دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لا سلاح "حزب الله" وقتاله في سوريا، ولا السياسات الاقتصادية المتعاقبة منذ اتفاق الطائف يمثلون الخطر الأبرز على الاقتصاد اللبناني والديموغرافيا والأمن وحياة المواطنين. العنوان مختلف هذه المرة، إنه "اللاجئون السوريون". ففي بعض الأقضية، مثل زغرتا والمنية والضنية بات عدد اللاجئين السوريين ضعفي عدد المقيمين اللبنانيين في تلك القرى المنسية، ومع ذلك، لا تلقى هذه الأزمة المتشعبة أكثر من مزايدة إنسانية من جهة ومواقف سياسية تعبوية من جهة أخرى، وتغيب بالكامل عن مشاريع المرشحين الرئاسيين ووعودهم.
فعلياً، لا أحد غير التسوية الإقليمية يوفر استراتيجية دفاعية متفق وطنياً عليها، ولا شيء سوى الإجماع اللبناني العام يسمح بالمحاسبة المالية كمقدمة للإصلاح الإقتصادي والتغيير الإداري. واهم من يصدق أن رئيساً ما قادر على التحكيم في هذا النزاع المذهبي المحتدم.
في المقابل، تحول الحساسية المذهبية دون اقتراب المعسكرين المختلفين من ملف اللاجئين السوريين. ففي الشكل، يعتبرهم تيار "المستقبل" ورقة ضغط ديموغرافية تتيح له تحسين شروطه التفاوضية في أي تسوية مقبلة، و"حزب الله" يتفهم حاجة النظام السوري لتوفير الحد الأدنى من التوازن المذهبي في بلده عبر تهجير نحو أربعة ملايين سني إلى لبنان والأردن وتركيا وبلاد الله الواسعة. أما في المضمون، فلا "حزب الله" يهضم نقل الأزمة الديموغرافية من سوريا إلى لبنان، ولا تيار "المستقبل" قادر على التمسك ببقاء ضعف عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وعليه لن يمانع الطرفان إيجاد حل ما هنا. ولعله بالتالي من الملفات النادرة التي توفر لرئيس الجمهورية المقبل فرصة لعب دور منتج ما أبعد من التوسط بين المالكين والمستأجرين مثلاً.
للأزمة المحلية عنوان واحد، لا خلفيات إقليمية له ولا تداعيات مذهبية: اللاجئون السوريون. ما يحتاجه لبنان أكثر من أي شيء اليوم، هو رئيس جمهورية قادر على فصل ما هو إنساني في هذا الملف عمّا هو إقتصادي وسياسي وأمني، والانطلاق في مفاوضات مباشرة مع القيادة السورية لوضع خطة تجبر العدد الأكبر من هؤلاء اللاجئين على العودة إلى المناطق الآمنة في سوريا، لا مناطق النزاع.
كل مرشح لا يضع هذه الأزمة على رأس جدول أعماله، يتعامى عن الخطر الوجودي والمهدد الفعلي الوحيد للبنان اليوم. ويفترض أن تكون أبواب بعبدا مقفلة بإحكام أمام من يفترضون أن في وسعهم حل هذه الأزمة بالتصاريح، دون التواصل الضروريّ والتنسيق مع المعنيّ الأول بحلها.
المصدر :
غسان سعود - مقالات النشرة
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة