الشرقية، خصوصاً أن ما حصل في الدخانية يأتي بعد يوم من سيطرة الجيش على عدرا البلد، وقبلها عدرا العمالية، حيث جاءت الانسحابات بالدرجة الأولى من القيادة الموحّدة التي يتزعمها زهران علوش، ومن دون أي تبريرات مقنعة، وخاصة أن الغالبية الساحقة من الفصائل باتت تحت راية القيادة الموحّدة، أي أنها تخضع لأوامر علوش أكثر من غيره، ما يزيد التطورات غموضاً».

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة