دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بعد إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري وممثل الأمم المتحدة وقف نار لثلاثة أيام وافق عليه الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني
تمهيداً لمفاوضات في القاهرة بين الجانبين بدأ الوفد الإسرائيلي يعد شروطه معتقداً أن الإسرائيليين سيتنفسون الصعداء ويتمتعون بأيام ثلاثة من الطمأنينة قابلة للتمديد أكثر فأكثر لكن هذا الاتفاق لم يصمد بعد أن تبين أن رجال المقاومة تمكنوا من أسر جندي إسرائيلي قبل موعد وقف النار بساعة ونصف الساعة أو أقل بموجب التقارير المحايدة.
ومن خلال هذا المنعطف الكبير في المجابهة الدائرة بين المقاومة والشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبين إسرائيل بدا من الواضح أن الحرب الإسرائيلية على مليون وثمانمئة ألف من الفلسطينيين ستتحول إلى مجابهة طويلة وستظهر في مجرياتها وحشية إسرائيلية تفوق وحشية الأسابيع الثلاثة الماضية.
كما بدا من الواضح أن انتقال الضفة الغربية إلى حالة الانتفاضة المستمرة أصبح على جدول عمل الأسابيع المقبلة في ظل صمت مطبق من النظام الرسمي العربي الذي لا يريد تغيير جدول عمله المعد من الولايات المتحدة منذ آذار 2011 حتى الآن.
فالولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة لا يرغبون بأن تنشغل المنطقة وجمهورها بمشاهد تثبت أن العدو الوحيد والمركزي ضد هذه الأمة هو إسرائيل التي بدأ عدد من المحللين الإسرائيليين يحذرون حكوماتهم من احتمال تحولات يندفع فيها الجمهور العربي في الأردن بشكل خاص وفي الدول العربية الأخرى بشكل عام إلى تشكيل قوة ضاغطة عن طريق الاحتجاجات والاعتصامات ضد المذابح الإسرائيلية المستمرة في الأراضي المحتلة.
وهذا ما دفع عاموس يادلين رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق إلى الدعوة إلى التمسك باتفاقية وقف النار التي توصلت إليها واشنطن والأمم المتحدة والقاهرة بين الجانبين لكي لا تبقى صورة الجندي الإسرائيلي تظهر على شاشات القنوات العربية والأجنبية وهو يفتك بالفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
ويحذر «ألون لييل» مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية سابقاً من أن يتحول الهجوم البري العسكري على قطاع غزة إلى خطأ إستراتيجي وليس تكتيكياً ويغير بالتالي جدول العمل الذي ترغب به إسرائيل للمنطقة وهو استمرار الحروب الداخلية والنزاعات بين سورية والعراق من جهة وبين بقية الدول العربية الصديقة للولايات المتحدة، فالولايات المتحدة لا يهمها عدد الفلسطينيين الذين ستقتلهم إسرائيل في هذه الحرب الثالثة على قطاع غزة بقدر ما يهمها تبرير سياسة الدول العربية المتحالفة معها ضد سورية وبهدف تقسيم العراق بعد فشلها في تقسيم سورية.
والحقيقة التي ستظهر من كل ما تنفذه إسرائيل عسكرياً ضد الشعب الفلسطيني هي أن معظم الدول العربية التي ستصمت على مذابح إسرائيل والدعم الأميركي لهذه المذابح لن تنجو من غضب الشارع العربي في كل مكان وكلما طال زمن الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين تهيأت المزيد من الظروف التي تحفز الجمهور العربي على العمل على فرض إرادته وخصوصاً بعد أن تبين أن ما يسمى «الربيع العربي» لم ينتج عنه في بعض الدول العربية إلا المزيد من السيطرة الأميركية على قرار هذه الدول.
فالتصريحات الأخيرة لجون كيري ورئيسه أوباما ومطالبتهما بإعادة الضابط الإسرائيلي الأسير (فوراً) «ودون قيد أو شرط» تضع نفس الولايات المتحدة في جبهة جنود الاحتلال وعملياتهم ضد الشعب الفلسطيني بل إن وزارة الدفاع الأميركية طلبت من الجيش الإسرائيلي استخدام مخازن الأسلحة الأميركية في الأراضي المحتلة منذ عام 1948 بعد أن تناقصت ذخائر الجيش الإسرائيلي في حربه المستمرة على قطاع غزة.
فهذه الحرب وتفاعلاتها ومضاعفاتها على جدول عمل المنطقة ستبدد قيمة ومفعول تصريحات ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي الذي أعلن قبل شهرين أن «مسألة النزاع مع الفلسطينيين» لم تعد على جدول عمل الدول العربية الصديقة لإسرائيل وأن هذا يستلزم من إسرائيل البحث عن اتفاقات تطبيع مع هذه الدول لمواجهة إيران وسورية وفصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية.. فمن يجرؤ على التطبيع وعلى طي ملف فلسطين وشعبها بعد هذه الحرب الثالثة على الشعب الفلسطيني؟
المصدر :
الوطن /تحسين الحلبي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة