ما دامت المملكة ستكون الوطن البديل، فلماذا لا يكون للملك العرش البديل؟ لكن صاحب الجلالة الذي وُعد ذات يوم ببغداد، فبدت عاصمة العباسيين فضفاضة جداً ومعقدة جداً ولا تليق بتلك القامة الهشة، والمتراقصة، يوعد اليوم بدمشق, فهل ان عاصمة الامويين يمكن ان تستضيف من يطعنها بالظهر حتى بخنجر اشعيا او يوشع بن نون؟

لن نسال لماذا يصر البلاط الاردني ان يكون مثل طنجرة المردة، وهو الوعاء الذي يطهو فيه القراصنة، والآن القياصرة، اشياءهم القذرة. لن نسال لاننا نعلم لماذا تمت فبركة المملكة، ولأي دور، ولأي مدى ، ودون ان ننسى تلك اللقاءات التي لم تعد سرية باي حال بين الملك عبد الله الاول (هو ايضاً عبد الله بن الحسين) وغولدا مائير التي كانت تتنكر بملابس الرجل لتلتقي صاحب الجلالة …

لم تكن السيد غولدا بفتنة، ورحابة صدر (وجسد)، تسيبي ليفني، حتى ان فرنسوا ميتران الذي زارها مع جاك اتالي وعندما كانت رئيسة للحكومة، قال لدى رؤيتها «يا الهي… لكأنها سقطت للتو من مؤخرة يهوذا»!

دعونا لا نصدق ما كان يقوله في بيروت سفير اردني سابق، ولامع، ولا يتقن الكذب او المغالاة، من اي شيئ ما حدث بين المقاتلة اليهودية والملك الهاشمي .هذا من طبيعة العروش حين تكون من ورق ومن شبق.

نعرف الى اي مدى بلغت محاباة عبد الله الثاني لبشار الاسد. ولطالما اشتكى من الضغوط، والى حد التهديد بقطع رواتب موظفي البلاط. صاحب الجلالة لا يستطيع الا ان يكون اميركياً وانكليزياً، وبالدرجة الاولى لا يستطيع الا ان يكون اسرائيلياً، ومن الطراز العربي الشائع حالياً ولاغراض استراتيجية كما يقال، مع ان الملك اياه سبق وابلغ من ابلغ ان سقوط سوريا في الفوضى يعني سقوط المنطقة بما هو اشد هولاً حتى من العدم.

هل يعلم صاحب الجلالة ( يا لبلاهة السؤال!) بأمر معسكرات التدريب، بما فيها ذلك التدريب على قيادة الطائرات والدبابات والمروحيات، على ارض مملكته، وبوجود ضباط اسرائيليين يعرّفون عن انفسهم بانهم اوروبيون او باكستانيون , وبحسب تقاطيع الوجه، مع ان السوريين الذين تم اختيارهم بدقة ليكونوا الجيش البديل في لحظة ما يعرفون هوية هؤلاء الضباط ويتضاحكون كما لو ان التنسيق مع هيئة الاركان او مع جهاز الاستخبارات في اسرائيل في مناطق سوريا المختلفة ما زال خافياً على احد.

الان يوضع ذلك السيناريو، او هو وضع فعلاً، الذي يقتضي بتشكيل نواة صلبة للجيش السوري الاخر الذي يحل محل «الجيش السوري الحر»، وقد تحول الى مجموعات من المرتزقة ورجال العصابات وقطاع الطرق، اعداداً للحظة الكبرى وتسلم السلطة في دمشق.

ثمة غرفة عمليات استخبارتية استحدثت في الاردن، وهذه معلومات جهات ديبلوماسية عربية على تماس مع ما يحدث في تلك الغرفة التي تضم خليطاً عجيباً، وبمشاركة اسرائيلية، لتحديد شكل النظام الذي سيحكم سوريا. اما الهيئة الانتقالية التي تحدث عنها البند الثامن من بيان جنيف فليست اكثر من اضحوكة سياسية ودستورية على السواء.

غرفة العمليات هي التي تختار الضباط والعناصر الذين لا يعرف عنهم انتماؤهم الى اي جماعة اصولية او متطرفة، مع التركيز على اختيار الضباط من عائلات وعشائر سوريا فاعلة في المدن كما في الارياف، حتى اذا ما رفعوا الى السطح يمكنهم اجتذاب قطاعات مدنية وعسكرية على السواء، وهذه هي حساباتهم الان.

بطبيعة الحال، هناك اقرار بالعوائق التي تواجه تنفيذ ذلك السيناريو على الارض، اذ من المستحيل تحويل الجيش السوري عن مساره، وهو الذي خضع لاعادة هيكلة ميدانية وسيكولوجية بالغة الاهمية. الخبراء الغربيون والاسرائيليون هم الذين يقولون « اننا امام الجيش الذي اخترق الجولان في عام 1973»، والكلام لمعلق في الاذاعة الاسرائيلية، ودون اغفال الحالة المعنوية التي هي في اقصى درجاتها بعد المعارك في الغوطة الشرقية والغربية وصولاً الى معارك منطقة جبال القلمون.

الذين يعدون السيناريو يدركون ذلك، ويراهنون على ان يتمكن الجيش السوري من تحطيم كل التنظيمات الارهابية دون استثناء. وحين تغدو سوريا نظيفة من هؤلاء البرابرة تخوض اجهزة الاستخبارات معركتها الكبرى ضد الرئيس بشار الاسد، ويتم تحريك الجيش الاخر وحتى بدبابات الميركافا، مستفيداً من «اللحظة الضائعة» فيكون هو المخلص، ويكون هو جيش سوريا العتيد، ولكن اي سوريا؟

علينا ان نعلم اذا لماذا فجر «حزب الله» العبوة في الجولان. رداً على غارة جنتا ام انذاراً بما سيحصل اذا ما بوشر بتنفيذ السيناريو اياه؟

هذه ليست تصورات، بل معلومات موثوقة، وحيث الامكانات الهائلة التي رصدت لتنفيذ السيناريو من الخطوة الاولى وحتى الاخيرة، ودون ان ندري اذا كان هذا السيناريو سيستكمل بتلك الحلقة الهزلية، اي نقل الملك عبد الله الثاني من دمشق ليحل محله محمود عباس ويتوج ملكاً على سوريا. انها، ايها السادة، طنجرة المردة!.

 

  • فريق ماسة
  • 2014-04-09
  • 11240
  • من الأرشيف

العبور الملكي الى ... دمشق

ما دامت المملكة ستكون الوطن البديل، فلماذا لا يكون للملك العرش البديل؟ لكن صاحب الجلالة الذي وُعد ذات يوم ببغداد، فبدت عاصمة العباسيين فضفاضة جداً ومعقدة جداً ولا تليق بتلك القامة الهشة، والمتراقصة، يوعد اليوم بدمشق, فهل ان عاصمة الامويين يمكن ان تستضيف من يطعنها بالظهر حتى بخنجر اشعيا او يوشع بن نون؟ لن نسال لماذا يصر البلاط الاردني ان يكون مثل طنجرة المردة، وهو الوعاء الذي يطهو فيه القراصنة، والآن القياصرة، اشياءهم القذرة. لن نسال لاننا نعلم لماذا تمت فبركة المملكة، ولأي دور، ولأي مدى ، ودون ان ننسى تلك اللقاءات التي لم تعد سرية باي حال بين الملك عبد الله الاول (هو ايضاً عبد الله بن الحسين) وغولدا مائير التي كانت تتنكر بملابس الرجل لتلتقي صاحب الجلالة … لم تكن السيد غولدا بفتنة، ورحابة صدر (وجسد)، تسيبي ليفني، حتى ان فرنسوا ميتران الذي زارها مع جاك اتالي وعندما كانت رئيسة للحكومة، قال لدى رؤيتها «يا الهي… لكأنها سقطت للتو من مؤخرة يهوذا»! دعونا لا نصدق ما كان يقوله في بيروت سفير اردني سابق، ولامع، ولا يتقن الكذب او المغالاة، من اي شيئ ما حدث بين المقاتلة اليهودية والملك الهاشمي .هذا من طبيعة العروش حين تكون من ورق ومن شبق. نعرف الى اي مدى بلغت محاباة عبد الله الثاني لبشار الاسد. ولطالما اشتكى من الضغوط، والى حد التهديد بقطع رواتب موظفي البلاط. صاحب الجلالة لا يستطيع الا ان يكون اميركياً وانكليزياً، وبالدرجة الاولى لا يستطيع الا ان يكون اسرائيلياً، ومن الطراز العربي الشائع حالياً ولاغراض استراتيجية كما يقال، مع ان الملك اياه سبق وابلغ من ابلغ ان سقوط سوريا في الفوضى يعني سقوط المنطقة بما هو اشد هولاً حتى من العدم. هل يعلم صاحب الجلالة ( يا لبلاهة السؤال!) بأمر معسكرات التدريب، بما فيها ذلك التدريب على قيادة الطائرات والدبابات والمروحيات، على ارض مملكته، وبوجود ضباط اسرائيليين يعرّفون عن انفسهم بانهم اوروبيون او باكستانيون , وبحسب تقاطيع الوجه، مع ان السوريين الذين تم اختيارهم بدقة ليكونوا الجيش البديل في لحظة ما يعرفون هوية هؤلاء الضباط ويتضاحكون كما لو ان التنسيق مع هيئة الاركان او مع جهاز الاستخبارات في اسرائيل في مناطق سوريا المختلفة ما زال خافياً على احد. الان يوضع ذلك السيناريو، او هو وضع فعلاً، الذي يقتضي بتشكيل نواة صلبة للجيش السوري الاخر الذي يحل محل «الجيش السوري الحر»، وقد تحول الى مجموعات من المرتزقة ورجال العصابات وقطاع الطرق، اعداداً للحظة الكبرى وتسلم السلطة في دمشق. ثمة غرفة عمليات استخبارتية استحدثت في الاردن، وهذه معلومات جهات ديبلوماسية عربية على تماس مع ما يحدث في تلك الغرفة التي تضم خليطاً عجيباً، وبمشاركة اسرائيلية، لتحديد شكل النظام الذي سيحكم سوريا. اما الهيئة الانتقالية التي تحدث عنها البند الثامن من بيان جنيف فليست اكثر من اضحوكة سياسية ودستورية على السواء. غرفة العمليات هي التي تختار الضباط والعناصر الذين لا يعرف عنهم انتماؤهم الى اي جماعة اصولية او متطرفة، مع التركيز على اختيار الضباط من عائلات وعشائر سوريا فاعلة في المدن كما في الارياف، حتى اذا ما رفعوا الى السطح يمكنهم اجتذاب قطاعات مدنية وعسكرية على السواء، وهذه هي حساباتهم الان. بطبيعة الحال، هناك اقرار بالعوائق التي تواجه تنفيذ ذلك السيناريو على الارض، اذ من المستحيل تحويل الجيش السوري عن مساره، وهو الذي خضع لاعادة هيكلة ميدانية وسيكولوجية بالغة الاهمية. الخبراء الغربيون والاسرائيليون هم الذين يقولون « اننا امام الجيش الذي اخترق الجولان في عام 1973»، والكلام لمعلق في الاذاعة الاسرائيلية، ودون اغفال الحالة المعنوية التي هي في اقصى درجاتها بعد المعارك في الغوطة الشرقية والغربية وصولاً الى معارك منطقة جبال القلمون. الذين يعدون السيناريو يدركون ذلك، ويراهنون على ان يتمكن الجيش السوري من تحطيم كل التنظيمات الارهابية دون استثناء. وحين تغدو سوريا نظيفة من هؤلاء البرابرة تخوض اجهزة الاستخبارات معركتها الكبرى ضد الرئيس بشار الاسد، ويتم تحريك الجيش الاخر وحتى بدبابات الميركافا، مستفيداً من «اللحظة الضائعة» فيكون هو المخلص، ويكون هو جيش سوريا العتيد، ولكن اي سوريا؟ علينا ان نعلم اذا لماذا فجر «حزب الله» العبوة في الجولان. رداً على غارة جنتا ام انذاراً بما سيحصل اذا ما بوشر بتنفيذ السيناريو اياه؟ هذه ليست تصورات، بل معلومات موثوقة، وحيث الامكانات الهائلة التي رصدت لتنفيذ السيناريو من الخطوة الاولى وحتى الاخيرة، ودون ان ندري اذا كان هذا السيناريو سيستكمل بتلك الحلقة الهزلية، اي نقل الملك عبد الله الثاني من دمشق ليحل محله محمود عباس ويتوج ملكاً على سوريا. انها، ايها السادة، طنجرة المردة!.  

المصدر : الديار / نبيه البرجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة