دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
روايات كثيرة نُسجت بشأن كواليس لقاءات وفد الإئتلاف السوري برئاسة الشيخ أحمد الجربا بالرئيس الأميركي باراك أوباما في 13 الجاري في البيت الأبيض، وأعضاء في الكونغرس على مدار أسبوع. لقاءات وضعت ريم العلاف، المستشارة الإعلامية للجربا، وأحد أعضاء الوفد «الجمهورية» في تفاصيلها والرسائل التي حملتها.
تبدو العلاف متفائلة من اللقاءات التي جمعت وفد الائتلاف بأرفع المسؤولين ومراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الأميركية، وترى فيها «إنجازاً سياسياً للمعارضة التي نجحت في إسماع صوتها بشكل منطقي في واشنطن». لقاءات لم تغفل فيها الإدارة الأميركية وأعضاء مجلس الشيوخ والممثلين في الكونغرس، أي سؤال أو هاجس لتكوين صورة وافية عن حقيقة الحرب الدائرة في سورية.
أسئلة كانت محددة ومباشرة وتركّزت على التالي: «أنتم كإئتلاف من تمثّلون؟ ما هو عدد عناصر الجيش الحرّ والمتطرفين، وماذا تفعلون لمواجهة «داعش» وكيف تحمون الأقليات؟ ماذا تفعل الحكومة المؤقتة والمجالس المحلية؟
في الكونغرس كانت هناك شخصيات غير مقتنعة بوجوب التدخل في سورية، بعد اللقاء «إقتنعوا أكثر بأنّ الائتلاف لديه وجود على الأرض أكثر مما كانوا يظنون، وأصغوا لكل ما قاله الوفد، وبالتالي من الخطأ القول إنّهم غير مهتمين»على حد تعبير العلاف التي تقول: «›طريقة عمل النظام الأميركي ليست سهلة، هناك نظام دستوري علينا أن نسير فيه، ومن يعارضون بشدة التدخل الأميركي في سورية وعدم تسليح المعارضة لم يدافعوا عن بشار الأسد، لكنّهم أبدوا خشيتهم من البديل الأفظع».
وفد الائتلاف تحيّن الفرصة «لتقديم تفسير منطقي لما يجري وللدفاع عن نفسه»، وإظهار أنهّ طرف «كفيّ»، مذكّراً بأنه فتح «جبهة مواجهة مع الأسد وإيران و»حزب الله»، وجبهة أخرى موازية مع «القاعدة» وداعش»، وبأنّه ليس لديه سلاح «فعندما نحرر منطقة يعود النظام ليقصفنا من الجو».
جواب الأميركيين، إذا أعطيناكم أسلحة، كيف نضمن عدم تكرار ما جرى في العراق وأفغانستان؟ قال لهم الجربا: «أنتم لا تريدون تزويدنا بالسلاح، إتركوا حلفاءكم في المنطقة يقومون بذلك».
سأل الأميركيون الجربا: «لنفترض أننا زودناكم بمضاد للطيران، كيف سيتصرف الأسد، وأي جبهة سيفتح؟ « جاء رد رئيس الإئتلاف: «إذا استطعنا في يوم أو يومين إسقاط 10 طائرات، سيفهم الأسد أنّ شيئاً ما تغيّر، والروس بدورهم سيدركون ذلك».
وتوضح العلاف «نحن ندرك أنّ المعركة لن نكسبها بالسلاح، لأنّ هدفنا حل سياسي، لكن إذا استطعنا تحييد سلاح الجو، سيفكر حلفاء الأسد بطريقة جديدة، إذا وصلنا إلى هذه المرحلة، الناس التي لم تنشق وغير راضية عن كل ما فعله الأسد، ولا تريد أن يفرط البلد، ستتعاون معنا، والإئتلاف يهمه الحفاظ على مؤسسات الدولة، عندها قد نقنع حلفاء الأسد بأنّه لو ذهب، ستبقى الدولة لمصلحتهم ونمضي في الهيئة الإنتقالية».
وتذكّر العلاف بأنّ ما «بين 15 إلى 20 مضاد للدورع أُعطيت إلى المعارضة ويعرفون على وجه التحديد الكتيبة التي حصلت عليها، لقد كانت التجربة محدودة ولكنّها ناجحة، حيث استطاع مقاتلون محترفون من الجيش الحرّ استخدامها ضد دبابات الأسد». وتقول: «نحن نستطيع أن نعطي ضمانات إذا زوّدنا بمضاد للطيران، وان تكون تحت إشراف المجتمع الدولي كي لا تقع في الأيدي الخطأ».
عاد الجانب الأميركي ليطرح ملف الأقليات، فكان رد الإئتلاف، «الأسد اكثر طرف يضرّ بالأقليات»، وركّز في رسالته على «أنّ الشعب موّحد ضد نظام مجرم، ومثلما يحظى الأسد بدعم من كل الطوائف، فجمهور المعارضة متنوّع بدوره»، متهماً النظام بالقيام «ببروباغندا في منطقة كسب على سبيل المثال، بأنّ الإسلاميين سيسيطرون عليها، وهو ما نفاه رئيس بلديتها وكل ما أشيع عن مقتل مسيحيين أو تهجيرهم من هذه المنطقة».
الرئيس الأميركي الذي كان معروف سلفاً أنّه سينضمّ إلى الإجتماع مع مستشارة الأمن القومي سوزان رايس لكن ليس لأكثر من 10 دقائق، جلس قرابة نصف ساعة في اللقاء الذي دام لأكثر من ساعة، وطرح بدوره أسئلة مركزة ومباشرة وصريحة.
وتقول العلاف: «لمسنا إهتماماً أميركياً على المستوى الإنساني، وأبلغنا أوباما أنه يقدّر وضعنا وأن مسؤوليته كرئيس حامٍ للشعب الأميركي، فهو لا يريد بعد أفغانستان والعراق الدخول في حرب جديدة».
أوباما لم «يعط وعوداً محددة، لكنّه ركّز على موضوع الإغاثة وضرورة رحيل الأسد شرط أن تبقى سورية متماسكة»، أمّا رسالته كما تنقلها العلاف «طالما أنتم موحدّون، واستطعتم إبعاد المتطرفين ومكافحتهم، توقعوا دعم أميركا لكم». وتنفي العلاف بأنّ أوباما أبلغ الجربا أنّ سبب صمود الأسد هو دعم غالبية السنّة له وليس الدعم الروسي والإيراني.
وتقول العلاف التي كانت جالسة إلى يسار الجربا في اللقاء: «هذا الكلام كذب ولم يحدث، لم يتم ذكر أي طائفة،ومن يسوّقه ليست لديه نية بريئة». وترى العلاف أنّ «زيارة واشنطن كانت إيجابية جداً»، وتستخف بمن قلّل من أهميتها وبفشل المعارضة في الرجوع محمّلة بأسلحة نوعية. وتتساءل: «هل كانوا يتوقعون أن نعود والأسلحة في حقائبنا؟
«أصدقاء الشعب السوري»
توازياً، لا تقلّل العلاف من إجتماع مجموعة «أصدقاء الشعب السوري» الأخير في لندن، وتستبعد أن يتمّ تزويد المعارضة السورية بالسلاح النوعي بشكل علني. وتقول: «لا تتوقعوا أن تخرج مجموعة اصدقاء الشعب السوري لتعلن فجأة قرار التسليح، كل بلد منفرداً سيقرر ذلك وليس بشكل معلن، وبالتالي أتوقع أن يتمّ ذلك على الأرض قريباً، على غرار صواريخ تاو المضادة للدبابات، والتي رأيناها في أرض المعركة من دون إعلان سابق».
وتلفت إلى أنّ سلسلة الزيارات الأخيرة التي قام بها الائتلاف هي بدافع تذكير المجتمع الدولي بـ»مسؤوليته الإنسانية لحماية المدنيين وإغاثتهم، وهم يتحمّلون بشكل مباشر مسؤولية إعطاء فرصة للنظام ليكمل قتله للشعب السوري ولكن شرط أن لا يستخدم السلاح الكيماوي، الذي عدّوه خطاً احمر، وتجاوزه الأسد ولم يفعلوا شيئاً».
وتذكّر أنّه قبل جنيف 2، «وعد المجتمع الدولي بمساعدتنا إذا دخلنا في مفاوضات مع النظام، وتبيّن أنّ نظام الأسد يعرقل الحل السياسي، ذهبنا إلى جنيف 2، والكلّ أقرّ بأنّ النظام غير مستعد لوقف لغة العنف، لم نطلب منهم أن يخوضوا حربنا، ولكن أعطونا الوسائل لندافع عن شعبنا، لنحيّد هذا السلاح الجوي حتى لا يعود ويقصفنا طيران الاسد».
وتعتبر أنّ «المنظمات الدولية التي تعنى بالإغاثة، مضطرة للتفاهم مع النظام الذي يقرر من يملك حق أن يموت أو يعيش سواء في مخيم اليرموك أو الغوطة»، وتتساءل: «بأي حق لم تتدخلوا ولماذا المبادئ التي تطبق في بلادكم لا تسير علينا؟ وهل يعقل ونحن في القرن الـ21 أن نشهد مجاعة لأنّ النظام السوري قرر ترك الناس يموتون؟»
وتطالب العلاف بقرارات في مجلس الأمن تحت البند السابع، وتقرّ بأن السوريين «دفعوا ثمن الأوضاع في اوكرانيا والقرم». وتقول: «لم ننجح بفتح طريق الحل السياسي، المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي استقال، وبالتالي نافذة الخطة « ب» فتحت، وعلينا التحرك ولو بخطى صغيرة».
ولا تنكر أنّ من «يموت جوعاً لا يعود يفكّر بمبادئ الثورة وبالانتفاضة ضد النظام. الجميع يعلم ما عاناه الشعب السوري خلال حكم الأب والإبن، الإنفتاح الذي حاول التسويق له بشار كان شكلياً».
وتقول العلاف التي دخلت على خط المعارضة منذ ربيع دمشق، وأدركت بعد سجن الأسد لعارف دليلة ورياض سيف انّه لن يكون هناك إصلاح في سورية: «لا شك هناك صراع بين بعض السوريين الذي يرفضوا أن نركع، وقسم يقول نريد الخلاص. لكن لا نستطيع أن نستسلم اليوم، بعد كل الإجرام والدمار والتشريد».
وتختم العلاف التي آثرت من قبل عدم الإنضمام إلى المجلس الوطني السوري في آب 2011، لتعود وتلبي دعوة الجربا للانخراط في المعارضة بتوجيه رسالة إلى السوريين ليصطفوا إلى جانب الإئتلاف ورئيسه، الذي «ساهم بتسليح ودعم الجيش الحرّ، ومأسسة الائتلاف ومدّ يده إلى شخصيات معارضة خارج الائتلاف، وللذين يقولون لنا لم تفلحوا سياسياً، لذا ليس أمامنا غير الإستسلام، ذلك خطر على مستقبل سورية وفي غير أوانه».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة