يحفل التاريخ العسكري الاسرائيلي بثابتة رئيسة لا تكاد تغادر حقبة من عمر هذا الكيان اللامشروع، ثابتة اعتمدت في صلب العقيدة العسكرية الاسرائيلية وتمثلت بارتكاب المجازر خارج ميدان المعركة بهدف التأثير على المقاتلين لكسر ارادة القتال لديهم وتثبيطهم وحملهم على الفرار من المواجهة،

 

ثم لترويع بيئتهم الشعبية التي ينتمون اليها لتضغط عليهم للامتناع عن القتال طلباً للسلامة، تقوم بذلك من أجل التسريع بحسم المعركة مع تحقيق الانجاز العسكري الذي يبتغيه الصهاينة من الحروب التي يدخلونها.‏

ومؤخراً طورت اسرائيل «استراتيجية المجازر « بشكل اكثر وحشية وخاصة بعد ظهور المقاومة في لبنان اثر احتلال العام 1982، تطويرا اضاف لاهدافها عناصر جديدة تتمثل بالسعي لحجب الهزيمة في الميدان والانتقام من الشعب الذي ينتمي اليه الرجال الذين يقاومونها ويمنعونها من تحقيق اهداف حربها العدوانية، وبالتالي باتت المجازر في المنطق الاسرائيلي دليلاً أو قرينة على اخفاق او خسارة او عجز عسكري قتالي، فترى ردة فعل اسرائيل خارج الميدان انتقاما من ذوي المقاتلين وشعبهم حتى تفسد عليهم فرحة انتصارهم في المواجهة الميدانية، او تجعل ثمن نصرهم باهضا بشكل يطيح ببريقه الى الحد الاقصى هذا المشهد الذي عايشناه في العام 2006 في عدوان اسرائيل على لبنان، يستعاد اليوم في غزة في العدوان الاسرائيلي عليها، وتبدو اسرائيل قد سلمت بفشلها واخفاقها في مواجهة المقاومة الفلسطينية هناك، ولم يخف مسؤولوها هذه القناعة بل يصرحون بها علانية كما جاء في الكلام الاخير للوزير الصهيوني عوزي لانداو بقوله « فشلنا في غزة والردع الاسرائيلي تضرر «.‏

هذا الاحساس بالفشل دفع اسرائيل الى اللجوء الى المجازر في نسختها الوحشية المطورة فبلغت بها حدا غير مسبوق في وحشيته وضراوته، حداً بات من السهولة بمكان وصفه بانه عمل من اعمال الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية، وانه يتعدى كل ما هو منصوص على حظره في اتفاقيات جنيف الاربع، وكل ما هو ممنوع في قواعد القانون الدولي الانساني، مجازر اجرامية تذكر بما ارتكبته اسرائيل في لبنان في قانا مرتين متكررتين، او ما ابتدعته من نظرية الارض المحروقة التي ترجمتها بـ»نظرية الضاحية»، ولكن الوحشية الصهيونية في غزة تعدت ما سبق، وخاصة انها ارتكبت في منطقة محصورة ضيقة يعيش فيها ما يلامس المليون ونصف المليون فلسطيني على ارض محاصرة معزولة عن العالم الخارجي ولا تصل مساحتها الى 400 كلم 2. مجازر وحشية اودت بسلامة 12 الف شخص فلسطيني بين شهيد او مصاب اي بمعدل 1% من مجموع السكان في غزة وهو امر نادر الحصول في تاريخ الحروب.‏

و لان المجازر باتت القرينة والدليل على الفشل والاخفاق الاسرائيلي، فاننا نبحث الآن عن مضمون هذا الاخفاق الذي انتج جنون اسرئيل ودفع جيشها الى القيام بجرائمه وانتهاك كل ما يمت الى الاخلاق والدين والحق والقانون بصلة.‏

لكن قبل ان نعود الى الميدان ونفصل حقيقة الدوافع الاسرائيلية التي قادت الى مثل هذا السلوك الاجرامي نرى ان نتوقف عند الصمت العربي الاجرامي والتفهم الغربي اللاخلاقي، صمت وتفهم اعتمدتهما اسرائيل كموافقة على جرائمها لا بل طورت تفسيرهما الى حد القول بان لديها تفويضاً عربياً ودولياً للقضاء على المقاومة وحاضنة المقاومة في غزة، وجعل نتنياهو يفاخر بأن اهم منجزات عدوانه هو تبلور حلف اسرائيلي اقليمي استراتيجي مع دول عربية واسلامية ويقصد السعودية ودول الخليج وتركيا في مواجهة المقاومة ومحورها.‏

وعليه نقول ان اسرائيل تستفيد من هذا «التفويض الضمني» الاجرامي لارتكاب مجازر تطمئن الى انها لن تحاسب عليها، فتتخذها اداة ترهيب وفقا لعقيدتها وطريق انتقام وعقاب، وما يهمنا الآن هو البحث عن سبب قيام اسرائيل بالانتقام بهذه الوحشية، او لنقل لماذا تريد اسرائيل ان تعاقب الشعب الفلسطيني في غزة؟.‏

لا يقرأ الجواب على هذا السؤال الا من الميدان اولاً، حيث شنت اسرائيل هجومها العدواني على غزة مؤملة تحقيق حزمة من الاهداف الاستراتيجية الكبرى التي في طليعتها الاجهاز على المقاومة الفلسطينية وشطبها من محور المقاومة ومن معادلة الصراع كلها، يضاف الى ذلك ما يتعلق بالجيش الاسرائيلي ذاته خاصة لجهة هيبته وقوته الردعية وما يتصل بمناعة الجبهة الداخلية الاسرائيلية وقدرتها على العمل في ظل حرب تدور على الحدود وتبقى نارها بعيدة عن داخل اسرائيل ومدنها ومستعمراتها، لكن اسرائيل فشلت في تحقيق اي من هذه الاهداف ما ادى الى افتضاح امرها عسكريا واستراتيجيا واكد اخفاقها في حرب انقلبت نتائجها عليها وجاءت بعكس ما توخته منها.‏

 

وقبل ان نفصل اكثر الاخفاقات الاسرائيلية في الحرب على غزة نذكر بأن اسرائيل تجري تقييما لنتائج اي حرب تخوضها من خلال انعكاسها على شؤون خمسة هي:السياسة، الاقتصاد، السمعة، الامن، والشأن العسكري، وهي لا تعير اهمية كبيرة لكل من الشأن السياسي والاقتصادي والسمعة لانها وفي ظل الرعاية الاميركية والاحلاف الاسترايجية التي ترتبط بها والتي فاخرت ببعضها مؤخرا كما ذكرنا خاصة مع دول النفط العربية وفي مقدمتها السعودية، فهي لا تعبأ بهذه الامور لانها مطمئنة الى ترميمها ان تضررت والى اصلاح كل ما افسدته حربها، لكن خسائرها في المجالين الامني والعسكري هي التي تؤلمها و تثير الجدل في داخلها وتطيح برؤوس المسؤولين في المستويين السياسي والعسكري على حد سواء، وهنا نسجل في هذا الاطار اهم فشلين اسرائيليين في غزة:‏

 

1) الاول :فشل اسرائيلي في المجال العسكري واكثر دقة على صعيد العقيدة العسكرية المرممة، والاداء في الميدان وسلامة الجنود . ونذكر بان اسرائيل رممت عقيدتها العسكرية ووسائل تطبيقها بعد حرب الـ2006، خاصة في مبادئ « الحرب على ارض الخصم والنار في داره «، و»امتلاك اسرائيل قرار الحرب بدءاً وانتهاءاً»، و»قدرة اسرائيل على الحسم وتحقيق النتائج المتوخاة من الحرب «، واخيرا» امتلاك القدرات والطاقات لخوض حرب طويلة تصل الى 10 اسابيع على الاقل . لكن اسرائيل فشلت في تحقيق اي من العناصر المرممة تلك، فشلا شكل لها صدمة كبرى ستضطرها للعمل سنوات طوال من اجل معالجة الاخفاق ،كما ان المسؤولين فيها سيدفعون من مستقبلهم الثمن المناسب.‏

2) الثاني: فشل اسرائيلي في المجال الامني كليا وعلى الاتجاهين:المدني والعسكري، وسقطت مقولة المجتمع الاسرائيلي الآمن والمنيع، كما سقطت مقولة « الجندي الاسرائيلي الآمن في الميدان الذي يقتل ولا يُقتل « واكدت مواجهات غزة ان نصف الصهاينة باتوا في دائرة خطر نار المقاومة وان الجندي الاسرائيلي واهن ضعيف يقتل ولا يقاتل، يخاف ولا يخيف . نتائج ثبتت اسرائيل في دائرة « عجز القوة « التي ادخلتها فيها المقاومة في لبنان منذ العام 2000 .‏

هذه الخسائر تعتبرها اسرائيل كارثة فضائحية لها، لتأثيرها على مستقبلها ومسار الصراع بكليته خاصة في مواجهة مكونات محور المقاومة الاخرى (سورية وايران وحزب الله) .خسائر انقلبت لدى اسرائيل الى رعب اخرجها من جلدها وافقدها وعيها ودفعها الى التصرف الهستيري الوحشي، فارتكبت المجازر الفظيعة لتنتقم لخسائرها التي تعدت كما قدمنا افتضاح وهن القبة الفولاذية وسفهت احزمتها الامنية بعد ان تعدت خسائرها البشرية العسكرية الـ350 اصابة بين قتيل ومصاب، ولامست الـ400 جندي مستنكف او رافض الذهاب الى الحرب في غزة، فضلا عن الذين اصابهم الانهيار العصبي وباتوا نزلاء المصحات العقلية، دون ان ننسى عسكرييها الذين اسرتهما المقاومة بشكل اذل الجيش الاسرائيلي .. فهل ستعوض اسرائيل بجرائمها ما خسرته ؟ او تحجب اخفاقها ؟‏

 

رغم التواطؤ الاقليمي والدولي مع اسرائيل، نرى ان المقاومة والشعب الفلسطيني الصامد في غزة ومحور المقاومة الذي يراقب ما يجري ويحتضن المقاومة الفلسطينية سيفوت على اسرائيل تحقيق اهداف مجازرها كما فوت عليها اهداف حربها، وان المقاومة التي فضحت اسرائيل في كل ما كانت تدعيه ستتابع قتالها وسعيها حتى تنتقم للدماء وتستعيد الحقوق المغتصبة، وعلى اسرائيل ان لا تنسى بان جرائمها هي من طبيعة الجرائم التي لا يسري عليها التقادم او مرور الزمن واذا كانت اميركا وبعض العرب والغرب يحولون دون ملاحقتها اليوم بهذه الجرائم ويتعامون عن «الهولوكوست» الحقيقي الذي صنعته في غزة فان هذا الحال من المحال ان يستمر طالما ان هناك محوراً للمقاومة ثابتاً قادراً على المتابعة والملاحقة .‏

 

  • فريق ماسة
  • 2014-08-03
  • 10026
  • من الأرشيف

اسرائيل في غزة.. إخفاق فضائحي وجرائم وحشية

يحفل التاريخ العسكري الاسرائيلي بثابتة رئيسة لا تكاد تغادر حقبة من عمر هذا الكيان اللامشروع، ثابتة اعتمدت في صلب العقيدة العسكرية الاسرائيلية وتمثلت بارتكاب المجازر خارج ميدان المعركة بهدف التأثير على المقاتلين لكسر ارادة القتال لديهم وتثبيطهم وحملهم على الفرار من المواجهة،   ثم لترويع بيئتهم الشعبية التي ينتمون اليها لتضغط عليهم للامتناع عن القتال طلباً للسلامة، تقوم بذلك من أجل التسريع بحسم المعركة مع تحقيق الانجاز العسكري الذي يبتغيه الصهاينة من الحروب التي يدخلونها.‏ ومؤخراً طورت اسرائيل «استراتيجية المجازر « بشكل اكثر وحشية وخاصة بعد ظهور المقاومة في لبنان اثر احتلال العام 1982، تطويرا اضاف لاهدافها عناصر جديدة تتمثل بالسعي لحجب الهزيمة في الميدان والانتقام من الشعب الذي ينتمي اليه الرجال الذين يقاومونها ويمنعونها من تحقيق اهداف حربها العدوانية، وبالتالي باتت المجازر في المنطق الاسرائيلي دليلاً أو قرينة على اخفاق او خسارة او عجز عسكري قتالي، فترى ردة فعل اسرائيل خارج الميدان انتقاما من ذوي المقاتلين وشعبهم حتى تفسد عليهم فرحة انتصارهم في المواجهة الميدانية، او تجعل ثمن نصرهم باهضا بشكل يطيح ببريقه الى الحد الاقصى هذا المشهد الذي عايشناه في العام 2006 في عدوان اسرائيل على لبنان، يستعاد اليوم في غزة في العدوان الاسرائيلي عليها، وتبدو اسرائيل قد سلمت بفشلها واخفاقها في مواجهة المقاومة الفلسطينية هناك، ولم يخف مسؤولوها هذه القناعة بل يصرحون بها علانية كما جاء في الكلام الاخير للوزير الصهيوني عوزي لانداو بقوله « فشلنا في غزة والردع الاسرائيلي تضرر «.‏ هذا الاحساس بالفشل دفع اسرائيل الى اللجوء الى المجازر في نسختها الوحشية المطورة فبلغت بها حدا غير مسبوق في وحشيته وضراوته، حداً بات من السهولة بمكان وصفه بانه عمل من اعمال الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية، وانه يتعدى كل ما هو منصوص على حظره في اتفاقيات جنيف الاربع، وكل ما هو ممنوع في قواعد القانون الدولي الانساني، مجازر اجرامية تذكر بما ارتكبته اسرائيل في لبنان في قانا مرتين متكررتين، او ما ابتدعته من نظرية الارض المحروقة التي ترجمتها بـ»نظرية الضاحية»، ولكن الوحشية الصهيونية في غزة تعدت ما سبق، وخاصة انها ارتكبت في منطقة محصورة ضيقة يعيش فيها ما يلامس المليون ونصف المليون فلسطيني على ارض محاصرة معزولة عن العالم الخارجي ولا تصل مساحتها الى 400 كلم 2. مجازر وحشية اودت بسلامة 12 الف شخص فلسطيني بين شهيد او مصاب اي بمعدل 1% من مجموع السكان في غزة وهو امر نادر الحصول في تاريخ الحروب.‏ و لان المجازر باتت القرينة والدليل على الفشل والاخفاق الاسرائيلي، فاننا نبحث الآن عن مضمون هذا الاخفاق الذي انتج جنون اسرئيل ودفع جيشها الى القيام بجرائمه وانتهاك كل ما يمت الى الاخلاق والدين والحق والقانون بصلة.‏ لكن قبل ان نعود الى الميدان ونفصل حقيقة الدوافع الاسرائيلية التي قادت الى مثل هذا السلوك الاجرامي نرى ان نتوقف عند الصمت العربي الاجرامي والتفهم الغربي اللاخلاقي، صمت وتفهم اعتمدتهما اسرائيل كموافقة على جرائمها لا بل طورت تفسيرهما الى حد القول بان لديها تفويضاً عربياً ودولياً للقضاء على المقاومة وحاضنة المقاومة في غزة، وجعل نتنياهو يفاخر بأن اهم منجزات عدوانه هو تبلور حلف اسرائيلي اقليمي استراتيجي مع دول عربية واسلامية ويقصد السعودية ودول الخليج وتركيا في مواجهة المقاومة ومحورها.‏ وعليه نقول ان اسرائيل تستفيد من هذا «التفويض الضمني» الاجرامي لارتكاب مجازر تطمئن الى انها لن تحاسب عليها، فتتخذها اداة ترهيب وفقا لعقيدتها وطريق انتقام وعقاب، وما يهمنا الآن هو البحث عن سبب قيام اسرائيل بالانتقام بهذه الوحشية، او لنقل لماذا تريد اسرائيل ان تعاقب الشعب الفلسطيني في غزة؟.‏ لا يقرأ الجواب على هذا السؤال الا من الميدان اولاً، حيث شنت اسرائيل هجومها العدواني على غزة مؤملة تحقيق حزمة من الاهداف الاستراتيجية الكبرى التي في طليعتها الاجهاز على المقاومة الفلسطينية وشطبها من محور المقاومة ومن معادلة الصراع كلها، يضاف الى ذلك ما يتعلق بالجيش الاسرائيلي ذاته خاصة لجهة هيبته وقوته الردعية وما يتصل بمناعة الجبهة الداخلية الاسرائيلية وقدرتها على العمل في ظل حرب تدور على الحدود وتبقى نارها بعيدة عن داخل اسرائيل ومدنها ومستعمراتها، لكن اسرائيل فشلت في تحقيق اي من هذه الاهداف ما ادى الى افتضاح امرها عسكريا واستراتيجيا واكد اخفاقها في حرب انقلبت نتائجها عليها وجاءت بعكس ما توخته منها.‏   وقبل ان نفصل اكثر الاخفاقات الاسرائيلية في الحرب على غزة نذكر بأن اسرائيل تجري تقييما لنتائج اي حرب تخوضها من خلال انعكاسها على شؤون خمسة هي:السياسة، الاقتصاد، السمعة، الامن، والشأن العسكري، وهي لا تعير اهمية كبيرة لكل من الشأن السياسي والاقتصادي والسمعة لانها وفي ظل الرعاية الاميركية والاحلاف الاسترايجية التي ترتبط بها والتي فاخرت ببعضها مؤخرا كما ذكرنا خاصة مع دول النفط العربية وفي مقدمتها السعودية، فهي لا تعبأ بهذه الامور لانها مطمئنة الى ترميمها ان تضررت والى اصلاح كل ما افسدته حربها، لكن خسائرها في المجالين الامني والعسكري هي التي تؤلمها و تثير الجدل في داخلها وتطيح برؤوس المسؤولين في المستويين السياسي والعسكري على حد سواء، وهنا نسجل في هذا الاطار اهم فشلين اسرائيليين في غزة:‏   1) الاول :فشل اسرائيلي في المجال العسكري واكثر دقة على صعيد العقيدة العسكرية المرممة، والاداء في الميدان وسلامة الجنود . ونذكر بان اسرائيل رممت عقيدتها العسكرية ووسائل تطبيقها بعد حرب الـ2006، خاصة في مبادئ « الحرب على ارض الخصم والنار في داره «، و»امتلاك اسرائيل قرار الحرب بدءاً وانتهاءاً»، و»قدرة اسرائيل على الحسم وتحقيق النتائج المتوخاة من الحرب «، واخيرا» امتلاك القدرات والطاقات لخوض حرب طويلة تصل الى 10 اسابيع على الاقل . لكن اسرائيل فشلت في تحقيق اي من العناصر المرممة تلك، فشلا شكل لها صدمة كبرى ستضطرها للعمل سنوات طوال من اجل معالجة الاخفاق ،كما ان المسؤولين فيها سيدفعون من مستقبلهم الثمن المناسب.‏ 2) الثاني: فشل اسرائيلي في المجال الامني كليا وعلى الاتجاهين:المدني والعسكري، وسقطت مقولة المجتمع الاسرائيلي الآمن والمنيع، كما سقطت مقولة « الجندي الاسرائيلي الآمن في الميدان الذي يقتل ولا يُقتل « واكدت مواجهات غزة ان نصف الصهاينة باتوا في دائرة خطر نار المقاومة وان الجندي الاسرائيلي واهن ضعيف يقتل ولا يقاتل، يخاف ولا يخيف . نتائج ثبتت اسرائيل في دائرة « عجز القوة « التي ادخلتها فيها المقاومة في لبنان منذ العام 2000 .‏ هذه الخسائر تعتبرها اسرائيل كارثة فضائحية لها، لتأثيرها على مستقبلها ومسار الصراع بكليته خاصة في مواجهة مكونات محور المقاومة الاخرى (سورية وايران وحزب الله) .خسائر انقلبت لدى اسرائيل الى رعب اخرجها من جلدها وافقدها وعيها ودفعها الى التصرف الهستيري الوحشي، فارتكبت المجازر الفظيعة لتنتقم لخسائرها التي تعدت كما قدمنا افتضاح وهن القبة الفولاذية وسفهت احزمتها الامنية بعد ان تعدت خسائرها البشرية العسكرية الـ350 اصابة بين قتيل ومصاب، ولامست الـ400 جندي مستنكف او رافض الذهاب الى الحرب في غزة، فضلا عن الذين اصابهم الانهيار العصبي وباتوا نزلاء المصحات العقلية، دون ان ننسى عسكرييها الذين اسرتهما المقاومة بشكل اذل الجيش الاسرائيلي .. فهل ستعوض اسرائيل بجرائمها ما خسرته ؟ او تحجب اخفاقها ؟‏   رغم التواطؤ الاقليمي والدولي مع اسرائيل، نرى ان المقاومة والشعب الفلسطيني الصامد في غزة ومحور المقاومة الذي يراقب ما يجري ويحتضن المقاومة الفلسطينية سيفوت على اسرائيل تحقيق اهداف مجازرها كما فوت عليها اهداف حربها، وان المقاومة التي فضحت اسرائيل في كل ما كانت تدعيه ستتابع قتالها وسعيها حتى تنتقم للدماء وتستعيد الحقوق المغتصبة، وعلى اسرائيل ان لا تنسى بان جرائمها هي من طبيعة الجرائم التي لا يسري عليها التقادم او مرور الزمن واذا كانت اميركا وبعض العرب والغرب يحولون دون ملاحقتها اليوم بهذه الجرائم ويتعامون عن «الهولوكوست» الحقيقي الذي صنعته في غزة فان هذا الحال من المحال ان يستمر طالما ان هناك محوراً للمقاومة ثابتاً قادراً على المتابعة والملاحقة .‏  

المصدر : د. أمين محمد حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة