في اكثر من موقف صدر بوضوح مباشرة او بايحاء  غير مباشر  ، نرى ان الولايات المتحدة الاميركية باتت على قناعة بحقيقة ما آل اليه الوضع في  سورية و حقيقة اتجاه مسار الامور فيها ، و هي   ترى ان العمل العسكري الذي اعتمدته طريقا لتنفيذ مخططها العدواني في الداخل السوري  و عبره الى المنطقة  ، بات ميؤوس منه لاكثر من اعتبار ، كما تبين لها ان العمل السياسي الذي ارادته  حبل  انقاذ لها من الاخفاق ذاك ، لم يعد  مضمون النتائج في ظل حالة من الوعي العميق و الثقة السورية بالنفس و بالقدرات الذاتية و صدق الحلفاء  و استعدادهم لمتابعة العمل الجماعي المشترك للدفاع عن المصالح الاستراتيجية المشتركة انطلاقا من الميدان السوري الذي اضحى بالنسبة لكل من مكونات محور المقاومة ، و للجبهة الدولية الحليفة و في طليعتها روسيا ، اضحى بمثابة خط الدفاع الرئيسي عن تلك المصالح الاستراتيجية و لا يمكن التهاون مطلقا به ، اذ لم يعد فقط من اجل الدفاع  عن  الفضاء الاستراتيجي الحيوي لها فحسب ، بل اضحى دفاعا  عن  الكيان السياسي الاساسي الذي يقيمه كل من تلك المكونات كدولة ذات سيادة و قرار مستقل مطمئن الى امنه القومي .

في ظل هذا الواقع و رغم بعض  المواقف الاميركية العلنية المتضمنة دعوة الى الحل السلمي و اظهار بالتمسك به ، فان المواقف الاميركية الاخرى تقود الى القول بان اميركا لا زالت متمسكة بالعمل العسكري و تريد توفير مستلزماته ما استطاعت الى ذلك سبيلا ، في ظل هذا التناقض قد يبدو مبررا السؤال عن حقيقة الموقف الاميركي من الازمة السورية ، و بالمقابل الاستراتيجية الدفاعية المعتمدة في سورية  في مواجهة هذا الموقف العدواني الاميركي في صيغته الاخيرة .

ارادت اميركا في العام الماضي التهويل بالحرب للابتزاز الميداني و السياسي ، و لكنها فشلت في تحقيق اغراضها الاساسية من الادعاء الملفق  الذي ساقته ضد سورية  لجهة استعمال السلاح الكيماوي ، ثم تحولت اميركا الى التهويل بفتح جبهة الجنوب بالارتكاز على العامل الاسرائيلي بشكل رئيسي ، و بدا لها ان هذه الجبهة لا تتمتع بالمواصفات و الطاقات التي تجعلها جسرا لتغيير مسار الحرب ثم انها في عمقها تبدو ممرا محفوف  بالمخاطر و الالغام السياسية و العسكرية و الاستراتيجية ايضا ، و تحولت بعد ذلك الى جبهة الشمال الغربي بالارتكاز على دولة من الناتو – تركيا – و تصورت ان بامكانها على هذه الجبهة ان تحدث خرقا استراتيجيا سريع التأثير تهول به على قيادة العمليات الدفاعية في سورية و تجعلها تتراجع بعض الشيء او تتنازل عن بعض ما تتمسك به من حقوق اذا دعيت الى التفاوض مجددا .

لكن الوقائع الميدانية و ردة الفعل السياسية و العسكرية التي صدرت عن سورية و المكونات الاخرى من محور المقاومة جعلت الظن الاميركي في غير محله ، و انتهى الامر الى قناعة اميركية بان الحرب لن تحقق اهدافها و ان المناورات السياسية لن توصل الدمى الاميركية الى قصر الشعب او قصر المهاجرين في دمشق ، و بالتالي فان ما تبقى باليد الاميركية اليوم هو الورقة الاخيرة التي يمكنها الانتقام عبرها من سورية ، و هي ورقة الاستنزاف الى الحد الاقصى الممكن لجعل النصر السوري و انتصار "جبهة المقاومة و الدفاع"  نصرا عالي الثمن و باهظ الكلفة ، فاميركا و بنفس استعماري اجرامي تعمل بذهنية " لنا او للنار" فان لم تستطع السيطرة و امتلاك القرار في بلد ما فانها لا تتركه لاهله سليما  معافى  بل انها تقتل و تدمر كل ما تصل يدها اليه و تستطيع  اهلاكه .

اذن هي حرب استنزاف تريدها اميركا بالحجم و المدى الاقصى الذي تستطيع الوصول اليه ، و هي ترى في هذا الاستنزاف مصلحة لاسرائيل اولا التي  هي في طليعة المستفيدين من العدوان على سورية ، لا بل يمكننا القول  بان هذا العدوان لم يكن الا من  اجل اسرائيل  خدمة للمشروع الصهيو اميركي في المنطقة . ثم و انها بهذا الاستنزاف تعتقد بانها  ستحقق اغراضا اخرى في اطار تأمين مصالح ادواتها في الخليج الذين تسميهم حلفاء او شركاء ، لانها تتصور  ان شرارة النار و اللهب ستنتقل الى كيانات النفط و المصالح الغربية بمجرد اخماد النار في سورية خاصة و ان الوضع الداخلي ل " مجلس التعاون الخليجي " مهترئ قابل للاشتعال عند اول فرصة و ظرف مناسبين لاضرام النار . و لا ننسى ايضا ان اميركا ترى بانها  بحاجة للنار في سورية لحجب انسحابها من افغانستان خلال هذا العام و هو انسحاب لا يمكن وصفه مطلقا بانه خروج المنتصر ، كما انها تستفيد من دخان تلك النار و حرارة لهيبها من اجل انجاز الملف النووي الايراني بما يوفر لها القدر الاعلى مما تريده من الاهداف حسب تصورها . و اخيرا ترى اميركا ان لحرب الاستنزاف المستجدة هدف سياسي مركزي يعني سورية التي تستعد للسير قدما في عملها و مسارها السياسي وفقا لمنطوق الدستور و في طليعة الامر تأتي الانتخابات الرئاسية التي اسقط بيد الخصم ما ان سمع اصرارا سورية على  اجرائها ، و يرى الاميركي و ادواته ان حرب استنزاف مؤثرة قد تمنع او تعرقل هذه الانتخابات ، او قد تمكن من الطعن بشرعية النتائج فيها .

لكل هذه الاسباب اتجهت اميركا الى حرب الاستنزاف في سورية لتكون بديلا عن الحسم العسكري الذي خططت له و اخفقت ، و بديلا للحل السياسي التسووي بلغتها و وفقا لتفكيرها الذي يعوض الخسارة في الميدان بربح على طاولة التفاوض ، حل حاولت فرضه في جنيف 2  فاخفقت ايضا . لذلك نحن الان على يقين بان اميركا لم تعد معنية بالحل السياسي الذي يريده الصادقون المتمسكون بالحق و الشرعية في العالم كله ، كما انها لا تستطيع ان تعيد الكرة بالتهديد و الانطلاق الى حرب تحسم القضية عسكريا لصالحها .

هذا على جبهة العدوان و استراتيجيته الجديدة في سورية ، فماذا الان على جبهة الدفاع و استراتيجيته الدفاعية المقابلة ؟

من الاساسيات في المواجهة الدفاعية ان يستطيع المدافع كشف  نوايا الخصم و خطته او يحيط بها او يتلمس خطوطها العريضة ليضع العلاج المناسب لتعطيلها ، و نحن عندما قلنا بان محور المقاومة بدأ بالحديث الواثق عن الانتصار فان هذا يعني كما بينا سابقا و وفقا لقواعد التقييم ، منع العدو من تحقيق اهداف هجومه ، و هذا الامر قد تحقق الان و بشكل غير قابل للمراجعة او لاعادة النظر، لكن هناك امر مستجد الان مع التطوير او التبديل في خطط  الخصم و اهدافه و انقلابه الى حرب استنزاف باتت واضحة المعالم ، و طبعا لا يمكن ان ينتظر احد ان يعلن المدافع عن خططه و كيفية ادارته لمعركته الدفاعية تلك او لاساليبه فيها ، مع ذلك  يمكن  للمراقب ان يلاحظ ان الخطط الدفاعية في سورية وضعت بشكل منهجي مدروس   بغية  افشال حرب الاستنزاف و جعل السحر فيها ينقلب على الساحر و ادواته في اركانها  الاربعة :

1)  في مواجهة نية القتل و التدمير الاجرامي المتمادي ، يبدو ان الاتجاه الان  سيتركز اكثر على العمليات العسكرية و الامنية الرشيقة و الجراحة بالمنظار و قد سجلت الانجازات الميدانية الاخيرة نماذج هامة مذهلة في هذا الاطار خاصة لجهة التركيز على اقتياد الخصم الى "الانهيار الادراكي" بدل "الانهيار الميداني" ما يبقي المسرح سالما و يقود الى سيطرة الدولة عليه  .

2)  في مواجهة توسيع جبهات المواجهة و القتال و استدامة النار ، سيكون التركيز اكثر على عمليات التطهير و التنظيف التام و احكام السيطرة على  الاماكن المطهرة و تجنب القتال عبر خطوط نار و مواقع ثابتة .

3)  في مواجهة الاستمرار في اثارة النعرات و القلاقل او استغلال المعاناة و الاعباء الانسانية التي تسبب بها العدوان من اجل تغذية نار الاستنزاف ، سيكون التركيز اكثر على مركزية القرار الاعلامي و التوجيهي و السير قدما في عمليات المصالحة و التسويات الوطنية و استعادة المغرر بهم او الضالين عن السبيل الى جادة الطريق .

4)  في مواجهة محاولات الترهيب و التعطيل السياسي سيكون الاصرار على السير في العملية السياسية الدستورية في الداخل و الانفتاح على كل جهد خارجي صادق من اجل دفع الحوار الوطني الجاد قدما دونما ان يكون في ذلك تنازل او تفريط بقاعدة دستورية او حق وطني او قومي ، لذلك لا نعتقد ان الانتخابات الرئاسية ستتأثر بالضغوط التي تمارس ، و انها و بشكل منطقي واضح ستجرى في موعدها و وفقا لم ينص الدستور .

و من يدقق في تفاصيل  المشهد الميداني ، خاصة بعد النجاح في اقفال الجبهة الغربية مع لبنان ، يستطيع ان يتوقع بشكل موضوعي نجاحا لسورية و لمحور المقاومة في الخروج من هذه الحرب بالقدر الادنى من الخسائر خاصة و ان الوقت الاميركي ليس مفتوحا امام قيادة جبهة العدوان و ان قدرات الدفاع مع متغيرات الاقليم كلها تعمل لصالح المقاومة و محورها في اطار هذه المواجهة .

  • فريق ماسة
  • 2014-04-13
  • 10154
  • من الأرشيف

سورية في مواجهة حرب الاستنزاف ...والنجاح المضمون

في اكثر من موقف صدر بوضوح مباشرة او بايحاء  غير مباشر  ، نرى ان الولايات المتحدة الاميركية باتت على قناعة بحقيقة ما آل اليه الوضع في  سورية و حقيقة اتجاه مسار الامور فيها ، و هي   ترى ان العمل العسكري الذي اعتمدته طريقا لتنفيذ مخططها العدواني في الداخل السوري  و عبره الى المنطقة  ، بات ميؤوس منه لاكثر من اعتبار ، كما تبين لها ان العمل السياسي الذي ارادته  حبل  انقاذ لها من الاخفاق ذاك ، لم يعد  مضمون النتائج في ظل حالة من الوعي العميق و الثقة السورية بالنفس و بالقدرات الذاتية و صدق الحلفاء  و استعدادهم لمتابعة العمل الجماعي المشترك للدفاع عن المصالح الاستراتيجية المشتركة انطلاقا من الميدان السوري الذي اضحى بالنسبة لكل من مكونات محور المقاومة ، و للجبهة الدولية الحليفة و في طليعتها روسيا ، اضحى بمثابة خط الدفاع الرئيسي عن تلك المصالح الاستراتيجية و لا يمكن التهاون مطلقا به ، اذ لم يعد فقط من اجل الدفاع  عن  الفضاء الاستراتيجي الحيوي لها فحسب ، بل اضحى دفاعا  عن  الكيان السياسي الاساسي الذي يقيمه كل من تلك المكونات كدولة ذات سيادة و قرار مستقل مطمئن الى امنه القومي . في ظل هذا الواقع و رغم بعض  المواقف الاميركية العلنية المتضمنة دعوة الى الحل السلمي و اظهار بالتمسك به ، فان المواقف الاميركية الاخرى تقود الى القول بان اميركا لا زالت متمسكة بالعمل العسكري و تريد توفير مستلزماته ما استطاعت الى ذلك سبيلا ، في ظل هذا التناقض قد يبدو مبررا السؤال عن حقيقة الموقف الاميركي من الازمة السورية ، و بالمقابل الاستراتيجية الدفاعية المعتمدة في سورية  في مواجهة هذا الموقف العدواني الاميركي في صيغته الاخيرة . ارادت اميركا في العام الماضي التهويل بالحرب للابتزاز الميداني و السياسي ، و لكنها فشلت في تحقيق اغراضها الاساسية من الادعاء الملفق  الذي ساقته ضد سورية  لجهة استعمال السلاح الكيماوي ، ثم تحولت اميركا الى التهويل بفتح جبهة الجنوب بالارتكاز على العامل الاسرائيلي بشكل رئيسي ، و بدا لها ان هذه الجبهة لا تتمتع بالمواصفات و الطاقات التي تجعلها جسرا لتغيير مسار الحرب ثم انها في عمقها تبدو ممرا محفوف  بالمخاطر و الالغام السياسية و العسكرية و الاستراتيجية ايضا ، و تحولت بعد ذلك الى جبهة الشمال الغربي بالارتكاز على دولة من الناتو – تركيا – و تصورت ان بامكانها على هذه الجبهة ان تحدث خرقا استراتيجيا سريع التأثير تهول به على قيادة العمليات الدفاعية في سورية و تجعلها تتراجع بعض الشيء او تتنازل عن بعض ما تتمسك به من حقوق اذا دعيت الى التفاوض مجددا . لكن الوقائع الميدانية و ردة الفعل السياسية و العسكرية التي صدرت عن سورية و المكونات الاخرى من محور المقاومة جعلت الظن الاميركي في غير محله ، و انتهى الامر الى قناعة اميركية بان الحرب لن تحقق اهدافها و ان المناورات السياسية لن توصل الدمى الاميركية الى قصر الشعب او قصر المهاجرين في دمشق ، و بالتالي فان ما تبقى باليد الاميركية اليوم هو الورقة الاخيرة التي يمكنها الانتقام عبرها من سورية ، و هي ورقة الاستنزاف الى الحد الاقصى الممكن لجعل النصر السوري و انتصار "جبهة المقاومة و الدفاع"  نصرا عالي الثمن و باهظ الكلفة ، فاميركا و بنفس استعماري اجرامي تعمل بذهنية " لنا او للنار" فان لم تستطع السيطرة و امتلاك القرار في بلد ما فانها لا تتركه لاهله سليما  معافى  بل انها تقتل و تدمر كل ما تصل يدها اليه و تستطيع  اهلاكه . اذن هي حرب استنزاف تريدها اميركا بالحجم و المدى الاقصى الذي تستطيع الوصول اليه ، و هي ترى في هذا الاستنزاف مصلحة لاسرائيل اولا التي  هي في طليعة المستفيدين من العدوان على سورية ، لا بل يمكننا القول  بان هذا العدوان لم يكن الا من  اجل اسرائيل  خدمة للمشروع الصهيو اميركي في المنطقة . ثم و انها بهذا الاستنزاف تعتقد بانها  ستحقق اغراضا اخرى في اطار تأمين مصالح ادواتها في الخليج الذين تسميهم حلفاء او شركاء ، لانها تتصور  ان شرارة النار و اللهب ستنتقل الى كيانات النفط و المصالح الغربية بمجرد اخماد النار في سورية خاصة و ان الوضع الداخلي ل " مجلس التعاون الخليجي " مهترئ قابل للاشتعال عند اول فرصة و ظرف مناسبين لاضرام النار . و لا ننسى ايضا ان اميركا ترى بانها  بحاجة للنار في سورية لحجب انسحابها من افغانستان خلال هذا العام و هو انسحاب لا يمكن وصفه مطلقا بانه خروج المنتصر ، كما انها تستفيد من دخان تلك النار و حرارة لهيبها من اجل انجاز الملف النووي الايراني بما يوفر لها القدر الاعلى مما تريده من الاهداف حسب تصورها . و اخيرا ترى اميركا ان لحرب الاستنزاف المستجدة هدف سياسي مركزي يعني سورية التي تستعد للسير قدما في عملها و مسارها السياسي وفقا لمنطوق الدستور و في طليعة الامر تأتي الانتخابات الرئاسية التي اسقط بيد الخصم ما ان سمع اصرارا سورية على  اجرائها ، و يرى الاميركي و ادواته ان حرب استنزاف مؤثرة قد تمنع او تعرقل هذه الانتخابات ، او قد تمكن من الطعن بشرعية النتائج فيها . لكل هذه الاسباب اتجهت اميركا الى حرب الاستنزاف في سورية لتكون بديلا عن الحسم العسكري الذي خططت له و اخفقت ، و بديلا للحل السياسي التسووي بلغتها و وفقا لتفكيرها الذي يعوض الخسارة في الميدان بربح على طاولة التفاوض ، حل حاولت فرضه في جنيف 2  فاخفقت ايضا . لذلك نحن الان على يقين بان اميركا لم تعد معنية بالحل السياسي الذي يريده الصادقون المتمسكون بالحق و الشرعية في العالم كله ، كما انها لا تستطيع ان تعيد الكرة بالتهديد و الانطلاق الى حرب تحسم القضية عسكريا لصالحها . هذا على جبهة العدوان و استراتيجيته الجديدة في سورية ، فماذا الان على جبهة الدفاع و استراتيجيته الدفاعية المقابلة ؟ من الاساسيات في المواجهة الدفاعية ان يستطيع المدافع كشف  نوايا الخصم و خطته او يحيط بها او يتلمس خطوطها العريضة ليضع العلاج المناسب لتعطيلها ، و نحن عندما قلنا بان محور المقاومة بدأ بالحديث الواثق عن الانتصار فان هذا يعني كما بينا سابقا و وفقا لقواعد التقييم ، منع العدو من تحقيق اهداف هجومه ، و هذا الامر قد تحقق الان و بشكل غير قابل للمراجعة او لاعادة النظر، لكن هناك امر مستجد الان مع التطوير او التبديل في خطط  الخصم و اهدافه و انقلابه الى حرب استنزاف باتت واضحة المعالم ، و طبعا لا يمكن ان ينتظر احد ان يعلن المدافع عن خططه و كيفية ادارته لمعركته الدفاعية تلك او لاساليبه فيها ، مع ذلك  يمكن  للمراقب ان يلاحظ ان الخطط الدفاعية في سورية وضعت بشكل منهجي مدروس   بغية  افشال حرب الاستنزاف و جعل السحر فيها ينقلب على الساحر و ادواته في اركانها  الاربعة : 1)  في مواجهة نية القتل و التدمير الاجرامي المتمادي ، يبدو ان الاتجاه الان  سيتركز اكثر على العمليات العسكرية و الامنية الرشيقة و الجراحة بالمنظار و قد سجلت الانجازات الميدانية الاخيرة نماذج هامة مذهلة في هذا الاطار خاصة لجهة التركيز على اقتياد الخصم الى "الانهيار الادراكي" بدل "الانهيار الميداني" ما يبقي المسرح سالما و يقود الى سيطرة الدولة عليه  . 2)  في مواجهة توسيع جبهات المواجهة و القتال و استدامة النار ، سيكون التركيز اكثر على عمليات التطهير و التنظيف التام و احكام السيطرة على  الاماكن المطهرة و تجنب القتال عبر خطوط نار و مواقع ثابتة . 3)  في مواجهة الاستمرار في اثارة النعرات و القلاقل او استغلال المعاناة و الاعباء الانسانية التي تسبب بها العدوان من اجل تغذية نار الاستنزاف ، سيكون التركيز اكثر على مركزية القرار الاعلامي و التوجيهي و السير قدما في عمليات المصالحة و التسويات الوطنية و استعادة المغرر بهم او الضالين عن السبيل الى جادة الطريق . 4)  في مواجهة محاولات الترهيب و التعطيل السياسي سيكون الاصرار على السير في العملية السياسية الدستورية في الداخل و الانفتاح على كل جهد خارجي صادق من اجل دفع الحوار الوطني الجاد قدما دونما ان يكون في ذلك تنازل او تفريط بقاعدة دستورية او حق وطني او قومي ، لذلك لا نعتقد ان الانتخابات الرئاسية ستتأثر بالضغوط التي تمارس ، و انها و بشكل منطقي واضح ستجرى في موعدها و وفقا لم ينص الدستور . و من يدقق في تفاصيل  المشهد الميداني ، خاصة بعد النجاح في اقفال الجبهة الغربية مع لبنان ، يستطيع ان يتوقع بشكل موضوعي نجاحا لسورية و لمحور المقاومة في الخروج من هذه الحرب بالقدر الادنى من الخسائر خاصة و ان الوقت الاميركي ليس مفتوحا امام قيادة جبهة العدوان و ان قدرات الدفاع مع متغيرات الاقليم كلها تعمل لصالح المقاومة و محورها في اطار هذه المواجهة .

المصدر : امين حطيط -


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة