دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
ربما عاد مسلحو “رنكوس” مُجدّداً لتفعيل نعمة العقل بعد إدراكهم بعدم جدوى قِتال الجيش السوري في منطقة القلمون، خصوصاً بعد الخسائر التي نزلت بهم على مختلف محاور المنطقة، كان أهمها سقوط “يبرود”.
يُدرك المسلحون جيداً انّ المعركة في “رنكوس” تُكلف كثيراً، تُكلف فضلاً عن تدمير المدينة، تدمير الفصائل المسلحة من أساسها، ما سيترتب عليه ذلك من الموت المُحتّم في معركة يدركون سلفاً انهم خاسرون فيها، ذلك مبني على المعنويات التي وصلت إلى أدنى مستوى هبوط يسجل مع خسارة كل فرُص تحقيق نصر مـا.
في ضوء تقدم الجيش المدعوم بوحدات النخبة من حزب الله على خطوط الدفاع الاولى لـ “رنكوس” تتسارع دفّت المفاوضات التي يقودها وجهاء وشخصيات ذات قيمة في المدينة، بهدف إيجاد حل مـا لإخراج “رنكوس” من معضلة قتال خاسر مع الجيش، والفوز بالحد الأدنى من ما تبقى. بالتوازي مع تحرّك الدفة العسكرية للجيش في المناطق التي تُشكّل خط الدفاع الأول عن المدينة، يتحرّك في الداخل أشخاص يؤمنون بإيجاد حلّ سلمي لقضية “رنكوس”، هؤلاء أخذوا الضوء الاخضر من أعلى سلطة عسكرية في ” القلمون”، وهي الجبهة الإسلامية عبر قائدها “زهران علّوش”، فضلاً عن مباركة أقوى قوى عسكرية في “رنكوس” وهو لواء “القادسية” عبر قائده “أسد الخطيب” لهذه الخطوة.
لا يخفي مصدر مطلع للـ “الحدث نيوز” حقيقة مـا يجري على ساحة “رنكوس”. يقول انّ “الحرب ليست هدفاً ولن تكون هدفاً للجيش، كان الهدف دوماً إخراج المظاهر المسلحة الارهابية من المُدن، وإن أتى ذلك وتحقّق عبر المُصالحات، فذلك هو أفضل، وكفى الله المؤمنين شرّ القتال، لانه ليس الغاية”.
يتحدث المصدر عن عرض تلقاه الجيش السوري للدخول في هدنة (دون قصف) أو اي تحرّك عسكري مـا في “رنكوس”، ذلك بهدف إيجاد أرضيّة مناسبة للمفاوضات التي وضع لها الجيش سقفاً أساسياً، وهو تسليم المسلحين لأنفسهم، مع تسليم عِتادهم والمدينة، ويُصار بعدها لتسوية أوضاعهم، امّ المسلحون الأجانب فمكانهم القبر ليس إلاً، لأن السجون السورية لا تتسع لهم، وهو خارج أي تسوية تحصل لأنهم ليسوا من البيئة.
بحسب معلومات موقعنا، فإن الجيش رفض الدخول حالياً بهدنة مع المسلحين في “رنكوس”، هو لديه لائحة أهداف يعمل على تحقيقها، وهو سيستمر في تنفيذ بنود العملية كما هو مرسوم. يقول المصدر انّ الفصائل المُسلحة في الداخل كانت تُناور عبر مُحاولة مُقايضة وقف عملية الجيش نحو “رنكوس” بهدنة تشمل سائر مناطق القلمون، وبالتوازي مع ذلك، تحصل المفاوضات. الجيش رفض هذا الأمر الذي إعتبره شرطاً، والشروط ممنوعة، وفرض على الفصائل الدخول في مفاوضات بالتوازي مع إستكمال تطهير الدِفاعات الأساسية لـ “رنكوس”. يتكلم الجيش هُنا من موقع القوي، ومن موقع المنتصر، الذي يفرض ولا يُفرض عليه، وهو يريد فرض ما يراه مناسباً على الطرف المهزوم.
“الحدث نيوز” علمت ببعض البنود التي سيجري التفاوض على أساسها، إن حصل ذلك التفاوض. الجيش وضع على سُلّم أولوياته في حال بدء حياكة خُيوط التسوية على غرار ما حصل في مناطق ريف دمشق، تسليم المُسلحين لأنفسهم دون شروط، مع تسليم عِتادهم العسكري، وعزل أنفسهم عن المسلحين الاجانب، وبعدها يتقدمون لتسليم المدينة، ويتم بعدها تسوية أوضاع من لم تتلطخ يداه بالدماء.
الفصائل تناور بهذا أيضاً، هي أوصلت لقيادة الجيش في المنطقة، التي تُتابع هذه التطورات مع الوسائط، شرطاً أولياً للشروع في التفاوض، وهو وقف العملية العسكرية في خطوة أولى، تقوم الفصائل بالالتزام بها، وهُنا نقصد الفصائل دون جبهة النصرة، التي تعتبر نفسها خارج أي تسوية، وفي خطوة ثانية، يتم البحث مع الجيش حول نِقطة فتح ممر آمن للمُسلحين من الكتائب التي لا تريد القتال، كما انها لا تريد في آن تسليم نفسها للجيش، ويكون هذا الممر عبارة عن إخراجها من “رنكوس” نحو مناطق أخرى.
يقول المصدر للـ “الحدث نيوز” انّ إقتراح الممر الآمن التي تشير إليه الفصائل منتهي البت به من أصله، وهو مرفوض كُلّياً، فطلب الجيش واضح، وهو تسليم سائر المسلحين مع عتادهم، الخفيف المتوسط، والثقيل إلى الجيش، ومن ثم تسليم المدينة، و “نقطة على السطر”.
لا تكرار لسيناريو “القصير” إذاً، هذا ما يُلخصه المصدر، ويضيف انّ ما حصل في القصير سابقاً وفتح ممر آمن للمسلحين للعبور من شمال المدينة نحو القرى الاخرى، أدى لفتح ثغرات كثيرة في وجه الجيش، لعل أبرزها تلك الكتائب التي فرّت من “القصير”، ونراها تُقاتل اليوم في القلمون، وهُنا، نحن لا نريد تكرار مشهديّة “القصير”، عبر إخراج المُسلحين من “رنكوس” إلى منطقة أخرى، وننقل بالتالي المعركة إلى منطقة أخرى، أي تصدير الأزمة من منطقة إلى منطقة.
المفاوضات هذه على أول الطريق بعد أن رفعت الفصائل في الداخل الراية البيضاء مستعدة للاستسلام وفق ما يمليه الجيش. لا يتوقّع المصدر كثيراً من النتائج من هذه المفاوضات، لكن يعتبر انه من الجيد إعطاء فرصة لها، وفي حال فشلها، فسيناريو “يبرود” سيتكرّر، ولن تكون هناك منطقة خاضعة للسيطرة المسلحين بعد اليوم.
بالنسبة لجبهة النصرة، فبحسب معلومات “الحدث نيوز” فإنها ترفض بالمطلق أي تسوية أو مفاوضات مع الجيش السوري، وعلى الرغم من وجودها في “رنكوس” ومعرفتها بتواصل عدد من الوسطاء من وجهاء المدينة مع الجيش بهدف البحث عن حل، إلى انها تُبقي حالياً على رفضها بإطار الرفض الشفهي، ولم تتعرض لأي أحد بأي أذى، لكن هذا الامر رُبما لن يستمر في الأسابيع القادة، وربما “النصرة” ستتجه لتنفيذ سيناريوهان في حال شعرت بفرص نجاح التسوية والتضحية بها.
السيناريو الأول، هو خروجها من المدينة بطريقة مـا، فهي ستقوم بتكرار سيناريو الفرار من “يبرود” نحو “عرسال” على الرغم من إدراكها لانها ستكون مستهدفة من قبل غارات الجيش، وربما يحصل هذا الخروج بالاتفاق مع “الجبهة الاسلامية” و “لواء القادسية” كونهما المسيطران البارزان على المدينة.
السيناريو الثاني، أن تقوم “النصرة” بإفشال التسوية عبر فرض ذلك على الفصائل، أو عبر قيامها بإغتيال الوسطاء الذين يتفاوضون مع الجيش، وتكون بذلك قد دقّت المسمار الأخير بنعش الصفقة، وما سيترتب عليه ذلك سيكون مشهداً ظلامياً، ربما يؤدي لصراح داخلي في المدينة، أو شن عملية عسكرية من قبل الجيش تؤدي لاسقاط المدينة في تكرار لسيناريو “يبرود”.
المصدر :
الحدث نيوز/عبدلله قمح
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة