في العام 2011 قاد الرئيس الأميركي باراك أوباما العملية العسكرية على ليبيا دون استشارة الكونغرس الأميركي. وفي أغسطس الماضي، بعد الهجوم الكيميائي على الغوطة -في دمشق- قال انه على استعداد لشن هجوم مماثل وهذه المرة لمعاقبة الحكومة السورية، بتهمة عبور “الخطوط الحمراء” واستخدام الأسلحة الكيميائية.

قبل يومين من موعد الهجوم قال انه سيسعى للحصول على موافقة الكونجرس قبل التدخل العسكري في سوريا، فتم تأجيل الضربة إلى أن ألغيت فيما بعد، أي عندما قبلت سوريا بعرض التخلي عن ترسانتها الكيميائية في صفقة لعبت فيها روسيا دور الوسيط.

لماذا اجل أوباما الضربة، ومن ثم اظهر ليونة كبيرة تجاه سوريا، وفي الوقت عينه لم يخجل من الاندفاع نحو ليبيا؟ الجواب يكمن في التصادم الذي حصل بين العاملين في الإدارة المكلفين بمراقبة “الخط الأحمر” والقادة العسكريين الذين اعتبروا أن فكرة الذهاب إلى الحرب لا مبرر لها ويحتمل أن تكون كارثية.

سبب قرار أوباما يعود لدراسة أعدها باحثون في علوم وتكنولوجيا الدفاع في مختبرات بورتون داون في ويلتشير، وأظهرت المخابرات البريطانية التي حصلت على عينة من السارين الذي استخدم في هجوم ٢١ أغسطس أن الغاز المستخدم لا يتطابق مع الدفعات الموجودة في ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية.

تم تمرير رسالة إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية تقول إن الحجة ضد سوريا ليست قوية ولن تصمد. وأدى التقرير البريطاني إلى زيادة مستوى الشكوك داخل البنتاغون، وحذر رؤساء الأركان أوباما من أن خططه للهجوم على سوريا باستخدام صواريخ وقنابل بعيدة المدى يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب واسعة في الشرق الأوسط.

خلال الشهور الثلاث الماضية تحدث كبار القادة العسكريين وأجهزة الاستخبارات بقلق كبير عن دور جيران سوريا في الحرب ضدها وخاصة تركيا. كان رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان يدعم فصيل القاعدة في سوريا “جبهة النصرة” -المنخرط في صفوف المعارضة المسلحة-، فضلا عن دعمه لعدد من الجماعات المتمردة الإسلامية الاخرى.

وقال لي مسؤول استخباراتي سابق في الولايات المتحدة، “أولئك الذين يسعون إلى جر اوباما للحرب قاموا باستخدام غاز السارين داخل سوريا لاتهام النظام بأنه قطع الخطوط الحمراء”.

تركيا والسعودية والنصرة

كانت هيئة الأركان المشتركة على علم بأن الادعاءات الأميركية بأن الجيش السوري هو الوحيد القادر على الوصول إلى السارين خاطئة. المخابرات الأميركية والبريطانية كانت على علم منذ ربيع العام ٢٠١٣ بأن بعض الفصائل المتمردة في سوريا تطور الأسلحة الكيميائية.

في ٢٠ حزيران-يونيو نشرت وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية تقريرا لـ DIA وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية من خمس صفحات يتضمن إحاطة لنائب مدير الـ DIA ديفيد شيد بأن “جبهة النصرة” تنتج غاز السارين. (وذكر التقرير أن السارين الموجود لدى القاعدة هو الأكثر تقدما منذ أحداث ٩/١١).

وفقا لمستشارين في وزارة الدفاع والاستخبارات الأميركية فأن القاعدة أجرت اختبارات على الأسلحة الكيماوية ويوجد لديها شريط فيديو يظهر تجارب استخدام الغاز على الكلاب.

وتابع التقرير: ركز المجتمع الاستخباراتي سابقا على المخزونات النووية في سوريا، والآن فنحن نكتشف أن جبهة النصرة تعمل على تصنيع أسلحة كيمياوية خاصة بها… الحرية العملياتية التي تتمتع بها جبهة النصرة في سوريا قد تمنع إيقافها في المستقبل.

واستند التقرير على معلومات استخباراتية سرية من العديد من الوكالات وقال ان “تركيا والسعودية أمنتا السارين، بكميات كبيرة، بعشرات الكيلوغرامات، وبذلت الجهود لإنتاجه في سوريا”.

في مايو الماضي، ألقي القبض على أكثر من عشرة أعضاء من جبهة النصرة في جنوب تركيا وبحسب الشرطة المحلية التركية كان بحوزتهم كيلوغرامين من غاز السارين السام. واتهمت المجموعة بمحاولة شراء صمامات، وأنابيب لبناء مدافع الهاون، و”السلائف الكيميائية” لغاز السارين.

ولكن لاحقا أطلق سراح خمسة من المعتقلين، أما الآخرين بما في ذلك هيثم القصاب، طلبت النيابة العامة سجنهم لمدة ٢٥ عاما. في تلك الفترة كانت الصحافة التركية تعج بالتكهنات حول تستر إدارة أردوغان على هؤلاء المتمردين. ففي الصيف الماضي رفض أيدين سيزجين سفير تركيا في موسكو الاعتقالات وادعى أن “السارين” الذي وجد مع هؤلاء ليس إلا “مادة مضادة للتجمد”.

اعتبرت ورقة الـ DIA إن الموقوفين هم الدليل على أن جبهة النصرة توسع قدراتها للوصول إلى الأسلحة الكيميائية. وقالت إن قصاب هو عضو في النصرة، وإنه على علاقة مباشرة مع عبد الغني المتخصص بتصنيع الأسلحة مع جبهة النصرة.

عمل القصاب وشريكه خالدقسطا مع هاليت اونلكايا، موظف في شركة تركية تسمى “زيرف للتصدير”، وحصلوا على “عروض بأسعار سلائف السارين”. كانت خطة عبد الغني “تعليم اثنين من معاونيه كيفية إنتاج غاز السارين، لنقلهم إلى سوريا لتدريب الآخرين وبدء تصنيع السارين في مختبر في سوريا”. وقالتDIA إن أحد النشطاء كان قد اشترى السلائف من “سوق بغداد الكيميائي”.

خان العسل

كشفت بعثة الأمم المتحدة الخاصة إلى سوريا عن سلسلة هجمات بالأسلحة الكيميائية في مارس وأبريل ٢٠١٣. وقال شخص مطلع على نشاط الأمم المتحدة في سوريا أنه لا توجد أدلة حول علاقة “المعارضة السورية” بالهجوم الأول.

وقالت بعثة الأمم في تقريرها النهائي في ديسمبر كانون الأول إن الهجوم الكيميائي في خان العسل قرب حلب أدى إلى وفاة ١٩ مدنيا على الأقل وجندي سوري واحد، وعشرات الجرحى. ولم يكن لديها التفويض في تحميل المسؤولية لأحد، لكنها قالت إن “المحققين اجروا مقابلات مع الناس الذين كانوا هناك، بما في ذلك الأطباء الذين عالجوا الضحايا، وكان من الواضح أن المتمردين هم من استخدموا الغاز”.

في الأشهر التي سبقت الهجمات، قال مسؤول كبير سابق في وزارة الدفاع إنDIA تعمم يوميا تقريرا سريا يعرف باسم “سيراب” تتناول فيه كافة المعلومات الاستخباراية حول الصراع السوري، بما في ذلك المواد المتعلقة بالأسلحة الكيميائية. ولكن لاحقا فرض كبير موظفي البيت الأبيض دينيس ماكدونوف قيودا على توزيع جزء من التقرير المتعلق بالأسلحة الكيميائية.وبحسب مسؤول سابق في وزارة الدفاع فان شيئا ما في ذلك التقرير أثار غضب ماكدونوف فأبعاد الموضوع عميقة جدا وقد تم اتخاذ قرار بمنع توزيع التقرير عند قيام رؤساء هيئة الأركان المشتركة بإصدار إيعاز بوضع خطط طارئة ومكثفة لاجتياح بري لسوريا هدفه الأساسي تدمير سلاحها الكيماوي.

ضربة أوباما

قال مسؤول سابق في الاستخبارات إن المؤسسة الأمنية الأميركية تعاني من الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس: وطلب رئيس هيئة الأركان المشتركة من البيت الأبيض تفسير مصطلح “الخط الأحمر”؟ كيف يمكن أن يترجم عسكريا؟ وبعمل القوات على الأرض؟ الضربة الشاملة؟ الضربة المحدودة؟.

في أعقاب هجوم ٢١ أغسطس أمر أوباما وزارة الدفاع الأميركية بوضع أهداف لقصفها. وفي وقت مبكر من العملية، قال مسؤول سابق في المخابرات إن البيت الأبيض رفض ضرب ٣٥ هدف من مجموعة الأهداف التي قدمتها هيئة الأركان المشتركة قائلا: “إنها غير كافية وليست “مؤلمة” كفاية لنظام الرئيس الأسد”. وتضمنت الأهداف الأصلية مواقع عسكرية فقط، بعيدا عن البنية التحتية المدنية. ولكن تحت ضغط البيت الأبيض، تطورت خطة الهجوم الأميركية: فتم نقل اثنين من أسراب القاذفات B- ٥٢ لقواعد جوية قريبة من سوريا، وانتشرت الغواصات البحرية والسفن المزودة بصواريخ توماهوك.

وقال مسؤول استخباراتي سابق: لا يمكننا فقط استخدام صواريخ توماهوك لضرب مواقع الصواريخ السورية، فسوف نحتاج إلى فرق بحث وإنقاذ لاستعادة الطيارين والطائرات بدون طيار التي ستسقط.

وقال مسؤول أخر في الاستخبارات أن: “قائمة الأهداف الجديدة تسعى إلى “القضاء تماما على أي قدرات عسكرية للدولة السورية”. وشملت الأهداف الأساسية شبكات الطاقة الكهربائية، مستودعات النفط والغاز، مستودعات الأسلحة، جميع مرافق القيادة والسيطرة المعروفة، وجميع المباني العسكرية والاستخباراتية المعروفة.

والبارز كان دور كل من فرنسا وبريطانيا.. يوم ٢٩ آب صوت نواب مجلس العموم البريطاني ضد قرار يسمح من حيث المبدأ لبريطانيا بالمشاركة في عمل عسكري ضد سوريا، وقالت صحيفة الغارديان إن السلطات البريطانية أمرت قبل ذلك ست طائرات مقاتلة طراز تايفون بالتوجه إلى قبرص، إضافة لتحريك غواصة قادرة على إطلاق صواريخ توماهوك.

ودخلت القوات الجوية الفرنسية في الصراع إلى حد كبير، بعد ان لعبت دورا هاما في الضربات الجوية على ليبيا في العام ٢٠١١، ووفق “نوفيل أوبزرفاتور” كان فرانسوا هولند قد أمر عدة مقاتلات قاذفة طراز “رافال” بدعم القوات الاميركية في هجومها. ووفق التقارير كانت تلك الطائرات تستهدف شمال سوريا.

في أواخر آب، كان الرئيس قد اطلع رؤساء هيئة الأركان المشتركة على مواعيد محددة لبدء الهجوم. وأوضح مسؤول استخباراتي سابق: “كانت ساعة الصفر قبل صباح يوم الاثنين (٢ أيلول)، والعملية تبدأ بهجوم ضخم لتحييد قدرات الأسد.” لذلك تفاجأ الكثيرون عند سماع تصريح أوباما في ٣١ آب عن تجميد الضربة وسعيه للحصول على موافقة الكونغرس”.

في هذه المرحلة، كانت ادعاءات أوباما بأن الجيش السوري هو الوحيد القادر على نشر غاز السارين قد بدأت بالتهاوي. خلال أيام من هجوم ٢١ آب، قال مسؤول استخباراتي سابق، إن عملاء المخابرات العسكرية الروسية كانوا قد حصلوا على عينات من المواد الكيميائية في الغوطة، وقاموا بتحليلها وارسالها إلى المخابرات العسكرية البريطانية، وإلى بورتون داون. (قال المتحدث باسم بورتون داون: “العديد من العينات التي تم تحليلها في المملكة المتحدة كانت نتائجها إيجابية وتثبت وجود غاز أعصاب السارين” في حين علقت المخابرات البريطانية بأنه لا تعليق لديها بشأن المسائل المخابراتية).

أكد مسؤول سابق في المخابرات أن العميل الروسي الذي قام بتسليم العينة إلى المملكة المتحدة كان “شخصا لديه القدرة على الوصول إلى أي مكان، وسجله يؤكد مصداقيته”.

بعد التقارير الأولية عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا العام الماضي، انهمكت وكالات الاستخبارات الغربية بالوصول إلى جواب حول ما إذا تم استعمال السلاح النووي، ومن كان مصدره”.

وتابع: ” المعطى الأساسي لوكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية كان معرفة تركيب كل مجموعة من مجموعات الأسلحة الكيماوية التي صنعها الإتحاد السوفيتي، لكننا لم نكن نعرف أي مجموعة توجد في الترسانة السورية حاليا”. وفي غضون أيام من الهجوم طلبنا من مصدر في الحكومة السورية تزويدنا بقائمة المجموعات التي تمتلكها الحكومة حاليا، لهذا السبب تمكنا من تأكيد الاختلاف بتلك السرعة”.

وفقا لمسؤول استخباراتي سابق، فان العملية لم تجر بهذه السلاسة، لأن الدراسات التي قامت بها أجهزة الإستخبارات الغربية كانت غير قاطعة، ولم يتم ذكر كلمة “سارين”. وجرى الكثير من النقاش حول ذلك الأمر، لكن وبما أنه لم يكن بإمكان أحد تأكيد نوع الغاز، لم يعد بمقدور احد أن يقول إن حكومة الرئيس الأسد قد تجاوزت الخط الأحمر. لكن بحلول ٢١ آب، كان واضحا أن المعارضة السورية أعلنت أن الجيش السوري استعمل غاز “السارين” قبل أن يتم القيام بأي تحليل، فاستغلت وسائل الإعلام الخبر وأخذت تتداول فيه.

قصد فريق وزارة الدفاع البريطانية الذي أرسل نتائج بورتون داون إلى هيئة الأركان المشتركة الأميركية، لتحذير الأميركيين. ووفق مسؤول سابق في المخابرات: “أحدهم يريد الإيقاع بنا” “وهذا تفسره الرسالة التي أرسلها مسؤول رفيع في وكالة الاستخبارات الأميركية أواخر آب: “الحكومة الحالية لم تفعل ذلك وبريطانيا وأميركا تعلمان ذلك”.

كان الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة هو الضابط الأعلى المسؤول عن التخطيط للعدوان وتنفيذه وبحسب مسؤول استخباراتي سابق فانه منذ بداية الأزمة، كان رؤساء هيئة الأركان المشتركة يشككون بحجة الإدارة الأميركية بامتلاكها وقائع تدعم رأيها حول مسؤولية الدولة السورية، لذلك ضغطوا على وكالة استخبارات الدفاع والوكالات الأخرى لتزويدهم بدليل مؤكد.

 “كان من المستحيل القبول بفكرة استخدام غاز السارين في تلك المرحلة لأن الحكومة السورية بقيادة الأسد كانت تكسب الحرب”. اغضب ديمبسي الكثيرين في إدارة أوباما بسبب تحذيره المستمر للكونغرس طيلة الصيف من مخاطر التدخل العسكري الأميركي في سوريا. وبعد تقدير متفاءل عن تقدم المتمردين قدمه وزير الخارجية جون كيري أمام لجنة الشؤون الخارجية أبلغ ديمبسي لجنة الخدمات العسكرية في مجلس النواب عن خطر وصول النزاع إلى نقطة المراوحة”.

رأى ديمبسي أن الضربة الأميركية على سوريا ستكون خطأ عسكريا فادحا. ودفع تقرير بورتون داون رؤساء الأركان إلى مواجهة الرئيس بمخاوفهم: فالهجوم الأميركي سيعتبر عملا عدوانيا غير مبررا.

أما البيت الأبيض فقد فسر تراجعه عن الضربة قائلا: قرر الرئيس فجأة بعد نزهة مع دينيس ماكدونوف طلب موافقة الكونغرس -الغارق في انقساماته، والذي يتنازع معه منذ سنوات- على الضربة وبحسب مسؤول سابق في وزارة الدفاع، فإن البيت الأبيض قدم تفسيرا مختلفا لأعضاء القيادة المدنية في البنتاغون، وتم إلغاء الضربة بسبب ورود معلومات استخبارية تؤكد اشتعال الشرق الأوسط في حال تنفيذها.

في البداية، رأى كبار المساعدين في البيت الأبيض أن قرار الرئيس بالتوجه إلى الكونغرس هو تكرار لمناورة جورج بوش الابن في خريف الـ ٢٠٠٢ قبل غزو العراق: “وعندما اتضح أن العراق خال من أسلحة الدمار الشامل، تقاسم الكونغرس الذي وافق على الحرب والبيت الأبيض اللوم وكررا اسطوانة المعلومات الاستخبارية الخاطئة. في حال قيام الكونغرس الحالي بالتصويت على الضربة والموافقة عليها، كان البيت الأبيض من جديد سيستثمر الأمر في الاتجاهين، توجيه ضربة قاضية لسوريا وتقاسم اللوم مع الكونغرس إن تبين أن الجيش السوري لم يكن من قام بالهجوم. هذا وشكل التراجع مفاجأة حتى للديمقراطيين في الكونغرس. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في أيلول أن أوباما اتصل هاتفيا بزعيمة الديمقراطيين نانسي بيلوسي للتباحث بشأن الخيارات، وأبلغت بيلوسي لاحقا بعض زملائها بأنها لم تطلب من الرئيس طرح مسألة الضربة على الكونغرس للتصويت.

صفقة الكيماوي برعاية روسية

سرعان ما وصل طلب أوباما للحصول على موافقة الكونغرس إلى طريق مسدود. وقال مسؤول سابق في المخابرات إن الكونغرس لم يكن سيسمح بتمرير الأمر، وخلافا لما حصل في موضوع العراق كان سيتم إجراء جلسات موضوعية.. عندها ظهرت الخطة البديلة: إلغاء الضربة وموافقة الأسد من جانب واحد على توقيع اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، وتدمير الأسلحة الكيماوية بإشراف الأمم المتحدة.

في مؤتمر صحفي في ٩ أيلول في لندن، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري: “خطورة عدم التحرك هي أكبر من خطورة التحرك” لكن عندما سأله أحد الصحفيين عما إذا كان بمقدور الأسد القيام بشيء ما لمنع الضربة، قال كيري: “بالتأكيد، بإمكانه تسليم سلاح سوريا الكيماوي إلى المجتمع الدولي خلال الأسبوع المقبل… لكنه لن يقوم بذلك، ومن الواضح أن ذلك أمر لا يمكن تنفيذه”.وذكر تقرير لصحيفة نيويورك تايمز في اليوم التالي: كان الروس هم الرعاة لإبرام الصفقة، التي تمت مناقشتها بين بوتين وأوباما في صيف ٢٠١٢، وبالرغم من أن خطط الضربة تم رميها في الصندوق، إلا أن الإدارة لم تغير من تقييمها العلني بشأن تبرير الذهاب إلى الحرب.

ووفق مسؤول استخباراتي سابق، لا مجال للتسامح بالنسبة لكبار مسؤولي البيت الأبيض، لم يستطيعوا القول “بأنهم مخطئين”. (صرح المتحدث باسم وكالة مخابرات الدفاع: “نظام الرئيس الأسد، وفقط نظام الرئيس الأسد، يمكن أن يكون المسؤول عن الهجوم الكيميائي التي وقع في ٢١ آب.” )..

سلاح ليبي للقاعدة في سوريا

التعاون الأميركي التركي السعودي والقطري لمساعدة المتمردين في سوريا لم يخرج إلى النور. ولم تعترف إدارة أوباما علنا بدورها في خلق ما تسميه وكالة الاستخبارات المركزية “خط الجرذان”، أي القناة الخلفية التي يمر عبرها السلاح والمقاتلين إلى سوريا. “خط الجرذان ” كان يستخدم في أوائل العام ٢٠١٢، لتمرير الأسلحة والذخائر من ليبيا عبر جنوب تركيا وعبر الحدود السورية إلى المعارضة. وقد حصل الجهاديون المنتمون إلى تنظيم القاعدة على معظم الأسلحة التي كانت ترسل إلى سوريا.

في كانون الثاني، أصدرت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ تقريرا حول الاعتداء الذي نفذته ميليشيا محلية في سبتمبر ٢٠١٢ على القنصلية الأميركية ومنشأة CIA السرية في بنغازي، والتي أسفرت عن مقتل السفير الأميركي، كريستوفر ستيفنز، وثلاثة آخرين.

وانتقد التقرير وزارة الخارجية الأميركية لعدم توفيرها الأمن الكافي للقنصلية، ومجتمع الاستخبارات لعدم تنبيهه الجيش الأميركي على وجود مركز لوكالة الاستخبارات المركزية في المنطقة، وإحياء العداوات في واشنطن، متهما أوباما وهيلاري كلينتون بالتستر على ما يحصل.

الملحق السري المرفق بالتقرير لم يتم نشره، فهو ذكر انه التوصل إلى اتفاقية سرية في أوائل ٢٠١٢ بين إدارتي أوباما وأردوغان. وبموجب شروط الاتفاق، يأتي التمويل من تركيا، والمملكة العربية السعودية وقطر، وتكون وكالة المخابرات المركزية، بدعم من الاستخبارات البريطانية، مسؤولة عن نقل الأسلحة من ترسانات القذافي إلى سوريا.

وقد تم تأسيس بعض الشركات الوهمية في ليبيا، تحت غطاء بعض الكيانات الأسترالية. وتم تعيين الجنود الأميركيين المتقاعدين لإدارة المشتريات والشحن. وتمت عملية التشغيل من خلال ديفيد بترايوس مدير وكالة المخابرات المركزية الذي سيستقيل قريبا عندما أصبح معروفا أنه كان على علاقة غرامية مع كاتبة سيرته.

لم يتم الكشف عن العملية في الوقت الذي حددته لجان الاستخبارات في الكونغرس وكما هو مطلوب بموجب القانون ١٩٧٠. مشاركة المخابرات البريطانية في العملية سمح للمخابرات المركزية الأميركية بالتحايل على القانون عبر تصنيف العملية على أنها “عملية اتصال”. وأوضح مسؤول استخباراتي سابق بأنه منذ زمن طويل تم الاعتراف باستثناء في القانون يسمح للمخابرات المركزية بعدم إبلاغ الكونغرس عن نشاطات “الاتصال أو الارتباط”، بل فقط إدراج وثيقة معلومات عن العمليات السرية.

وتم توزيع المستند إلى: أعضاء الكونغرس – الزعماء الديمقراطيين والجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ، الزعماء الديمقراطيين والجمهوريين في لجان الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ.

الملف لا يروي القصة بأكملها ما حدث في بنغازي قبل الهجوم، لم يفسر لماذا هوجمت القنصلية الأميركية. وقال مسؤول استخباراتي سابق مطلع أن مهمة القنصلية كانت توفير الغطاء لحركة السلاح ولم يكن لديها دور سياسي حقيقي”.

أنهت واشنطن فجأة دور وكالة المخابرات المركزية في نقل الأسلحة من ليبيا بعد الهجوم على القنصلية، لكنها أبقت على “خط الجرذان” فاعلا. لاحقا فقدت الولايات المتحدة السيطرة على ما يرسله الأتراك إلى الجهاديين وذلك بحسب مسؤول استخباراتي سابق. وفي غضون أسابيع، وصلت أربعون قاذفة صورايخ سطح- جو، -المعروفة باسم منظومات الدفاع الجوي المحمولة-، إلى أيدي المتمردين السوريين.

قال جوبي واريك في صحيفة واشنطن بوست في ٢٨ تشرين الثاني ٢٠١٢، إن المتمردين قرب حلب استخدموا صواريخ سطح-جو لإسقاط هليكوبتر سورية. وان ” إدارة أوباما عارضت تزويد قوات المعارضة السورية بهذه الصواريخ، محذرا من أن هذه الأسلحة يمكن أن تقع في أيدي الإرهابيين ويمكن استخدامها لإسقاط الطائرات التجارية”. وقال مسؤولان في استخبارات الشرق الأوسط إن قطر هي المصدر، وقال محلل سابق في الاستخبارات الأميركية إنه تم الحصول على منظومات الدفاع الجوي المحمولة من المواقع العسكرية السورية التي سيطر عليها الثوار ولم يكن هناك أي مؤشر على أن حصول المتمردين على منظومات الدفاع الجوية المحمولة هو نتيجة غير مقصودة من البرنامج الأميركي السري الذي لم يعد تحت سيطرة الولايات المتحدة .

أردوغان وأوباما ومؤامرة السارين

بحلول نهاية العام ٢٠١٢ كانت المخابرات الأميركية تدرك أن المتمردين يخسرون الحرب. وهو ما دفع أردوغان للشعور بأنه ترك وحده.. واعتبر أن الرفض الأميركي لتزويد هؤلاء المسلحين بالصواريخ الثقيلة المضادة للطائرات يشكل خيانة له ولجهوده.

وعلمت المخابرات الأميركية أن الحكومة التركية عملت مباشرة مع جبهة النصرة وحلفائها لتطوير قدرات الحرب الكيميائية.وقال مسؤول استخباراتي سابق إن الاستخبارات الأميركية علمت أن حكومة أردوغان ومن خلال عناصر في وكالة المخابرات التركية “ام اَي تي” وأجهزة الجندرمة كانت تعمل بشكل مباشر مع “جبهة النصرة” وحلفائها لتطوير قدراتها لشن حرب كيميائية.

كان أردوغان يعلم أنه إذا أوقف دعمه للجهاديين سينتهي كل شيء. فالسعوديون عاجزون بسبب البعد الجغرافي وصعوبة نقل الأسلحة والمعدات، وكان أمل أردوغان الوحيد لمتابعة خططه في سورية إشعال حادثة يكون من شأنها إجبار الولايات المتحدة على تجاوز الخط الأحمر غير أن أوباما لم يتجاوب معه في سلسلة الهجمات الكيميائية في آذار ونيسان من نفس العام.

لم يكن هناك أي علامة حول الانشقاق التركي- الأميركي خلال لقاء اردوغان وأوباما في ١٦ مايو ٢٠١٣ في البيت الأبيض. في وقت لاحق قال اوباما إنهما اتفقا على إن الأسد “يجب أن يرحل”، ولدى سؤاله عما إذا كان يعتقد أن سوريا عبرت “الخط الاحمر”، قال أوباما: “هناك أدلة على استخدام الأسلحة، لكن من المهم التأكد من المعلومات، الخط الأحمر لا يزال سليما”.

وقال خبير في شؤون السياسة الخارجية الأميركية إن العشاء الذي جمع بين أوباما وأردوغان بحضور وزير الخارجية جون كيري ومستشار الأمن القومي الأميركي توم دونيلون إضافة إلى أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية التركي وحقان فيدان رئيس جهاز الاستخبارات التركي ام اَي تي سيطر عليه الإصرار التركي بأن سورية تجاوزت الخط الأحمر وشكواهم من رفض أوباما اتخاذ أي خطوة بهذا الشأن.

وأشار الخبير إلى أن أردوغان كان يرغب من وراء إحضار فيدان -الذي يعتبر داعما متطرفا للمجموعات الإرهابية في سورية- إلى العشاء بإقناع أوباما برأيه وتعزيز قضيته أمام الرئيس الأميركي، ولكن كلما أراد أردوغان إدخال فيدان في الحديث كان أوباما يقاطعه قائلا “نحن نعلم”.

عند هذه اللحظة قال أردوغان غاضبا، لكن خطك الأحمر قد تم اجتيازه “فتدخل دونيلون قائلا: “سخيف تلوح بإصبعك أمام الرئيس داخل البيت الأبيض؟”. وفي النهاية قال اوباما لفيدان “نحن نعلم ما تفعله مع المتطرفين في سورية” دونيلون الذي انضم إلى مجلس العلاقات الخارجية في يوليو الماضي لم يستجب للأسئلة التي طرحت حول هذه القصة وقال إن وزارة الخارجية التركية لم تستجب..

على العموم، لم يغادر أردوغان خالي الوفاض، لأن أوباما استمر في السماح لتركيا باستغلال ثغرة في الأمر الرئاسي الذي يمنع تصدير الذهب إلى إيران كجزء من العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران.

في آذار ٢٠١٢، وتجاوبا مع العقوبات الأوروبية على المصارف الإيرانية، تم فصل العشرات من المؤسسات المالية الإيرانية من نظام التحويل الالكتروني سويفت، مما قيد بشكل كبير قدرة إيران على التجارة الدولية. وقامت الولايات المتحدة بعد ذلك بإصدار الأمر الرئاسي في تموز، لكنها تركت فيه ما بات يعرف باسم “الثغرة الذهبية”: بحيث يمكن لشحنات الذهب المتجهة للقطاع الخاص الإيراني أن تستمر، وتعتبر تركيا مشتريا رئيسيا للنفط والغاز الإيرانيين، وقامت باستغلال تلك الثغرة عبر تسديد دفعات الطاقة بالليرة التركية في حساب إيراني في تركيا، ليتم لاحقا استخدام تلك الودائع لشراء ذهب تركي وتصديره إلى مجموعة في إيران. وتشير التقارير إلى أن المبلغ الإجمالي للذهب الذي دخل إيران بتلك الطريقة بين آذار ٢٠١٢ وتموز ٢٠١٣ يبلغ ١٣ مليار دولار أمريكي.

تحولت العملية بسرعة كبيرة إلى دجاجة تبيض ذهبا بالنسبة للسياسيين الفاسدين والتجار في تركيا، وإيران والإمارات العربية المتحدة. وبحسب مسؤول استخباراتي سابق: “حصل الوسطاء على نسبة ١٥% وتشير التقديرات الاستخباراتية إلى استثمار ملياري دولار في تلك العملية، والى أرباح كبيرة بدأت تنهال على أصحابها، لكن تلك الأرباح غير المشروعة تحولت إلى فضيحة كبرى في تركيا في شهر كانون الأول وأدت لتوجيه اتهامات إلى ٢٤ شخصا، من بينهم رجال أعمال كبار وأقارب ومسؤولين حكوميين، إضافة إلى استقالة ثلاث وزراء، أحدهم كان قد دعا أردوغان إلى الاستقالة، المدير التنفيذي للمصرف التركي الحكومي الذي كان في عين عاصفة الفضيحة، أصر أن مبلغ ٤.٥ مليون دولار، الذي عثرت عليه الشرطة أثناء تفتيش منزله ضمن علب أحذية، كان تبرعات خيرية.

أردوغان وهستيريا الهزيمة في سوريا

قال جوناثان شانزر ومارك دابوويتز في فورين بوليسي أن إدارة أوباما أغلقت “الثغرة الذهبية” في كانون الثاني ٢٠١٣، وضغطت لتأخير تشريع القانون ٦ أشهر. وباعتبار أن الإدارة أرادت استغلال ذلك لدفع إيران للجلوس على طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي، ولإرضاء حليفها التركي في الحرب السورية، سمح ذلك التأخير لإيران بجمع مليارات الدولارات كذهب، مما زاد في تقويض العقوبات.

القرار الأميركي بإنهاء الدعم للمتمردين في سوريا، ترك أردوغان مكشوفا سياسيا وعسكريا. وبحسب مسؤول سابق في الاستخبارات فإن إحدى المسائل التي تم طرحها في قمة أيار كانت حقيقة أن تركيا هي الطريق الوحيد لدعم المتمردين في سوريا. لا يمكن القيام بذلك من الأردن لأن تضاريس المنطقة الجنوبية مكشوفة تماما والسوريون يسيطرون عليها إلى حد كبير، كما لا يمكن القيام بذلك عبر سهول وجبال لبنان، لأنك لا تستطيع أن تضمن من سيكون بانتظارك في الجهة الأخرى.حلم اردوغان سيتبخر إذا انتهى الدعم العسكري الأميركي للمتمردين فهو يعتقد أننا نحن السبب، وهو يدرك تماما أنه عندما تربح سوريا الحرب، فمن الأرجح أن ينقلب المتمردون ضده، فهم لا يملكون مكانا آخر للهرب.

وأوضح مستشار استخباراتي أميركي أنه قبل بضعة أسابيع من ٢١ آب، تحدث ملخص عالي السرية مرسل لديمبسي ووزير الدفاع تشاك هاغل، عن حالة القلق الشديدة التي تعصف بإدارة اردوغان جراء تدهور معنويات المتمردين. وقد حذر التحليل من أن الحكومة التركية قد أعربت عن “ضرورة القيام بشيء ما لتحفيز وتسريع الرد العسكري الأميركي”.

لكن مع تقدم الجيش السوري على المتمردين، القوة الجوية الأميركية تعتبر الوحيدة القادرة على قلب الموازين. وبحسب مسؤول استخباراتي سابق، رأى محللو الاستخبارات الأميركية ممن تابعوا أحداث ٢١ آب، أن سوريا لم تكن مسؤولة عن ذلك الهجوم. واعتبروا أن السؤال المحرج والمخيف بآن واحد كان، كيف حدث ذلك؟.

مؤامرة السارين والخط الأحمر

وبعد رصد الاتصالات والبيانات المتعلقة بهجوم ٢١ آب، وجد المجتمع الاستخباراتي فيها دليلا يدعم شكوكه. وبحسب مسؤول استخباراتي سابق “نعلم الآن أن الهجوم كان عملية سرية خطط لها رجال اردوغان لدفع أوباما لتجاوز الخط الأحمر، وكان من الضروري تنفيذ هجوم الغاز قرب دمشق بسبب وجود مفتشي الأمم المتحدة هناك (كانوا قد وصلوا إلى دمشق في ١٨ آب للتحقيق في هجوم سابق).

الخطة تحتاج إلى حركة دراماتيكية، فقد تم إبلاغ كبار قادتنا العسكريين بأن السارين تم الحصول عليه من تركيا، وهو لا يمكن أن يصل إلى وجهته بدون الدعم التركي. كما وفر الأتراك السارين للمتمردين وقاموا بتدريبهم على إنتاجه. “الدليل الرئيسي أتى من الفرحة التركية العارمة بعد الهجوم وتبادل التهاني، وهي أمور تم اعتراضها ورصدها. دائما يتم التخطيط للعمليات بطريقة فائقة السرية، لكن الأقنعة تكشف بسرعة عندما يحين الوقت للتباهي والتبجح. لا يوجد ما هو أخطر من قيام المجرم بإعلان مسؤوليته عن الجريمة لحصد نتائج النجاح”. مشاكل اردوغان في سوريا ستنتهي قريبا جدا: “سينطلق الغاز وسيقول أوباما إن الخط الأحمر تم تجاوزه، عندها ستقوم أميركا بمهاجمة سوريا، على الأقل تلك كانت الفرضية، لكن الأمور جرت بما لا تشتهي السفن”.

المعلومات الإستخبارية التي تم جمعها بعد الهجوم مباشرة لم تصل إلى البيت الأبيض، وبحسب مسؤول استخباراتي سابق “لا أحد يرغب بالحديث عن كل ذلك”.

المحاولات التركية للتلاعب بالأحداث في سوريا لتحقيق مصالحها تم فضحها الشهر الفائت، قبل الانتخابات المحلية ببضعة أيام، أي عندما تم نشر تسجيل صوتي على اليوتيوب، يحتوي على ما يبدو صوت أردوغان وبعض مساعديه، وتضمن التسجيل نقاشا حول العملية العسكرية السرية التي تهدف إلى تبرير الاجتياح العسكري التركي لسوريا. وقد تمحورت العملية حول قبر سليمان شاه، جد عثمان الأول، مؤسس الإمبراطورية العثمانية، الذي يقع قرب حلب، وتم التخلي عن ملكيته لصالح تركيا في العام ١٩٢١ عندما كانت سوريا تحت الحكم الفرنسي.

هددت إحدى المجموعات الإسلامية المسلحة في سوريا بتدمير الضريح، وهددت إدارة أردوغان علنا بالانتقام إن تعرض الضريح للأذى، وبحسب تقرير لوكالة رويترز عن التسجيل المسرب، تحدث صوت يفترض أنه صوت فيدان واقترح استفزاز سوريا: “اسمع يا سيدي (اردوغان)، إن كان لا بد من التبرير، فلا بد من القيام بإرسال أربعة رجال إلى الطرف الآخر. سأجعلهم يطلقون ثمانية صواريخ في العراء بجوار الضريح. تلك ليست بمشكلة، فيمكن صنع التبرير”.. واعترفت الحكومة التركية بعقد اجتماع للأمن القومي لمناقشة التهديدات القادمة من سوريا، لكنها قالت إن التسجيل تم التلاعب به، ونتيجة لذلك قامت الحكومة بحجب “موقع اليوتوب”.

بانتظار حدوث تغيير كبير في سياسة أوباما، يبدو أن التدخل التركي في الحرب السورية سيستمر. وقال المسؤول السابق في الاستخبارات “سألت زملائي عما إذا كانت هناك طريقة لإيقاف دعم اردوغان المستمر للمتمردين، وخاصة الآن بعد أن تبين أنه يقوم بذلك بطريقة خاطئة تماما، فكان الرد: “نحن في مأزق” كان من الممكن أن نعلن الحقيقة لو كان شخص آخر غير اردوغان، لكن تركيا حالة خاصة. فهي حليفة للناتو، والأتراك لا يثقون بالغرب، ولا يمكنهم التعايش معنا إن قمنا بأي دور ضد المصالح التركية.

إن صرحنا عن دور اردوغان في قضية الغاز ستكون كارثة، وسيقول لنا الأتراك: “نحن نكرهكم لأنكم تحددون لنا ما يمكننا أو لا يمكننا القيام به.“

 

  • فريق ماسة
  • 2014-04-13
  • 10514
  • من الأرشيف

النص الحرفي لتقرير سايمور هرش حول الكيميائي السوري

في العام 2011 قاد الرئيس الأميركي باراك أوباما العملية العسكرية على ليبيا دون استشارة الكونغرس الأميركي. وفي أغسطس الماضي، بعد الهجوم الكيميائي على الغوطة -في دمشق- قال انه على استعداد لشن هجوم مماثل وهذه المرة لمعاقبة الحكومة السورية، بتهمة عبور “الخطوط الحمراء” واستخدام الأسلحة الكيميائية. قبل يومين من موعد الهجوم قال انه سيسعى للحصول على موافقة الكونجرس قبل التدخل العسكري في سوريا، فتم تأجيل الضربة إلى أن ألغيت فيما بعد، أي عندما قبلت سوريا بعرض التخلي عن ترسانتها الكيميائية في صفقة لعبت فيها روسيا دور الوسيط. لماذا اجل أوباما الضربة، ومن ثم اظهر ليونة كبيرة تجاه سوريا، وفي الوقت عينه لم يخجل من الاندفاع نحو ليبيا؟ الجواب يكمن في التصادم الذي حصل بين العاملين في الإدارة المكلفين بمراقبة “الخط الأحمر” والقادة العسكريين الذين اعتبروا أن فكرة الذهاب إلى الحرب لا مبرر لها ويحتمل أن تكون كارثية. سبب قرار أوباما يعود لدراسة أعدها باحثون في علوم وتكنولوجيا الدفاع في مختبرات بورتون داون في ويلتشير، وأظهرت المخابرات البريطانية التي حصلت على عينة من السارين الذي استخدم في هجوم ٢١ أغسطس أن الغاز المستخدم لا يتطابق مع الدفعات الموجودة في ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية. تم تمرير رسالة إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية تقول إن الحجة ضد سوريا ليست قوية ولن تصمد. وأدى التقرير البريطاني إلى زيادة مستوى الشكوك داخل البنتاغون، وحذر رؤساء الأركان أوباما من أن خططه للهجوم على سوريا باستخدام صواريخ وقنابل بعيدة المدى يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب واسعة في الشرق الأوسط. خلال الشهور الثلاث الماضية تحدث كبار القادة العسكريين وأجهزة الاستخبارات بقلق كبير عن دور جيران سوريا في الحرب ضدها وخاصة تركيا. كان رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان يدعم فصيل القاعدة في سوريا “جبهة النصرة” -المنخرط في صفوف المعارضة المسلحة-، فضلا عن دعمه لعدد من الجماعات المتمردة الإسلامية الاخرى. وقال لي مسؤول استخباراتي سابق في الولايات المتحدة، “أولئك الذين يسعون إلى جر اوباما للحرب قاموا باستخدام غاز السارين داخل سوريا لاتهام النظام بأنه قطع الخطوط الحمراء”. تركيا والسعودية والنصرة كانت هيئة الأركان المشتركة على علم بأن الادعاءات الأميركية بأن الجيش السوري هو الوحيد القادر على الوصول إلى السارين خاطئة. المخابرات الأميركية والبريطانية كانت على علم منذ ربيع العام ٢٠١٣ بأن بعض الفصائل المتمردة في سوريا تطور الأسلحة الكيميائية. في ٢٠ حزيران-يونيو نشرت وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية تقريرا لـ DIA وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية من خمس صفحات يتضمن إحاطة لنائب مدير الـ DIA ديفيد شيد بأن “جبهة النصرة” تنتج غاز السارين. (وذكر التقرير أن السارين الموجود لدى القاعدة هو الأكثر تقدما منذ أحداث ٩/١١). وفقا لمستشارين في وزارة الدفاع والاستخبارات الأميركية فأن القاعدة أجرت اختبارات على الأسلحة الكيماوية ويوجد لديها شريط فيديو يظهر تجارب استخدام الغاز على الكلاب. وتابع التقرير: ركز المجتمع الاستخباراتي سابقا على المخزونات النووية في سوريا، والآن فنحن نكتشف أن جبهة النصرة تعمل على تصنيع أسلحة كيمياوية خاصة بها… الحرية العملياتية التي تتمتع بها جبهة النصرة في سوريا قد تمنع إيقافها في المستقبل. واستند التقرير على معلومات استخباراتية سرية من العديد من الوكالات وقال ان “تركيا والسعودية أمنتا السارين، بكميات كبيرة، بعشرات الكيلوغرامات، وبذلت الجهود لإنتاجه في سوريا”. في مايو الماضي، ألقي القبض على أكثر من عشرة أعضاء من جبهة النصرة في جنوب تركيا وبحسب الشرطة المحلية التركية كان بحوزتهم كيلوغرامين من غاز السارين السام. واتهمت المجموعة بمحاولة شراء صمامات، وأنابيب لبناء مدافع الهاون، و”السلائف الكيميائية” لغاز السارين. ولكن لاحقا أطلق سراح خمسة من المعتقلين، أما الآخرين بما في ذلك هيثم القصاب، طلبت النيابة العامة سجنهم لمدة ٢٥ عاما. في تلك الفترة كانت الصحافة التركية تعج بالتكهنات حول تستر إدارة أردوغان على هؤلاء المتمردين. ففي الصيف الماضي رفض أيدين سيزجين سفير تركيا في موسكو الاعتقالات وادعى أن “السارين” الذي وجد مع هؤلاء ليس إلا “مادة مضادة للتجمد”. اعتبرت ورقة الـ DIA إن الموقوفين هم الدليل على أن جبهة النصرة توسع قدراتها للوصول إلى الأسلحة الكيميائية. وقالت إن قصاب هو عضو في النصرة، وإنه على علاقة مباشرة مع عبد الغني المتخصص بتصنيع الأسلحة مع جبهة النصرة. عمل القصاب وشريكه خالدقسطا مع هاليت اونلكايا، موظف في شركة تركية تسمى “زيرف للتصدير”، وحصلوا على “عروض بأسعار سلائف السارين”. كانت خطة عبد الغني “تعليم اثنين من معاونيه كيفية إنتاج غاز السارين، لنقلهم إلى سوريا لتدريب الآخرين وبدء تصنيع السارين في مختبر في سوريا”. وقالتDIA إن أحد النشطاء كان قد اشترى السلائف من “سوق بغداد الكيميائي”. خان العسل كشفت بعثة الأمم المتحدة الخاصة إلى سوريا عن سلسلة هجمات بالأسلحة الكيميائية في مارس وأبريل ٢٠١٣. وقال شخص مطلع على نشاط الأمم المتحدة في سوريا أنه لا توجد أدلة حول علاقة “المعارضة السورية” بالهجوم الأول. وقالت بعثة الأمم في تقريرها النهائي في ديسمبر كانون الأول إن الهجوم الكيميائي في خان العسل قرب حلب أدى إلى وفاة ١٩ مدنيا على الأقل وجندي سوري واحد، وعشرات الجرحى. ولم يكن لديها التفويض في تحميل المسؤولية لأحد، لكنها قالت إن “المحققين اجروا مقابلات مع الناس الذين كانوا هناك، بما في ذلك الأطباء الذين عالجوا الضحايا، وكان من الواضح أن المتمردين هم من استخدموا الغاز”. في الأشهر التي سبقت الهجمات، قال مسؤول كبير سابق في وزارة الدفاع إنDIA تعمم يوميا تقريرا سريا يعرف باسم “سيراب” تتناول فيه كافة المعلومات الاستخباراية حول الصراع السوري، بما في ذلك المواد المتعلقة بالأسلحة الكيميائية. ولكن لاحقا فرض كبير موظفي البيت الأبيض دينيس ماكدونوف قيودا على توزيع جزء من التقرير المتعلق بالأسلحة الكيميائية.وبحسب مسؤول سابق في وزارة الدفاع فان شيئا ما في ذلك التقرير أثار غضب ماكدونوف فأبعاد الموضوع عميقة جدا وقد تم اتخاذ قرار بمنع توزيع التقرير عند قيام رؤساء هيئة الأركان المشتركة بإصدار إيعاز بوضع خطط طارئة ومكثفة لاجتياح بري لسوريا هدفه الأساسي تدمير سلاحها الكيماوي. ضربة أوباما قال مسؤول سابق في الاستخبارات إن المؤسسة الأمنية الأميركية تعاني من الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس: وطلب رئيس هيئة الأركان المشتركة من البيت الأبيض تفسير مصطلح “الخط الأحمر”؟ كيف يمكن أن يترجم عسكريا؟ وبعمل القوات على الأرض؟ الضربة الشاملة؟ الضربة المحدودة؟. في أعقاب هجوم ٢١ أغسطس أمر أوباما وزارة الدفاع الأميركية بوضع أهداف لقصفها. وفي وقت مبكر من العملية، قال مسؤول سابق في المخابرات إن البيت الأبيض رفض ضرب ٣٥ هدف من مجموعة الأهداف التي قدمتها هيئة الأركان المشتركة قائلا: “إنها غير كافية وليست “مؤلمة” كفاية لنظام الرئيس الأسد”. وتضمنت الأهداف الأصلية مواقع عسكرية فقط، بعيدا عن البنية التحتية المدنية. ولكن تحت ضغط البيت الأبيض، تطورت خطة الهجوم الأميركية: فتم نقل اثنين من أسراب القاذفات B- ٥٢ لقواعد جوية قريبة من سوريا، وانتشرت الغواصات البحرية والسفن المزودة بصواريخ توماهوك. وقال مسؤول استخباراتي سابق: لا يمكننا فقط استخدام صواريخ توماهوك لضرب مواقع الصواريخ السورية، فسوف نحتاج إلى فرق بحث وإنقاذ لاستعادة الطيارين والطائرات بدون طيار التي ستسقط. وقال مسؤول أخر في الاستخبارات أن: “قائمة الأهداف الجديدة تسعى إلى “القضاء تماما على أي قدرات عسكرية للدولة السورية”. وشملت الأهداف الأساسية شبكات الطاقة الكهربائية، مستودعات النفط والغاز، مستودعات الأسلحة، جميع مرافق القيادة والسيطرة المعروفة، وجميع المباني العسكرية والاستخباراتية المعروفة. والبارز كان دور كل من فرنسا وبريطانيا.. يوم ٢٩ آب صوت نواب مجلس العموم البريطاني ضد قرار يسمح من حيث المبدأ لبريطانيا بالمشاركة في عمل عسكري ضد سوريا، وقالت صحيفة الغارديان إن السلطات البريطانية أمرت قبل ذلك ست طائرات مقاتلة طراز تايفون بالتوجه إلى قبرص، إضافة لتحريك غواصة قادرة على إطلاق صواريخ توماهوك. ودخلت القوات الجوية الفرنسية في الصراع إلى حد كبير، بعد ان لعبت دورا هاما في الضربات الجوية على ليبيا في العام ٢٠١١، ووفق “نوفيل أوبزرفاتور” كان فرانسوا هولند قد أمر عدة مقاتلات قاذفة طراز “رافال” بدعم القوات الاميركية في هجومها. ووفق التقارير كانت تلك الطائرات تستهدف شمال سوريا. في أواخر آب، كان الرئيس قد اطلع رؤساء هيئة الأركان المشتركة على مواعيد محددة لبدء الهجوم. وأوضح مسؤول استخباراتي سابق: “كانت ساعة الصفر قبل صباح يوم الاثنين (٢ أيلول)، والعملية تبدأ بهجوم ضخم لتحييد قدرات الأسد.” لذلك تفاجأ الكثيرون عند سماع تصريح أوباما في ٣١ آب عن تجميد الضربة وسعيه للحصول على موافقة الكونغرس”. في هذه المرحلة، كانت ادعاءات أوباما بأن الجيش السوري هو الوحيد القادر على نشر غاز السارين قد بدأت بالتهاوي. خلال أيام من هجوم ٢١ آب، قال مسؤول استخباراتي سابق، إن عملاء المخابرات العسكرية الروسية كانوا قد حصلوا على عينات من المواد الكيميائية في الغوطة، وقاموا بتحليلها وارسالها إلى المخابرات العسكرية البريطانية، وإلى بورتون داون. (قال المتحدث باسم بورتون داون: “العديد من العينات التي تم تحليلها في المملكة المتحدة كانت نتائجها إيجابية وتثبت وجود غاز أعصاب السارين” في حين علقت المخابرات البريطانية بأنه لا تعليق لديها بشأن المسائل المخابراتية). أكد مسؤول سابق في المخابرات أن العميل الروسي الذي قام بتسليم العينة إلى المملكة المتحدة كان “شخصا لديه القدرة على الوصول إلى أي مكان، وسجله يؤكد مصداقيته”. بعد التقارير الأولية عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا العام الماضي، انهمكت وكالات الاستخبارات الغربية بالوصول إلى جواب حول ما إذا تم استعمال السلاح النووي، ومن كان مصدره”. وتابع: ” المعطى الأساسي لوكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية كان معرفة تركيب كل مجموعة من مجموعات الأسلحة الكيماوية التي صنعها الإتحاد السوفيتي، لكننا لم نكن نعرف أي مجموعة توجد في الترسانة السورية حاليا”. وفي غضون أيام من الهجوم طلبنا من مصدر في الحكومة السورية تزويدنا بقائمة المجموعات التي تمتلكها الحكومة حاليا، لهذا السبب تمكنا من تأكيد الاختلاف بتلك السرعة”. وفقا لمسؤول استخباراتي سابق، فان العملية لم تجر بهذه السلاسة، لأن الدراسات التي قامت بها أجهزة الإستخبارات الغربية كانت غير قاطعة، ولم يتم ذكر كلمة “سارين”. وجرى الكثير من النقاش حول ذلك الأمر، لكن وبما أنه لم يكن بإمكان أحد تأكيد نوع الغاز، لم يعد بمقدور احد أن يقول إن حكومة الرئيس الأسد قد تجاوزت الخط الأحمر. لكن بحلول ٢١ آب، كان واضحا أن المعارضة السورية أعلنت أن الجيش السوري استعمل غاز “السارين” قبل أن يتم القيام بأي تحليل، فاستغلت وسائل الإعلام الخبر وأخذت تتداول فيه. قصد فريق وزارة الدفاع البريطانية الذي أرسل نتائج بورتون داون إلى هيئة الأركان المشتركة الأميركية، لتحذير الأميركيين. ووفق مسؤول سابق في المخابرات: “أحدهم يريد الإيقاع بنا” “وهذا تفسره الرسالة التي أرسلها مسؤول رفيع في وكالة الاستخبارات الأميركية أواخر آب: “الحكومة الحالية لم تفعل ذلك وبريطانيا وأميركا تعلمان ذلك”. كان الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة هو الضابط الأعلى المسؤول عن التخطيط للعدوان وتنفيذه وبحسب مسؤول استخباراتي سابق فانه منذ بداية الأزمة، كان رؤساء هيئة الأركان المشتركة يشككون بحجة الإدارة الأميركية بامتلاكها وقائع تدعم رأيها حول مسؤولية الدولة السورية، لذلك ضغطوا على وكالة استخبارات الدفاع والوكالات الأخرى لتزويدهم بدليل مؤكد.  “كان من المستحيل القبول بفكرة استخدام غاز السارين في تلك المرحلة لأن الحكومة السورية بقيادة الأسد كانت تكسب الحرب”. اغضب ديمبسي الكثيرين في إدارة أوباما بسبب تحذيره المستمر للكونغرس طيلة الصيف من مخاطر التدخل العسكري الأميركي في سوريا. وبعد تقدير متفاءل عن تقدم المتمردين قدمه وزير الخارجية جون كيري أمام لجنة الشؤون الخارجية أبلغ ديمبسي لجنة الخدمات العسكرية في مجلس النواب عن خطر وصول النزاع إلى نقطة المراوحة”. رأى ديمبسي أن الضربة الأميركية على سوريا ستكون خطأ عسكريا فادحا. ودفع تقرير بورتون داون رؤساء الأركان إلى مواجهة الرئيس بمخاوفهم: فالهجوم الأميركي سيعتبر عملا عدوانيا غير مبررا. أما البيت الأبيض فقد فسر تراجعه عن الضربة قائلا: قرر الرئيس فجأة بعد نزهة مع دينيس ماكدونوف طلب موافقة الكونغرس -الغارق في انقساماته، والذي يتنازع معه منذ سنوات- على الضربة وبحسب مسؤول سابق في وزارة الدفاع، فإن البيت الأبيض قدم تفسيرا مختلفا لأعضاء القيادة المدنية في البنتاغون، وتم إلغاء الضربة بسبب ورود معلومات استخبارية تؤكد اشتعال الشرق الأوسط في حال تنفيذها. في البداية، رأى كبار المساعدين في البيت الأبيض أن قرار الرئيس بالتوجه إلى الكونغرس هو تكرار لمناورة جورج بوش الابن في خريف الـ ٢٠٠٢ قبل غزو العراق: “وعندما اتضح أن العراق خال من أسلحة الدمار الشامل، تقاسم الكونغرس الذي وافق على الحرب والبيت الأبيض اللوم وكررا اسطوانة المعلومات الاستخبارية الخاطئة. في حال قيام الكونغرس الحالي بالتصويت على الضربة والموافقة عليها، كان البيت الأبيض من جديد سيستثمر الأمر في الاتجاهين، توجيه ضربة قاضية لسوريا وتقاسم اللوم مع الكونغرس إن تبين أن الجيش السوري لم يكن من قام بالهجوم. هذا وشكل التراجع مفاجأة حتى للديمقراطيين في الكونغرس. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في أيلول أن أوباما اتصل هاتفيا بزعيمة الديمقراطيين نانسي بيلوسي للتباحث بشأن الخيارات، وأبلغت بيلوسي لاحقا بعض زملائها بأنها لم تطلب من الرئيس طرح مسألة الضربة على الكونغرس للتصويت. صفقة الكيماوي برعاية روسية سرعان ما وصل طلب أوباما للحصول على موافقة الكونغرس إلى طريق مسدود. وقال مسؤول سابق في المخابرات إن الكونغرس لم يكن سيسمح بتمرير الأمر، وخلافا لما حصل في موضوع العراق كان سيتم إجراء جلسات موضوعية.. عندها ظهرت الخطة البديلة: إلغاء الضربة وموافقة الأسد من جانب واحد على توقيع اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، وتدمير الأسلحة الكيماوية بإشراف الأمم المتحدة. في مؤتمر صحفي في ٩ أيلول في لندن، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري: “خطورة عدم التحرك هي أكبر من خطورة التحرك” لكن عندما سأله أحد الصحفيين عما إذا كان بمقدور الأسد القيام بشيء ما لمنع الضربة، قال كيري: “بالتأكيد، بإمكانه تسليم سلاح سوريا الكيماوي إلى المجتمع الدولي خلال الأسبوع المقبل… لكنه لن يقوم بذلك، ومن الواضح أن ذلك أمر لا يمكن تنفيذه”.وذكر تقرير لصحيفة نيويورك تايمز في اليوم التالي: كان الروس هم الرعاة لإبرام الصفقة، التي تمت مناقشتها بين بوتين وأوباما في صيف ٢٠١٢، وبالرغم من أن خطط الضربة تم رميها في الصندوق، إلا أن الإدارة لم تغير من تقييمها العلني بشأن تبرير الذهاب إلى الحرب. ووفق مسؤول استخباراتي سابق، لا مجال للتسامح بالنسبة لكبار مسؤولي البيت الأبيض، لم يستطيعوا القول “بأنهم مخطئين”. (صرح المتحدث باسم وكالة مخابرات الدفاع: “نظام الرئيس الأسد، وفقط نظام الرئيس الأسد، يمكن أن يكون المسؤول عن الهجوم الكيميائي التي وقع في ٢١ آب.” ).. سلاح ليبي للقاعدة في سوريا التعاون الأميركي التركي السعودي والقطري لمساعدة المتمردين في سوريا لم يخرج إلى النور. ولم تعترف إدارة أوباما علنا بدورها في خلق ما تسميه وكالة الاستخبارات المركزية “خط الجرذان”، أي القناة الخلفية التي يمر عبرها السلاح والمقاتلين إلى سوريا. “خط الجرذان ” كان يستخدم في أوائل العام ٢٠١٢، لتمرير الأسلحة والذخائر من ليبيا عبر جنوب تركيا وعبر الحدود السورية إلى المعارضة. وقد حصل الجهاديون المنتمون إلى تنظيم القاعدة على معظم الأسلحة التي كانت ترسل إلى سوريا. في كانون الثاني، أصدرت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ تقريرا حول الاعتداء الذي نفذته ميليشيا محلية في سبتمبر ٢٠١٢ على القنصلية الأميركية ومنشأة CIA السرية في بنغازي، والتي أسفرت عن مقتل السفير الأميركي، كريستوفر ستيفنز، وثلاثة آخرين. وانتقد التقرير وزارة الخارجية الأميركية لعدم توفيرها الأمن الكافي للقنصلية، ومجتمع الاستخبارات لعدم تنبيهه الجيش الأميركي على وجود مركز لوكالة الاستخبارات المركزية في المنطقة، وإحياء العداوات في واشنطن، متهما أوباما وهيلاري كلينتون بالتستر على ما يحصل. الملحق السري المرفق بالتقرير لم يتم نشره، فهو ذكر انه التوصل إلى اتفاقية سرية في أوائل ٢٠١٢ بين إدارتي أوباما وأردوغان. وبموجب شروط الاتفاق، يأتي التمويل من تركيا، والمملكة العربية السعودية وقطر، وتكون وكالة المخابرات المركزية، بدعم من الاستخبارات البريطانية، مسؤولة عن نقل الأسلحة من ترسانات القذافي إلى سوريا. وقد تم تأسيس بعض الشركات الوهمية في ليبيا، تحت غطاء بعض الكيانات الأسترالية. وتم تعيين الجنود الأميركيين المتقاعدين لإدارة المشتريات والشحن. وتمت عملية التشغيل من خلال ديفيد بترايوس مدير وكالة المخابرات المركزية الذي سيستقيل قريبا عندما أصبح معروفا أنه كان على علاقة غرامية مع كاتبة سيرته. لم يتم الكشف عن العملية في الوقت الذي حددته لجان الاستخبارات في الكونغرس وكما هو مطلوب بموجب القانون ١٩٧٠. مشاركة المخابرات البريطانية في العملية سمح للمخابرات المركزية الأميركية بالتحايل على القانون عبر تصنيف العملية على أنها “عملية اتصال”. وأوضح مسؤول استخباراتي سابق بأنه منذ زمن طويل تم الاعتراف باستثناء في القانون يسمح للمخابرات المركزية بعدم إبلاغ الكونغرس عن نشاطات “الاتصال أو الارتباط”، بل فقط إدراج وثيقة معلومات عن العمليات السرية. وتم توزيع المستند إلى: أعضاء الكونغرس – الزعماء الديمقراطيين والجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ، الزعماء الديمقراطيين والجمهوريين في لجان الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ. الملف لا يروي القصة بأكملها ما حدث في بنغازي قبل الهجوم، لم يفسر لماذا هوجمت القنصلية الأميركية. وقال مسؤول استخباراتي سابق مطلع أن مهمة القنصلية كانت توفير الغطاء لحركة السلاح ولم يكن لديها دور سياسي حقيقي”. أنهت واشنطن فجأة دور وكالة المخابرات المركزية في نقل الأسلحة من ليبيا بعد الهجوم على القنصلية، لكنها أبقت على “خط الجرذان” فاعلا. لاحقا فقدت الولايات المتحدة السيطرة على ما يرسله الأتراك إلى الجهاديين وذلك بحسب مسؤول استخباراتي سابق. وفي غضون أسابيع، وصلت أربعون قاذفة صورايخ سطح- جو، -المعروفة باسم منظومات الدفاع الجوي المحمولة-، إلى أيدي المتمردين السوريين. قال جوبي واريك في صحيفة واشنطن بوست في ٢٨ تشرين الثاني ٢٠١٢، إن المتمردين قرب حلب استخدموا صواريخ سطح-جو لإسقاط هليكوبتر سورية. وان ” إدارة أوباما عارضت تزويد قوات المعارضة السورية بهذه الصواريخ، محذرا من أن هذه الأسلحة يمكن أن تقع في أيدي الإرهابيين ويمكن استخدامها لإسقاط الطائرات التجارية”. وقال مسؤولان في استخبارات الشرق الأوسط إن قطر هي المصدر، وقال محلل سابق في الاستخبارات الأميركية إنه تم الحصول على منظومات الدفاع الجوي المحمولة من المواقع العسكرية السورية التي سيطر عليها الثوار ولم يكن هناك أي مؤشر على أن حصول المتمردين على منظومات الدفاع الجوية المحمولة هو نتيجة غير مقصودة من البرنامج الأميركي السري الذي لم يعد تحت سيطرة الولايات المتحدة . أردوغان وأوباما ومؤامرة السارين بحلول نهاية العام ٢٠١٢ كانت المخابرات الأميركية تدرك أن المتمردين يخسرون الحرب. وهو ما دفع أردوغان للشعور بأنه ترك وحده.. واعتبر أن الرفض الأميركي لتزويد هؤلاء المسلحين بالصواريخ الثقيلة المضادة للطائرات يشكل خيانة له ولجهوده. وعلمت المخابرات الأميركية أن الحكومة التركية عملت مباشرة مع جبهة النصرة وحلفائها لتطوير قدرات الحرب الكيميائية.وقال مسؤول استخباراتي سابق إن الاستخبارات الأميركية علمت أن حكومة أردوغان ومن خلال عناصر في وكالة المخابرات التركية “ام اَي تي” وأجهزة الجندرمة كانت تعمل بشكل مباشر مع “جبهة النصرة” وحلفائها لتطوير قدراتها لشن حرب كيميائية. كان أردوغان يعلم أنه إذا أوقف دعمه للجهاديين سينتهي كل شيء. فالسعوديون عاجزون بسبب البعد الجغرافي وصعوبة نقل الأسلحة والمعدات، وكان أمل أردوغان الوحيد لمتابعة خططه في سورية إشعال حادثة يكون من شأنها إجبار الولايات المتحدة على تجاوز الخط الأحمر غير أن أوباما لم يتجاوب معه في سلسلة الهجمات الكيميائية في آذار ونيسان من نفس العام. لم يكن هناك أي علامة حول الانشقاق التركي- الأميركي خلال لقاء اردوغان وأوباما في ١٦ مايو ٢٠١٣ في البيت الأبيض. في وقت لاحق قال اوباما إنهما اتفقا على إن الأسد “يجب أن يرحل”، ولدى سؤاله عما إذا كان يعتقد أن سوريا عبرت “الخط الاحمر”، قال أوباما: “هناك أدلة على استخدام الأسلحة، لكن من المهم التأكد من المعلومات، الخط الأحمر لا يزال سليما”. وقال خبير في شؤون السياسة الخارجية الأميركية إن العشاء الذي جمع بين أوباما وأردوغان بحضور وزير الخارجية جون كيري ومستشار الأمن القومي الأميركي توم دونيلون إضافة إلى أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية التركي وحقان فيدان رئيس جهاز الاستخبارات التركي ام اَي تي سيطر عليه الإصرار التركي بأن سورية تجاوزت الخط الأحمر وشكواهم من رفض أوباما اتخاذ أي خطوة بهذا الشأن. وأشار الخبير إلى أن أردوغان كان يرغب من وراء إحضار فيدان -الذي يعتبر داعما متطرفا للمجموعات الإرهابية في سورية- إلى العشاء بإقناع أوباما برأيه وتعزيز قضيته أمام الرئيس الأميركي، ولكن كلما أراد أردوغان إدخال فيدان في الحديث كان أوباما يقاطعه قائلا “نحن نعلم”. عند هذه اللحظة قال أردوغان غاضبا، لكن خطك الأحمر قد تم اجتيازه “فتدخل دونيلون قائلا: “سخيف تلوح بإصبعك أمام الرئيس داخل البيت الأبيض؟”. وفي النهاية قال اوباما لفيدان “نحن نعلم ما تفعله مع المتطرفين في سورية” دونيلون الذي انضم إلى مجلس العلاقات الخارجية في يوليو الماضي لم يستجب للأسئلة التي طرحت حول هذه القصة وقال إن وزارة الخارجية التركية لم تستجب.. على العموم، لم يغادر أردوغان خالي الوفاض، لأن أوباما استمر في السماح لتركيا باستغلال ثغرة في الأمر الرئاسي الذي يمنع تصدير الذهب إلى إيران كجزء من العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران. في آذار ٢٠١٢، وتجاوبا مع العقوبات الأوروبية على المصارف الإيرانية، تم فصل العشرات من المؤسسات المالية الإيرانية من نظام التحويل الالكتروني سويفت، مما قيد بشكل كبير قدرة إيران على التجارة الدولية. وقامت الولايات المتحدة بعد ذلك بإصدار الأمر الرئاسي في تموز، لكنها تركت فيه ما بات يعرف باسم “الثغرة الذهبية”: بحيث يمكن لشحنات الذهب المتجهة للقطاع الخاص الإيراني أن تستمر، وتعتبر تركيا مشتريا رئيسيا للنفط والغاز الإيرانيين، وقامت باستغلال تلك الثغرة عبر تسديد دفعات الطاقة بالليرة التركية في حساب إيراني في تركيا، ليتم لاحقا استخدام تلك الودائع لشراء ذهب تركي وتصديره إلى مجموعة في إيران. وتشير التقارير إلى أن المبلغ الإجمالي للذهب الذي دخل إيران بتلك الطريقة بين آذار ٢٠١٢ وتموز ٢٠١٣ يبلغ ١٣ مليار دولار أمريكي. تحولت العملية بسرعة كبيرة إلى دجاجة تبيض ذهبا بالنسبة للسياسيين الفاسدين والتجار في تركيا، وإيران والإمارات العربية المتحدة. وبحسب مسؤول استخباراتي سابق: “حصل الوسطاء على نسبة ١٥% وتشير التقديرات الاستخباراتية إلى استثمار ملياري دولار في تلك العملية، والى أرباح كبيرة بدأت تنهال على أصحابها، لكن تلك الأرباح غير المشروعة تحولت إلى فضيحة كبرى في تركيا في شهر كانون الأول وأدت لتوجيه اتهامات إلى ٢٤ شخصا، من بينهم رجال أعمال كبار وأقارب ومسؤولين حكوميين، إضافة إلى استقالة ثلاث وزراء، أحدهم كان قد دعا أردوغان إلى الاستقالة، المدير التنفيذي للمصرف التركي الحكومي الذي كان في عين عاصفة الفضيحة، أصر أن مبلغ ٤.٥ مليون دولار، الذي عثرت عليه الشرطة أثناء تفتيش منزله ضمن علب أحذية، كان تبرعات خيرية. أردوغان وهستيريا الهزيمة في سوريا قال جوناثان شانزر ومارك دابوويتز في فورين بوليسي أن إدارة أوباما أغلقت “الثغرة الذهبية” في كانون الثاني ٢٠١٣، وضغطت لتأخير تشريع القانون ٦ أشهر. وباعتبار أن الإدارة أرادت استغلال ذلك لدفع إيران للجلوس على طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي، ولإرضاء حليفها التركي في الحرب السورية، سمح ذلك التأخير لإيران بجمع مليارات الدولارات كذهب، مما زاد في تقويض العقوبات. القرار الأميركي بإنهاء الدعم للمتمردين في سوريا، ترك أردوغان مكشوفا سياسيا وعسكريا. وبحسب مسؤول سابق في الاستخبارات فإن إحدى المسائل التي تم طرحها في قمة أيار كانت حقيقة أن تركيا هي الطريق الوحيد لدعم المتمردين في سوريا. لا يمكن القيام بذلك من الأردن لأن تضاريس المنطقة الجنوبية مكشوفة تماما والسوريون يسيطرون عليها إلى حد كبير، كما لا يمكن القيام بذلك عبر سهول وجبال لبنان، لأنك لا تستطيع أن تضمن من سيكون بانتظارك في الجهة الأخرى.حلم اردوغان سيتبخر إذا انتهى الدعم العسكري الأميركي للمتمردين فهو يعتقد أننا نحن السبب، وهو يدرك تماما أنه عندما تربح سوريا الحرب، فمن الأرجح أن ينقلب المتمردون ضده، فهم لا يملكون مكانا آخر للهرب. وأوضح مستشار استخباراتي أميركي أنه قبل بضعة أسابيع من ٢١ آب، تحدث ملخص عالي السرية مرسل لديمبسي ووزير الدفاع تشاك هاغل، عن حالة القلق الشديدة التي تعصف بإدارة اردوغان جراء تدهور معنويات المتمردين. وقد حذر التحليل من أن الحكومة التركية قد أعربت عن “ضرورة القيام بشيء ما لتحفيز وتسريع الرد العسكري الأميركي”. لكن مع تقدم الجيش السوري على المتمردين، القوة الجوية الأميركية تعتبر الوحيدة القادرة على قلب الموازين. وبحسب مسؤول استخباراتي سابق، رأى محللو الاستخبارات الأميركية ممن تابعوا أحداث ٢١ آب، أن سوريا لم تكن مسؤولة عن ذلك الهجوم. واعتبروا أن السؤال المحرج والمخيف بآن واحد كان، كيف حدث ذلك؟. مؤامرة السارين والخط الأحمر وبعد رصد الاتصالات والبيانات المتعلقة بهجوم ٢١ آب، وجد المجتمع الاستخباراتي فيها دليلا يدعم شكوكه. وبحسب مسؤول استخباراتي سابق “نعلم الآن أن الهجوم كان عملية سرية خطط لها رجال اردوغان لدفع أوباما لتجاوز الخط الأحمر، وكان من الضروري تنفيذ هجوم الغاز قرب دمشق بسبب وجود مفتشي الأمم المتحدة هناك (كانوا قد وصلوا إلى دمشق في ١٨ آب للتحقيق في هجوم سابق). الخطة تحتاج إلى حركة دراماتيكية، فقد تم إبلاغ كبار قادتنا العسكريين بأن السارين تم الحصول عليه من تركيا، وهو لا يمكن أن يصل إلى وجهته بدون الدعم التركي. كما وفر الأتراك السارين للمتمردين وقاموا بتدريبهم على إنتاجه. “الدليل الرئيسي أتى من الفرحة التركية العارمة بعد الهجوم وتبادل التهاني، وهي أمور تم اعتراضها ورصدها. دائما يتم التخطيط للعمليات بطريقة فائقة السرية، لكن الأقنعة تكشف بسرعة عندما يحين الوقت للتباهي والتبجح. لا يوجد ما هو أخطر من قيام المجرم بإعلان مسؤوليته عن الجريمة لحصد نتائج النجاح”. مشاكل اردوغان في سوريا ستنتهي قريبا جدا: “سينطلق الغاز وسيقول أوباما إن الخط الأحمر تم تجاوزه، عندها ستقوم أميركا بمهاجمة سوريا، على الأقل تلك كانت الفرضية، لكن الأمور جرت بما لا تشتهي السفن”. المعلومات الإستخبارية التي تم جمعها بعد الهجوم مباشرة لم تصل إلى البيت الأبيض، وبحسب مسؤول استخباراتي سابق “لا أحد يرغب بالحديث عن كل ذلك”. المحاولات التركية للتلاعب بالأحداث في سوريا لتحقيق مصالحها تم فضحها الشهر الفائت، قبل الانتخابات المحلية ببضعة أيام، أي عندما تم نشر تسجيل صوتي على اليوتيوب، يحتوي على ما يبدو صوت أردوغان وبعض مساعديه، وتضمن التسجيل نقاشا حول العملية العسكرية السرية التي تهدف إلى تبرير الاجتياح العسكري التركي لسوريا. وقد تمحورت العملية حول قبر سليمان شاه، جد عثمان الأول، مؤسس الإمبراطورية العثمانية، الذي يقع قرب حلب، وتم التخلي عن ملكيته لصالح تركيا في العام ١٩٢١ عندما كانت سوريا تحت الحكم الفرنسي. هددت إحدى المجموعات الإسلامية المسلحة في سوريا بتدمير الضريح، وهددت إدارة أردوغان علنا بالانتقام إن تعرض الضريح للأذى، وبحسب تقرير لوكالة رويترز عن التسجيل المسرب، تحدث صوت يفترض أنه صوت فيدان واقترح استفزاز سوريا: “اسمع يا سيدي (اردوغان)، إن كان لا بد من التبرير، فلا بد من القيام بإرسال أربعة رجال إلى الطرف الآخر. سأجعلهم يطلقون ثمانية صواريخ في العراء بجوار الضريح. تلك ليست بمشكلة، فيمكن صنع التبرير”.. واعترفت الحكومة التركية بعقد اجتماع للأمن القومي لمناقشة التهديدات القادمة من سوريا، لكنها قالت إن التسجيل تم التلاعب به، ونتيجة لذلك قامت الحكومة بحجب “موقع اليوتوب”. بانتظار حدوث تغيير كبير في سياسة أوباما، يبدو أن التدخل التركي في الحرب السورية سيستمر. وقال المسؤول السابق في الاستخبارات “سألت زملائي عما إذا كانت هناك طريقة لإيقاف دعم اردوغان المستمر للمتمردين، وخاصة الآن بعد أن تبين أنه يقوم بذلك بطريقة خاطئة تماما، فكان الرد: “نحن في مأزق” كان من الممكن أن نعلن الحقيقة لو كان شخص آخر غير اردوغان، لكن تركيا حالة خاصة. فهي حليفة للناتو، والأتراك لا يثقون بالغرب، ولا يمكنهم التعايش معنا إن قمنا بأي دور ضد المصالح التركية. إن صرحنا عن دور اردوغان في قضية الغاز ستكون كارثة، وسيقول لنا الأتراك: “نحن نكرهكم لأنكم تحددون لنا ما يمكننا أو لا يمكننا القيام به.“  

المصدر : أنباء آسيا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة